أضف إلى المفضلة
الجمعة , 03 أيار/مايو 2024
الجمعة , 03 أيار/مايو 2024


سائق الباص الحرامي

بقلم : محمد عياش القرعان
23-09-2012 09:25 AM


احد سواقين باصات العمومي ..من الذين اعتادت ايديهم علي اللطش .....اعترف لي في ساعة صفا....انه تعود علي اللطش من الغلّة يوميا ...وحتي لا ينكشف امره ....كان اذا زادت معه الغلّة اكثر من المعتاد ..كان يخبيء منها الي اليوم التالي , في حالة حصل هناك اي نقص عن المعتاد , عوّضه من المال الذي خبئه من الامس لكي يحافظ علي عملية التوازن ..ولكي تدوم امور اللطش ولا يشعر بها صاحب الشركة .....قال لي يا اخي , حتى اللطش بحاجة لحكمة احيانا ..!! لانك اذا اكثرت من عملية اللطش , فانك ستنكشف بسرعه وستزول النعمة كلها التي انت عليها وستهلك وستهلك معك الشركة ...لذلك يجب ان يكون اللطش بمقدار ومدروس حتي لا يحصل هناك انهيار تام بالغلّة فُتحرم منها للابد ..فلذلك انا حريص كل الحرص ان اسرق كمية معقولة ..وبنفس الوقت صاحب الباص ساكت عني , ويحصل علي نصيبه يوميا دون المساس بنصيبي ...مع علمه الاكيد انني اسرق ..الا انه مضطر ان يغرش عني , لعدم وجود الدليل الكافي , ونظرا لحاجته الملحة لي ..ولانه لا يوجد البديل المناسب صاحب الخبرة الذي سيعوض غيابي في حالة تخلى صاحب الشركة عن خدماتي..فلذلك هي مصلحة مشتركة بيننا ..وانا ايضا لم اكن اريد ان اضعه علي خانة اليك , حتي لا استفزه ...فيضطر مكرها لطردي ....قال فلست وحدي من يسرق ..ولكن كل من يعمل علي باصات تلك الشركة فهو حرامي وعلى شاكلتي ...قلت له فعلا انك حرامي حكيم وابن ناس , ليس كبعض الحراميه الذين خربوها وقعدوا على تاليها !!! هيك الحراميه ولا بلاش !!! .


قلت له ايضا اليس من الحرام ان تسرق وتطعم اهلك واولادك من السحت ...؟ قال يا اخي كلها حراميه , وبدنا نعيش مثلنا مثل غيرنا , انت وين عايش !!! قال الراتب قليل وصاحب الشركة جشع ويستاهل , واذا لم تكن حرامي فلن تعيش وسيطردوك من عملك ...قلت له حتي لو كان ما تقوله صحيح ..فلا يجوز ان تكون حرامي مثلهم ...قال انا ساحدثك هذه القصة التي حصلت اثناء خدمتي في الشركة وانت احكم عليها ..قال في احد المرات , احد السواقين احيل علي الضمان بناءا علي طلبه كونه اكمل سنوات خدمته في الضمان واراد ان يستريح ..فاضطرت الشركة علي استقدام احد السواقين الجدد ..وكان نظيف اليد ولم يعتد بعدُ على ...السرقة واللف والدوران ...فقال لقد كاد هذا السائق الشريف ان يفضح امرنا بسبب نظافة يديه .....وذلك ان غلّته اليوميه التي كان يسلمها في نهاية كل يوم كانت زائدةً عنا بشكل ملحوظ , مما جلب انتباه صاحب الشركة ...ولكنه لم يستطع ان يعمل شيئا وقتها ....لانه يعرف ان كل السواقين الموجودين حاليا حراميه ..ومن الصعب محاسبتهم اجمعين دفعة واحدة ...ولكنه من المؤكد انه كان يضمر على شيء ولكنه لم يظهر لنا اي شيء في وقتها , فقال فحاولنا مع ذلك السائق النظيف بشتي الطرق لجعله حرامي مثلنا , الا انه ابى ...وقال من المستحيل ان امدّ يداي على الحرام ....وحاولنا بطريقة ما اقناع صاحب الشركة لتبديد شكوكه حولنا , بان هذا السائق , كونه جديد وما زال في مقتبل العمر ....فانه نشيط ويريد ان يثبت جدارته ويثبّت اقدامه في الشركة ...فلذك هو يعمل بكل ما اوتي من قوة , ولذلك فغلّته زائدة عنا قليلا....ولكنه مع الايام سيتعب ويصبح مثلنا منهكا , فان هذه المهنة متعبة كما تعلم , واقتنع صاحب الشركة مكرها ... ...فاتفقنا اجمعين علي ضرورة التخلص منه باسرع وقت ممكن , وباية وسيلة كانت ...قبل ان يفتضح امرنا , فاجمتعنا به على انفراد , وقلنا له لا يوجد امامك الا خيارين ...اما ان تصبح ( حرامي ) مثلنا ..والا فلا مجال امامك الا ان تبحث عن شركة اخرى , او اننا والله سنورطك مع احداهن , وانت تعرف البقية ....فقال مستحيل ان اصبح حرامي فانا لم اعتد ان اسرق بحياتي ولكني ساترك لكم الشركة وافوض امري الي الله ...فاضطر هذا السائق النظيف اخيرا ...على الاستقالة من الشركة ...وشعرنا بعده براحة عظيمة , واقسَم ان لا يعمل في هذه المهنة بعد هذه اللحظة ..فقلت له من باب الفضول هل تعرف ماذا يعمل الان ..؟ قال سمعت من احد اقاربه ...انه قدّم اوراقه للهجرة الي امريكا وحصل عليها وهو الان في امريكا ووضعه تمام .....ولا ينوي العودة الى البلد ابدا..!!


التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012