أضف إلى المفضلة
الأربعاء , 01 أيار/مايو 2024
شريط الاخبار
بدء العمل بمركز جمرك التجارة الإلكترونية مطلع أيلول الجمارك: تسهيلات للمسافرين عبر المراكز الحدودية بغض النظر عن مدة الإقامة مهم من التعليم العالي لطلبة رفع المعدل للشهادات العربية والأجنبية بلينكن: أول شحنة مساعدات تغادر من الأردن لغزة عبر إيريز أورنج خلوي تحصل على تمويل من البنك العربي بقيمة 30 مليون دينار لسداد مستحقات رسوم ترددات الأمير الحسن يؤكد أهمية إشراك المجتمعات المحلية في صنع القرار الملك: ضرورة تطوير صادرات الفوسفات لتشمل منتجات من الصناعات التحويلية تحويلات مرورية على الطريق الواصل من إشارة (سايبر ستي) باتجاه الرمثا انخفاض معدل البطالة في المملكة إلى 22% خلال 2023 قرارات مجلس هيئة اعتماد مؤسسات التعليم العالي الملك يؤكد لـ بلينكن ضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار في غزة تعرفة بند فرق أسعار الوقود لشهر أيار بقيمة صفر الحكومة ترفع أسعار "البنزين 90" 20 فلسا و"البنزين 95" 25 فلسا والديزل 5 فلسات القبض على 4 متسللين حاولوا اجتياز الحدود من سوريا القوات المسلحة تنفذ 7 إنزالات جوية لمساعدات على شمال غزة - صور
بحث
الأربعاء , 01 أيار/مايو 2024


باص عبده

بقلم : يونس نهار بني يونس
27-09-2012 09:30 AM

بسم الله الرحمّن الرحيم



في لواء الكوره حيث مسقط الرأس ومهجة القلب هناك حكايات لها معنى

كنا صغارا نستمع الى أحاديث الكبار التي لا تخلو في مجملها من الحكمة والدلالة والمتعه,وكان من ضمن الحكايات الحديث عن وسيلة النقل الوحيده التي كانت تخدم أهل اللواء في أربعينات القرن الماضي'باص عبده'حيث لا وصف يوصف واترك لخيال القارئ أن يتصور حالة باص عبده ولكنه مع كل ما يعاني من مشاكل واشكال كان الوسيله الوحيده التي تخدم أبناء لواء الكوره في ذاك الزمن وتربطه بمدينة إربد.

المسافرين كانوا من المرضى أو العسكرين أو الموظفين والغالبية كانوا أصحاب المولات'الدكنجيه'في اللواء.وكان باص عبده يقوم برحله يوميه مرورا بقرى اللواء الى إربد ذهابا في الصباح وإيابا في المساء,أما الحاج عبده فلا تسعفني ذاكرتي من أي القريتين كان من اللواء 'كفرأبيل'وما أجمل كفرأبيل,أو من الاشرفيه'خنزيره'كما كان إسمها القديم والدارج على اللسان في ذاك الزمن.

في رحلة الذهاب لم تكن المعاناه التي كان الكبار يتذاكرونها ونستمع لهم باصغاء ونستمتع بكل الاحداث كما كانت في رحلة الاياب بالعودة الى اللواء,حيث يحمل المسافرون بعودتهم الى قراهم ما يلزمهم من الحاجيات والحموله الكبرى التي كانت تثقل كاهل الباص وكاهل الحاج عبده كانت حمولة اصحاب الدكاكين التي تحتوي على المواد الاستهلاكيه المتوفره في تلك الحقبه وبالاخص شليف العجوه شوالات السكر وغيرها.

قبل الوصول الى دير أبي سعيد مركز اللواء ببضع كيلومترات وفي منطقة عيون الحمام بالتحديد مرتفع عجيب نطلق عليه نحن أهل ديرأبي سعيد 'العقبه'وطبعا كانت الطرق سيئه وصعبه مما زاد على المسافرين وعلى عبده وعلى الباص المشقه,فعندما يصل الباص هذه المنطقه كان يتوقف الحاج عبده وتجري الحوارات والمجادلات اليوميه كالمعتاد,حيث لا يستطيع الباص الصعود واجتياز العقبه بالحمل الموجود فيه ولا بحمل الركاب لوحدهم احيانا,وتبدأ الحوارات والمجادلات وتتفرق الاراء وتختلف.

فريق يحمل المسؤليه للحاج عبده وحجتهم أنه هو القائد وعليه تحديد الحموله التي يستطيع أن ينهض بها الباص,وهذا بنظر العاقل وبنظر الحاج عبده ليس عدلا لانه لا يستطيع ترك الناس في إربد وعليه أن يخدم الجميع والكل مستحق لهذه الخدمه.

فريق ثاني يحمل المسؤليه للدكنجيه الذين بحمولتهم يعيقون المسيره وبنظر العاقل ونظرهم أن هذا ليس عدلا,فهم يعتاشون من هذه المهنه ويقدمون الخدمه للاهالي فلا ذنب لهم وهم استحقوا الخدمه.

فريق ثالث يرى أن الوضع مفروض على الجميع بحكم الامكانيه المتوفره ولا بديل ولا بد أن يتحمل الجميع ويتقاسموا الحمل وينهضوا بمسؤليتهم ويتعاونوا ليجتاز الباص العقبه.

بعض من الذين يضيقون ذرعا بهذه المشكله المتكرره يخرجون عن طورهم ويتبادلون مع عبده تارة ومع التجار تارة اخرى الكلام الثقيل ويتجادلون بانفعال ولا يجدون بالنهايه من يحمل الذنب ويندبون الظروف ويقابلهم من يهدئ من سخونة الجدل ويقول لهم فلنحمد الله أننا تجاوزنا مرحلة السير الى إربد على الاقدام والدواب كما كان الحال مع آبائنا,وبالنهاية يحدث ما يجب أن يحدث.

يترجل الجميع من الباص ويتساعدون فيما بينهم بتوزيع الاحمال ويسيرون خلف الباص حتى يجتاز العقبه وعندما يتسهل ويصل الطريق المنبسطه بمدخل دير ابي سعيد يصعد الجميع حامدين الله وشاكرين أنفسهم ويصل الكل الى قريته سالمين غانمين,ويتكرر في اليوم التالي نفس المشهد مع مسافرين جدد أو مختلطين .

الممتع والحامل على الفخر والمديح بهذه المشكله المتكرره أنه لم يحكي لنا راوي من الكبار أنه حدث يوما بينهم شجارٌ أو نزاعٌ أو قفد أحدهم السيطره على نفسه فسحب شبريته وصب غضبه على الباص وعلى الحاج عبده وأعطب عجل الباص او احدث فيه عطبا,ولم يتجرئ أحدٌ ليشهر سلاحه ليهدد الجمع لتنفيذ ما يريد,لكنهم كانوا مع إختلافهم واختلاف نظرتهم للامور واختلاف اهدافهم ومقاصدهم يعودون للعقل والمنطق والموروث من الاصول والتعاليم والاعراف والنظم المرعية بينهم والتي تحكمهم,فيتقاسمون الحمل ويتحملون المشقه حتى يتجاوزوا العقبه'لم أخترع الاسم بل نسميها في دير ابي سعيد العقبه'

الاردن يا أصحاب الاردن يقف الان كما كان يقف باص عبده عند العقبه,والاختلاف بالافكار والمقاصد,والنزاع وإطالة الجدل وطول الانتظار لن يفيد ولن يعيننا على تجاوزالعقبه الا توافقنا واتفاقنا وتوحد منهجنا ووحدة سواعدنا والدفع للامام وترك الجدل وتعليق وتاجيل بعض الامور التي تحتاج للوقت والزمن المناسب لحلها.

القيادة والنظام والذين تولوا المسؤلية في العقد المنصرم عليهم وزر وكفل مما حدث,والشعب وحتى المواطن البسيط عليه وزر وكفل مما حدث,والوزر الاكبر والمسبب للازمة التي تمر بها البلد هي خارجه عن ارادة الجميع,فالازمة تجتاح بلدان الدنيا باسرها ولا يوجد بلد حتى البلدان الغنيه والقوية الا وتعاني ويعاني شعبها من أزمة تكاد تقسم ظهر المنضومة الاقتصادية العالميه باسرها.

وعلى سبيل المثال لا الحصر,في اسبانيا حيث أعيش الحكومه تناور منذ أشهر والتيارات السياسيه كلها تطالب والاوروبيون سيفرضون على اسبانيا ما يسمى'الانقاذ العام'والبنوك تعاني من خطر كبير لافتقادها للسيوله واذا لم تطبق هذه الخطه واذا لم تنقذ البنوك فسوف ينهار النظام الاقتصادي العام في الدوله,قد يقول البعض نحن نختلف وازمة الاردن هي الفساد والمال المنهوب والتحول الاقتصادي,نعم الى حد ما هذا صحيح,ولكن كيف السبيل الى الحل المنطقي والصحيح,الذي يحتاج الى آليات كثيره ومعقده.

توحيد الجهود والمقاصد والتوافق بين قوى الحراك والتيارات المطالبه بالاصلاح وتحديد منهجيه سليمه هو الحل الاساس الذي يمكن من الاصلاح التدريجي والانتقال التدريجي السليم,فاذا ما استطاع الجميع الى الوصول الى صيغه تفاهم مع القوى الفاعله في منطقة صنع القرار وعرض طلبات محدده وواضحه ومتحده مع بعضها فعندها سوف تبدأ عملية تطعيم الدوله بالمناصب لاصحاب العقول والبرامج الوطنيه الصحيحه وتبدأ التعديلات الدستوريه من خلال برلمان منتخب ومن خلال حكومه منتخبه ويبدأ وضع الرجل المناسب بالمكان المناسب.
أما أن يبقى الجميع في حالة تفكك وتشكيك وتنديد وفتن قائمه وفتن نائمه,وكل طرف من الاطراف يحمل بيده قلما وبالاخرى سكينا وطرف لا يقبل الطرف الاخر,وتيارات متناحره ومتباينه ومفتته,ولا يكاد ينجح تيار او طرف في الحراك لانجاح اجتماع يتيم يجتمع فيه ابناء التيار الواحد,والشعب يراقب وينظر وينتابه الخوف والفزع للمصير الذي قد يحل بهذا البلد الذي لا نملك غيره وليس لنا ملجأ في الدنيا سواه,فما يحدث بربكم اذا دب العنف ووقعنا ضحية وفريسة لمخططات دنيئه تطيح بامن وسلامة هذا البلد وهذا الشعب,فكيف يضمن الاردني السلامه ضمن كل هذا التشتت الذي يميز التيارات والحراكات.

اذا اطمئن المواطن اولا وشاهد التزام وتوافق وتناغم وانسجام وتوحد في الحراكات والتيارات يؤمن بان الاصلاح هو هدف الجميع وغاية الجميع,وحينها سوف نستطيع أن نضع حدا لكل من لعب واستهان بمصير البلد ومقدرات البلد وعندها فقط سوف نستطيع الوصول الى الصيغه المطلوبه للتوافق مع اصحاب القرار للاغير والتعديل الذي يضب بمصلحة الاردن وشعب الاردن.

وأقولها بصراحه بان كل من يسعى للشغب والعنف ويؤججه ويصب الزيت على النار ويتبنى رؤى واهيه لا تخدم المرحله وشعارات لا غرض منها الا القلقه والتشتيت وخلق الضبابيه بين افراد المجتمع فهو لا يريد الا الخراب,الاصلاح والمطالبه بالاصلاح يجب ان تحتوي على برامج واهداف ومقاصد محدده لا تتبدل مع كل مظاهره ومسيره وعلينا ان نلتزم بالحفاظ على سلامة الاردن والاردنين.

حفظ الله الاردن


التعليقات

1) تعليق بواسطة :
28-09-2012 09:35 AM

الصورة التي رويتها لنا يا صديقي العزيز فيها الكثير من عبر الكفاح المنظم والتعاون المفقود الذي قل مثيله في هذة الايام؟ الشئ الجميل التي حملته لنا القصة الواقعية من القرن الماضي: أن الخلافات والاجتهادات القائمة بين منظومة العمل المختلفة المرجعية بالباص كانت تتبع لمنهجية علمية معاصرة وحديثة بالفطرة وقلة العلم الذي كان هذا هو حاله؟ فمراجعة للمقارنه والمقاربة تظهر بالنتيجة انذاك أن هناك حلولاً توافق عليها الجميع دون صراع مادي وبأقصر فترة زمنية ممكنه؟ وهذا ما ذكرني في كثير من القضايا والمشاكل الاردنية المعاصرة التي سببها الجهة التي يفترض انها قائمة على العلم والمعرفة ولغاية الآن لم تتمكن من ايجاد حل جذري لها؟ وأترك رمزية التحليل للبقية ولخيال القارئ المحترم عند مشكلة الباص السريع التي ما زالت قائمة مقارنة مع الباص البطئ باص صاحباً وشيخنا عبدة التي ما زالت محفورة في ذاكرتنا.

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012