بقلم : حماده فراعنه
01-10-2012 09:11 AM
قررت حركة الأخوان المسلمين الأقلاع ، وحدها ، في برنامجها الأصلاحي ، ونشاطها الأحتجاجي ، إلى الشارع ، دون مشاركة حلفائها من الأطراف الثلاثة المشاركة معها في الجبهة الوطنية للإصلاح وهم : 1- الأحزاب اليسارية والقومية ، 2- النقابات المهنية ، و3- الشخصيات المستقلة وفي مقدمتهم أحمد عبيدات ، رئيس الجبهة نفسه .
فقد قررت اللجنة التنفيذية ' للمجلس الأعلى للأصلاح ' المنبثق عن حركة الأخوان المسلمين ، مواصلة العمل ، لتنفيذ برنامجها الأحادي ، يوم الجمعة 5 تشرين أول المقبل ، كحدث جماهيري مميز ، يتم من خلاله حشد قوة حركة الأخوان المسلمين ومؤيديها ، لإظهار ' العين الحمرا ' أمام أربعة أطراف :
أولاً : أمام المؤسسات الرسمية التي لم تتجاوب مع مطالبهم في التعديلات الدستورية وتعديل قانون الأنتخابات ، لإظهار مدى تأييد الجمهور للأخوان المسلمين ومطالبهم الأصلاحية .
ثانياً : أمام حلفائها من الأحزاب اليسارية والقومية والنقابات المهنية والشخصيات المستقلة الذين رفضوا التجاوب معها للخروج إلى الشارع ، لأنهم إعتبروا قرارها بمثابة ' كسر عظم ' مع الحكومة لا يستحق المجازفة ، لذلك رفضوا 1- التجاوب مع الدعوة للخروج إلى الشارع ، و2- رفضوا إظهار أنفسهم أنهم ينفذون قرارات حركة الأخوان المسلمين وتوجهاتها الملحة نحو التصعيد ، و3- رفضوا مظاهر التبعية للأخوان المسلمين ، بما يتعارض مع روح الشراكة بين مكونات المعارضة وفي طليعتها الجبهة الوطنية التي أبلغ قادتها أنهم لا يقبلون إملاءات الأخوان المسلمين ، خاصة بعد إعلانهم عن المسيرة بشكل منفرد ، ولذلك أثار رفض الأحزاب والنقابات والشخصيات ، حفيظة الأخوان المسلمين ، فإندفعوا نحو الأصرار لتنفيذ برنامجهم ، حتى ولو كانوا لوحدهم منفردين في الشارع ، مراهنين على إنحيازات شعبية لصالحهم .
ثالثاً : وإعتماداً على ماسبق ، رغبوا في إظهار قوتهم أمام الأردنيين ، وإستعراض إمكاناتهم ، وإبراز ' العين الحمرا ' أمام من يتجاهل مطالبهم ، وهذه سياسة تقليدية يلجأ إليها الأخوان المسلمين ، لإظهار قوتهم لخصومهم ، بدون اللجوء إلى التصادم والعنف ، مستفيدين من تجارب حية وقعت مع نظامي عبد الناصر في مصر وحافظ الأسد في سوريا ، حيث أن الصدام والعنف أدى بهما إلى الخسارة والعزلة والتشتت والغربة عن المجتمع في البلدين ، بينما أدت الوسائل التصالحية والعمل الخيري والنشاط الأجتماعي والتسلل الهادئ إلى مسامات المجتمع ومؤسساته الفاعلة ونقاباته وجامعاته ورواد مساجده ، أدى إلى تحقيق نتائج ناجحة ملموسة في الأردن والكويت والسودان واليمن ومصر في عهدي السادات وحسني مبارك ، لصالح حضور الأخوان المسلمين وتعزيز نفوذهم وجماهيريتهم .
في جمعة الحشد يوم 5/10 ، يسعون لعرض عضلاتهم الحزبية والتنظيمية والجماهيرية والأدارية ، وتوصيل رسالة مزدوجة ، أنهم أصحاب قدرة ونفوذ وقادرون على تحريك الشارع ، وأنهم في نفس الوقت يتجنبون الصدام والعنف ، رغم تفوقهم وحضورهم .
رابعاً : وحصيلة ذلك عبر توصيل رسائلهم المحلية ، للمؤسسات الرسمية وللمعارضة وللأردنيين ، يتوسلون توصيل رسالة للأميركيين وللأروبيين ، تكشف عن مكنونات تفوقهم وقوتهم ، وأنهم ذا شأن على المستوى المحلي ، كي يُحسب حسابهم في أي ترتيبات أقليمية ، إذا تحرك قطار ثورة الربيع العربي من محطته السورية ، وبناء على التفاهم القائم بين المرشد العام محمد بديع ومكتب الأرشاد المركزي من طرف وواشنطن من طرف أخر ، فالتفاهم واقع بين الأميركيين والأخوان المسلمين على مجمل الوضع في العالم العربي ، بإستثناء فلسطين وحركة حماس فهي لا زالت قضية خلافية بين الطرفين ، بينما التفاهم وقع بين الطرفين ، وأخذ مجراه وتطبيقاته الحية في مصر وليبيا وتونس والمغرب والسودان وسوريا واليمن والبقية تأتي .
حركة الأخوان المسلمين ، حركة قوية مؤثرة لا يستهان بنفوذها ، وبقدرتها ، وبإمكانياتها ، ولذلك يجمع قادة الأحزاب اليسارية والقومية ، على التسليم بقدرة الأخوان المسلمين على التنظيم والأدارة ، ولكنهم يعزون ذلك أيضاً إلى قدرتها المالية حيث تستطيع تغطية إحتياجات النشاط وكلفته وتنظيم وحشد ونقل المؤيدين من المحافظات ، وهذا يتطلب قدرة مالية لا تتوفر للأحزاب الأخرى ، مما يجعل الأخوان المسلمين في مكانة رفيعة بائنة ، إعتماداً على عاملي التنظيم والمال ، وهووضع تفتقده الأحزاب الأخرى مما يظهرها بالضعف وعدم القدرة ، ولذلك يقولون ' إن المال يلعب دور حيوي وأساسي في هذا الموضوع وفي هذا النشاط ' .
لقد حاول الأخوان المسلمين دفع القوى الأخرى ، لمشاركتهم فعالية يوم 5/10 ، وذلك عبر لجنة التنسيق العليا لأحزاب المعارضة يوم 7/9 ، بطلب إجتماع إستثنائي قدمه حمزة منصور أمين عام حزب العمل وتحدث فيه عن عاملين أولهما ضرورة التنسيق والعمل المشترك ، وسلم فيه إلى أن العمل الأحادي يؤدي إلى إضعاف دور المعارضة وإظهار إنقسامها ، وبالتالي لا يحقق التطلعات الأصلاحية المطلوبة ، وثانيهما طالب بإشراك الجميع في فعالية يوم 28/ أيلول ، مع إستعدادهم لتغيير رعايتها وقيادتها بدلاً من أن تكون يافطة للأخوان المسلمين وشعاراتها ، إقترح لأن تكون تحت رعاية وإدارة الجبهة الوطنية ، وقيادتها .
حمزة منصور في ذلك الأجتماع الأستثنائي لاقى صداً إستثنائياً غير مسبوق ، من كافة المشاركين من أمناء الأحزاب السياسية ، وكان أكثرهم وضوحاً وأشدهم قسوة سعيد ذياب أمين عام حزب الوحدة الشعبية الذي حمّل الأخوان المسلمين مسؤولية تفسخ الحراك الشعبي وتشتته ، بسبب جموح الأخوان المسلمين ، ورغبتهم الأحادية في إظهار تمايزهم عن باقي قوى المعارضة ، ودلل على ذلك بنشاطاتهم المنفردة يومي 31/8 في شارع الملك طلال من المسجد الحسيني حتى ساحة النخيل و 1/9 على دوار جمال عبد الناصر ، وإطلاق عناوين لحراكات ومسميات هي بالأساس أدوات نسائية أو شبابية أو إجتماعية أو نقابية ، ليس لها حضور إلا وسط قواعدهم الحزبية ومن يؤيدهم ، إضافة إلى تشكيل اللجنة العليا للأصلاح من لون حزبي واحد برئاسة همام سعيد وإدارة أمين السر سالم الفلاحات ، وخلص سعيد ذياب ، إلى رفض المشاركة في نشاط يوم 28/9 ، لأنه حصيلة مباردة حزبية أحادية ، وقد أيد موقفه كافة الأحزاب اليسارية والقومية الستة المشاركة في الأجتماع .
الأخوان المسلمون غيروا توقيت المسيرة من 28/9 إلى 5/10 ، وبدأوا حشدهم عبر أسماء ومسميات ، بعد أن فشلوا في إقناع شركائهم وحلفائهم الثلاثة : أحزاب المعارضة الستة ، والنقابات المهنية والشخصيات المستقلة .
h.faraneh@yahoo.com