أضف إلى المفضلة
الأحد , 28 نيسان/أبريل 2024
الأحد , 28 نيسان/أبريل 2024


رؤساء الحكومات الأردنية : ألق وبريق عند التكليف وإحباط وحريق عند الإقالة

بقلم : ا.د. أنيس خصاونة
03-10-2012 09:31 AM


يمر الأردن هذه الأيام بحالة من الترقب والانتظار وذلك عشية تغيير وزاري وشيك يلي قرار بحل مجلس النواب . والحقيقة أن التغييرات الوزارية كثيرة ومتكررة في المملكة خصوصا في السنوات الثلاث عشر الماضية لدرجة أننا لم نعد نعرف أو حريصين أن نعرف شخوص الوزراء وأسمائهم. يلحظ المواطنون الإثارة والتهييج التي تصاحب عملية اختيار وتكليف رئيس الوزراء الذي بدوره يعمل على اختيار أعضاء حكومته بالطبع بموافقة إن لم يكن بترتيب من الديوان الملكي ودائرة المخابرات العامة .

المخاطبات المتبادلة التي تتم بين الرئيس المكلف والملك تتضمن تلميع وإبراز لخصائص رئيس الوزراء الذي وقع عليه اختيار الملك حيث يبدأ هذا الرئيس مشواره متألقا مغتبطا بالثقة الملكية والتي يتبعها عادة حملة إعلامية تسلط الأضواء على عبقرية وكفاءة من حاز على ثقة الملك . حماس رئيس الوزراء تظهره تصريحاته الإعلامية وكتاب الرد على التكليف السامي الذي يتضمن تعهدات ووعود كبيرة لحل مشاكل اقتصادية واجتماعية وسياسية كبيره تواجه الدولة الأردنية لدرجة أن المرء يحار كيف يمكن لرئيس وزراء وحكومة أن تقطع وعود بإنجازات ضخمة في الوقت الذي لا يزيد متوسط عمر الحكومة على سنة واحده أو أحيانا خمسة شهور أو أكثر أو أقل قليلا !

ما يكاد أن يبدأ رئيس الوزراء عمله حتى تبدأ التحديات بالظهور والتموضع على شكل عجوز في الموازنة ، وتدخلات من الأجهزة الأمنية والديوان الملكي ، وضغوط نيابية لتحقيق مكتسبات ومصالح خاصة ، ومطالب إصلاحية من الحراك وغير ذلك من تحديات ومطالب متناقضة ليجد الرئيس الذي كان متألقا قبل أيام قليلة نفسه مشلول الحركة قرارات حكومته يتم مراجعتها من الديوان والمخابرات وأحيانا يرفع الملك والديوان الغطاء عن الرئيس وحكومته لدرجة يمكن أن تنقطع الاتصالات بين الرئيس والديوان وهي رسالة إلى الرئيس أنه قد انتهى دورك وبدأ العد التنازلي للحكومة. الرئيس في معظم الحالات يصبح يناضل ليجد مخرجا من إحباطه وشعوره بانتهاء دوره وتبدأ الإشاعات التي تروج لها أحيانا بعض الأجهزة الرسمية عن فشل الرئيس وضعف الحكومة وتخبط قراراتها مما يزيد من إرباك الحكومة المربكة أصلا وخصوصا عند تدخل الملك لإبطال مفعول قرارات الحكومة كما كان الحال في قرارات حكومة الطراونة في رفع الدعم عن المحروقات مما يضعف هيبة رئيس الوزراء والحكومة ويجعل منهم صور كرتونية هشة فترى الرئيس منكسرا محبطا لا حول له ولا قوة حيث يظهر أمام الشعب كجلاد وغير مكترث بشؤون العامة وأوضاعهم .

وضع رئيس الوزراء المزري لا بل المثير للشفقة لا يرضي صديقا ولا يغيظ عدوا فهو سيخرج من السلطة بصورة هزيلة ضعيفة ويصور أدائه بالفاشل ومخيب لآمال الملك والشعب ويتم التحضير لتكليف رئيس وزراء آخر وتبدأ ماكينة الإشاعات والحملة الإعلامية لتلميعه ليبدأ متألقا وينتهي فاشلا أو مفشلا محبطا وأحيانا مهانا كما رأينا بعض التجارب مع عدد من رؤساء الوزراء البؤساء. منذ نهاية السبعينات من القرن المنصرم لم ينجو رئيس وزراء من هذه المصيدة المؤسفة أو النهايات غير السعيدة لعمله وعمل حكومته . منذ ثلاثة عشر عاما على وجه التحديد شهدنا تسع رؤساء حكومات سبعة منهم خرجوا بطرق غير لائقة وبعضهم مهينة وها نحن نرى الدكتور الطراونة يلفظ أنفاسه الرئاسية الأخيرة ويعد الأيام الأخيرة له بعدما أبطلت قراراته وشلت حركته وأوقفت تعييناته المشكوك في حياديتها وموضوعيتها .نعم نذكر قبل أربعة شهور الدكتور الطراونه متألقا ومتحمسا عند تكليفه وكنا نعلم أنه سيخرج بنفس الطريقة التي خرج فيها رؤساء الوزارات السابقين مذمومين منكسرين 'ومنكسفين'. ملك البلاد بيده يبدوا كل شيء فهو يكلف رؤساء الوزارات ويشيد بهم ثم ما يلبث أن يرفع يده عنهم ويخرجهم بهذه الحالة فاشلين ولا يجرؤ أحدهم إلا الإطاعة آملا بقرب أو حظوة تحفظ ماء وجهه أو منصب مستقبلي له أو لذويه. شذ عن هذه القاعدة في تلميع رئيس الوزراء ومن ثم إقالته وتصويره على أنه فاشلا وضعيفا رؤساء حكومتين معروفين للأردنيين كلاهما أصر على أن يكون رئيس حكومة حقيقي ويتمتع بالصلاحيات المنصوص عليها في الدستور وقد قدم أحدهما استقالة حقيقية غير مسبوقة في تاريخ الحكومات الأردنية وذلك عندما أيقن أن الولاية العامة هي مجرد وهم وكلام نظري جامد تستبطنه مواد نظرية لدستور يجعل خيوط اللعبة السياسية الحقيقية ليست في يد الحكومة وإنما في يد الملك والأجهزة الأمنية وتبقى الحكومة ورئيسها واجهة لتلقي الصدمات ومشجب لتعليق الأخطاء عليها.
موقع رئيس الحكومة في الأردن إذا بقيت أمور اختيار الرئيس وإنهاء خدماته بالطرق غير اللائقة وأحيانا المهينة يمكن أن يصبح موقع غير جذاب وغير مرغوب ولو كنت مكان الدكتور الطراونه ومن قبله الدكتور البخيت لشعرت بالمهانة والإهانة على طريقة خروجهم غير الكريمة من السلطة وتدخل الملك في تفصيلات عمل الحكومة المنصوص عليه في الدستور مما عرى الحكومة وأذهب هيبتها أمام الشعب. أحد رؤساء الوزراء السابقين يقول بأنه لا يعرف لماذا تم اختياره رئيسا للوزراء ولا يعلم لماذا تم صرفه من رئاسة الوزراء قبل إتمامه ثمانية أشهر في الخدمة. نعم لا يحسد معظم رؤساء الحكومات على طرق خروجهم من مواقعهم وأنا متأكد من أنه لو أراد كل من الدكتور فايزالطراونه والدكتور معروف البخيت والدكتور عدنان بدران والأستاذ عبدا لكريم الكباريتي وغيرهم الحديث الصريح الصادق عن تجاربهم الحقيقية في رئاسة الحكومة لذهلنا بمرارتهم وربما ندم بعضهم على إشغال منصب كنا نعتقد لفترة طويلة أنه منصبا رفيعا وقد صرح السيد عون الخصاونة حديثا بأنه نادم على إشغاله منصب رئيس الوزراء وان رئيس الوزراء في الأردن'أصبح رئيس قلم'.

هيبة وسمعة موقع رئيس الوزراء في الأردن هي على المحك وسيستمر التراجع في هيبة هذا الموقع التنفيذي المتقدم ما لم تتغير كيفية اختيار رئيس الحكومة تغيرا حقيقيا وليس نظريا وما لم يصبح رئيس الوزراء يقود كل أجهزة الدولة وفي مقدمتها دائرة المخابرات العامة والأجهزة الأمنية المختلفة وليس العكس. نعم ينبغي أن يكون الشعب من خلال النواب هو القوة الحقيقية المؤثرة في استمرار الحكومة أو انصرافها. رئيس الحكومة يمثل رأس الإدارة العامة للشؤون الدولة الأردنية وينبغي أن يكون هذا الرئيس من صنع الشعب اختيارا واستمرارا وثقة ومسائلة وإقالة إذا أريد للناس أن يستمروا في احترامهم وتقديرهم لمواقعهم القيادية.




التعليقات

1) تعليق بواسطة :
03-10-2012 05:09 PM

خلاصة الكلام.رؤساء الوزاره في الاردن عباره عن قظاريز او معقبين او عمال كروه بنتظار اوامر -من فوق. تحيا الديموقراطيه الاردنيه !!!!!!!! وبشرى للارادنه بالنتخابات القادمه وما سستتمخض عنه من قفزه نوعيه ,في عملية تعيين واختيار القطا.....عفوا الرؤساء الجدد.

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012