بدأ فيصل الفايز مبادرته السياسية ، نحو حركة الأخوان المسلمين ، كوسيط موثوق ، من حيث إنتهى حازم قشوع أمين عام حزب الرسالة ، بعد أن سعى الوزير السابق ، عبر دعوة الأفطار في رمضان ، إلى جمع الأمناء العامين للأحزاب السياسية بتشكيلاتهم المختلفة وتعددية توجهاتهم الفكرية والحزبية ، من الوسطيين إلى الأخوان المسلمين إلى الأحزاب اليسارية والقومية ، وقد لبى الدعوة ممثلون عن التيارات الثلاثة ، وخلصوا إلى رؤية كلفوا صاحب الدعوة لصياغتها .

وقد صاغ حازم قشوع مشروع بيان ، يُلخص فيه ، مواقف التيارات الحزبية الثلاثة من القضايا التي تم بحثها ، بما فيها الموقف من الأنتخابات والقانون ، ووزع مشروع البيان على المشاركين ، بهدف الأطلاع والعلم ، وتسجيل ملاحظاتهم على صيغة مشروع البيان .

وجرى اللقاء الثاني في ضيافة حزب الأتحاد الوطني ، بعد اللقاء الأول بضيافة أمين عام حزب الرسالة ، حيث كان من المتوقع إستمرارية هذا التقليد ، عبر اللقاء الدوري ، بين مختلف الأحزاب لبلورة الجسم الحزبي وتأكيده ، والحرص عليه ، بإعتباره مؤسسة حزبية ، سيكون لها شأن في المشهد السياسي الأردني ، برمته ، سواء في مجلس النواب أو لدى الحكومة ، خصوصاً وأن هدف الأصلاحات السياسية ، تتمثل بالوصول إلى حكومات برلمانية حزبية .

كان الهدف هو تحقيق حالة من التوافق على أهمية تعامل الأحزاب مع بعضها البعض ، وهي تختلف مع بعضها أيضاً في نفس الوقت ، وكان نجاح اللقاء الأول بين التيارات الثلاثة : الأحزاب الوسطية والأحزاب القومية واليسارية والأخوان المسلمين ، حافزاً ، من أجل عقد اللقاء الثاني ، الذي تم إحباطه وعدم السير فيه ، وعدم التوصل إلى إتفاق حول البيان المعد من قبل حازم قشوع أمين عام حزب الرسالة .

الأخوان المسلمون قدموا مشروع بيان بديل ، كان ملفتاً للإنتباه ، ويحمل تصوراً يمكن التعامل معه ، ويشكل أرضية توافقية يمكن البناء عليها ، فقد جاء النص من قبل الأخوان المسلمين حرفياً يقول ' تلبية لنداء الواجب الوطني والحق الدستوري في دعم وإسناد مرحلة التفعيل السياسي ، ليسهم الجميع في الأنتخابات النيابية القادمة ، فقد قام الجسم الحزبي بمبادرة للوصول إلى أهداف تتفق عليها الأحزاب السياسية ، على الرغم من تنوع أيديولوجياتها ، بما يخدم المصلحة الوطنية العليا والصالح العام ، في هذه المرحلة ، تؤكد عبرها الأحزاب أن مرحلة الأصلاح بشقيها التشريعي والتفعيلي هي متلازمة مستمرة تلتقي فيها حالتا الأصلاح والتطور ، مؤكدة في ذات الشأن على أهمية سياسة تراكم الأنجاز التي تبني المنجزات وتصون المكتسبات ، وبما يسهم بالوصول في حالة الديمقراطية والتعددية المستهدفة إلى تشكيل مضمون البرلمان السياسي القادم والقادر على ترجمة التطلعات الشعبية وتجسيد الرؤى الملكية في تشكيل الحكومة وفقاً لقاعدة الأغلبية النيابية القادرة على أن تُحدث حركة التناغم المطلوب بين التشريعي والرقابي الذي يؤطره العمل النيابي والتنفيذي ويجسده العمل الحكومي ' .

وتابع البيان وفق إقتراح حركة الأخوان المسلمين ما نصه ' أن الأحزاب الأردنية أذ تؤكد أهمية المشاركة في الأنتخابات النيابية القادمة لتؤكد على ضرورة إزالة كل المعيقات التي تحول دون إشراك الجميع فيها للوصول بالأحزاب إلى قبة البرلمان ' .

و ' إن الأحزاب الأردنية الموقعة على هذا البيان تعلن أن الموقف الوطني الصادق يتطلب من الجميع القيام بدوره في الأصلاح وتعزيز أمن الوطن وإستقراره وسلامة منجزاته نظاماً ووطناً وشعباً ومن خلال ما يلي :

أولاً : الوقوف صفاً واحداً ملكاً وشعباً وحكومة للحفاظ على أمننا الوطني ووحدتنا الوطنية .

ثانياً : تتطلع الأحزاب الأردنية إلى لقاء صاحب الجلالة لتذليل أية معوقات تحول دون إشتراك الجميع في الأنتخابات القادمة بما في ذلك إعادة النظر بقانون الأنتخابات ، والتعاطي مع باقي المطالب الأصلاحية ' .

يلاحظ هنا ، وفق البيان المعدل الذي قدمه الأخوان المسلمين ، أنه يشير إلى التطلع للقاء جلالة الملك ، وإعادة النظر بقانون الأنتخابات ، والتعاطي مع باقي المطالب الأصلاحية ' أي أنهم لا يشترطون إجراء التعديلات الدستورية ، مع إعادة النظر بالقانون ، وعدم الربط بينهما ، ومن هنا إلتقط فيصل الفايز هذه الأشارة التي حصل عليها ، ونبهه لها أمين عام حزب الرسالة ، حازم قشوع ، وأطلعه على مضمون البيان المعدل الذي قدمه الأخوان المسلمين ، وبذلك سار فيصل الفايز بمبادرته على هذا الأساس . ولكن يبدو أن الأخوان المسلمين ، تراجعوا عما سبق ووافقوا عليه بإجراء تعديل على قانون الأنتخاب كي يكون للمواطن ثلاثة أصوات بدلاً من صوتين كما أقر بذلك القانون الساري حالياً ( صوت للدائرة المحلية وصوت للدائرة الوطنية ) إذ يطالبون بصوتين للدائرة المحلية وصوت للدائرة الوطنية ، وهذا ما حاول أن يفعله فيصل الفايز بوساطته التي أخفقت ، إذ يبدو أن تمسك الأخوان المسلمين بالتعديلات الدستورية يشكل شرطاً مسبقاً لمشاركتهم بالأنتخابات ، وهذا ما ترفضه كافة الفعاليات السياسية المحافظة والوسطية وحتى تيار الأحزاب اليسارية والقومية ، فالأحزاب القومية واليسارية تتمسك بالقائمة الوطنية على أن يكون عددها 50 بالمائة من مجلس النواب ، ووفق الصوتين واحد للدائرة المحلية والأخر للدائرة الوطنية .

وتتضح الصورة الأن أن خيار الأخوان المسلمين ، العمل على كسر إرادة الجميع وصولاً إلى ما يسعون إليه مستغلين ، طيبة الأردنيين ، ورغبتهم الحقيقية في الأصلاح ، مع حفاظهم على الأمن الوطني وتماسك النظام وهيبته كي يتم التحول والأصلاح بشكل تدريجي متعدد المراحل ، مستفيدين من تجارب مريرة من حولنا ، حّولت بلاد شقيقة إلى مزيد من الأفقار والتفسخ والشرذمة بدلاً من تعميق الوحدة على أساس المواطنة ووفق العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص للجميع ، وإرساء قيم التعددية وتداول السلطة وفق نتائج صناديق الأقتراع ، بإعتبارها الحكم الفصيل لخيارات الناس وتطلعاتهم .

h.faraneh@yahoo.com