بقلم : حماده فراعنه
06-10-2012 10:29 AM
واضح من نتائج زيارة وفدي حركة حماس من الداخل والخارج ، للقاهرة ، وإجتماع مكتبها السياسي ، برئاسة خالد مشعل ، أنها لم تثمر عن تحقيق معطيات ملموسة على جبهة العلاقات المصرية الفلسطينية ، وعلى طريق العلاقات الحزبية ما بين حركة حماس من طرف وحركة الأخوان المسلمين ( المصرية ) من طرف أخر ، بإعتبارها المرجعية الحزبية والسياسية والفكرية ، لحركة حماس .
المعطيات الواردة من القاهرة ، ومن صُلب التداولات التي تمت ، تفيد أن مصلحة حركة الأخوان المسلمين ، كحزب حاكم في مصر ، له الأولوية على ما عداه من مصالح ، وأن نجاح حركة الأخوان المسلمين في إدارة الدولة المصرية ، هو الذي يحكم الموقف والرؤية والأستحقاقات المطلوبة من الأخوان المسلمين ، ويقف في طليعتها :
أولاً : إرتباط الدولة بمعاهدة كامب ديفيد مع إسرائيل ، وما يستتبعه ذلك من إلتزامات ، وما توفره المعاهدة من مساعدات مالية مدنية وعسكرية أميركية وأوروبية للقاهرة ، لا تستطيع الأستغناء عنها في المدى المنظور .
ثانياً : الأوضاع الأقتصادية الصعبة ، والتي تحتاج للحصول على مساعدات مالية وإقتصادية لتحريك عجلة الأقتصاد والسوق والأستثمار والسياسة في مصر ، بما فيها الحصول على قرض من البنك الدولي يتجاوز 4.5 مليار دولار ، وشطب مليار دولار ديون مستحقة من القاهرة لواشنطن ، مما يستدعي أن تنظر واشنطن بعين التقدير للسياسة المصرية بما فيها كيفية التعامل مع إستحقاقات كامب ديفيد مع إسرائيل .
ثالثاً : الوضع الأمني المأزوم في ظل الصراع الدموي المكشوف مع التنظيمات الأصولية المتطرفة في سيناء وإمتدادها في قلب قطاع غزة ، مما يستوجب التعاون الأسرائيلي أمنياً وعسكرياً مع المؤسسة العسكرية والأمنية المصرية والتنسيق معها لنجاح الحملة المصرية لفرض الهدوء والأستقرار في سيناء ومنها وخلالها لباقي الربوع المصرية ، التي تأزمت بعد عملية رفح التي إستهدفت الجيش المصري وكلفته غالياً من جنوده وضباطه وسمعته وهيبته .
لقد دفع المتطرفون الأسلاميون القاهرة كي تكون في خندق تل أبيب ، من خلال إستهداف الجيش المصري ، مما يدلل على إحتمال واحد من إثنين أولهما : الغباء السياسي المقيت لدى أصحاب القرار الذين نفذوا العملية الأرهابية ضد الجيش المصري وإستفزوه كي يقوم بحملة التطهير ضد العناصر والمجموعات المتطرفة على أرض سيناء ، والأحتمال الثاني : أن هذه المجموعة وصاحب القرار فيها لديه إرتباط مع الأجهزة الأمنية الأسرائيلية دفعته لممارسة التحريض داخل المجموعة كي تقوم بالعمل الأرهابي ضد الجيش المصري ، لأن نتائج العمل أدى إلى تقديم خدمة مجانية للإسرائيليين ، على حساب مصر وفلسطين على السواء .
السياسة المصرية بدت واضحة ، وهي تترسخ ولم تتغير ، وتقوم على ما يلي :
أولاً : أن حركة حماس ، فصيلاً فلسطينياً مثله مثل سائر القوى السياسية الفلسطينية ، لا أكثر ولا أقل .
ثانياً : التعامل مع الواقع الفلسطيني الممزق والمشتت ، والقائم على الأنقسام ، مع إستمرارية الجهد والمحاولات المصرية ، للتراجع عن الأنقلاب وإنهاء الأنقسام وإستعادة الوحدة .
ثالثاً : هناك قيادة فلسطينية شرعية واحدة ، تتمثل بالرئيس محمود عباس ، وحكومة واحدة هي حكومة الأئتلاف الوطني التي يقودها سلام فياض في رام الله .
السياسة المصرية هي نفس السياسة الأردنية المتفاهم عليها بين عمان والقاهرة ، فالتفاهم وإستقبال حماس يتم بالأحترام الذي تستحقه كفصيل فلسطيني ، ولكن لا تعامل بأي شكل من الأشكال مع رموز الأنقلاب ومظاهره في قطاع غزة ، وهناك شرعية فلسطينية واحدة لها عنوان هو منظمة التحرير وسلطتها الوطنية ، وما زيارة رئيس الوزراء الأردني فايز الطراونة إلى رام الله ، وعقد اللجنة المشتركة الأردنية الفلسطينية على أرض فلسطين ، وفي رام الله المحتلة سوى تأكيد على هذا الفهم والرؤية والقناعة والمصلحة الأردنية نحو فلسطين ووحدة مؤسساتها التمثيلية ، والعمل على إسناد ودعم برنامجها لصمود الشعب العربي الفلسطيني على أرض وطنه وبناء وتطوير مؤسساته الوطنية على أرضه وداخل مساماته ، كي تشكل المقدمات الضرورية والعملية وصولاً إلى دحر الأحتلال وجلائه الكامل عن فلسطين وإنتزاع حقوق الشعب الفلسطيني الثلاثة :
- حقه في المساواة في مناطق 48 .
- حقه في الأستقلال في مناطق 67 .
- حقه في العودة للاجئين .
كان ثمة خوف فلسطيني ، من نتائج الربيع العربي التي دفعت الأخوان المسلمين ، عبر صناديق الأقتراع وبالتفاهم مع الأميركيين ، ليتصدروا المشهد العربي في مصر وتونس والمغرب وليبيا ، ويقودوا المعارضة من موقع قوة في سوريا والأردن واليمن والكويت ، ولكن النتائج المباشرة لا تؤكد ذلك فثمة أوضاع سياسية أكثر تعقيداً من هذه المخاوف الفلسطينية المشروعة .
h.faraneh@yahoo.com