هل يتم شراء الاشخاص بثمن بخس ؟

السبت , 04 أيار/مايو 2024

هل يتم شراء الاشخاص بثمن بخس ؟

بقلم : العميد المتقاعد بسام روبين
22-12-2012 10:56 AM
هل يتم شراء الاشخاص بثمن بخس ؟
هذا ما اشار اليه ذلك البرنامج الهادف ذو الابعاد السياسية والمضامين الاجتماعية المختلفة عندما وقف أحد مقدمي البرامج التلفزيونية الاجنبية في احدى الشوارع العامة واخذ يختار عشوائيا الفتيات من المارة وكان يطلب في كل مرة من الفتيات الكشف عن جزء من الجسم امام الكاميرا مقابل مبلغ من المال وكانت النتيجة قبول البعض للعرض الاول ورفض البعض الآخر حيث كان يلجأ المذيع لزيادة المبلغ وهنا كانت النتائج تختلف فعند تتالي رفع السعر كان هنالك انضمام واضح لبعض الفتيات الرافضات وفي النهاية كان هنالك بعض الفتيات ممن رفضن اي سعر بل على العكس قمن باهانة المذيع وهذا كان مؤشر واضح الى ان هنالك سعر لبعض الفتيات في حين لم يستطع المذيع من تسعير بعض الفتيات على الرغم من أنهن متواضعات الجمال عزيزات الكرامة والمبدأ ومن المؤسف أن يكون هذا حالنا في هذه الايام فاذا ما قمنا باجراء دراسة عشوائية على بعض افراد المجتمع نجد هنالك من يتم شراء ذمته بقلم أو مفكرة أو ساعة او عدد من الخمسينات او منصب وخلافه أي أن الثمن دنيوي بخس وقد اصبحنا لا نتفاجئ بأي شخص ينادي ويدعم مبادئ معينة وسرعان ما يتنازل ويتراجع عنها و في هذا السياق فقد اكتسب بعض اعضاء الحكومة مهارات جيدة من حيث تسعير الاشخاص وانتهاج سياسة النفس الطويل وعدم فقدان الأمل في الحالات المعقدة والتي ترفض القبول بالسعر المعروض وهذا دفع المسؤولين للبحث عن بدائل في سياق تحقيق الهدف الاستراتيجي لهم وهو شراء الذمم والذي يفقد الارادة فلم يعد بالضرورة ان يقتصر السعر على المال فهنالك اشخاص لا يهتمون بذلك ولكن الملفت ان اولئك الاشخاص النشاز والذين يتم شراء ذممهم اصبحوا مكشوفين لدى شرفاء المجتمع وخصوصا ضمن المجتمع الضيق لاؤلئك الاشخاص فعندما تجد شخصا كان يعارض قانون المطبوعات مثلا وفجأة تجده ينقلب ليدافع عن ذلك القانون وعندما تجد شخصا يعارض قانون الانتخابات وفجأة يتحول للدفاع عنه ويترشح للانتخابات وعندما تجد شخصا اخر يدعي القومية والوطنية ومحاربة الفساد وينادي بالاصلاح وفجأة يتحول ويأخذ بالدفاع عن بعض شخصيات الفساد فإن ذلك التحول وبالمنطق يعتبر مؤشرا واضحا على قبول ذلك الشخص بالسعر الجديد الذي قدم له ولو أنه صبر بالتأكيد لنال امتيازات افضل ولكننا لا نلوم ذلك الشخص في بعض الاحيان وقد نبحث له عن عذر نلتمسه له خصوصا عندما يكون هنالك ضغوطات وحصار يلازمان الاستمرار بالمواقف الوطنية النبيلة.
وقد بدأنا ومع اقتراب يوم الانتخابات النيابية نلحظ وبشكل ملموس هذا النموذج والذي لا يليق بالانسانية من خلال انضمام بعض الاشخاص اصحاب التاريخ النظيف الي بعض المرشحين والذين يعتمدون بشكل اساسي على المال السياسي وشراء الذمم بغية وصولهم الى مجلس النواب لكي يساهموا مع من سبقهم من نفس الفئة في الابقاء والمحافظة على مظاهر الفساد وانتهاك وتدمير مبدأ النزاهة في المجتمع الاردني واعاقة تقدم عجلة الاصلاح وانني اهيب هنا بالاغلبية الاردنية الصامتة ان تنتبه الى ما يجري حولها وتستيقظ من سباتها العميق وتغتنم الفرصة بايصال من يستحق الى تحت قبة البرلمان واقصاء كل من يتعامل بالمال السياسي وكل من ينتقص انسانية البشر وكل من يحاول تقويض عملية الاصلاح والابقاء على الفساد فلربما لا تتكرر هذه الفرصة وحتى لو قدر لها ان تتكرر فستكون بعيدة وعلى هذه الاغلبية الصامتة ان تعلم ان اي مجلس نواب قادم وفي ظل دعوة والتزام جلالة الملك بنزاهة العملية الانتخابية واذا ما تحقق ذلك فستكون تلك الاغلبية الصامتة هي المسؤولة عن مستقبل الاردن ومستقبل الشعب لان مجلس النواب هم اللبنة الاولى في اية عملية اصلاح قادمة والتي ما زلنا بانتظار قدومها كونها لم تتحقق حتى هذا التاريخ باستثناء اصلاحات ضئيلة لا ترتقي الى المستوى المطلوب , سائلا العلي القدير ان يحمي الاردن ويحمي شعبه ويلهمه طريق الصواب لما فيه خير البلاد وخير العباد انه نعم المولى ونعم النصير.