أضف إلى المفضلة
السبت , 04 أيار/مايو 2024
السبت , 04 أيار/مايو 2024


ثقافة القنــــوة

بقلم : يسار خصاونة
22-12-2012 11:17 AM

عرف الإنسان حوادث الطرق منذ بدء الخليقة ، والحوادث التي أعنيها هنا تتمثل في القتل ، والخطف ، والسلب ، لذلك كان الإنسان يعيش في خوف دائم عند تنقله من مكان إلى آخر ، وساعة منامه لأنه ينام في العراء ، أو في وقت لاحق داخل كهف دون باب ، من هنا كان لزاماً عليه أن يتسلح بأسلحة عصره ، وهي : الحجارة المسنونة ، أو قطعة من الخشب والتي نسميها هذه الأيام قنوة ، وبقي على هذه الحال يسير خائفاً ، ينام خائفاً حتى عرف الاستقرار ، عندما عرف الزراعة ، فأصبح يأنس بمن حوله ، ومع ذلك لم يستغنِ عن أسلحته ليدافع عن نفسه ، وعن ما يملك ، ومع مرور الزمن بدأت حياته تأخذ شكل القبيلة، ثم الدولة ، عندها بدأت تخف تدريجياً اهتماماته بأسلحته ما دام هناك من يحميه ، ولم يعد يفكر في حمل السلاح عند ترحاله ، وعند نومه ، وبات في أمان وفّـرته له الدولة التي يعيش تحت ظلها مقابل التزاماته نحوها ، بشروط أمنية، ومالية .
هذه صوره سريعة من صور العصور البدائية ، والتي تغيرت مع الزمن بفعل الحضارة ، وسيادة القانون ، إضافة إلى الأديان السماوية التي كفلت حق كل إنسان ، ومع كل ما حصل في العالم من تشكيل الدول بدستورها ، وقوانينها ، وجيشها ، ورجال أمنها ، والديانات السماوية ، مع كل ذلك ما زلنا نفكر بالقنوة ، وما زالت القنوة جزءاً من ثقافة عصرنا هذا التنويري ، وعصر الأمن ، والأمان ، وما زال البعض منا ينام وتحت وسادته المسدس ، وما زال البعض منا يحرص حرصاً شديداً على وجود القنوة في سيارته ،فهل نحن حقيقة مهددون ونحن في فراشنا ، أو في السيارة بالقتل ، أو بالسلب ، ولماذا نفترض مسبقاً عداء الآخر لنا أياً كان؟؟ ولماذا هذه النظرة العدائية التي تسكن عقولنا ، ؟ هل نحن نحمل في داخلنا عدونا ؟ إذن لماذا ما زالت القنوة تسكن عقولنا ، هل السبب في ذلك ، أننا لا نثق بالحكومة بكامل كوادرها الأمنية ، ولا نثق بالأديان ،ولا بالناس، أو أننا ما زلنا نعيش كما كان يعيش الإنسان منذ آلاف السنين ، ونفكر مثل تفكيره .ونخاف على أنفسنا من جرة الحبل
والآن ، ماذ يعني أن نحمل قنوة ؟، وماذا يعني أن نحمل المسدس ؟ الذي يعنيه ذلك فقط أننا حين نتحاور فإننا نتحاور بثقافة القنوة ، وحين نتخاصم فالحكم بيننا ثقافة القنوة ، بحيث لا مسامحة ، لا عفو ، لقد سيطرت القنوة على تفكيرنا ، وعلى عقولنا حتى أصبحنا عدوانيين دون أن ندري ، وأصبح فينا الواحد لا يرى أحداً غيره ، بمعنى أننا نُلغى الآخر دون اعتبار لمكانته العائلية، والدينية ، والوطنية .
قال جل وعلا ' ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك ' صدق رب العزة ، فهل لنا برسول الله قدوة ، وهل نتذكر أحد الصحابة الذي حكم فعدل فأمن فنام دون قنوة، ودون مسدس تحت وسادته الحجرية ، لقد كان يضع الحجر تحت رأسه ، ونحن نضع رأسنا تحت الحجر ، فلنفق جميعنا ، ولنحطم القنوة ، إنها آخر الأصنام

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
23-12-2012 09:14 AM

صباح الخير استاذ يسار خصاونة: السبب لحمل القنوة هو لأنه هناك كثير من البشر لاشيء لايعدل اعوجاج رقبته الا القنوة ؟؟؟

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012