استخدام القرآن في الدعاية الانتخابية

الإثنين , 29 نيسان/أبريل 2024

استخدام القرآن في الدعاية الانتخابية

بقلم : رائد علي العمايرة
03-01-2013 10:55 AM

لم يتوقف استخدام آيات القرآن في الدعاية الانتخابية، ولا أظنه سيتوقف من بعض المرشحين، في غمرة الجهل والانخذال المتواصل ،فرغم التناقض الشديد بين المعنى الحقيقي للآيات وابتعاد معناها الأصلي عما يريده المرشح...( وهو يعلم هذا طبعا)....إلا أنه يستعملها كدلالة على أنه المرشح المنقذ ويجعلها برهاناً على انه رجل متدين ويصلح كبطل للإصلاح ، وحتى لا تبقى حكرا على المتدينين ، تفطن لهذا بعض المرشحين وكان منهم من لا يستدل على القبلة ولا يعرف أركان الوضوء فاستخدمها لمغازلة العاطفة الدينية لدى الناخب الذي يثق بالمتدينين ويظن ان إطلاقهم للنصوص المقدسة، هو التزام صارم بفحواها أو هكذا ينظر المرشح للناخب حتى لو لم ينخدع بها كشعار .

وطبعا أول الآيات استخداما دوما }واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا { ولا حاجة للمرشح أن يكملها مع أن معنى حبل الله هو دينه القويم هكذا في الأصل ، ولتبيان معنى حبل الله فلا يجوز نزع أول الآية من سياقها لأن في تكملتها شرح مبهمها ، وتكملة الآية لا يذكرها المرشح إذ لا حاجة له بها وهي تشتت المعنى الذي يريده بل تنسفه من أصله والتكملة هي }واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فالف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا ،وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون { كما أن الجزء الأول من هذه الآية يكتب في يافطة عريضة ويسدل على جوانب المضافات عند عقد الاجتماعات التحضيرية الأولى لاختيار مرشح العشيرة، مما يدلل على فهم كثير من الناس ان الآية أنزلت في عشيرتهم ،وطبعا الجزء الأول منها فقط كما ذكرت.

لهذا يختصرها المرشح ويفككها فيأخذ أولها ، وهو يعني طبعا انه هو حبل الله الذي يجب الاعتصام به، أو ان الاعتصام بحبل الله لا يكون إلا بانتخابه هو ، وكثيرا ما يستخدمها طبعا المرشح الذي ينافسه من عشيرته ا كثر من مرشح بعد ان يفشل الاجتماع في عقد الإجماع، فيصبح الإجماع عليه هو جوهر الاعتصام بحبل الله حتى لا يكون من بعده التفرق والهلاك المحتوم.

(يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين )وهذه الآية تزكية لموسى عليه السلام وهي شهادة من ابنة الرجل الصالح بعد ان سقى لها موسى عليه السلام فرأت قوته في رفع الحجر عن البئر، ثم رأت أمانته عندما طلبت منه الحضور إلى أبيها فمشى أمامها وأمرها أن لا تستدبره حياءً منهُ عليه السلام ، فشهدت بما رأت من القوة والأمانة ولم يزك موسى نفسه بل هي التي زكته، ولم يقل شيئا وإنما كان يدلل على أمانته وقوته بالأفعال فاستأجره أبوها فبرهن موسى عليه السلام على أمانته وقوته بقضاء أوفى الأجلين، وقبوله الزواج من ابنته لتحصين نفسه وإظهار عفته، والمرشح الذي ظهر فجأة يزكي نفسه بالآية، ويستدل بها على قوة وأمانة لم ير احد منه شيئا، بل قد استشهد بها من لا قوة فيه ولا أمانة عنده، ويعرف أن الناس يعرفونه- ولكن اين تروج بضاعة الافاك إن لم ترج في مزادات الكذب- ولو كان من أهل أمانة موسى عليه السلام لكانت أولى الآيات بحقه، أن يأتيه آت يقول
( يا موسى إن القوم يأتمرون بك ليقتلوك).

أماأكثرهن استخداما في الشعارات الانتخابية(إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت) وقد يستخدمها كل أحد، ولو كان من أهل الفواحش!! فهي في ظنه تلقي عن كاهله كثيرا من بذل الجهد في الإصلاح (المنتظر)على يديه ما دام الأمر معلق بالاستطاعة – والاستطاعة فضفاضة جدا.......طبعا كثير منهم يكمل الآية ولا يجتزئ أولها كما في آية القوي الأمين فهي تظهر كم يحتوي قلب المرشح من الإيمان والثقة بتوفيق الله له (وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب) لذلك فلا بأس من إكمالها..وبالمناسبة فالآية كانت على لسان شعيب عليه السلام وعندما اراد الاصلاح الحقيقي جاءه الجواب( قالوا يا شعيب ما نفقه كثيرا مما تقول وإنا لنراك فينا ضعيفا ولولا رهطك لرجمناك وما انت علينا بعزيز)

أما الشعار القديم (الإسلام هو الحل) فلم يعد يستخدمه أحد، ولا يلجأ اليه المستقلون من المرشحين ، لأنه في نظرهم يختص بجماعة معينة، مع أن الشعار مبهم للغاية ولا يعلم أحد ما المراد منه، فلم يقدم من رفعه أي مشروع إسلامي أبدا، ولا قدم منهجية إسلامية شرعية للإصلاح ، فالمطالبات الإصلاحية لمن رفعوه تشبه كل مطالبات غيرهم ، وكل خطابات المسجد تذوب من بعد عند خطابات السياسة، ووصف الإسلامي يثبت بالمظهر الإسلامي فقط، ولكن يبتعد المستقلون دوما عن هذا الشعار حتى لا يحسبوا على أي جهة.

طبعا هناك ايضا من لم يطلع على القرآن طيلة عمره المديد، فيبدأ بيانهُ الانتخابي بالبسملة والاستفتاح بالآيات المذكورة والأحاديث النبوية ، ثم يوزعها على أبواب المساجد ليلقيها الناس من بعد أرضا وتداس بالأقدام دون أي تقديس لكلام الله تعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم ...فيا معاشر المرشحين :هلا فعلتم ما يحلو لكم وأطلقتم من الشعارات ما تريدون، بعيدا عن القرآن العظيم حفاظا على قدسيته واحتراما لما أنزله الله من أجله ، القرآن تذكرة للمؤمنين بل للعالمين وليس العوبة للمرشحين.........فاتقوا الله فالمسلم خادم للقرآن ولا يستخدم القرآن.