أضف إلى المفضلة
الإثنين , 06 أيار/مايو 2024
شريط الاخبار
بحث
الإثنين , 06 أيار/مايو 2024


كثر شاكوك وقل شاكروك فاما اعتدلت واما اعتزلت

بقلم : العميد المتقاعد بسام روبين
21-02-2013 10:48 AM

انها مقولة عمر بن عبد العزيز ثامن الخلفاء الامويين والذي لقب بخامس الخلفاء الراشدين احد احفاد عمر بن الخطاب رضي الله عنه عين واليا للحجاز وكان نموذجا للخليفة العادل الذي يميل الى الاعتدال والاستقامة والحق وكان مهتما بنشر العدل والطمأنينة والرحمة بين الناس والقضاء على الظلم والفساد وقد اثبت للعالم ان السوط لا يصلح الناس بل يتم اصلاحهم بالعدل والمساواة وقد تجلى ذلك عندما كتب له حاكم الموصل يطلب منه الاذن لقمع فرقه من الخوارج كانوا ينتشرون في الارض لنشر مبادئهم فارسل اليه يقول : 'إذا رأوا أن يسيحوا في البلاد في غير أذى لأهل الذمة وفي غير أذى للأمة فليذهبوا حيث شاؤوا وإن نالوا أحدا من المسلمين أو من أهل الذمة بسوء فحاكموهم إلى الله' وقد نجح في اخماد ثورة الخوارج من خلال اطلاق الحريات العامة والحوار الصادق الهادف وشورى الديمقراطية وكان يحث الوزراء والحكام الاداريين وقادة الاجهزة الامنية على رحمة الناس والتسامح معهم بعيدا عن البطش والتنكيل بهم . ويقول لهم : 'إنكم تعدون الهارب من ظلم إمامه عاصيا ! ألا إن أولاهما بالمعصية الإمام الظالم'
وكان ايضا إذا اشتكى إليه بعض الناس من أحد الولاة , أرسل فورا إلى الوالي يقول : 'قد كثر شاكوك وقلّ شاكروك فإما اعتدلت وإما اعتزلت'
وقد قال في احدى رسائله للشعب : 'من ظلمه إمامه مظلمة فلا إذن له علي'
ففتح بابه مشرعا للشاكين والمتظلمين وبذلك أنقذ الولاة أنفسهم من أنفسهم فلا يخوضوا في مظالم الناس
وقد اباح حرية الرأي , والتفكير , والتعبير , وحرية القناعات بعيدا عن قيود قانون المطبوعات والنشر
وكان استخباريا مؤمنا أن الناس إذا زيفَتْ قناعاتها بسبب رغبة أو رهبة فإنه يستحيل معرفة آرائهم
وما دامت الآراء الصادقة هي مادة الشورى وأداتها , فإن اختفاء هذه الآراء يعتبر وأدا للشورى , وإلغاء لمهامها
وتأكيدا لتلك السياسة الحكيمة التي تجاوزت قمم الوعي والرقي , كان يقول باستمرار لبطانته المحرضة له و الذين يوحون إليه باتجاه قهر وبطش الناس.
كان يرد دائما عليهم باحسن القول :
'أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين , وما أنت عليهم بجبار, إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر'
وقد كان شعار الانسان اغلى ما نملك لدى ذلك الخليفة العادل مطبقا فعلا لا قولا فحينما تم اسر احد جنوده وأخذه إلى ملك الروم , فسمَل عينيه فما كان من الخليفة عمر إلا أن كتب لملك الروم يقول له:
'أما بعد ! فقد بلغني ما صنعت بأسيرك فلان , وإني أقسم بالله لئن لم ترسله إلي من فورك لأبعثن إليك من الجند ما يكون أولهم عندك وآخرهم عندي' وبذلك يعود الأسير إلى وطنه وأهله
هكذا كان الإنسان في عهد عمر بن عبد العزيز
اما نحن اليوم, فيتوجب علينا جميعا حكاما ومحكومين ان نتوقف عند هذه الكلمات ونتمعنها جيدا لانها تفضي الى رسم سياسة ناجحة وعلاقة قوية ما بين الطرفين الحاكم والمحكوم وتخرج اي مجتمع من الظلمات الى النور وترتقي بالشعب وتنهض بالوطن وتعزز سكينة العلاقة ما بين جميع اركانه ومكوناته وبعكس ذلك فان الاستمرار بما نحن عليه من سوء اختيار لصناع القرار و الذين كانوا فيما مضى سببا في ضياع مقدرات الدولة والشعب وسببا في تفشي الظلم والفساد ومحق العدالة وانتهاك الحريات وتزييف ارادة الشعب واخفاء حقيقة ما يجول في خواطر غالبية الشعب وخلافه فان استمرار ذلك النهج السيء سيؤدي حتما عاجلا ام اجلا الى ما لا يحمد عقباه وعليه فان فرصة النجاة من ذلك المصير الدامس ما زالت متاحة وقائمة وتنتظر الجرأة في تعليق الجرس وهذا ليس مستحيلا ولا صعبا اذا ما توفرت الرغبة والنية الصادقة في الشروع بالاصلاح وايقاف الظلم ونشر العدالة واحقاق الحق وازهاق الباطل لما فيه خير الشعب وخير الوطن سائلا العلي القدير ان يحمي الاردن ويحمي شعبه ويلهم جلالة الملك اعطاء صفة الاستعجال لتعليق اجراس العدل والاصلاح وحسن اختيار صناع القرار انه نعم المولى ونعم النصير.

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
21-02-2013 11:58 AM

اخ بسام اثبت على راي ونهج واحد ليس حسب الجو

2) تعليق بواسطة :
21-02-2013 04:06 PM

مقالة طيبة مغلفة بالموعظة للحاكم الذي يقبل النصيحة ويفكر بالعدل والإصلاح

3) تعليق بواسطة :
21-02-2013 07:36 PM

نعم ابو عدي هذه هي الديمقراطية الحقيقية الاسلامية والتي طبقها الخليفة العادل عمر رضي الله عنه. أين نحن من أدعياء الديمقراطية والمواطن أغلى ما نملك شتان ما بين هذه وتلك

4) تعليق بواسطة :
22-02-2013 02:03 PM

مقال رائع .. نعم .. نقول له " اما اعتدلت واما اعتزلت ! " و إما تفهم الآن والا لن يجدي ما ستقول لاحقا " الآن فهمتمكم "؟!

5) تعليق بواسطة :
22-02-2013 08:38 PM

مقال مميز في مضمونه و عِبره و صياغته.

6) تعليق بواسطة :
23-02-2013 12:13 AM

سلم فوك يا ابا عدي , لقد قلت قولا جميلا فاوجزت وابدعت واجدت ، الصادق من صدقك فيما يقول لا من صدقَك فيما تقول ودعني ازيدك من الشعر بيت ، فاقول ما قاله الخليفة ابو بكر الصديق :( لا خير فينا ان لم نسمعها ولا خير فيكم ان لم تقولوها) هدى الله حكامنا لما فيه خيرهم وخير العباد والبلاد وشكرا

7) تعليق بواسطة :
24-02-2013 07:57 AM

هز ذنب

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012