أضف إلى المفضلة
الجمعة , 10 أيار/مايو 2024
الجمعة , 10 أيار/مايو 2024


كابوس الخصخصة !!

بقلم : د. علي المستريحي
25-02-2013 10:58 AM



ليلة الأمس كانت ليلة مرعبة .. كنت فيها أثناء نومي كالأسير تقودني ليلتي من كابوس لتسلمني لكابوس .. زرت أماكن لم أزرها في حياتي .. عشت زمنا مرعبا لم أعشه في حياتي .. حتى أنني حلمت (أثناء حلمي!) بكابوس يعصفني !!

بدأتُ ليلتي طفلا شقيا يركض وراء ديك حبش جارنا 'الدرويش' بين أعشاب 'القُرّيس' الذي ينهش ركبتاي الطريتان ! أراهن أن يستدرجني الديك –صدفة وسذاجة- للمكان الذي يبيض فيه .. تماما كما أراهن على، وأنتظر حكومة هذه الأيام كي تبيض !!

ليلة الأمس كانت ليلة مرعبة .. عشت فيها رئيسا للحكومة المبجل المنتظر، تاجرا مُرّا مترفا متخما بما أملك وبما لا أملك ! فبعت –بالخصخصة- الزيت الصخري ومخزون اليورانيوم والغاز والسمن والدبس وحصتنا من البحر الميت ومزارع الغور كلها وطريق القطرانة – الكرك وساكب-جرش وأعمدة جرش و.. حاكورة جارنا 'الدرويش' !! كما وبعت مسيرات الاصلاح يوم الجمعة في كل الأردن !! حتى أنني بعت فيها يوم الجمعة ذاته بكل مرفقاته من راحة الناس الى المساجد وخطبة الجمعة !! دخلت رؤوس الناس ذلك اليوم وعششت فيها وعثت فسادا فيها ونمت هانئا مطمئنا متربعا على عقولهم وآمالهم وأحلامهم وفوق فراشهم وتحت مخدتهم !!

وفي الليلة أيضا اشتريت الكازينو والفاكهة المسرطنة من غرب النهر، وسوق الحرامية في سقف السيل، ومسيرات البلطجة في عرض الأردن وطوله ! حتى أنني اشتريت أحلام الأطفال وضحكاتهم في قرية الألعاب 'باربد مول'، وبعتها لمن والاني من أصحاب المعالي والعطوفة والسعادة و.. لمن طبّل لي من كتّاب أعمدة الصحف وصفّق لي بالأرجل والأكفّ وحملني وأركبني على الأظهر والأكتف !!

عشت ليلة الأمس مترفا متخما بما جنيت .. كنت كلما خرجت من شباك الحكومة، عدت من أوسع أبوابها !! كدّست الأموال التي تكفيني العمر كلّه، وما بعد العمر كلّه .. تكفيني للمسافة الطويلة جدا من الليل الى الصباج !! ومع كل هذا، كانت ليلة الأمس ليلة كابوسية مرعبة !

حمدا لله أننا لا زلنا نملك صباح غدٍ لم (ولن) يتم خصخصته .. صباح غدٍ يمحو كوابيس ليالينا المرعبة بقطعة مطاط كممحاة الأطفال .. صباح غدٍ يبدأ بطبق من 'الرصيع'، وآخر من الزيت والزعتر، افطارا مع الأطفال قبل مدرستهم يساوي الدنيا كلها بما امتلأت !!

لا يهمني بعد اليوم كوابيسي المرعبة ولا يمهني رئيس الحكومة المبجل باض أم لم يبض .. طالما أن العمر كله هو المسافة بين الليل والصبح .. وطالما أن كل صبح ينشق من رحم ليل عابر قصير، وإن استراح وغفا ونام وطال !!

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
25-02-2013 02:29 PM

لا أدري لماذا مرَّ طيفٌ أمامي لصورة نراها في كل المكاتب والدوائر حين ندخلها وانت تتحدث عن ذاك الكابوس المزعج ولكن بمسحة ولمسة حنونة أيقضتني من هذا الطيف المزعج الى املٍ حين مرَّ امامي طيف المواطن المفعم بالامل والرضا حامدا شاكرا لانعم الله متأملا برحمته.

الشكر لك لانك تركت لنا بصيصٌ من امل فلعل ربي يعجل فرجه على البسطاء الذين يسلمون امرهم اليه دائما وينقشع هذا الكابوس المزمن الذي اثقل زماننا بزمنه

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012