أضف إلى المفضلة
الأحد , 05 أيار/مايو 2024
الأحد , 05 أيار/مايو 2024


البطل محمود جراشة ... فقيد الرياضة الأردنية

بقلم : الدكتور حسين عمر توقه
05-03-2013 11:27 AM



قال تعالى في محكم كتابه ( ربنا أفرغ علينا صبراً وتوفنا مسلمين ) صدق الله العظيم
لا تعش نصف حياة
ولا تمت نصف موت
لا تختر نصف حل
ولا تتعلق بنصف أمل
إذا صمت فاصمت حتى النهاية
وإذا تكلمت فتكلم حتى التهاية
كيف لإنسان أن يختار الكلمات كي يعبر عن حزنه وعن ألمه على فقدان صديق عمره وأخيه في مسيرة الحياة التي جاوزت الستين عاما
كيف يمكن لإنسان أن يصف ذلك الإصرار وذلك العزم على تحقيق المستحيل وهو يحفر في الصخر
يا ربي إنني عبدك وإنني في غمرة حزني وأنا في سجودي إليك أهمس إلى الأرض وأنت تسمع همسي في أعلى السماء . أنا راض بمشيئتك وقضائك وإنني أستئذنك أن تسمح لي أن أتألم لأنني فقدت أخاً عزيزا على قلبي وعلى ضميري وأن تسمح لي أن أبكي .
لقد شاركت بالأمس جموع الأخوة في مقبرة سحاب نودع الأخ محمود جراشة بطل الأردن واليوم لا أعلم ماذا أكتب أو كيف أبدأ إختيار الكلمات وهي والله مهمة قاسية وشاقة لأن الكلمات تهرب والبحث عنها من خلال الدموع مهمة مستحيلة. ولكنني وقد توكلت على الله فلقد عزمت أن أقص قصة هذا البطل الذي أفنى عمره في خدمة رياضة بناء الأجسام وحقق بالعزم والإصرار ما لم يحققه أردني من قبله.
إن محمود جراشة هو بطل من أبطال الرعيل الثاني بعد عبد الله كته وعلي هليل وسمير التلحمي ومحمود كعوش وكوجان أبراهيم ووليام فهمي وعبد المنعم أبو طوق وكثيرين غيرهم هؤلاء الأبطال الذين أسسوا وبذروا البذرة الأولى لرياضة بناء الأجسام في الأردن .
في بداية الستينات في القرن الماضي انتشرت في السينما العالمية الأفلام التاريخية التي تشيد بأبطال الملاحم الإغريقية والأساطير اليونانية ولقد ظهر في تلك الفترة أبطال من أبطال بناء الأجسام في العالم وعلى رأسهم بطل العالم في بناء الأجسام ستيف ريفز والبطل ريك بارك وتبعهم أبطال آخرون أمثال جوردن سكوت وبراد هاريس ودان فاديس وسيرج نوبرت وجوردن ميتشل ومارك فوست وآرنولد شوارزنغر .
ومنذ اللحظة الأولى التي شاهدنا فيها فيلم هرقل للبطل ستيف ريفز شدتنا إلى رياضة بناء الأجسام عاطفة لا تقاوم وأخذنا ننتظر أفلام ستيف ريفز الذي أصبح المثل الأعلى والحلم الذي يتطلع إلى تحقيقه كل المراهقين من الشباب لا سيما وأننا أخذنا نتابع أخباره وبداياته الرياضية وإنجازاته الرياضية ولقد أحضر محمود جراشة صورة ستيف ريفز وهو يفوز ببطولة العالم لبناء الأجسام للهواة في لندن ومنذ تلك اللحظة ومحمود جراشة يحلم بلندن ويحلم يالوصول إلى لندن . كنا نذهب إلى نادي الجزيرة بالقرب من سينما البتراء ونراقب علي هليل ومحمود كعوش وكوجان إبراهيم وهم يتدربون في غرفة صغيرة ولكن أعمارنا لم تسمح لنا بالتدرب في النادي ولكننا قمنا بتدبير مبلغ من المال لشراء بعض قطع الحديد وتفصيل بنك تم نقلها إلى غرفة محمود جراشة في منزله في جبل اللويبدة ومنذ ذلك التاريخ وحتى هذه اللحظة أي منذ خمسين عاما بقيت هذه الأدوات في غرفته .
وبكل عزيمة وإصرار بزغ نجم محمود جراشة في عالم رياضة بناء الأجسام واكتسح بطولة المملكة لعشر سنوات متتالية أي منذ عام 1965 لغاية عام 1975 وساعده في ذلك التحاقة بكلية الشرطة الملكية مسؤولا عن تدريب اللياقة البدنية وبناء الأجسام وأخذ يخطط للتوجه إلى بطولات العالم وعلى رأسها بطولة العالم للهواة في لندن والتي كانت تعرف بإسم ( النبا ) لا سيما وأن ستيف ريفز قد انتقل إلى العالمية بعد فوزه ببطولة العالم في لندن عام 1950 وتم الإتصال مع رئيس مجلس الإتحاد الأهلي لهواة بناء الأجسام السيد أوسكار وقام السيد خالد طاش بصياغة كتاب الإشتراك باللغة الإنجليزية وجاءت الموافقة للبطل محمود جراشة للمشاركة في بطولة العالم لعام 1975 وسافر بمعيته صديقه ورفيق دربه السيد خالد طاش وتمكن البطل محمود جراشه من الحصول على المركز الرابع في مشاركته الأولى. وفي العام التالي أي في عام 1976 قمت هذه المرة بمرافقة محمود جراشة إلى بطولة العالم في لندن حيث تمكن البطل محمود جراشة من الفوز بالمركز الثالث . في ذلك العام تعرفنا على البطل ريك بارك والبطل آرنولد شوارزنغر والبطل فرانك كولمبو والبطل الفرنسي سيرج نوبرت ونشأت علاقة وثيقة بين البطل آرنولد شوارزنغر ومحمود جراشه وأخبره أنه بصدد الهجرة إلى أمريكا والمشاركة مع الإتحاد الدولي لبناء الأجسام برئاسة بن ويدر في بطولة العالم لبناء الأجسام وأنه يخطط هو وفرانك كولومبو للمشاركة في بطولة مستر أولمبيا .
كما طلب البطل سيرج نوبرت من محمود جراشة المشاركة في بطولة الإتحاد الفرنسي لبناء الأجسام في بطولة باريس لعام 1977 ولقد تمكن محمود جراشة بجهوده الشخصية وإمكاناته المحدودة من المشاركة للمرة الثالثة في بطولة العالم في لندن حيث حصل هذه المرة على المركز الخامس.
واستمر محمود جراشة في تقديم كل النصيحة والعون واستمر في تدريب الأجيال حتى بعد إحالته على التقاعد حيث طلبت منه الجمعية الخيرية الشركسية الإشراف على تأسيس وتجهيز قاعة لتدريب بناء الأجسام . وفي عام 2000 قمت بدعوته للعمل معي في إتحاد بناء الأجسام الأردني ولقد شرفني الله أن يكون في قائمة الإتحاد البطل علي هليل نائبا للرئيس والدكتور عبد الرحيم ملحس والبطل محمود كعوش والأستاذ علي طاس رحمة الله عليهم أجمعين . وفي عام 2000 تم توجيه الدعوة إلى رئيس الإتحاد الدولي الدكتور بن ويدر والذي قدم القيادة الذهبية إلى جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين على دعمه للرياضة . وفي بطولة المملكة في قصر الثقافة الملكي في مدينة الحسين للشباب قام الدكتور بن ويدر رئيس الإنحاد الدولي لبناء الأجسام بتكريم عدد من الرياضيين والبناة الأوائل لرياضة بناء الأجسام وتم تقليد البطل محمود جراشة شهادة التقدير والميدالية الذهبية على خدماته وإنجازاته في رياضة بناء الأجسام.
واليوم وقد فقدت الرياضة الأردنية علما من أعلامها ورمزاً من رموز كفاحها وعطائها وبطلا من أبطالها . أتوجه إلى المولى عز وجل ضارعا اللهم عبدك رُد إليك فارأف به وارحمه . اللهم جاف الأرض عن جنبيه . اللهم افتح أبواب السماء لروحه الطاهرة وتقبله بقبول حسن .


التعليقات

1) تعليق بواسطة :
05-03-2013 12:12 PM

دكتور توقة..وفياكعادتك لأصدقائك كما أنت وفي للوطن,رحم الله البطل محمود جراشة
فقد كان خير سفير للوطن وقدم الكثير لهذه الرياضة وشكرا لك على إعادتنا الى أيا الطفولة والأسماء التي لاتنسى من هؤلاء الذين كانوا لنا القدوة بعكس جيل اليوم جيل الهشتك بشتك.

2) تعليق بواسطة :
05-03-2013 01:22 PM

أعظم الله أجركم أستاذي الكريم وتغمد البطل الاردني جراشه واسع رحمته والحقنا به جميعاالى الجنه إنشاءالله.

3) تعليق بواسطة :
05-03-2013 02:57 PM

الأخ الدكتور حسين توقه الغالي

أتقدم إليك بإسمي وبإسم عشيرتي البطاينة بالشكر الجزيل على هذا الوفاء وهذا التوثيق لأخي محمود جراشة بطل الأردن العالمي لقد قدم رحمه الله كل عمره في خدمة هذه الرياضة وكان ينادي دوما وأبدا بضرورة أن تكون رياضة نظيفة وبعيدة عن تعاطي المنشطات وأذكر تلك الحادثة التي تم فيها اكتشاف تعاطي من قبل أبطال الأردن عام 2000 فما كان من الأخ محمود والمرحوم الدكتور عبد الرحيم ملحس إلا الوقوف بجانبك وتأييد قرارك بضرورة تجريدهم من ألقابهم . لقد قام محمود جراشة بتدريب المئات بل الآلاف وكان من زملائه الكثير الكثير من الأمراء وعلى رأسهم الأمير رعد بن زيد والأمير عاصم بن نايف كان صلبا متشددا وأمينا صادقا حين يتعلق الأمر بالرياضة ولا يرضى أن يساوم أو يهادن ولقد كان عصاميا بنى نفسه بنفسه وحظي بإحترام كل الرياضيين والمسؤولين رحم الله الفقيد وغفر له وأسكنه فسيح جنانه

4) تعليق بواسطة :
05-03-2013 03:48 PM

رحمة الله على الفقيد لقد كان رحمه الله أستاذي ومدربي ورفيق دربي . لقد كان محمود جراشة من أنظف الناس قلبا وأكثرهم دماثة ولكنه كان صلبا وقاسيا حين يتعلق الأمر بموضوع المنشطات وكان يحاربها ويحارب من يحاول الإتجار بها لأنها آفة العصر وآفة الشباب . وكان رحمه الله قدوة لأبطال رياضة بناء الأجسام وكان عصاميا يعتمد على نفسه وكان يدفع ثمن تذاكر السفر ونفقات مشاركاته في بطولة العالم من جيبه ومن راتبه المتواضع كانت له صلات وثيقة وصلات حميمة بكل أبطال العالم وعلى رأسهم ستيف ريفز وريك بارك وفرانكو كولومبو وآرنولد شوارزنغر وسيرج نوبرت والدكتور بن ويدر كان قارئا ممتازا ومطالعا مثابرا وكان يحفظ تاريخ الإسلام والمسلمين وتخصص في دراسة المماليك وبقي حتى اللحظات الأخيرة كما قال الدكتور حسين يحتفظ بأدواته الرياضية في غرفة نومه . رحم الله الفقيد وأسكنه فسيح جنانه

5) تعليق بواسطة :
05-03-2013 03:59 PM

رحم الله البطل محمود جراشة فقد كان مثلي الأعلى في الرياضة . كنت أراقبه في صالة التدريب في الجمعية الخيرية الشركسية ولقد تعرفت عليه عن قرب وطلبت منه برامج التدريب ومراجع في رياضة بناء الأجسام ولقد قام بتزويدي بكميات كبيرة من مجلات بناء الأجسام الصادرة عن مؤسسة بن ويدر كما كنا نجتمع نحن ومجموعة كبيرة من الشباب نستمع إليه وإلى توجيهاته بالإبتعاد عن المشاكل والإهتمام بالدراسة والحصول على الشهادات الجامعية والتدريب وحب الرياضة لأنها الطريق الأمثل للإبتعاد عن المشاكل كان لطيفا في تعامله وبالرغم من قلة كلامه إلا أنه كان يجيب على كل أسئلتنا وينصحنا بالإبتعاد عن المشروب والمنشطات

وإنني أشكر الأستاذ حسين توقه على هذا الرثاء لصديقه فهو كما عودنا الرجل الوفي لأصدقائه لا سيما إذا كان الصديق رفيق درب ورفيق بطولة

6) تعليق بواسطة :
05-03-2013 04:38 PM

رحمة الله عليك يا محمود يا بطلا في زمن عجيب وغريب رحمة الله عليك يا رجلا تقبض على الجمر في زمن عز فيه الرجال

رحمة الله عليك على كل ما حققت لوطنك من بطولات رحمة الله عليك لأنك كنت مثلا وقدوة لكل ما هو نبيل ونظيف هي مشيئة الله وإرادته فنحن ضيوف على هذه البسيطة لا يبقى لنا فيها غير العمل الطيب والذكرى العطرة نسأل لك من الله تعالى حسن المآب وأن تكون الجنة مثواك . فلقد كنت شريفا ومؤمنا قويا بما تفعل وتقدم في مرضاة الله . كثيرون لا يعرفون أنه وراء هذه القوة والعضلات المفتولة هناك قلب رقيق وروح شفافة حين التقيت بك في العاصفة الثلجية الأخيرة وأنت خارج بيتك تبحث عن دكانة مفتوحة تبحث عن طعام تطعم به القطط المسكينة التي كنت تعطف عليها وتؤمن لها لها الطعام وشكرا إلى الصديق الوفي الدكتور حسين الذي عاد بالذاكرة إلى الأخوة الأعزاء أعضاء إتحاد بناء الأجسام من زملائك المرحومين علي هليل ومحمود كعوش والدكتور عبد الرحيم ملحس والأستاذ علي طاس

7) تعليق بواسطة :
05-03-2013 07:15 PM

رحم الله الفقيد أحد رواد رياضة بناء الأجسام وإنني أتساءل وعدد هؤلاء الرواد يتضاءل ويذوبون واحدا تلو الآخر ماذا حققنا بعدهم ولماذا لم نعمد إلى تكريمهم وهم أحياء ولماذا لا نطالبهم أن يساهموا ويشاركوا في وضع استراتيجية للرياضة الأردنية هناك الكثير من هيئة الرواد لا أحد يطرق بابهم ولا أحد يستفيد من خبراتهم وإنجازاتهم وإنني أتساءل ماذا حل بإتحاد بناء الأجسام وكم مضى على حله ومتى يتم وضع نظام للإتحادات الرياضية بل متى يتم انتخاب إتحاد بناء أجسام جديد ومن الذي يشرف على آلاف مراكز التدريب ومن الذي يتابع الإشراف على منع بيع وتعاطي المنشطات وإلى متى تظل اللجنة الأولمبية مغمضة أنظارها عن المشاكل الرياضية بل إلى متى ستظل اللجنة الأولمبية خارجة على التعليمات والأنظمة التي حددتها اللجنة الأولمبية الدولية كان من المفروض باللجنة الأولمبية الأردجنية أن تكون لجنة وطنية منتخبة من قبل الإتحادات والنوادي الرياضية كان من المفروض أن يتقدم رئيس وأعضاء اللجنة الأولمبية أن يقدموا استقالاتهم بعد شهرين من إنتهاء الألعاب الأولمبية الأخيرة في لندن
بكل أس في كل يوم نفقد فيه بطلا نتراجع إلى الوراء عشرات السنين وفي كل مرة أسمع عن بطل أردني أعلم أنه كان ينفق على نفسه بنفسه فمن يصدق أن محمود جراشة كان يشتري تذاكر سفره من جيبه وكان يتحمل نفقات السفر من جيبه واليوم ونحن نرقب ملايين الدنانير تصرف على رياضيين فشلوا في تحقيق أي نتيجة أو أي بطولة تذكر لا عربية ولا آسيوية ولا دولية مع الدعاء إلى المولى عز وجل أن يرحمك أيها البطل الذي كنت فعلا تنحت في الصخر

8) تعليق بواسطة :
06-03-2013 09:24 AM

رحمة الله عليك أيها الصديق الغالي رحمة الله عليك أيها الرجل الصادق الأمين لقد شققت طريقك بكل رجولة وأمانة وإخلاص وكنت وفيا لوطنك وللرياضة التي أحببت لقد باعدت بيننا متطلبات الحياة فأنا أكتب كلماتي هذه من نيويورك في الولايات المتحدة وذكريات جبل اللويبدة وكلية الشرطة الملكية ونادي الجزيرة كلها تمر بخاطري وأتذكر محاولاتك المتكررة من أجل إقناعي بممارسة رياضة بناء الأجسام إن الكلمات التي أختارها لا أريدها أن تكون حزينة لأن ذكراك العطرة يا أخي هي مصدر قوة وجلد وتحمل للألم وتفاؤل وأمل بالغد وبالمستقبل فرحمة الله عليك وستظل في نظرنا النقي المكافح الصبور والبطل

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012