أضف إلى المفضلة
الأحد , 28 نيسان/أبريل 2024
الأحد , 28 نيسان/أبريل 2024


لماذا برنارد باجولي رئيساً لجهاز المخابرات الفرنسي الخارجي؟

بقلم : المحامي محمد احمد الروسان
14-04-2013 09:37 AM
هل التطورات الإستراتيجية في الحدث السوري، عجّلت بإعادة برنارد باجولي إلى رئاسة جهاز المخابرات الفرنسي الخارجي؟ أم السبب يعود إلى الدور الفرنسي الجديد في إعادة تموضع الناتو وإعادة صياغة مذهبياته الجديدة؟ أم أنّ خلفية الأسباب والضرورات خليط من هذا وذاك؟
في أواخر عام 2011 م وبعد ثورة البوعزيزي محمد في تونس، عيّن الرئيس الفرنسي السابق نيكولاي ساركوزي السيد برنارد باجولي سفيراً لفرنسا في أفغانستان، بعد أن كان باجولي يشغل المنسق الأستخباراتي العام لأجهزة الاستخبارات الفرنسية، إن لجهة الداخل الفرنسي وان لجهة الخارج الفرنسي مع قصر الإليزيه، ولأنّ فرنسا موجودة في أفغانستان بقوّاتها العسكرية ودورها الخفي وصراعها غير المعلن مع لندن، كان لا بدّ من سفير فرنسي بخلفيات سياسية وأمنية نوعية وبحجم برنارد باجولي.
لم يكن مفاجئاً لكاتب هذه السطور وعلى تواضع معلوماته، إعادة تعين برنارد باجولي بمنصب رئيس جهاز المخابرات الفرنسي في العاشر من نيسان الحالي لعام 2013م( الأسبوع الماضي) عبر مجلس الوزراء الفرنسي (رغم تحفظات للرئيس أولاند)، لما سيقوم به من أدوار في إطار الدور الفرنسي في حلف الناتو وبناء عقيدة مذهبية إستراتيجية جديدة له، كذلك عن الدور الفرنسي في الحدث السوري وجلّ المسألة السورية والمسألة اللبنانية وهو الذي يتقن اللغة العربية مثل إتقانه للفظه اسمه، حيث خلفية باجولي برنارد واضحة لنا ومنذ سنوات خلت بدءً بعمّان عندما كان سفيراً وانتهاء بأفغانستان، وقبل ذلك في الجزائر وقبل الجزائر في العراق وقت الرئيس صدّام حسين.
المثير للانتباه, لدرجة تدفع المراقب والمتابع والباحث, في شؤون الناتو إلى الضحك بشكل هستيري, الذي يجعله يرتمي بالأربع وعلى ' قفاه', هو أنّ تعريف المخاطر التي تهدد الناتو, والمتمثلة في الإرهاب ألأممي, الدول المارقة, امتلاك أسلحة الدمار الشامل, هو تعريف يتساوق ويتماثل ويتوافق, مع تعريف مجلس الأمن القومي الأميركي, والإستراتيجية الأمنية البريطانية الجديدة, للمخاطر التي تهدد مشروع الهيمنة الأميركية والبريطانية.
وهذا يشي بوضوح, أنّ على حلف الناتو محاربة الإرهاب, وفقاً للمفهوم الأميركي – البريطاني, والذي يتطابق مع المفهوم الإسرائيلي, الذي يحصر الإرهاب في القوى العربية والإسلامية, المناوئة ' لإسرائيل', كذلك على الناتو محاربة الدول المارقة, وحسب المفهوم الأميركي الذي يحدد الدول المارقة: سوريا, إيران, كوريا الشمالية, فنزويلا, كوبا, السودان, وزمبابوي.
ومصطلح (مارق) يقصد به هو, كل من يرفض الهيمنة الأميركية أولاً والبريطانية ثانياً, كذلك على الناتو محاربة عمليات انتشار أسلحة الدمار الشامل, وفقاً للانتقائية الأميركية التي تستثني إسرائيل, ولا تنظر إلى الهند والباكستان, وفي نفس الوقت تستهدف إيران.
إن للعقيدة الأمنية الإستراتيجية الجديدة للناتو, وجه آخر خطير جداً غير وجه الإفراط العدواني, انّه وجه سيناريو التظليل المخابراتي, وتؤكد المعلومات والتقارير المخابراتية الدولية المحايدة والخاصة, أنّ ما هو أكثر خطورة في المفهوم الاستراتيجي الجديد للناتو, يتمثل في المعلومات الأستخباراتية الكاذبة, التي يتم اعدادها بواسطة أجهزة مخابرات بلدان الناتو, وخاصةً السي أي إيه, والمخابرات الفرنسية, والمخابرات الكندية, والمخابرات البريطانية, والتي تتعاون ضمن روابط الشراكات الحقيقية المخابراتية المفتوحة, مع شبكات المخابرات الإسرائيلية المختلفة – الموساد, وحدة أمان, الشين بيت, الخ – وهذا يشي بتأكيدات غير مسبوقة, أنّ سيناريو التضليل المخابراتي, الوجه الأخر القبيح للإستراتيجية الجديدة للناتو, سوف يشهد حدوث المزيد من حلقاته, والتضليل هذه المرة لن يبدأ فقط على البيت البيضاوي والبنتاغون, وإنما أيضاً على قيادة وكوادر حلف الناتو, مما يتيح ذلك للبنتاغون إرسال القوات الأميركية, وبصحبتها قوات حلف الناتو, وحتّى للفصل بين الأسرائليين والفلسطينيين, وهنا يتساءل المرء: هل يشهد الصراع العربي – الإسرائيلي, بجزئية المسار الفلسطيني – العبري, والمسار اللبناني – العبري, والمسار السوري – العبري, أدوار مخابراتية وعسكرية للناتو؟!.
الولايات المتحدة الأميركية, وتحت حملة عناوين وشعارات ذرائعية جديدة, تتساوق مع مصالحها التكتيكية والإستراتيجية, في ظل تداعيات أكثر من عقد مضى, وتحت تنميط مستحدث بضرورة تحريك عجلة تطوير حلف الناتو, باتجاه اعتماد عقيدة ومذهبية إستراتيجية مختلفة عن سابقتها, تسعى وبثبات إلى إحداث انقلابات لجهة العلاقات مع أوروبا, وخاصةً في الملف العسكري – الأمني, عبر إيجاد مفهوم استراتيجي, لا بل عقيدة إستراتيجية متطورة لحلف الناتو, كذراع عسكري – سياسي أممي لأعضائه, وخاصةً واشنطن لجهة الشرق الأوسط, وتحديداً الملف الإيراني والملف السوري, التدخل في مفاعيل الصراع العربي - الإسرائيلي, أو لجهة دول أوروبا الشرقية- سابقاً- والمعني المجال الحيوي الروسي, أم لجهة دول آسيا الوسطى وجنوب أفريقيا, بما فيه القرن الأفريقي, ولمحاصرة النفوذ الإيراني المتصاعد هناك.
فكل الأشرات السياسية التي ظهرت, في التصريحات الأخيرة الصادرة عن البنتاغون ووكالة المخابرات المركزية الأمريكية, تشي بوضوح لمساعي ورغبات أميركية جامحة, لجهة الدفع باتجاه استبدال المفهوم الاستراتيجي القديم لحلف الناتو, بمفهوم استراتيجي مستحدث يقوم ليس فقط على مفهوم الردع والهجوم, في حالة الاعتداء العسكري على أحد الدول الأعضاء, لا بل يتأسس على مفهوم الضربات الوقائية أو الأستباقية, وهذا يتساوق بانسجام مع الطموحات الأميركية المتقاطعة مع الصهيونية العالمية, إزاء مستقبل وضع حلف الناتو, ومستقبل دور قوّات الحلف في المسرح الأفغاني - الباكستاني تحديداً, ولجهة الشرق الأدنى, وأيّة مسارح ملتهبة أخرى, أو في طور الأعداد أميركيّاً – اسرائليّاً لالتهابها ليصار إلى التدخل أو التهديد به.
باختصار شديد, واشنطن تريد نسخة متطورة لحلف الناتو, نسخة القرن الحادي والعشرين , وخلفية الرؤية الأميركية هذه تتمثل, في أنّ دول حلف الناتو لم تتعرض لخطر الاعتداء على أراضيها وسيادتها, بواسطة دول عدوانية قائمة بحد ذاتها, وإنما هناك المخاطر النوعية الجديدة, والمهدّدات العابرة للحدود والقارات والقوميات, الناشئة بفعل وعمل الفاعلين غير الرسميين, والفاعلين من غير الدول على شاكلة: تنظيم القاعدة الإرهابي, وحتّى حركة حماس بعد ترويضها وأنسنتها سياسياً, حزب الله, حركة الجهاد الإسلامي, حركة المجاهدين الشباب وتموضع أدوارها أمريكياً في القرن الأفريقي ...الخ.
وهذه المخاطر- وفق الرؤية الأميركية-لا بدّ من مواجهتها, لوأدها في مراحل نموها الأولية, وعلى وجه الخصوص في داخل ما سمّي مؤخراً أميركياً, بالدول الفاشلة والمفككة, حيث اعتبرت واشنطن اليمن كذلك وتسعى جاهدة لجعل سورية كذلك – لكن دون جدوى بفعل صمود الجيش العربي السوري الأسطوري.
لذلك لا بدّ من إعادة تعريف مصطلح'اعتداء', واستبداله بمصطلح'خطر'أو'تهديد', وهذا يعني إذا ما قرّرت إحدى دول الحلف, القيام بردع المخاطر قبل استفحالها, فانّه يتوجب على الدول الأعضاء الأخرى, وعلى الفور القيام بممارسة الردع معها, كونه تهديد وخطر مشترك, سيقع على الجميع هذا ما تريده أميركا.
وبناءً على ما ذكر آنفاً, رؤية الولايات المتحدة الأميركية المزروعة, في 'مخيخ'مطبخ مجلس الأمن القومي الأميركي اسرائليّاً, وعبر ضغوط الأيباك ومراكز الدراسات الأخرى, لم يعد حلف الناتو حلف دفاعي بالمعنى الضيق لهذه الكلمة, بقدر ما هو حلف أمني – استراتيجي بقوّة انتشار, سريع بفعل التغيرات التي حدثت, في البيئة الأمنية المحلية والإقليمية والدولية, عبر فاعلين غير رسميين, وفاعلين من غير الدول, بل من تنظيمات معادية, حيث المخاطر والتهديدات التي قد تواجهها الدول الأعضاء بالحلف, تأتي من مكامن داخلية للدول الفاشلة والمفككة.
التنظيمات المعادية من غير الدول, وعلى مختلف مشاربها وتوجهاتها, تجد الحضن الدافئ والملاذ الآمن, في جغرافية الدول الفاشلة والمفككة, عندّها يبقى على الحلف- بنسخته المستحدثة بخبث-, التحرك للقضاء على هذه المخاطر والتهديدات, بعد إعادة تنميط خارطة الدول الفاشلة والمفككة وحسب ما تراه واشنطن.
انّه تطور استراتيجي في غاية الخطورة, وعلى المنظمات الإقليمية والدولية ذات العلاقة, مواجهة هذا السعي الأميركي – البريطاني – الإسرائيلي, عبر خلق رأي عام أممي ضاغط, 'للجم' هذا الجموح المجنون الذي قد يقود, إلى خراب العالم عبر حروب محلية وإقليمية ودولية.
حيث تلك التهديدات والمخاطر, الآتية من دول فاشلة ومفككة, هي أصلاً من صناعات مخابراتية أميركية – اسرائلية – بريطانية - فرنسية – كندية

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
14-04-2013 09:48 AM

مقال نبيه بحثي مميز, كل الشكر للاستاذ محمد احمد الروسان.

2) تعليق بواسطة :
14-04-2013 10:52 AM

كل التقدير للكاتب المحترم الاستاذ الروسان

ما يثير الاستغراب ويؤكد سياسة الانتشار السريع للناتو هو تواجد وحدات عسكريه أوروبيه وبالذات المانيه في تركيا ولا اعرف ما حاجة تركيا لتواجد هذه الاعداد اذا لم تكن سوريا هي الهدف القادم؟؟؟

3) تعليق بواسطة :
15-04-2013 02:17 AM

http://www.alrassedonline.com/2011/05/blog-post_5475.html

http://www.el-3amal.com/news/news.php?i=32538

http://www.alfajrpress.net/alfajr/print.php?id=59673
*- ابو الروسان كيفك ,, انا معك انك استخدمت 3 مقالات الك و اكثر في القص و اللصق من اجل ان تخرج بمقالة متماسكة الشكل ,, لكن المضمون يجب ان يكون متماهياً مع الحدث الحالي ,, القص و اللصق لفترة في بداية الربيع العربي و ما قبل الربيع العربي هو امر يبتعد عن الموضوعية و عن الواقع المعاش الحالي لان الواقع الحالي يحمل متغيرات عدة و كل يوم فيه متغير يختلف عن البارحة و اكيد عن المستقبل , انت اضطررت للقص و اللصق من 3 مقالات و ربما اكثر من اجل ان تخرج بحبكة تتناسب و ميولك السياسي المؤيد للاستبداد الشمولي البشاري و المعيب لثورات الربيع العربي , على كل مساءك سعيد انت و جميع القراء و لن اعلق على متن المقالة و يكفي القص و اللصق ليبعدني عن تفنيد مقالة مركبة !!
هذه الروابط فوق للثلاث مقالات للاستاذ محمد الروسان , و التي قام بالقص و اللصق منها .

4) تعليق بواسطة :
15-04-2013 11:34 AM

الى العدوان السكر وما العيب في ذلك؟ طبعا اوظف الهواء والحجر واوضف اسمك في خدمة الرؤية السياسية السائدة خاصة اذا كانت المنطلقات عروبية بامتياز والتفكير صح بالتجاه الصحيح - ولسنا جزء من لعبة الاخر ابو العدوان

5) تعليق بواسطة :
15-04-2013 11:36 AM

الى العدوان السكر : ايضا شيء جميل انك تتابع ما اخطه وما انشره فان دل هذا على شيء فانه يدل على رؤية اتجاه ما ينشر --- شكرا لكم الحمد لله

6) تعليق بواسطة :
15-04-2013 12:33 PM

الى حبيبي ابو السكر العدوان ثم انا مع النسق السياسي السوري والجغرافيا السورية والشعب السوري في جله -- وعنوان النسق بشار فلا انا منشغل في من يمثل النسق السياسي بقدر دفاعي عن هذا النسق السياسي وهذا لا يعني ان ليس له اخطاء قاتلة لا هو مغرق بها - لكن ولكن درء المفاسد اولة من جلب المنافع وجماعتك اكثر من يعرف ذلك؟

ايضا يا ابا العدوان : لا استطيع ان ادعم ثورة وان كان في جزء منها صح -- فكيف ادعم ثورة تدعمها واشنطن واوروبا والكيان الصهيوني؟ ويدعمها فكر وهابي عفن هو اخطر على سلامة العقيدة الأسلامية من الصهيونية العالمية ... وكيف ادعم ثورة لو اجرينا لها فحص دي ان ايه لوجدنا الأب متعدد ؟ دمت لنا يا ابا العدوان السكر محمد ودمنا لكم ودامت سورية للجميع باستثناء سفلة السفلة وانت خير من يعرفهم... وفعلا يا حبيبي يا ابا العدوان كما قال الحكيم ابن الحكيم لي في اطار سفلة العرب وعربانهم وعلى راسهم حمد نعجة وحمد موزة ... أنّ ----- تكون اكثر فصاحة عندما تتحدث عن الشرف - اسقط ذلك على الحمدين يا ابا العدوان يا حبيبي

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012