أضف إلى المفضلة
الجمعة , 17 أيار/مايو 2024
شريط الاخبار
بحث
الجمعة , 17 أيار/مايو 2024


الأزمة السياسية في العراق أزمة مركبة ومفعّله بفعل الحدث السوري

بقلم : المحامي محمد احمد الروسان
01-05-2013 10:04 AM

في ظني وتقديري أحسب، أنّ الأزمة السياسية العراقية الاحتجاجية الجارية الآن، والتي هي نتاج توترات سياسية عميقة، وبخلفيات اجتماعية، ديمغرافية، مركبة قديمة، على خطوط علاقات نوري المالكي- طارق الهاشمي، بدأت بعيد طلب السيد المالكي من البرلمان العراقي، رفع الحصانة عن السيد نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي، وعن السيد صالح المطلك نائب رئيس الوزراء العراقي، وعلى خلفية لائحة اتهام لعناصر حماية الهاشمي، بعد اعترافات لهم - مزعومة، بتنفيذ عمليات ارهابية في الداخل العراقي، بناء على تعليمات السيد الهاشمي، هي في جلّها أزمة سياسية مركبة، وذات ازدواجات سياسية متعددة، وهي بعناوين داخلية مستعصية، لجهة الداخل العراقي الهش، وعناوين وذيول وتداعيات خارجية، لجهة الأقليمي والدولي على حد سواء.
الأسئلة التي تطرح نفسها، كثيرة ومنها: لماذا تزامنت انطلاقاً، بفعالياتها ومفاعيلها، هذه الأزمة السياسية الآن وبعد دخول الحدث الاحتجاجي السوري عامه الثالث؟ ولماذا تزامنت أيضاً، مع المبادرات العراقية المعلنة وغير المعلنة، اتجاه الحدث السياسي السوري؟ ما هي تأثيرات وتداعيات هذه الأزمة، لجهة النتائج على جل المشهد العراقي المحتل، لجهة التوازنات السياسية العراقية، ما بعد اعادة الأنتشار العسكري الأمريكي في العراق المحتل والمنطقة؟ ما هي طبيعة ونوعية، دور الفاعل والعامل السوري وحدثه الاحتجاجي، في لعبة التوازنات السياسية العراقية الآن؟.
ما هي مصالح محور الرياض – الدوحة – تركيا ومن ورائهم وكالة المخابرات المركزية الأمريكية والمخابرات البريطانية والفرنسية وشبكات المخابرات الصهيونية في مجتمع المخابرات العبري، في تحريك حلفائه وقواه السياسية ضد دمشق وطهران وبغداد معاً، وخصوم ذات المحور في الداخل العراقي؟ هل يمكن اعتبار سعي حكومة المالكي لمبادرة، لحل أزمة الأحتجاجات السياسية السورية ودعمها للنسق السياسي السوري وعنوانه الرئيس العروبي بشّار الأسد، كمحفّز عراقي داخلي، قاد الى التوترات الأخيرة، خاصةً أنّ مبادرة الفعل العراقي، في الحدث السوري، لاقت معارضات رأسية وعرضية، من قبل خصوم دمشق من العراقيين المرتبطين، بالرياض والدوحة وتركيا وكل أعضاء الطرف الثالث في الحدث السوري من العاصمة الأمريكية واشنطن دي سي إلى لندن وبريطانيا وكندا وفرنسا ... الخ؟ هل القوى السياسية العراقية المرتبطة بالهاشمي وصالح المطلك، حثّت واشنطن من أجل، أن لا تعيد انتشار قواتها في العراق المحتل ( هناك قواعد أمريكية عسكرية ومحطات مخابرات أمريكية ما زالت موجودة في العراق وكذلك محطات للمخابرات البريطانية والفرنسية)، و\ أو سحب بعضها، حتّى تعمل على تأمين السنّة العراقيين، من مخاطر الشيعة العراقيين باتجاهاتهم المختلفة، وذلك على خلفيات ازدياد التوترات الواضحة، ومشاعر العداء المتبادل على الخطوط الأثنو- طائفية العرقية العراقية؟ هل حرّك الهاشمي والمطلك ومن خلفهما الاستخبارات السعودية والتركية والأمريكية، القوى السياسية التابعة لهما، لأثارة الخلافات العراقية – العراقية الداخلية، بعد اعطاء محافظة صلاح الدين، ومحافظة ديالا، صفة الأقليم السياسي المتمتع بنظام الحكم الذاتي منذ مده، حيث من شأن ذلك أن يتيح ويقود الى انشاء اقليمين سنيين، على غرار اقليم كردستان العراق المحتل؟ هل بسبب ارتباطات كل من الهاشمي والمطلك، بمحور الدوحة – الرياض – تركيا - واشنطن، وعلى خلفية ازدياد التوترات على خط علاقات الرياض – طهران؟!،
وهل اعتقاد السيد المالكي، بأنّ وجود محور الهاشمي – مطلك قبل إخراجه، في توليفة الحكم ما بعد الانسحاب الأمريكي المزعوم من العراق المحتل، من شأنه أن يعقّد عملية صنع القرار السياسي العراقي، هو اعتقاد سليم؟ هل الحكومة الأئتلافية العراقية الحاكمة الآن، والتي هي نتاج ضغوط أمريكية سابقة، ما زالت تصلح بقوّة لأدارة توازنات، المصالح الأقليمية والدولية العراقية، لجهة حسابات الأوضاع الشرق الأوسطية الساخنة والجارية الآن؟.
تتحدث المعلومات، وعلى أساس توجيهات و\ أو ايحاءات، علاقات وروابط محور الرياض – الدوحة – تركيا – واشنطن، مع الولايات المتحدة الأمريكية، هناك تعاون واضح بين محور الهاشمي – المطلك، مع القوى الكردستانية الحاكمة، في أربيل عاصمة اقليم كردستان العراق المحتل، كذلك بسبب روابط أربيل، مع العاصمة الأمريكية واشنطن دي سي، كل هذه الفسيفسائية السياسية، في الروابط والعلاقات، جعل جلّ القوى السياسية العراقية الأخرى، وخاصةً دولة القانون والأئتلاف الوطني العراقي، تعتبر ذلك سلّة مصادر التهديد المحتمل، لأستقرار العراق في مرحلة ' هندرة' الأنسحاب الأمريكي المزعوم من العراق المحتل.
وكما هو واضح للعامة قبل الخاصة، أنّ الأخوان المسلمون العراقيون، يدعمون الثورة السورية ضد نسقها السياسي، ويدعمون توجهات الولايات المتحدة الأمريكية ازاء ايران وسوريا، وتشير المعلومات، أنّ هناك قوى سياسية عراقية، تابعة للسيدين الهاشمي والمطلك، نسّقت وتنسق، مع محور واشنطن – الرياض – الدوحة – واشنطن، بالتفاهم مع تركيا، لأدخال الأسلحة والمسلحين وعبر الحدود، لأستهداف سوريا ونسقها السياسي، وبالتالي استقرارها والمنطقة ككل، لجعل مناطق الحدود السورية العراقية مشتعلة، مثلما جرى على طول المناطق المتاخمة، للحدود السورية – اللبنانية، وخاصةً في منطقة تلكلخ السورية، وكما يتم الآن اعداد الخطط الأمريكية السريّة، وبالتنسيق مع محور الرياض – الدوحة – تركيا - واشنطن، لإشعال مناطق الحدود الأردنية – السورية، لجهة الداخل الأردني ومآلات ذلك، ازاء توريط عمّان في ملف الحدث الأحتجاجي السياسي السوري، الداخلي الجاري الآن وبعمق، وما يثلج الصدور أنّ الدولة الأردنية بشعبها وبزعامة الملك، وبجيشها العروبي وأجهزتها الأستخبارية، وعلى رأسها جهاز المخابرات الوطني العروبي وحكومتها برئاسة رئيسها عبدا لله النسور الوطني والعروبي أيضا، يرفضون ويقاومون هذا الاتجاه، وقد شرحه الملك بزيارته الأخيرة لواشنطن لأصحاب القرار هناك .
ولا بدّ من التأشير، على مسألة أو مفهوم ' هندرة '، الأنسحاب الأمريكي من العراق المحتل، أو ' هندرة ' اعادة الأنتشار العسكري هناك، ان لجهة الداخل العراقي المحتل، وان لجهة المنطقة الشرق الأوسطية، ازاء تداعيات ونتاج هذه ' الهندرة '، حيث النفوذ الأمني – الأستخباري الأمريكي، والنفوذ الدبلوماسي، والأقتصادي الأمريكي، موجود على واقع ومستقبل السياسة العراقية، ويتم هذا الأوان الأمريكي الأحتلالي الجديد للعراق، على توظيفه وتوليفه لعمليات، جدولة أعمال السياسة الخارجية العراقية، لجهة كل دول الجوار العراقي المحتل، وخاصةً لجهة الحضور السوري – الأيراني القوي والفاعل، في مواجهة الحضور السعودي – القطري – الخليجي – المصري - والتركي أيضاً.
انّ لتداعيات ونتائج، المواجهات الحالية واللاحقة، بين الحضورين السابق ذكرهما، ازاء أنقره وعمّان والمنطقة، تواجهان كلا الدولتين الحليفتين تحديداً، اجراء ديناميات مراجعات، بالمعنى الرأسي والعرضي، لجهة اسلوب تعاملهما مع ما يجري، من صراع في سوريا وعلى سوريا، حيث في نتائجه سلبي على كلا العاصمتين، ولا ينحصر الأمر فقط، بمصالحهما في الساحة السورية، لا بل وفي الساحة العراقية، والساحة اللبنانية، والساحة الأيرانية، وفي كل منطقة الشرق الأوسط.
كون ما يجري الآن في الساحة العراقية، من أزمة سياسية خانقة ومتشعبة، لها تداعيات ونتائج، أبعد من الداخل العراقي المحتل، انّها مواجهة بين السيد المالكي ومن يقف ورائه ( سوريا + إيران + روسيا + الصين + حزب الله) من ناحية، وحلفاء المحور السعودي – القطري العراقي، وبعض حلفاء تركيا ومن ورائهم ( الرياض + الدوحة)، وهذا من شأنه نقل العدوى اللعينة، الى الساحتين الأردنية والتركية.
من جهة أخرى، تقول المعلومات، أنّ كتلة القائمة العراقية برئاسة اياد علاّوي، قد تتعرض لتفتت وانقسام، بحيث العناصر المرتبطة فيها بالأخوان المسلمين، سوف تجنح للتعاون مع قطر، في حين العناصر المرتبطة فيها بالجماعات السلفية الوهّابية، سوف تجنح للتعاون مع السعودية، أمّا العناصر المدنية – العلمانية، سوف تجنح للتعاون والتنسيق، مع محور واشنطن – باريس – لندن – تل أبيب.
إذا، التوترات السياسية العراقية الحالية والجارية، والتي وكما أسلفنا منذ بدء تحليلنا هذا، جاءت على أثر لائحة الأتهام للسيد الهاشمي وعناصر حمايته، وتزامنت على خلفيات ما يسمّى، بالخروج الأمريكي المزعوم، من العراق المحتل، وانّ هذه التوترات بمجملها، تشي بأمور ومسائل غاية في الخطورة، من سلاّت مخزونات العنف الطائفي الأثني الهيكلي، والكامنة ضمن سياقاته السياسية، والتي من شأنها أن تتيح وتقود، للولوج في أتونات من حرب أهلية، أو التقسيم، أو باتجاه الوحدة الوطنية العراقية، وبالتالي الأستقرار، وممكن أن تكون باتجاه المنزلة بين المنزلتين كما تقول المعتزلة.
وتقول المعلومات، أنّ المواجهة السياسية العراقية الحالية، هي نتاج لعبة توازنات عوامل القوّة، داخل اطار الدولة العراقية المؤسسي، لجل النظام السياسي العراقي ولمجمل العملية السياسية العراقية، فالسيد المالكي بجانب رئاسته للوزراء في بلاده تولى حقيبة الداخلية، وحقيبة الأمن الداخلي، وحقيبة الدفاع، وهذا منحه القدرة والصلاحيات الواسعة، لأعادة هيكلة المؤسسات العسكرية، والشرطية، والمخابراتية والأستخباراتية الخارجية، ووضع جلّ أنصاره فيها، مع توليهم الصفوف القيادية فيها.
وتضيف المعلومات، أنّ جهاز المخابرات العراقي، وقبل تولي السيد المالكي للسلطة، كان السنّة يسيطرون عليه، وبعض حلفائهم من الشيعة العلمانيين العروبيين، وبعد تولي السيد المالكي مسؤولياته، بموجب العملية السياسية العراقية وبعد الأنتخابات الأخيرة، عمل على انشاء جهاز مخابرات موازي للموجود أصلاً، وجعل جل التقارير المخابراتية المقيدة، والتي ترفع من جهاز المخابرات المستحدث، هي المعتمدة من قبل الحكومة العراقية، بحيث وضع على رأس هذا الجهاز، شخصية استخبارية وسياسية مواليه له، وهو اللواء شيروان الوائلي.
وكون المالكي يعتقد وحلفائه، أنّه معرّض للأستهداف الأقليمي الخارجي، وبواسطة دول مجلس التعاون الخليجي، وبعض حلفائهم العرب، وبصفتهم الأطراف الخارجية في الأطار الأقليمي، والأكثر اهتماماً بدعم ومساندة، صعود التيارات والقوى السياسية العراقية الحليفة لها، لمواجهة السيد المالكي وحلفائه ومن ورائهم، لذلك سعى المالكي وأعوانه، الى السيطرة على جهاز قوّات مكافحة الأرهاب، وعلى جهاز قوّات العمليات الخاصة الخارجية.
وتذهب المعلومات، أنّ السيد المالكي وحلفائه، يجنحون بقوّة، باتجاه تعزيز العراق بمكوناته السياسية المختلفة، مع المكونات الجيو – سياسية – التاريخية – البيئية، لجهة سوريا وايران ولبنان، وهذا قاد بوضوح الى اشعال مشاعر الغضب فالحسد فالحقد، في أوساط خصوم سوريا وايران الأقليميين والدوليين، لذلك فانّ استقرار العراق المحتل، ما بعد ما يسمّى بالخروج الأمريكي المزعوم، أو هندرة اعادة انتشاره، يعني حسم الخيار الجيو – سياسي المتعلق، بمنظومة التكتل الأقليمي السوري – العراقي – الأيراني – واللبناني.
وتضيف المعلومات، أنّ حالة الفشل غير واردة في الساحة العراقية، من زاوية المالكي وحلفائه، بسبب ضعف الحركات السنيّة المختلفة في العراق المحتل والمعارضة للسيد المالكي، وخاصةً بعد هندرة ما سميّ بالأنسحاب الأمريكي المزعوم، كذلك عدم قابلية الساحة العراقية، لمفاعيل وتفاعلات عدوى، احتجاجات ما يسمّى بالربيع العربي المهتوك عرضه، حيث تسعى الحركات الأسلامية السنيّة لأعتلائها، وركوب موجتها، بقيادة محور الرياض – الدوحة – تركيا، بإسناد دولي أممي، من محور واشنطن – باريس – لندن.

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
01-05-2013 11:00 AM

أرجو أن تسمح لي بالقول بأنّ تعليقي جاء سريعاً ومن قراءتي للعنوان فأرجو المذرة ولي عودة لاحقاً لمضمون المقال .
أمـّا التعليق السريع ( على قياس توربو ) فهو التالي
تقول في العنوان أخي العزيز ما يلي :-

(( الأزمة السياسية في العراق أزمة مركبة ومفعّله بفعل الحدث السوري )) .

ولكنني أود التذكير بأن الوضع في العراق مأزووم ومتأزم منذ الإطاحة بالرئيس السابق صدام حيث تم وعن عمد وقصد وسبق إصرار على تفكيك مفاصل الدولة العراقية بما فيها الجيش وعليه فلا أوافقك ,, لا بل لا أوافق العنوان الذي أخترته فالوضع العراقي مهتريء ومكشوف ومعبوث به وملعوب به وملغوم منذ ما قبل عام 2003 ,,, ولأكون أكثر دقة سأُعبر عن رأيي بالنسبة للعراق بقولي بأنّ الوضع في العراق مهتريء وتقاذفته الأهواء والأنواء منذ مقتل العائلة المالكة في انقلاب تموز عام 1958 وحتى السّاعة ,
شكراً لك أخي الكريم

2) تعليق بواسطة :
01-05-2013 12:05 PM

اقرا اولا المقال اخي بعمق ودقق بكل كلمة وعبارة وجملة وروابطها قد يكون لك راي اعمق وانا على يقين انه كذلك

3) تعليق بواسطة :
01-05-2013 09:06 PM

شكرا اخي الكاتب على هذا التحليل القيم والمنطقي

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012