أضف إلى المفضلة
السبت , 27 نيسان/أبريل 2024
شريط الاخبار
بحث
السبت , 27 نيسان/أبريل 2024


الدولة العميقة

بقلم : د محمد الخطاطبة
20-07-2013 10:21 AM

تعتبرالدول في منطقتنا دول شمولية دكتاتورية قائمة على حكم شخص أو حزب أو مجموعة, ولاؤها لشخص له صلاحيات مطلقة, مستمدة من أجهزة متعددة تشكل النظام السلطوي, لها صلاحيات واسعة هدفها فرض الهيمنة وتنفيذ السياسات التي يرتئيها رأس النظام وتتراوح نسبة المشاركة من البطانة في القرار السلطوي مع الشخص ( الرئيس أو الملك) من دولة إلى أخرى, وبالمجمل تكون القرارات لخدمة هذا النظام وتثبيته قبل أن تكون لمصلحة الشعب والطبقات الكادحة.
يرتكز هذا النظام على عدة أجهزة متناغمة في عملها مع انه قد يحدث تضارب في تنفيذ سياساتها على ارض الواقع وتكون الهيمنة فيها للجهاز الأقوى , واهم هذه الأجهزة هي:
1.الأجهزة الأمنية وهي مجموع الأجهزة التي تفرض النظام والسلطة المطلقة على الأرض وهي مرتبطة مباشرة برأس النظام وتأخذ أوامرها منه, على الرغم من أنها حسب الدستور المزعوم ترتبط بالجهاز السياسي . وتختلف هذه الأجهزة من دولة لأخرى, لكنها بشكل عام تتكون من المؤسسات التالية :
المخابرات وهي أهم مؤسسة على الإطلاق وتشكل العمود الفقري للنظام الديكتاتوري وهي على أهميتها في الدول الديمقراطية إلا أنها تتبع للنظام السياسي ولا تعلوا عليه. وتعمل على تنفيذ سياساته. بينما في الدول الشمولية هي كل شيء, وهي التي تختار جميع رؤساء وموظفي الدولة من الوزير حتى الغفير. وتضمن ولاؤهم للنظام وتفرض ارتباطهم بها وترسخ لديهم مفهوم الهيمنة على كل شيء وان مستقبلهم الوظيفي مرتبط بمدى رضى هذا الجهاز عنهم. ومن هنا يبدأ الفساد في أجهزة الدولة. فكبار الموظفين يعملون ما يحلوا لهم مادام أداؤهم مقياسه رضى هذا الجهاز عنهم, وتتشكل طبقة حاكمة من كل أجهزة الدولة تكون مرتبطة ومتناغمة مع ما يريده النظام تصبح فيها مصالحم وامتيازاتهم متماهية مع النظام بل هي جزء منه.
الأمن المدني ويتشكل من الأمن العام والمؤسسات المرتبطة به, والتي تكفل تنفيذ الأوامر مثل امن الدولة والدرك والتي تفوق أعدادها في بعض الدول حجم الجيش, وهي التي تفرض النظام ولديها أقسام للتحقيق والتعذيب وتشرف على إدارة السجون والمعتقلات.
الجيش وهو المسؤول عن الدفاع عن البلاد ويرتبط برأس النظام, ويختلف ولاؤه من دولة لأخرى وفي الغالب لا يسيس, ورغم خضوعه لهيمنة المخابرات فقد ثبت انحيازه للشعب في الربيع العربي ولم يكن دمويا في غالبية الدول كما حدث مصر وتونس على الرغم من بقاء ولائه للنظام الذي أنشأه, وهذا يفسر صعوبة اجتثاث الدولة العميقة.
2. الجهاز السياسي وهي مكونة من كبار رجالات النظام وهم رؤساء الوزارات والوزراء وكبار المتقاعدين من الأجهزة الأمنية المختلفة وكبار موظفي الدولة الذين شكلوا ثرواتهم وامتيازاتهم من خلال وظائفهم بطرق مشروعة وغير مشروعة وأصبحوا جزءا من هذا النظام. ويشكل مجلس الوزراء الواجهة السياسية لهذا النظام على الرغم من تراوح صلاحياته فهو أولا وأخيرا مقيد بأوامر رأس النظام وجهازه الأمني.
3. الجهاز القضائي وتتراوح استقلالية هذا الجهاز من دولة إلى أخرى , ويبقى استقلاله نسبيا وصلاحية القضاء يؤدي إلى إصلاح الدولة.
4 الجهاز الاقتصادي ويتكون من أصحاب رؤوس الأموال ( الحيتان) وغالبيهم من الذين كونوا أموالهم عبر الفساد سواء بسرقتها مباشرة من موازنة الدولة أو عبر منحهم امتيازات غير قانونية واحتكار بعض البضائع وعبر أساليب كثيرة لا يتسع المجال لذكرها. وهذه الطبقة جزء مهم من الدولة العميقة . وقد رأينا كيف ساهموا في الأزمة الاقتصادية في مصر بجميع جوانبها بالتعاون مع جهات خارجية.
5. الجهاز الإعلامي وهو مكون من طبقة الإعلاميين الموظفين وأصحاب الصحف ومحطات القنوات التلفزيونية الموالية للنظام والممولين منه, وهم من أهم أجهزة النظام وذراعه التي تشكل ماكينة دعائية لقلب الحقائق وتسويق إجراءات النظام الظالمة, وهو اخطر جهاز على الإطلاق في الدولة العميقة.
هذه أهم أجهزة الدولة العميقة في النظام الديكتاتوري العربي, وهناك أجهزة أخرى تختلف من دولة لأخرى,
وهذه الأجهزة تستمر في العمل حتى وان تغير رأس النظام فيها. ومن الصعب تغييرها في فترة قصيرة ويمكن للغالبية الساحقة من الشعب أن تقلل من تأثيرها إذا استمرت في ثورتها وبقظتها, وطهرت الأجهزة من أهم القائمين عليها. والوصول إلى أبنائها المخلصين, لأن الخطر من اؤلئك المرتبطين بالغرب وإسرائيل والذين يشكلون الطبقة الخطيرة التي ستبقي معظم هذه الدول فاقدة لقرارها المستقل لخدمة شعوبها وراهنة إرادتها للأجنبي.

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
20-07-2013 11:46 AM

مقال جميل جدااا شكرا لك ايها الكاتب

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012