أضف إلى المفضلة
السبت , 04 أيار/مايو 2024
السبت , 04 أيار/مايو 2024


الاخوان بين الحظر والحل والانشقاق

بقلم : عبد الحليم المجالي
13-10-2013 10:06 AM
ماتمر به جماعة 'الاخوان المسلمون' واذرعها السياسية الممثلة بالاحزاب اليوم من احداث تستدعي من الجميع الاخوان اولا واصدقائهم ومسانديهم ومن يقف على الجانب الاخر مخالفا لفكرهم وسلوكهم وقفة تأمل واستخلاص الدروس والعبر لا ستقبال مرحلة جديدة في حقبة تاريخية جديدة بديلا عن الحقبة التاريخية الحالية الفاشلة بكل المقاييس والتي شكل الاخوان ومعارضيهم ابرز اللاعبين والمؤثريين فيها كتيارات واضحة المعالم تؤثر افعالهم وردود الفعل عليها من قبل الآخرين على مجمل الاحداث وتداعياتها على الساحة العربية والاسلامية .الاخوان اليوم يتعرضون الى هجمة من اكثر من جهة من التيارات السياسية المنافسه ومن الجهات الرسمية الامنية والعسكرية وهذا هو الاخطر ففي مصر لاقت حركة تمرد المناوئة للاخوان وحكمهم الدعم التام من الاجهزة الامنية الرسمية من شرطة ومخابرات وامن عام نتيجة نهج الاخوان في المس بهيبتهم التي تشكل المنطلق في فرض سيطرتهم على امن اي بلد مهما كان توجهه السياسي . بدأ مسلسل افقاد الامن هيبته بفتح السجون عنوة وخروج المحكومين بجنايات او جنح مخلة بالامن والنظام وكذلك الهجوم على مراكز امنية من المفروض ان يهابها الجميع , كل ذلك كان من دواعي قلق رجال الامن على ارواحهم وخوفهم من فقدان القدرة على القيام بواجباتهم الامنية وبالتالي فقدان مصدر رزقهم ووجودهم , الامن المصري اذن في مواجهة الاخوان وهذه خساره كبيرة لهم واخلال في موازين القوى ضدهم.

حظر الجماعة والاحزاب المتفرعة عنها له سند قانوني ودستوري في اكثر من قطر عربي واسلامي يستند الى منع اي تحزب على اساس ديني . ولكن كيف تحزب الاخوان وفرضوا احزابهم على الخريطة الحزبية في الوطن العربي فمرد ذلك في اغلبه الى استغلال الاسلام دين الاغلبية والانشطة المرتبطة به من اعمال خيرية اجتماعية والاهم من ذلك الايمان من قبل الاغلبية المسلمة بضرورة قيام حكم اسلامي وتطبيق الشريعة دون ادنى تفكير بكيفية الوصول الى هذا الهدف وما يتطلبه من مخاطر وتضحيات تضمن نجاحه في ظل وجود معوقات حقيقية امام ذلك واصرار الاحزاب الدينية على المناداة بذلك كاساس لقيامها . لم تجر في الوطن العربية اي عملية احصائية دقيقة لمعرفة من يؤيد او يعارض فكرة الحظر على التحزب على اساس ديني ومعرفة نسبة هذا الطرف الى الآخر ولكن الملاحظ هذه الايام ظهور عبارة ' المحظور ' بعد ذكر حزب العدالة والحرية المصري في وسائل الاعلام وفي مداخلات وكتابات المهتمين بالعمل الحزبي الاسلامي كدليل على تزايد نسبة المعارضين لقيام الاحزاب على اساس ديني . المتعصبون للدين الاسلامي والمنادون بتطبيق الشريعة بدأوا بالقلق على الاسلام بعد ان تاكد لهم فشل تجارب اسلامية هنا وهناك في تطبيق الفكرة بعد وصول الاسلامويون الى الحكم في السودان وافغانستان نتيجة اخطاء بشرية لا علاقة لجوهر الدين الاسلامي بها . الحيرة والتردد من صفات المسلمين الذين يرغبون في تكوين رأي حول الاحزاب الاسلامية وهذا من عوامل فقدان تلك الاحزاب الكثير من التأيد المطلق لها .

حل الجماعة وصل بعد مشوار طويل من طرح الموضوع بخجل وتردد وخوف الى القرار بحلها في مصر مؤخرا حيث تهاوت حواجز القدسية والخوف امام هذا القرار . اقترن بهذا القرار اعتقال رموز الاخوان بما فيهم المرشد العام ورئيس الدولة الاخواني وتقديمهم للمحاكمة وتعين موعدا لمحاكمة الرئيس مرسي يعطي ذلك دليل على الخطورة والجدية في محاربة الجماعة وميلان موازيين القوى لصالح خصومهم وشركائهم في وطنهم .

الانشقاق على الجماعة قصة قديمة جديدة ومن فصول هذة القصة قديما انشقاق رموز مهمة من الاخوان وتاسيس احزاب الوسط الاسلامي في معظمها واما آخر هذه الفصول في الاردن انشقاق مجموعة من الاخوان وتاسيس ما اطلقوا علية مبادرة زمزم , لم يعلنوا انشقاقهم صراحة ولكن التفسير المنطقي لقيام مجموعة من حزب معتبر والبحث عن اشكال جديدة للتجمع تحت اي مسمى هو انشقاق ورفض لمثل هذا الحزب وان هناك امكانية ايجاد تجمعات افضل من الجماعة المنتمين اليها اصلا ,اليوم في مصرايضا بوادر انشقاقات لم تتبلور بعد . خطورة الانشقاقات تكمن في فقدان راس المال بتآكله وفقدان الامل بانضمام اعداد جديدة تعوض عن المنشقين ولا اظن ذلك يحسب لصالح الاخوان بل هو دليل قاطع آخر على ميلان موازين القوى لصالح خصومهم .

الاخوان في ازمة , وازمة حادة تهدد وجودهم , وتهدد مشروع الاسلام السياسي بقرب نهايته . المخارج من هذه الازمة وكما ذكرت بالحظر او الحل او الانشقاق لا تليق بالجماعة الاسلامية وتاريخها الحافل بالايجابيات ولا ينفع معهم فرض مثل تلك المخارج من غيرهم . الازمة مردها الى غلبة السلبيات على تلك الايجابيات مؤخرا وعلى رأسها القبول بحكم مصر في ظروف غير مواتية لنجاحهم مما حدا بالاخرين بوصف ذلك بالانتحار السياسي. المخرج الوحيد من هذه الازمة لابد وان يبنى على دراسة المسيرة كاملة من البداية ومعرفة اين اخطأ الاخوان واين اصابوا ودراسة طبيعة المجتمعات العربية والاعتراف بالاخر من قوميين وقبائل وكل الاطياف المؤثرة والتوافق معها على شكل وجوهر هذا المخرج . من سلبيات الاخوان تجاهلهم للحس القومي العربي وتياره واستغلال احداث تاريخية مع عبدالناصر لافتعال الاختلافات معهم وتطويرها الى خلاف ثم الى صراع سرمدي . الاخوان اخطأوا في تفسيرهم للمواطنة بجعلهم الاساس فيها العقيدة وليس الجغرافيا كما هو متداول عالميا وتمليه ظروف العيش المشترك لجماعات جمعها القدر على رقعة جغرافية مميزة باللغة والتاريخ والمصير المشترك . لا يتحمل الاخوان وحدهم اسباب الفشل للامة العربية بل يشاركهم بذلك باقي التيارات القومية واليسارية والاغلبية الصامتة التي حيدت الكثير من الجهود في الاصلاح والتغيير وهذا يجعل مسؤولية المراجعة مشتركة على الجميع .

لا ازعم اني اطرح فكرا جديدا في المراجعة بين التيارات فقد تنبه المؤتمر القومي العربي المنعقد في القاهرة عام 1989الى عمق الخلافات بين التيارين القومي والاسلامي وتاثير ذلك على قوى النهضة العربية بشكل عام فشكل لجنة للتحضير الى مؤتمر للحوار مع الاسلاميين تكلل ذلك بالنجاح وعقد المؤتمر عام 1994 . نتج عن ذلك الحوار ولادة المؤتمر القومي -الاسلامي بقيادة ونظام واعضاء وعلى شكل هيئة اعتبارية جديدة لها فكرها ورموزها .الوقت الطويل من بروز الفكرة بالحوار الى عقد مؤتمر الحوار ومرور الوقت الطويل على بروز المؤتمر القومي الاسلامي وعدم ظهور نتائج ملموسة تصب في التوافق والتقارب بين طرفي الحوار تدل على عقم الطريقة التي تم فيها الحوار والفشل في وضع المهمة الصائبة لمثل هكذا حوار . جاء الوليد مسخا وزادت القيادات قيادة من قيادتين الى ثلاثة وبدا وكان كل ما بذل من جهد ما هو الا من قبيل رفع العتب وبقي التخندق والتعصب سيد الموقف وبقي الاختلاف على حاله عائقا امام كل محاولة للنهوض والاصلاح . بعد بروز التيار القومي – الاسلامي صرنا نطالع بيانات مشتركة من ائتلاف المؤتمرين القومي العربي والقومي- الاسلامي مع احزاب المعارضة العربية لم تغير تلك البيانات من الواقع العربي المتردي شيئا , حتى انها لم تجد آذانا صاغية لها وبقيت تلك البيانات صرخات في واد سحيق من اودية عدة تفرقت فيها الامة . من وجهة نظري المتواضعة ارى ان كل مراجعة او حوار بين الاطراف المختلفة والمتنازعة لابد وان يسبقه اعلان مباديء يجسد كل ما هو مطلوب من مرجعيات وافكار تجمع ولا تفرق تحقق طموحات المواطن العربي في عصره الحاضر وتضع الاجابات الشافية لكل التساؤلات حول المواطنة والعروبة والاسلام واسباب الاختلاف بينها مع انه من وجهة نظر الكثيرين لا تناقض بينها اذا ما نظرنا اليها بفكر منفتح على الاخر والاعتراف به وحكمنا ماهو متداول في هذا المجال عالميا بيننا . الدمج بين التيارات وصهرها في تيار واحد شامل يحقق مبدأ وحدة القيادة والفكر اجدى نفعا من ائتلافات تبقي على تعدد القيادات والفكر وبالتالي الى تعدد الحلول واختلافها لنبقى في دوامة الاختلاف ثم الخلاف ثم الصراع وهنا الفشل وخيبة الامل في كل مشروع نهضوي وحدوي .

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
14-10-2013 11:45 AM

الفكر ان لم يك رافعه لتحقيق الاهداف الواقعية والعملية من اليومي الى الاستراتيجي فلا لزوم له ولا ضرورة ,الاسلاميين مع استثناءات فردية لا يتقبلون الاخر ونقطه على السطر .الفكر الاسلامي يحتاج الى تجديد اما انه يبقى تحت الارض وفوق السماء فهذا يخالف الدين الاسلامي نفسه ,الاسلام دين علم اي (دين علماني) الاف الكتب التي تشرح الاعجاز العلمي في القرآن الكريم بينما يختتمها الشيخ الشارح بشتم العلمانية ؟؟ اي جهل هذا !اقرأ تتحول الى اذبح ؟ تفجير الشوارع والمؤسسات وذبح الناس "جهاد " الم ينتشر الاسلام في اكثر الاماكن بالحسنى ؟ فهل سيعود بالسكاكين والمتفجرات ..دين السماحة والخلق ,استفتوا قلوبكم قبل ان تستفتوا شيوخكم !!

2) تعليق بواسطة :
16-10-2013 09:45 AM

يا كركي :العلمانية SECULArISM وترجمتها الصحيحة: اللادينية أو الدنيوية، وهي دعوة إلى إقامة الحياة على العلم الوضعي والعقل ومراعاة المصلحة بعيداً عن الدين. وتعني في جانبها السياسي بالذات اللادينية في الحكم، وهي اصطلاح لا صلة له بكلمة العلم SCIENCE وقد ظهرت في أوروبا منذ القرن السابع عشر وانتقلت إلى الشرق في بداية القرن التاسع عشر وانتقلت بشكل أساسي إلى مصر وتركيا وإيران ولبنان وسوريا ثم تونس ولحقتها العراق في نهاية القرن التاسع عشر. أما بقية الدول العربية فقد انتقلت إليها في القرن العشرين، وقد اختيرت كلمة علمانية لأنها أقل إثارة من كلمة لا دينية.لاعلاقة للعلمانية بالعلم science ,ولذلك فالاسلام مناقض تماما للعلمانية لانه منهج حياة في شتى المجالات بما فيها العلم,اذن شتم الشيخ للعلمانية في محله وليس جهلا.تفجير الشوارع والمؤسسات وذبح الناس ليس من الاسلام بل هو منهج بعض الجماعات التكفيرية نتيجة لفهمها المغلوط للاسلام,اؤيد دعوة الكاتب بان يسبق اي حوار اتفاق على المباديء والاسس للوصول الى حل توافقي غير انه مع الاسف ومع كثرة المؤتمرات لاحظنا فشل الخطاب الديني والخطاب القومي في تحقيق نتائج ملموسة بل توسع الشرخ واصبحنا في حالة مزرية,نسال الله حسن الختام

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012