أضف إلى المفضلة
السبت , 04 أيار/مايو 2024
السبت , 04 أيار/مايو 2024


علاء الفزاع يكتب : الوطنية الأردنية المساء فهمها عربيا

بقلم : علاء الفزاع
05-03-2014 01:15 PM
الكثيرون لا يعرفون تفاصيل الأردن، ولا حتى عناوينه العريضة. طالما قيل انه على وشك الانهيار. ولكن الدولة الوحيدة في الهلال الخصيب التي نجت من ويلات التشظي هي الأردن، رغم جدل الهوية الذي يرافقها منذ عقود، وهو ذات الجدل الذي طالما استخدم خارجياً ضد الأردن وضد الحركة الوطنية الأردنية، وساهم في تشويه صورتها لسنوات طويلة.
المشكلة هنا أن كثيرين يتبنون رواية مفادها أن الأردن يتآمر على الفلسطينيين ويعاديهم ويضطــــهدهم ويميز ضدهم. والمشكلة المرافقة لها هي أن قلة من المراقبين تفـــــرّق بين الشعب والنظام في الأردن. الحركة الوطنية الاردنية المعارضة تختلف مع النظام وتلتقي معه، وطالما دخلت في صراعات حادة معـــه، وقضى أفرادها في السجون أعواماً وأعواماً، ولجأ كثير منهــــم إلى عواصم الأرض هرباً من الاضطهاد، ثمناً لمواقف معارضة لتصرفات الحكم.
يقولون ان الأردن يسيء معاملة الفلسطينيين. تشير الأرقام الرسمية لوكالة الغوث الدولية إلى أن حوالي 40′ من اللاجئين الفلسطينيين في العالم كله موجودون في الأردن، معظمهم يحمل الجنسية الأردنية، وهو ما يسهل معيشتهم وعملهم في الأردن وفي دول الخليج وغيرها. يحظى المواطنون الأردنيون من أصل فلسطيني بكل الحقوق التي يتمتع بها الأردني الأصل (أو شرق الأردني كما يتعارف عليه صحافياً)، مع استثناءات في أجهزة الأمن الحساسة، وهي استثناءات ناتجة عن تجربة الصدام المسلح في عام 1970.
في الأردن تولى رئاسة الحكومة عدة رؤساء من أصل فلسطيني، حتى بعد أن تم إنهاء الوحدة مع الضفة الغربية. وتولى رئاسة المخابرات العامة ذات مرة ضابط فلسطيني الأصل، وتولى ذوو أصول فلسطينية عبر السنوات مناصب عليا في إدارة القصر الملكي، ومجلس الأعيان، وفي السلطة القضائية، وفي كل فروع أجهزة الدولة تقريباً.
لم يحصل هذا في أي بلد عربي آخر. يقولون ان هذا نتيجة الوحدة بين الأردن والضفة، ولكن المفارقة أن أية دولة عربية لم تعترف بتلك الوحدة، في الوقت الذي تطالب فيه الأردن بتحمل تبعاتها! بالتأكيد هناك ملاحظات جادة على تعامل الدولة مع مواطنيها، سواء كانوا أردنيي الأصل أم من أصل فلسطيني، ويعود ذلك بشكل أساسي إلى عدم سيادة دولة القانون والمؤسسية، إضافة إلى الحساسيات الطبيعية التي تأتي من وجود أعداد كبيرة من أبناء شعب عربي على أرض شعب آخر، وتداخل الجنسيات، والخوف الطبيعي والمبرر للأردنيين على هوية دولتهم. هي مشكلة تاريخية لا يمكن حلها اليوم، وترتبط بشكل واضح بالزمن، وبحل مسألة اللجوء والعودة، وحسم خيار من سيبقى في الأردن ومن سيعود.
يقولون ان الجيش الأردني ارتكب مذابح عام 1970 ضد الفلسطينيين. وهذا هو السبب في التشويه الكبير في صورة الزعيم الأردني الاستثنائي وصفي التل، الذي يراه الأردنيون العاديون رمزاً وأيقونة، ليس تحديداً لدوره في الوقوف في وجه المنظمات الفلسطينية، ولكن أساساً لجهده في بناء القطاع العام الأردني. الحقيقة أن ما جرى في عام 1970 كان صراعاً بين الدولة الأردنية وجيشها من ناحية، وفصائل فلسطينية مسلحة كانت تسيطر على أجزاء كبيرة من العاصمة الأردنية عمان من ناحية أخرى، عدا عن وجودها في عدة مناطق أردنية. المفارقة أن الدول التي انتقدت الأردن على ذلك كانت هي نفسها لا تسمح للفصائل الفلسطينية بالعمل على أراضيها. نعم، كان الأردن هو الدولة الوحيدة التي احتضنت المقاومة الفلسطينية وشرعنت الكفاح المسلح ضد الاحتلال الصهيوني، وانخرط في ذلك الكفاح فلسطينيون وأردنيون وسوريون ولبنانيون، جاؤوا جميعاً إلى الجبهة الوحيدة التي سمحت للمقاومة الفلسطينية بالعمل على الأرض. قريتي في الأغوار كانت قاعدة للفدائيين كما كان اسمهم وقتها. ولكن عندما انتقلت المنظمات الفلسطينية من المناطق الحدودية واستقرت شيئاً فشيئاً في المدن، وبدأت بتحدي سلطة الدولة، لم يكن من الممكن ترك ذلك يستمر.
اليوم تركز الحركة الوطنية الأردنية، في وصف فضفاض يشمل معظم تياراتها، على التأكيد على حق العودة للاجئين في الأردن، وعلى رفض خطة كيري، وعلى رفض التهجير الناعم أو الواسع للفلسطينيين إلى الأردن، وعلى حق الفلسطينيين في دولة حقيقية وفي ممارسة حق العودة. ولهذا تطالب تيارات وطنية أساسية بمطلب يتعارف عليه باسم ‘قوننة ودسترة فك الارتباط’، أي وضع تشريع مناسب للتعامل مع تبعات انفصال الضفة الغربية عن الأردن في عام 1988، وهي تبعات ما تزال معلقة حتى اليوم، ويمكن أن يتم استغلالها في منح الجنسية الأردنية لعدد كبير من فلسطينيي الضفة الغربية.
هناك كذبة كبيرة سوقها تيار معاد للوطنية الأردنية مفادها أنها تطالب بسحب الجنسية من ذوي الأصول الفلسطينية، فيما المطلب هو عدم منح الجنسية الأردنية للمزيد من الفلسطينيين، لأنه وببساطة لا يوجد بلد في العالم يقبل أن يكون ما يقرب من نصفه (43′ من المواطنين) من أصول من كيان سياسي مجاور، عدا عن أن ذلك سيكون هدية كبرى للمشروع الصهيوني الذي يسعى إلى طرد ما يمكن طرده من الفلسطينيين خارج التراب الفلسطيني، تحت أية ذريعة. هذا الشهر بالذات صوت السويسريون على حزمة تشريعات تحد بشكل كبير جداً من الهجرة إليها، حتى من الدول الأوروبية المجاورة كفرنسا وألمانيا، حيث استشعر السويسريون الخطر لأن نسبة المهاجرين المقيمين (وليس حاملي الجنسية السويسرية) وصلت إلى 23′.
التيارات الأساسية في الوطنية الأردنية تريد وطناً أردنياً متسامحاً يضم الأردنيين من أصل فلسطيني كما ضم من قبلهم ذوي الأصول الشيشانية والشركسية والمصرية والسورية واللبنانية والأرمنية والتركية والشنقيطية، وغيرها، في سياق عربي طبيعي غير مفتعل، مثل كل الشعوب العربية التي تمتلك شخصيتها. هي تريد وطناً ذا هوية أردنية نضالية معادية للمشروع الصهيوني، وطناً يأتي ذات يوم ‘جمال حمدان’ أردني فيقرأ هويته الواضحة، ويصوغ منها ‘شخصية الأردن’ المميزة.

‘ كاتب أردني مقيم في السويد

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
05-03-2014 01:49 PM

انت ذكرتك مكونات الشعب الاردني ومنها الأصول المصرية..ولكن سؤالي للكاتب ..هل عندك شك بولاء وانتماء مصاروة سحاب

2) تعليق بواسطة :
05-03-2014 01:55 PM

هذه لغة مختلفة كليا ،هادئة غير متشنجة، معتدلة، لائقة ووطنية ،بعيدة عن الفتنة فلتكن هكذا المقالات واما فلا ، لا نريد الكتابات والمقالات النابعة من الاحقاد كما يفعل البعض هنا ولسان حال بعض الكتاب يقولون "أنا ومن بعدي الطوفان"

3) تعليق بواسطة :
05-03-2014 02:26 PM

الى اخي الطير المهاجر النقي علاء الفزاع تلميذ الشهيد وصفي التل تمنياتي لك ان تعود منتصرا الى ارض الوطن

4) تعليق بواسطة :
05-03-2014 03:30 PM

عدد الفلسطينيين المقيمين بالاردن و الذين يحملون الجنسية الاردنية ثلاثة ملايين و نصف // عدد الفلسطينيين المقيمين بالاردن و يحملوا جواز اردني مؤقت نصف مليون ,

عدد المصريين و السوريين و العراقيين يناهز 2 مليون

عدد ابناء الاقليات مليون واحد

شتى الاصول و المنابت نصف مليون

عدد الرعيان و الحراثين لا يصل الى 2مليون وهم في ذيل القائمة الديمغرافية يعانون الجوع و التهميش و البطاله و التقاعد ( طبعا بستاهلوا لانهم يجيدون النفاق و التسحيج و العنطزه ) صار يشعر هؤلاء بأنهم في طريقهم الى الاندثار مثل الهنود الحمر فصاروا يعملوا مشاكل و عنف مجتمعي وجامعي وطبعا من السهل استرضاؤهم والضحك على ذقونهم سواء بمنسف او مغلف او وظيفه هامله

وسلامتك وتعيش

5) تعليق بواسطة :
05-03-2014 04:09 PM

جوزيف غوبلز وزير الدعاية السياسية في عهد أدولف هتلر وألمانيا النازيةصاحب مقولة:

"كلما سمعت كلمة مثقف تحسست مسدسي"

يقول الأديب السعودي العسكري المتقاعدعمرو العامري :

علينا التخلي عن وَهْم الخصوصية فمجتمعنا يعاني فقر الوفاء

المثقف دائماً محل شك وينظر إليه كمفسد ومخلخل للنسق والسلام الاجتماعي وكلما كان المثقف طليعياً توسعت نظرة الشك إليه؛ لأننا – كما يؤكد - نحيا في مجتمع سكوني، يفضل الإبقاء على الأشياء كما هي.

المثقفون والمبدعون إما مفلسون أو مأزومون أو روَّاد للعيادات النفسية.. ويحيون وحشة الاغتراب.

- جُلّ مبدعينا موظفون حكوميون في قطاعات مختلفة.. والمبدع هو من يصنع ذاته

المؤسسة العسكرية عزلت العسكريين عن المجتمع، وأقامت مدناً وقواعد عسكرية محاطة بأسوار وأسرار، وأوامر صارمة.

بهذا يا ساده المجتمع دائما سكوني لا يحب التغيير والانظمه تتخوف من التغيير وهذا يسمح لها بممارسة اقصى انواع الدكتاتوريه بحجة ان التغيير رح يكون فيه مفاسد فالدكتتاتوريه مجربه وفعاله لكن الوسطيه والاسلام والديمقراطيه تودي الى تحليق العقول بالتالي للابداع الذي رح يوثر على الكراسي التي امتهنت التخييل وهذا يجب ان ينعت بالارهاب.
لذلك يا حبايب عندما تصر على هويتك الشرق اردنيه تتهم بالعنصريه بينما البعض يطالبك على ابراز هويته بحجة القضيه والمظلوميه وكاننا شعب شرق اردني بلا قضيه فلا شي يحكمنا من اصول شرق اردنيه فلطالما كنا نقدم الضيف على المعزب ولطالما جرنا المظلومين واوينا النازحين ودائما ماكولون مذمومون وكان الطيبه لدى الاخرين تعني الضعف واننا دائما بالموخرة وموجودون لخدمة الجميع وان الموضوع اصبح فرض اجباري علينا ولكن ليعلم الجميع لم يكن الشرق اردني بواق ولا قام بانقلاب دموي ولا كنا مفاتيح شر ولكن اذا غضب الحكيم وبلغت القلوب الحناجر نحن احفاد شرحبيل وابو عبيده وصلاح الدين لان راس الفتنه هو الكيان المصطنع الصهيوني ومن ورائها من العملاء وتجار الثورات الكاذبه وتجار الكراسي والاوطان والصحوات العميله والاقلام الماجوره.لهذا كان ايوب في سهول حوران ولكن للصبر حدود حتى يتغير الحال ويعاد تقييم من يمسك المسوليه باعادة حساباته لان سياتي جيل لا يعترفون بشي ولن يقف احد امام الفوضى القادمه اتقوا الله في هذا البلد.بس خلاص.

6) تعليق بواسطة :
05-03-2014 05:57 PM

نعتذر

7) تعليق بواسطة :
06-03-2014 04:05 AM

Thank you to the writer of the article and thank you to Mhaster, comment #5

8) تعليق بواسطة :
06-03-2014 08:40 AM

الجماعة مارح يعجبهم مقالك, ورح يصير معاك زي ماصار مع منتصر الزعبي,مقالك متوازن ويخاطب عقول الناس.

9) تعليق بواسطة :
06-03-2014 09:29 AM

الهويه (الاردنيه) و (الفلسطينيه) اقرب لبعضهما من بعض (الهويات) الفرعيه بين الفلسطينيين او بين الاردنيين انفسهم. نفس الدين و اللغه و العادات و التقاليد و الماضي و نفس القيم و المفاهيم و التطلعات.. و نفس الانشطه الاقتصاديه التقليديه. زد على هذا و ذاك التناسب و التصاهر و الاختلاط بالهجرات القديمه و تفرع العشائر.

-الهويات التي يتحدث عنها الكاتب هي استمرار و تأصيل لسايكس بيكو. و الاعتراف بها او (دسترتها) لا يمكن ان يقودنا لأي خير.

10) تعليق بواسطة :
06-03-2014 09:43 AM

ما أروعك وانت تكتب هكذا...

11) تعليق بواسطة :
06-03-2014 11:52 AM

جدل الهوية سيستمر أخي علاء لان النظام لم يلقي بالا لمصلمة أبناء هذا البلد منذتتاسيس هذه الدولة
لم توضع قوانين تحمي المواطن المسكين في حقه في العمل أولا أوالتعليم او في العلاج مثلا اسوة بباقي الدول مثلا أنا أعمل في دولة خليجية منذ ٣٣ عاما ولا يميزني عن الوافد السيرلانكي الذي وفد اليوم أي امتياز وأزيد جل أولادي ولدوا في هذا البلد ولا يحظون باي امتياز ''بيت القصيد
أن كل هذه القرارات وضعت لحماية المواطن الخليجي ابن البلد الذي له الفخر في أن ينتمي لبلدلا

12) تعليق بواسطة :
06-03-2014 12:05 PM

اعجبني. كتابة متزنة و تخاطب الحقيقة و الواقع.

13) تعليق بواسطة :
06-03-2014 12:11 PM

لا نريد أن يكون مواطننا كالخليجي مثلا بل اعطوه بعض الامتيازات حتى يقدران يعيش ويلاقي سكن ويتزوج مثل بقية خلق الله٠
لكن ماذا نقول لشعب سحيج على الطالع والنازل
الا بتستاهل الله لا يردك٠

14) تعليق بواسطة :
06-03-2014 07:38 PM

عندما ضم ال سعود المناطق الشرقيه و الحجاز و الجنوب و منطقه الجوف و اسسوا المملكه السعوديه اعتبروا ان جميع من هم من هذه المناطق هم مواطنون سعوديون و متساويون كما انهم حافظوا على حريه ارضهم و وحدتها.

15) تعليق بواسطة :
07-03-2014 03:47 PM

ادعو السيد الفزاع الى قراءة هذا المقال عن السويد التي هو لاجىء فيها
ialiis.birzeit.edu/userfiles/Ramahi-Final-Draft1.pdf‏

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012