أضف إلى المفضلة
السبت , 18 أيار/مايو 2024
السبت , 18 أيار/مايو 2024


مهجع17

بقلم : د.م حكمت القطاونه
12-03-2014 10:49 AM
الله، كم لدى الناس من الحماقة'كنا صغار العقول إلى درجة يُرثى لها، كنا دائما ما نُجر للتفاهات والاستفزازات والوشايات الكاذبة، كنا نملك اتجاه بعضنا مقدارا من الحقد يكفي لتدمير بلدان أما ردود أفعالنا لكلمة، لنظرة، فلم يكن يوازيها إلا تصرفات المجانين، كيف غاب العقل أو أين اختفى طوال مدة الحبس؟.
إستهلال اقتباسي من رواية الكاتب المرحوم عبدالرحمن منيف شرق المتوسط مرة أخرى ويصف حالة بطل الرواية ورفاقه في سجن أحد الأنظمة العربية في مهجع 17 الشبيه بأي وطن شرق المتوسط.
لم أجد تماثلا في الموروث الشعبي لما يصفه منيف وما يحل بالوطن أكثر تناصا من قول أعراب أمتي الذي راح مثلا: ' في جهنم وبتباعصوا! '.
ماذا يفعل الناس حينما تأخذ سفينتهم بالغرق؟ ...يقذفون خارجها بكل ما هو زائد،...الناظر إلى حالة التنافر وحرب الكل ضد الكل، لا يسعه أن يستنتج من هذه الحوسة إلا شيئا واحدا واضحا فقط: 'يهلك الجميع وينجو نظام الفساد'،...إننا على عتبة مرحلة صعبة بوابتها الأزمة، عنوانها استهلال تُرفع بعده ألستارة عن تراجيديا تتابع فيها المشاهد بكثرة موجعة وكل مشهد أفضع وأشد فتكا من سابقه.
يسلم وينجو مربي الديكة وحلبات صراع تتكرر في كل مرة وفي كل أزمة حينما يُحشر النظام في زنقة، وزنقه- زنقه حتى يفلت الفساد ويستمر الخراب وكما مربي الديوك يراهن على أحدهم أو عدد منهم ولكنهم جميعا ملك يمينه وهو مالكهم كلهم.
أنهم يعرفون محنة الإنسان الأردني ولكنهم لا يعرفون أنها لا إنسانية إلى ذلك الحد وإنها تصيب النفس إصابة وخيمة.
من عظم المأساة في الأردن، أن كلهم على حق!!! وفعلا كلهم على حق،...ذلك أن الجرح عميق والجرح لم ينحسر في الخاصرة ولكنه فاض حتى الترقوة، ألكل يتألم والكل يشكو فثمة وجع ممض أودى بالصحة والعافية....والله العظيم أنك تجد نفسك متعاطفا معهم جميعا على كل تناقضاتهم وحال الجميع يشبه عرس القطط، الذكر يصيح والأنثى تصرخ وكل من حضر يصرخ ويموء فلا تدري من هو المنتشي ومن هو المتألم؟!.
من ألذي أراد أن تعيش الأردن على متناقضات الوطن العربي والعالم؟...من الذي جمع الألم على الألم، من الذي أراد الأردن كراقص بهلوان على حبال الشدائد وتجار الحروب والخراب كالبوم يهوى الخرائب؟.
الفلسطيني يتألم لأنه فقد وطنه وأُخرج منه، يتألم لأنه لا يجد وطنا في غير الوطن،....فهل الشرق أردني هو الذي صادر وطنه وأخرجه من بيته أو داره؟!.
الشرق أردني يشكو وطنه الذي صار مستباحا لمن هب ودب ومفتوحا لكل فاقد وطن ولكل واهب كاسب، ضاق الأردني بوطنه وضاق الوطن به ومن جاء ليعيش معه، فهل الفلسطيني جاء إلى الأردن سياحة ورفض العودة إلى الوطن؟!.
بسوس، غبراء وداحس، وكل أيام العرب وحروبهم دائرة رحاها في الوطن الأردني، وحرب الجميع ضد الجميع إن طار شرارها فهنالك مستفيد، وإن وضعت أوزارها كان أيضا مستفيد،...وحدوي مع الوحدويين، فلسطيني مع الفلسطينين وأردني مع الأردنيين وأي من هؤلاء إذا ما بيع كان شريكا في عربونه في برصة الأمم، وحقيقةً هو لا يمكن أن يكون أي منهم ولو أن أعوانا له وشركاء من مكوناتهم؟.
ليت الأمر بقي على الأردني والفلسطيني فهنالك من العلاقة ما يفوق آلاف السنين بيننا، وإنما تعدى ذلك إلى بغاث الأمم لنصبح أقلية مهمله مهمشة مقصية ومخصية في وطن أبو اسعيد ووطن خلف!.
الأردني، إن صبر على أخيه الفلسطيني فهو متهاون في قضيتهما غرب النهر وإن ضاق ذرعا به أفاد قضيتاهما معا لكنه ينزل بمستواه الإنساني ويضحي بصفة الأخوة والكرم وكما 'زارط الموس'؟!.
الفلسطيني إن صار أردنيا ضحى بفلسطين وساعد المحتل على اغتصابه، إن تمسك بوطنه غربي النهر كلاجئ في شرقيه فقد كل أسباب الحياة الإنسانية وقد يضحي بأسباب العيش اليومي-علاج، عيش، تعليم، فرص عمل- لكنه لن يفقد الأمل بأن له وطن...ومجرد الأمل يعني بأن له وطن.
نحن - من يجلس خلف لوحات المفاتيح وشاشات الكمبيوتر- التنظير علينا سهل، وكيل الاتهام ومهاجمة هذا أو ذاك أيضا سهل...لكن شعبينا أو شعبنا يعانون الألم وكما يقول الشرق أردنيون:'ألهوش على المتفرجين هيين'!.
هل الإخوة القادمين من غرب النهر على مختلف أوضاعهم ومناطقهم هم واحد ومنسجمين؟ وهل الشرق أردنيين واحد ومنسجمين؟....لا والله، فمقام القسمة يقترب من العدد اللانهائي ومن يعلم بالرياضيات فالنتيجة هي الاقتراب من الصفر المطلق.
...إذن نحن أصفار تضاف إلى يمين أرصدتهم، كل يوم وكل ليلة فائدة مركبة، إن ذُبح السوريين ندفع نحن الثمن وإن ذُبح العراقيين والكويتين والفلسطينيين واللبنانيين والمصرين واليمنيين وقريبا السعوديين والقطريين والبرازيلين....لماذا نحن من يدفع الثمن؟..الجواب لأنه وحده وشركائه من يقبض الثمن.
نحن أيها الإخوة كلنا - من غربي النهر ومن شرقيه - كلنا شتات، كلنا بلا وطن،'جاج مزارع'، خراف ليوم البيع والذبح وتعلمون من قبض وسوف يقبض الثمن!؟.
من بلفور إلى وايزمن مرورا بهيربرت صموئيل وسايكوس إلى لورنس وحتى قبل كيري وجميع حمالات الحطب، أين نحن وأين كنا وأين كان الفلسطيني وأين كان الشرق أردني؟ ...وسيأتي اليوم الذي سنسأل به أنفسنا عن يومنا هذا أين كنا يوم كيري ومن معه؟.
الوحدة شيء جميل وطموح كل مسلم وعربي ولكنها في سبيل ضياع الأردن أو ضياع فلسطين أو كليهما معا هي جحيم وظلم عظيم ...إنها لعنة الجغرافيا السياسية الحقيرة، إنها فتنة الحليم فيها حيران...إنها ما خَطَّهُ تشيرتشل بعصاه لحكام وشعوب العرب ولغاية هذا اليوم لم تفكر الشعوب أن تعصاه وتتسابق الشعوب والحكام إلى حيث تشير عصاه.
عندما تُطفأ جهنم وحينما تبرد ويأتي الخلاص، حينما يُفتح السجن ويُفرج عن الأردنيين، صدقوني أن كثيرا من ألأسئلة لن تكون مطروحة....ويا نار كوني بردا وسلاما على الأردنيين-كل الأردنيين!.

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
12-03-2014 03:28 PM

نعم...؛ لقد أصبحنا كالبسس في شباط النّطّاط؛ اللي فوق يصيح واللي تحت يصيح...، ولطالما حذّرنا، وللأسف كلّما حذّرّنا، كلمّا إزداد السّحيجة والأغبياء...!

شكري وتقديري لك أيّها الجريح من أجل أن يشفى الوطن، ولكل الأحرار والشّرفاء مثلك...، والسّلام.

2) تعليق بواسطة :
12-03-2014 09:00 PM

كم نحن بحاجة ماسة الى امثالك استاذي الفاضل في هذه اللحظات العصيبة التي يعمل بعضنا بحسن او بسوء نية على اذكاء نار الفتة تحت تراب الوطن الذي لا زال صلبا ومتماسكا ومقاوما لهذه النيران اللعينة ونحن مطالبون جميعا بزيادة تماسك وقوة هذا التراب كي يستعصي على نبران الحقد والفتنة والدمار ..

3) تعليق بواسطة :
12-03-2014 09:13 PM

أخي العزيز الدكتور حكمت...تحية وشوقا
من رحم المعاناة يولد الإبداع هذا مالمسته وأحسست به أخي أبو عمر بعد قراءتي للتراجيديا المقالة التي خطها قلمك الشريف
وكأني بك ترثي الوطن وهو يحتضر متألما حزينا لاحول لك ولاقوة كأنك ذاك النطاسي الذي شق بطن المريض ليعالج مافيه من علة فوجد المرض العضال قد انتشر وغزا الأعضاء جلها فأصابه اليأس والقنوط لعجزه عن علاج ذاك الجسد.
نعم ياأخي وطننا العربي جله يبدوا
أن ذاك المرض الخبيث قد أصابه وبلدنا
الأردن كجزء من ذاك الوطن نرى ونحس
ونلمس أن الأعراض قد بدأت في الظهور وبقوةفالفساد وتداعياته من ظلم وقهر وجوع وبطالة وغلاء وانحدار أخلاقي ونزق
وقطيعةوإقليمية بغضاءوميكافيليةوووالخ
من مصائب فعلا تدعونا الى رثاء هذا الوطن لأننا على يقين بأننا سنصحو يوما لنجد أنفسنا وقد أصبحنا بلا وطن.
لكن المؤلم أكثر ياأخي هوالأكثرية من شعب هذا الوطن الذبن يعانون كما نعاني ويتجرعون كؤوس القهر والإذلال كما نتجرع ولكنهم صامتون كأن على رؤوسهم الطير والأدهى والأمر أن الكثير منهم لايزالون يسحجون بل ويدافعون عن
من تسبب فيما نحن فيه.
لك الحق في أن ترثي الوطن ولازلت أذكر
كلامك لي ذات يوم في أن أحجز لك خيمة أو براكية في تبوك.
آخ يابن العم ترى هل تتحقق نبؤتك
فكلما أشاهد مخيمات أشقاؤنا السوريين
أتذكر نبؤتك وأدعوا الله أن لاتتحقق
فالموت والشهادةأرحم من ذاك المشهد.

4) تعليق بواسطة :
12-03-2014 10:45 PM

لقد احسنت الوصف يادكتور ووضعت اصبعك
على الجرح . ليتنا نعلم جميعا اننا كلنا في سفينة واحده كلنا شتات كلنا بلا وطن كما تفضلت .

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012