04-12-2010 08:30 AM
كل الاردن -
سعد الفاعور
لا أعلم ما السر وراء إصرار حكوماتنا المتعاقبة في كل مرة على تأكيد تفوقها على أفراد الشعب الأردني بكافة منابتهم وأصولهم ومشاربهم فيما يختص بالتطبيع مع العدو الإسرائيلي!. ففي مرات كثيرة، وفي ظل هذا الإصرار، تنتابني حالات من القشعريرة، وأشعر كما لو أن بلدي رغم حقائق الجغرافيا لم تعد من بعد اتفاقية وادي عربة، من دول الطوق أو المواجهة!. وفي مرات كثيرة، ترتجف أضلعي ويخفق فؤادي وتتسارع وتيرة إيقاع نبضي، وتتحشرج أنفاسي، وأصبح غير قادر على تصنيف نفسي!. أين أنا؟. وأين أقف من أمتي؟. وأين أقف من عدوي؟.
حكوماتنا تأبى إلا التأكيد مرة تلو الأخرى أنها سيدة التطبيع رغم أنف الشعب!. وأنها الفرس التي لا يشق لها غبار في القدرة على إظهار حسن النوايا، والالتزام ببنود اتفاقيات السلام، وأنها الأكثر قدرة في الاستهزاء بمشاعر الشعب كله صغيره وكبيره، من أجل مغازلة مؤسسات الحكم الإسرائيلي، ونيل ربتة على الكتف من سيد البيت الأبيض الأمريكي!.
يدهشني جداً حد الجنون، إصرار حكوماتنا الأردنية المتعاقبة، وفي كل مرة على إظهار أنها أكثر عقلانية من كل الحكومات العربية!. بل وأكثر عقلانية من حكومات أمريكا اللاتينية!. وأكثر مقدرة من غيرها من الدول الأوروبية، بل وحتى من مواطنيها في الترفع عن إساءات العدو الصهيوني وصلفه وقله حياءه بحق الدولة الأردنية!. وكيف أنها تصر دائماً على أن تقابل الإساءة الإسرائيلية بالمسامحة والمغفرة!.
ففي الوقت الذي لا يزال فيه الأردنيون يتندرون من موقف الحكومة الرفاعية ووزير خارجيتها ناصر جوده تجاه الإهانة الصهيونية للدبلوماسية الأردنية، من خلال تعرض رجال أمن إسرائيليين بالضرب لموظفين عاملين ضمن البعثة الأردنية في تل أبيب. وفي الوقت الذي لا تزال فيه الصالونات السياسية والاجتماعية الأردنية مشغولة بتصريحات قادة 'إسرائيل بيتنا' و'الليكود' فيما يعرف بـ 'الخيار الأردني' أو الوطن البديل ومخطط 'الترانسفير'، نجد أن النخوة الأردنية قد تغلبت على كل هذه المخاوف، وأبت إلا أن تمد يد العون والمساعدة وأن تساهم في إخماد حرائق الغابات الإسرائيلية!.
حقاً يا لسعة صدر الحكومات الأردنية!. ويا لعجبي من شدة حلمها وترفعها عن كل الإساءات وسياسات الصلف والغطرسة 'البنيامينية' النتنة!. ويا لعجبي من قدرتها على تجرع مرارة الإهانات 'الأفيجدورية'!. ويا لحزني على شعب جله من أبناء العسكر والحراثين، يعاملونه كما لو أنه جاهل مسكين، لا يفقه شيئاً في قاموس العلاقات الدولية، وأسس العيش المشترك بين دول الجوار، وضرورات ومتطلبات العلاقات الدبلوماسية!.
أيها الأردنيون.. لا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون!. وفي أحلامكم وغرف نومكم لا تسألوا إن كان الواجب يفرض على حكوماتكم المساهمة في إخماد حرائق إسرائيل؟. وفي غرف معيشتكم لا تردوا على أسئلة أبنائكم، ولا تحاولوا أن تخففوا من حدة علامات التعجب في عيونهم!. وفي خلواتكم وصلواتكم لا تفكروا بدماء الآباء والأجداد الذين رووا بدمائهم الزكية ثرى القدس الشريف وفلسطين العربية الإسلامية!.
أيها الأردنيون.. عندما تحاولون الأسبوع المقبل أن تذهبوا مع أطفالكم لقضاء عطلة أسبوعية جميلة في أحراش منطقة وادي شعيب وتجدوا أن أكثر من مائتي دونم قد أكلتها النيران عن بكرة أبيها، لا تحزنوا ولا تندبوا حظكم ولا تلوموا حكومتكم!. فقد كانت طواقم الدفاع المدني الأردني في مهمة إنسانية نبيلة لتوثيق علاقات حسن الجوار مع العدو الإسرائيلي، وكانت تشارك بآلياتها ومعداتها وأفرادها – وبأوامر مباشرة من الحكومة الرفاعية - في إطفاء حرائق الغابات الإسرائيلية، من أجل إثبات المزيد من حسن النوايا رغم أنف الأردنيين!.
صحفي أردني مقيم في الخارج
syhd91@yahoo.com