أضف إلى المفضلة
السبت , 04 أيار/مايو 2024
السبت , 04 أيار/مايو 2024


إعفاء إسرائيل من جريمتها إعلامياً

بقلم : خالد عياصرة
17-03-2014 10:33 AM
المتابع لحركة الإعلام الرسمي مع احداث مقتل القاضي الشهيد رائد زعيتر، عند معبر الكرامة، على يد أحد جنود قوات الاحتلال الصهيوني، يلحظ أن الحكومة قامت بتوجيه اذرعها لتخفيف الضغط على إسرائيل، بواسطة كبح جماح الغضب الشعبي، وكأنهم بذلك يعفون إسرائيل من مسؤوليتها، القانونية والاخلاقية والأنسانية. 
بلا شك، هذا التوجه، قاتل، إذ منع الحكومة من استغلال الحدث بما يخدم مصالحها، ليضاف إلى جملة الأخطاء القاتلة لسياسات الدولة العليا. 
النظام هنا فوت عى نفسه فرصة سياسية ودبلوماسية غاية في الاهمية كان من الممكن استغلالها في الكثير من الملفات، الا ان عقلية النظام المأزومة حالت دون ذلك، مثلاً لم نسمع ان رئيس مجلس الامن الدولي، قد وجه لوماً لاسرائيل جراء رعونتها وعنصريتها، بعد مقتل احد المواطنين الأردنيين. 
عقل النظام الأردني الحالي، ومطبخه الأمني والسياسي، لم يستفد من التجارب السابقة التي قادها الملك حسين – رحمه الله – في تعامله مع إسرائيل، خطوات الملك الراحل عملت على إنتاج تكاتف شعبي قوي، سانده في خطوته، ودعمها. مثال على ذلك، ظهر في كيفية تعاطيه مع محاولة إغتيال خالد مشعل مدير المكتب السياسي لحركة حماس، وكيفية استغلاله الحدث بما يخدم مصلحة البلد، إذ هدد بالغاء اتفاقية وادي عربة إن لم يعالج مشعل، وبعد أن رضخت إسرائيل لمطالبه، سعى لإطلاق سراح الشيخ أحمد ياسين المعتقل في سجون الاحتلال، ناهيك عن الفوائد الشخصية التي تحصل عليها الملك. 

غياب اعلام الديوان الملكي 
خلال الأشهر الماضية عمل القائمون على إعلام الملك عبد الله الثاني، والملكة رانيا العبدالله، على اشراك الرأي العام، بعدد من القضايا، من خلال إطلاق الروابط الفيسبوكية، والتغريدات التويترية، الخطوة كانت ايجابية، وبالإتجاه الصحيح. لنأخذ مثلاً: صورة الملك عبد الله، وهو (يدفش) أحدى السيارات العالقة في الثلج خلال العاصفة أليكسا. 
إلا أن التوجه الإعلامي، اختفى بقدرة قادر خلال الأيام الماضية، فصفحات الديوان الملكي على مواقع التواصل الاجتماعي جُمدت، ولم تواكب الحدث، كما لم يرى المتابعون لها أي تعزية لذوي الشهيد القاضي زعيتر، أو تعترض على غطرسة قوات الإحتلال الصهيوني التي قتلت مواطنا أردنياً، ما جعل الكثير من أبناء الشعب، يتسأل عن أسباب الغياب المفاجئ. 

وكالة الانباء الأردنية ( بترا) 
من جانبها، بثت وكالة الأنباء على موقعها الالكتروني خبراً، بعنوان: “ استشهاد مواطن فلسطيني برصاص الاحتلال عند معبر الكرامة”. 
الخبر حمل إنكارًا فاضحاً “لأردنية ” القاضي، الذي يشغل أحد كراسي محاكم عمان. الوكالة لم تكترث لخطورة الخبر، ولم تلتفت إلى الشعور الشعبي، كما رفضت الاعتذار لأحقاً، وفق ما هو متعارف الإعلامياً. 
مدير الوكالة السيد، وبشئ من عدم الإكتراث لم يبين أسباب بث الخبر، بهذه الصيغة، الإنكار، أدى إلى تناقل وسائل الإعلام العربية للخبر- قناة العربية مثلا التي أخذت الخبر- كما ظهر على صفحتها. 

صحيفة الرأي 
بدورها لم تخرج صحيفة الرأي من مستنقع الفشل الذي وقعت به وكالة الأنباء، إلا أن دور الصحيفة كان أكثر وقعاً على أبناء الشعب من دوي رصاصات الغدر التي قتلت القاضي زعيتر. فالكلمات الجارحه في بعض الأحيان أشد من حد الحسام. 
لم تكتفي الصحيفة بما تبثه من مقالات موجعة، بل زادت الطين بله، فوضعت صورة السفير التركي في عمان الى يسار الصورة الرئيسية للخبر، الخاص باستشهاد القاضي، بإعتبارها صورة الشهيد ! ورفضت الاعتذار، كما هو متعارف عليه صحفياً. 
في عين السياق، حصرت الصحيفة دورها في إطار ضيق لم تِزيد مساحته عن الإستماته في إثبات فلسطينية القاضي، وإنكار أردنيته، التي هي بالأصل إرادة ملكية، عززت بقبول الشهيد في سلك القضاء المدني. 
كما أن الصحيفة، اعتمدت في بناء خبرها، وتحليلاتها على الرواية الصهيوينة للحادثة، جراء ايمانها بقدسية الرواية، ما جعلها تؤثر على أخذها كما هي، دون اضافة أو نقصان. 

مقالات صحفية 
بدورها تناولت عدد من المقالات القضية، إذ سايرت في اغلبها الغضب العام الذي خيم على المملكة، ولم تخرج عن سياقه الوطني، لمواجه ضد الغطرسة الاسرائيلية، والتلكؤ والضعف الحكومي الأردني. 
إلا أن بعض الكتاب، ولغايات في أنفسهم، اعتمدوا سياسة خالف تعرف، إذ تركوا الفعل الصهيوني، وآثاره، وركزوا على فلسطينية القاضي، وتثبيتها، كونهم اعتبروا أن ليس من الاهمية أن يكون حامل الجنسية الأردنية، والذي يعمل في إحدى سلطاتها الثلاث، أردني، ما دامت اصوله فلسطينية ! 
هذه الفئة، بكلماتها وجملها، لم تختلف كثيراً عن دوي الرصاص الصهيوني الذي قتل المواطن الأردني. 
مثال ذلك، ظهر واضحاً في مقال بعنوان:”حرام يا اولاد الحرام” لأحد الكاتب في صحيفة الرأي،أوحى خلاله بأن الشهيد “مجرد ” فلسطييني لأبد من تعريته من جنسيته الأردنية، ولا يتوجب اخراجه من هذا السياق، متناسياً الكاتب عينه، أن أصوله خليلية. فيا ترى كم مرة ذكر فيها الكاتب كلمة “فلسطيني ” فيما يسميه مقالاً. وهل الشعب الأردني ساذج إلى هذه الدرجة ؟ 

أما الكاتب الآخر، الذي تناول القضية من على صفحته على الفيسبوك، يطلق على نفسه مؤرخاً، ويحمل شهادة الدكتوراة ، واقصد هنا بكر خازر المجالي ! الذي اشتاط عضباً، لا قتل أحد اعضاء سلك القضاة في المملكة، إنما لأن البعض أطلق أسم معبر الكرامة على مكان مقتل الشهيد، إذ قال الكاتب أن المعبر أسمه بالأصل “اللنبي” وفي بعض الأحيان يسمى بمعبر الملك حسين، لكنه نسي أن الذي سمى المعبر بهذا، إنما هي دوائر الاعلام في الأردن، منها وكالة الانباء (بترا) التي استخدمته دون سواه في عنوانها المذكور أعلاه. 
بناء عليه، ووفق منطق الكاتبين، نستطيع طرح المثال التالي، لنفترض أن الملكة رانيا العبد الله، ذات الأصول الفلسطينية، زارت الضفة الغربية، وخلال تواجدها، تكرر مشهد مقتل القاضي زعيتر، ما أدى إلى استشهادها. 
فهل من الممكن أن تنكر وكالة الانباء زوجة الملك، ،وهل سيجرؤ الكاتب المذكور اعلاه، بالدعوة عبر مقال رأي، ينكر فيه أردنيتها، باعتبارها فلسطينية الأصول ؟ 
بل هل يستطيع أي من الكاتبين إنكار دور الشهداء الفلسطينين المنضوين تحت راية الجيش الأردني في حرب ١٩٦٧، أو حرب الكرامة عام ١٩٦٨م، فقط لأنهم فلسطينين، وهل يستطيع كاتب مقال “حرام يا اولاد الحرام ” الغاء وطمس قبور شهداء الجيش الأردني من ابناء العشائر المدفونين في فلسطين ؟ 
هذا السيناريو لو حصل، بلا شك سيُتهم كاتبه بالصهيونية، والعمالة، والعنصرية، والاقليمية، ما يستوجب المحاكمته، لأنه بذلك إنما يقود إلى إشعال نار الفتنة، والتفرقه، لكن، ثمة طيف وطني أخر سيعتبر كاتب المقال مريضاً نفسياً، يستوجب العلاج والمتابعة. 

الحكومة الاردنية. 
بدورها، فشلت الحكومة في التعاطي مع الحدث، إذ لم توضح حيثيات القضية، واتكلت على الرواية الصهيونية، وتصريحات مسؤوليها، وأخبار صحفها. 
هذا ظهر واضحاًمن خلال إرتباك، وتناقض تصريحات رئيس الوزراء، مع الناطق باسم الحكومة الدكتور محمد المومني، وفشل وزير الخارجية ناصر جودة، في استدعاء السفير الصهيوني في عمان، وتفضيله “توبيخ القائم باعمال السفارة ! ”، كما فشلت الحكومة في التمييز المصطلحات وتفسيرها، خصوصا ما له علاقة بما له علاقة بتقديم اسرائيل لاعتذارها، عن فعلتها ما يعني أنها خضعت للقانون والتعويض أم اكتفت بالأسف بحيث تعفي نفسها من أي تبعات أخرى. الدكتور محمد أبو رمان الكاتب في صحيفة الغد أقلق الدوار الرابع، بمقال عنوانه بمقال : “ نرجوا التوضيح ! ” بعدما تلقف الاشارة الذكية التي اطلقها الدكتور حسن البراري. 

أما الطامه الكبرى، فقد ختمها دولة رئيس الوزراء الدكتور عبد الله النسور، عندما قال أن أسئلة النواب – الخاصة بمقتل القاضي زعيتر، وطرد السفير الصهيويني - “ تحرج المملكة، لا تحرجني” وكأن ثمة فرق، وانفصال ما بين شخص رئيس الوزراء، والدولة. 
فهل من العقل بمكان، خروج مثل هذه التصريحات من رئيس لوزراء يحترم نفسه، يعتبر الحاصل اليوم مجرد قضية شخصية ما بينه وبين النواب. لا بينه وبين العدو الصهيوني الذي قتل أحد أفراد الشعب، الذي هو رئيساً لوزراءه، 
المحزن في الأمر أن الرئيس غاب عن عقليته الفذه الخبيرة ! أن الخجل إنما هو فعل النساء، لا الرجال، وبتالي المملكة ! فهل يخجل الرجال دولة الرئيس، من الحق وفعله وقوله. 

اخيراً: إن الفشل الإعلامي الذي رافق مقتل الشهيد القاضي رائد زعيتر، امتد ليشمل غالبية أذرع الإعلام الرسمي 
، بداية بإعلام الملك والملكة (الديوان الملكي)، والذي فضل الغياب مع الصمت، مروراً بكادر رئاسة الوزراء الذي فشل حتى في التمييز بين المصطلحات، وصولاً لوكالة الأنباء الأردنية (بترا) التي اسقطت عن الرجل اردنيته، ونهاية بالأخبار والمقالات التي نشرتها الصحيفة الرأي، التي فضلت نشر سموم بعض كتابها، على البحث في حيثيات الحدث. 

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
17-03-2014 10:46 AM

بداية رحم الله الشهيد باذن الله، لكن يبدو انه الكاتب يحاول كسب ود بعض الفئات بالضرب على وتر الاقليمية ، تضخيم رد الفعل السلبي ،متناسيا الايجابيات ، وهذا بحد ذاته مهيب. مجرد الطرح والسلية في الرؤيا والتحليل الآن تزيد من شعبية بعض كتاب السوداوية. وشكرا على سعة الصدر

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012