أضف إلى المفضلة
السبت , 25 أيار/مايو 2024
السبت , 25 أيار/مايو 2024


تعويم الثقافة والفكر

بقلم : يسار محمد خصاونه
01-05-2014 09:45 AM
من أبجديات الاقتصاد ' السوق عرض وطلب ' ومن نافل القول عند تطبيق هذه الأبجدية ' كلما زاد العرض قلّ الثمن ' وبالمقابل فإن النادر مرتفع الثمن ، وفي العامية نقول : رخيص برخص التراب ، وهذا الكلام ليس فيه تعقيد أو عرض مفردات ، لقد أردته بسيطاً كبساطة معناه الذي لم يدركه المسؤولين في هذا البلد .
منذ أن نشأت الدولة وحتى سنوات قريبة كانت الشروط المطلوبة من أي مواطن لإنشاء فرقة فنية ، أو نادٍ ثقافي ، أو حزب سياسي هي شروط منطقية تتعلق بعدد الأشخاص الذين يحق لهم أن يكونوا هيئة تأسيسية ، وهذه الشروط ليست تعجيزية كما كان يفسرها البعض ، ومثالنا على ذلك فإن شرط العدد على تشكيل الحزب كان مرتبطاً بالمساحة الجغرافية ، وتحديد عدد المنتسبين بنسبة عدد سكان المدن الأردنية ، بمعنى أن يكون للحزب قاعدة جماهيرية عريضة تغطي مساحة الوطن لأن الحزب هو حزب وطني بالتأكيد ، ومع الزيادة في عدد سكان المملكة بدأ عدد المنتسبين يقل كشرط أولي ، وهذا الأمر سهّل على الكثيرين من تشكيل حزبهم ، ومع مرور الوقت سقط شرط القاعدة الجماهيرية التي تغطي مساحة الوطن بحيث أصبح المواطن العادي قادراً على جمع العدد المطلوب من منطقة واحدة ، خاصة أن أعداد بعض العائلات الأردنية يتجاوز العشرة آلاف ، وبالتالي تستطيع عشيرة واحدة تشكيل أكثر من حزب ضمن الشروط الجديدة .إضافة إلى أن المنتسبين الجدد تمارس عليهم عمليات التخجيل والترغيب والفزعة العشائرية ، فهل زيادة عدد الأحزاب يصب في صالح الوطن ، وهل شرط العدد وحده كافٍ لتشكيل حزب دون العودة إلى التحصيل العلمي والفكري والنضالي ؟
يقول جان جاك روسو الفيلسوف الفرنسي الذي أسس مع غيره من الفلاسفة مستقبل فرنسا ' من الخطورة أن يكون هناك حزب واحد ، وعلى الدولة أن تسمح بإنشاء أكثر من حزب ، فإن تعدد الأحزاب يحمي الدولة من اللون الواحد ' كلام روسو سليم وعلينا أن نفهم مدلول تعدد الأحزاب ضمن ما تشكل من أحزاب على مر الزمان في فرنسا تحديداً ، وفي أوروبا عامة ، وعلى المتتبع لذلك أن يحصي عدد الأحزاب الأوربية ونسبتها إلى عدد السكان ، من هنا نقول : إن كثرة عدد الأحزاب قد يزيد في المستقبل القريب على عدد العائلات في الوطن وهو أمر فيه الكثير من الحماسة الزائدة لمفهوم تعدد الأحزاب ولا أريد أن أصف الموضوع بغير ذلك ، وإذا طبّقنا القاعدة الاقتصادية فإن زيادة العرض أمر خطير .
في الثقافة كما في السياسة فإن الشروط بدأت تنخفض عند افتتاح نادٍ ثقافي أو فني مما ترتب عليه وجود كثير من الأندية غير الفاعلة ، والتي أنشئت فقط كما حال الحزب تحت شعار ' شوفيني يا جارة ' هذا أنا أمين حزب أو رئيس فرقة فنية ثقافية متعددة الأغراض ، والتفاتاً إلى القضية المالية فإن الدولة قد الزمت نفسها بالدعم السنوي لهاتين الفئتين رغم ما تعاني منه من أزمات مالية . وفي كل لقاء مع مسؤولين يتباكى رؤساء الأندية حول العجز المالي الذي يعانون منه .
المؤسسات الخاصة لم تسلم من التعويم فإن رابطة الكتاب الأردنيين تضم في عضويتها أكثر من ألف كاتباً ، وهذا أيضاً بحاجة إلى دراسة ومراجعة من الجهات المختصة
يقول جبران ' ويل لأمة كل فرد فيها أمة ' فماذا سيقول جبران لو عرف أننا نملك من الأحزاب والأندية الثقافية ما يزيد عن حاجة الصين .

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
01-05-2014 05:22 PM

الأستاذ الصديق المثقف الملتزم يسار الخصاونة
معروف ان الثقافة والفكر هما الأساس

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012