أضف إلى المفضلة
السبت , 27 نيسان/أبريل 2024
السبت , 27 نيسان/أبريل 2024


اصطلاحات سامة في المسألة الفلسطينية

بقلم : سالم عبد المجيد الحياري
11-05-2014 11:08 PM


في القرن الحادي عشر قررت أوروبا احتلال بلاد الشام، الممر الرئيسي للتجارة المزدهرة نحو الشرق الأقصى، ولتحفيز الناس على القتال وبعد مشاورة الفاتيكان كان لا بد من اختراع اصطلاح ليقبله العامة، فكان ' إنقاذ القبر المقدس'، واصطلاح ' مساعدة إخواننا مسيحيي الشرق '، فكانت الحروب الصليبية (1096-1291) وقتل مئات الألوف من أهالي المنطقة، حتى طرد القائد الإسلامي الكردي صلاح الدين الأيوبي رحمه الله المحتلين من المنطقة.
في 1853 اتفق قيصر روسيا نقولا الأول مع بريطانيا على اقتسام أملاك الدولة العثمانية، فأطلق عليها اصطلاح ' الرجل المريض'، ثم 'رجل أوروبا المريض' لتشجيع تدخل الدول الأوربية للقضاء على الخلافة الإسلامية. ثم قامت أوروبا فسوّقت اصطلاح 'المسألة الشرقية' لفصل دول البوسنة والهرسك وبلاد الأرناؤط والألبان عن الأستانة. في مقالة للأمير فيصل بن الحسين، ظهر في التايمز ولأول مرة اصطلاح ' العائلة السامية ' والتي يدعو فيها إلى التآخي والتعاون بين العرب واليهود(1). في نفس الوقت نشطت الحركة الصهيونية لاستعمار فلسطين فاخترعت اصطلاح ' أرض بلا شعب ، لشعب بلا أرض' وأخذت بنشر الاصطلاح حتى أقنعت به معظم الدول الغربية وخاصة إنكلترا التي بدأت بمساعدتها، فقامت مع فرنسا باختراع اصطلاح 'الإنتداب' وفسروه هم ' تمكين دولة لمساعدة البلدان الضعيفة والمتأخرة على النهوض وتدريبها على الحُكم حتى تصبح قادرة على أن تستقل وتحكم نفسها بنفسها '(2)، وقد جعلته الدولتان مدخلاً لاحتلال العالم العربي، ومكّن اصطلاح الإنتداب بريطانيا من احتلال فلسطين لإقامة إسرائيل وبالتعاون مع قوى محلية ' ثارَت' على الخلافة الإسلامية بل وانفصلت عنها، وكانت هذه بداية اقتسام أملاك الخلافة وتقسيمها إلى دويلات. في الربع الأول من القرن العشرين عُقدت اتفاقية سايكس- بيكو التي قسمت سوريا الطبيعية إلى دويلات (1916 )، تبعها إعلان بلفور (1917 ) الذي ' أعطى' فلسطين لليهود، بعدها جاءت اتفاقية فيصل- وايزمان التي اعترفت بوعد بلفور(1919)، ثم اتفاقية تشرتشل- عبدالله (1921) والتي تنص على إقطاع الأردن إلى الشريف عبدالله مع اعترافه بالاتفاقيات السابقة(3). خلال ذلك أخرجت بريطانيا وفرنسا مع الصهيونية اصطلاحات رددتها بعض القيادات المحلية كالببغاء 'فلسطين الغربية (فلسطين) وفلسطين الشرقية ( الأردن )'(3)، ولتحقيق يهودية الدولة التي تنادي بها حالياً القيادة الصهيونية ولتطبيق الاصطلاحين السابقين نقرأ التالي ' أن يكون مستقبل الأردن، أن يكون مستودعاً أو مقراً لمن يتم طردهم أو هجرتهم أو تهجيرهم أو نزوحهم أو انتقالهم من فلسطين لتكون الأردن – فلسطين الشرقية – وطناً بديلاً لهؤلاء ، وفلسطين الغربية تعود إلى أهلها ، فالكل يعود إلى بلاده ، اليهود إلى فلسطين يهودا والسامرة، والفلسطينيين إلى بلادهم فلسطين الشرقية'(4).
ظهر اصطلاح ' Trans-Jordan' والترجمة الصحيحة له هي ( عبر الاردن) وليس شرق الأردن كما يرغب البعض، فكلمة عبر الأردن تريد أن تقول أن هذه البلاد هي أرض للعبور بلا شعب أيضاً ليتم تهجير شعب فلسطين إليها، كما سوّق الغرب والصهيونية أن فلسطين فارغة من الناس تنتظر عودة أهلها اليهود لها. بعد إقامة 'دولة إسرائيل'، أخذت تبرز اصطلاحات جديدة هدفها شطب اسم فلسطين من الذاكرة، بدأت الناس تسمع باصطلاح ' الضفة الغربية ' بدل فلسطين، وخرج اصطلاح ' الخط الاخضر' حتى يرسخ بالذهن إن هذا المحتل ليس محتلاً وإنما هو ' إسرائيل'، وأدى ذلك أننا صرنا نتحدث عن 'عرب ال 48 ' بدل القول الفلسطيني تحت الاحتلال الذي خصصه أصحاب الاصطلاحات للمحتل 1967 . ولتذويب وإلغاء الهوية الفلسطينية بعد 'محاصرة وخنق' حكومة عموم فلسطين وتعويم الهوية الأردنية، أعطِي الفلسطينيين الجنسية الأردنية حسب قرار مجلس الوزراء الأردني في 20/12/1949، وسمي بالقانون الإضافي- مادة رقم 2 ( وطبعاً لم يُشاور الأرادنة في ذلك)، وأدى ذلك إلى شطب قانون الجنسية الفلسطينية الصادر عام 1925 ( وطبعاً لم يُشاور الفلسطينيين في ذلك) ليخرج اصطلاح ' وحدة الضفتين' بدل وحدة الأردن وفلسطين، 'الوحدة' التي لم تعترف بها ولا أي دولة عربية أو أجنبية (لحد الآن) إلا بريطانيا ودولتها الوليد الجديد آنذاك باكستان، بل على العكس من ذلك طردت المملكة الأردنية الهاشمية من جامعة الدول العربية لتصرفها أحادي الجانب مما اضطر الدولة الأردنية إلى إلغاء الوحدة واعتبار باقي فلسطين ( الضفة الغربية) وديعة لدى الدولة تُرد عند طلبها من لدن أصحابها وهذا ما كان. أدت الاتفاقيات الموقعة في الربع الأول من القرن الماضي بشكل مقصود إلى هجرة و تهجير وهروب الفلسطينيين من ديارهم، وبنفس الوقت إلى تعويم وتمييع الهوية الأردنية الوطنية وتثبيت فكرة الاصطلاحين الصهيونيين: فلسطين الغربية 'لأصحابها اليهود'، وفلسطين الشرقية ورجوع عرب فلسطين الغربية 'المحتلين'(5) إلى' بلادهم' 'فلسطين الشرقية' الأردن وهكذا حسب رأيهم هو الحل للقضية الفلسطينية سكانياً. وللأسف وجدت الفكرة تجاوباً عند بعض العرب ومنهم بعض الفلسطينيين .
من هنا بدأ مروّجو الفكر الصهيوني المحليين بنشر اصطلاحات بعد 1970 مثل ' من كافة الأصول والمنابت '(6) للقول بأن الأردن كان فارغاً من الناس، وأنه معبر للاخرين الذين استقر بعضهم في هذه البلاد (ترانس جوردان) وهو مجمع سكاني فقط، وهذا معارضة للتاريخ المكتوب وهو اصطلاح لا يستعمل إلا بالأردن لأهداف خبيثة، وبعضها بغطاء شبه ديني كاصطلاح ' أرض الحشد والرباط ' وكأن مصر وسوريا ولبنان المحيطة بفلسطين لا تصلح للحشد والرباط !! وللتمييع أكثر ألغي تقريباً اصطلاح القضية الفلسطينية بالمحافل الدولية واستبدل بالاصطلاح الإسرائيلي ب' مشكلة الشرق الأوسط'، حتى أن بعض الأنظمة العربية أصبحت تستعمله بدل المشكلة الفلسطينية. تواصلت الاصطلاحات مثل ' أبناء ابراهيم' واصطلاح ' المملكة المتحدة ' لإلغاء كلمة فلسطين من التاريخ الحديث، وتتكفل إسرائيل دولياً بشطبها من الخرائط والأطالس الجغرافية. أخطر هذه الاصطلاحات هو اصطلاح ' المهاجرين والأنصار' وأيضاً لم تطبق هذا الاصطلاح إلا الدولة الأردنية حيث لا يُذكر بدول الطوق وكأن عرب مصر وسوريا ولبنان ليسوا أنصاراً !!! اصطلاح هو في ازدياد كل يوم، حتى تأتي اللحظة المرسومة والمخطط لها لجعل 'الأنصار' الأرادنة أقلية لا تتجاوز 20% بأحسن الأحوال في بلادهم بعد أن كانت العائلة الحاكمة من أوائل المهاجرين اللاجئين الذين وفدوا عند الأردنيين !!! ولربما لهذا السبب يتفاجأ الأردنيون بين فترة وأخرى بأسماء عائلات جديدة وبأنها أردنية . أما من الاصطلاحات التي اخترعتها بعض الصحافة المشبوهة و الناطقة بالعربية في بريطانيا، ففاجأتنا قبل ثلاث سنوات وعن طريق مراسلها المحلي باصطلاح ' المكون الفلسطيني'. في الأردن زيادة في تفتيت الهوية الوطنية الأردنية، وتمهيداً لبروز اصطلاحات مستقبلاَ مثل 'المكون السوري' و 'المكون العراقي'، كما اصطنع البعض اصطلاح ' أصحاب الحقوق المنقوصة ' إمعاناً موجها في تهميش العشائر الأردنية.

اللافت جداً للانتباه التزامن الغريب والعجيب ومع إقرار165 دولة في العالم وفي الجمعية العامة للأمم المتحدة منح حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني في 22/11/2013، يخرج قرار حكومة المملكة الأردنية الهاشمية مباشرة بمنح جواز السفر الأردني 'لأسباب إنسانية' يقدرها البعض لمليون ونصف فلسطيني !! وكأن النظام يعارض قرار الأمم المتحدة الأخير !!!!!!؟؟؟؟ مما يذكرنا بقول الشاعر : ولكل شيء آفة من جنسه .................................حتى الحديد سطا عليه المبرد
نلاحظ أن الاصطلاحات التي معظمها موجه ضد الدول العربية والإسلامية، وأن ما يسوّق في منطقتنا هو لطمس الهوية الوطنية الفلسطينية تاريخاً وشعباً وأرضاً ليصب في مصلحة إسرائيل، ولدمجها اخُترع اصطلاح 'دُول الاقليم'، ولأقلمة صراع الوجود بين العرب واليهود وإبعاد العرب والمسلمين عن احتلال فلسطين ومع الزمن نسيان القضية ابتدعوا اصطلاح 'الصراع الفلسطيني الإسرائيلي' بدل الصراع العربي الإسرائيلي. يترافق كل ذلك مع توجه النظام لتعويم وتمييع الهوية الوطنية الأردنية ومن ثم اختزالها في مناطق محددة ليسهل تهميشها إلى الحدود الدنيا من القدرة على فرض رأيها وتهشيمها عند الضرورة لتحويلها إلى هوية سكانية فقط، وإلا لماذا هذه الحُمى بمنح الجنسية الأردنية أو جواز السفر المؤقت للأخوة الفلسطينيين ومن ضمنهم أهل غزة وكثرة من بئر السبع !!!!!؟؟ وزاد النظام بمنح ذلك للعراقيين والسوريين حتى وصل الأمر لإخواننا الليبيين والسودانيين وأيضاً مماطلة النظام وحتى هذه اللحظة بعدم الالتزام بقرار فك الارتباط ودسترته وتجميد عمل دائرة المتابعة والتفتيش وترك تعريف الهوية الأردنية للزمن، حيث أن المملكة الهاشمية في الأردن هي النظام الوحيد بالكرة الأرضية والتي ترفض أن تُعرف او تعترف من هو مواطنها الذي تحكمه منذ ما يزيد عن 90 عاماً، مما يجعل الأردنيون يضعون علامات استفهام كبيرة، ومنها وبالنهاية الالتزام بما اتُفق عليه بالربع الأول من القرن الماضي. وهنا لا بد أن نسأل: هل طروحات وطلبات كيري هي تطبيق لاتفاقيات بداية القرن الماضي ولكن بعباءة أمريكية؟؟!!، لتكون الحجة أن الأمر مفروض على النظام، وهكذا يبقى الأردنيون يسحجون ويصفقون وينهون الاحتفالية بالتعييش ثلاث حتى يجدوا أنفسهم بدون أي شيء سوى زيادة الرواتب وأنهم أصبحوا أرقاماً متسلسلة بالسجل المدني الجديد !! الاصطلاحات السياسية والتي ظهرت خلال القرنيين الماضيين وبداية القرن الحالي بما يخص بلادنا كانت وما تزال تهدف إلى تكريس وجود الكيان الصهيوني في المنطقة وشطب تاريخ وجغرافيا فلسطين العربيين الإسلاميين، وإقناع الفلسطيني المظلوم والمكلوم أن وطنك هو مكان تواجدك حالياً.

الدكتور سالم عبد المجيد الحياري

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012