أضف إلى المفضلة
الجمعة , 26 نيسان/أبريل 2024
الجمعة , 26 نيسان/أبريل 2024


تفاهمات القاهرة ... غزة أولا

بقلم : ابراهيم أبو زيد
11-08-2014 12:39 AM


التاريخ يكتبه المنتصرون، ولذا قد تظل هذه الحقبة من تاريخ عروبتنا غير مؤرخة إذ أن المنتصر لا بد وأن يكسب بالضربة القاضية لا النقاط حتى لا يقرأ إلا تاريخه وهو ما لن يتحقق وفق المعطيات الحالية التي أصبح محورها تفاهمات القاهرة.

فبعد تسلسل غريب بدأ بسقوط ديكتاتوريات مدعومة عالمية لصالح تيار أصيل شعبيا عيبه الوحيد أنه سرعان ما عكس خط سيره ليترك القصورعائدا إلى السجون مع الرضى بذلك رغم علمهم أنها قد تصبح هذه المرة مقابر وفي أي لحظة كون الحكم وصل لأيدي نسخ جديدة ممسوخة من أنظمة تعرت أمام شعوبها حدا لا يستقيم معه مخطط الاستغفال الدائم للجيل القادم والدليل حداثة عهد تلك النسخ الكرتونية بالحكم التي أدخلتهم في دوامة متعبة كان مخرجها بخبرة عتاولتهم والرجوع إلى الوصفة الجديدة القديمة والتي مفادها نقل صدام الشعوب مع عدو تقليدي كدولة اليهود فتنصرف عقول وأبدان الشعوب صوب تلك الجبهة.

وفعلا كان فلقد تلاقت أهداف اليهود علانية مع أهدافهم وحلمهم بإنهاء معقل العزة وفق جملة عسكرية تضمن سبات الثلاثين سنة القادمة لولا أن استجاب القدر وانقلب السحر على الساحر لتبقى المعادلة قائمة : غزة بفصائلها وجغرافيتها وعزلتها حاضنة لحماس التي تشكل الحلم والذراع العسكري للإخوان المسلمين والبوابة الأسهل للشعوب لقتال اليهود عندما يحين العهد بعدما استحال ذلك ولو عبر دول الممانعة ناهيك عن الدول التي اختارت السلام لتخدم من خلاله شعب فلسطين وكأنها غدت أشبه بمنظمات! ولم نستفد كشعوب إلا بعكس قاعدة الحروب فلقد اعتدنا كعرب أن يسوقنا حكامنا لخوض حروب غيرنا بدمائنا إلا أن هذه المرة هم من ساقوا زمرة جند اليهود ليلقوا حتفهم على أرض التحرير.

فكانت النتيجة موجعة لتك الأنظمة - التي لم يكن يدرك المواطن العربي عمق التداخل بينها قبل هذه اللحظة - إذ بدلا من أن ترى تلك الأنظمة المشروع الاسلامي في طي النسيان وجدت نفسها تجلس معه بكتاب مفتوح على طاولة مفاوضات لن تتعدى خطة التفاهمات التي تضمن استمرار الحال على ما هو عليه بحوار لا يقنع الجميع ولا يرضيهم إلا من باب وصول الجميع الى جولة قادمة يرجوها الكل لنفسه ويريدها البعض قريبة قدر الإمكان. فتبدأ التفاهمات ضمن إطار لا نعلمه كشعوب ولكن لا تخفى علينا حيثياته بخيارين لا ثالث لهما : هل اقتصر الحديث على غزة بدءا من معبرها وصولا إلى الميناء الذي تريده حماس مستقلا قبل ان تستقل فلسطين نفسها أم وصل إلى ملف الإخوان من المحيط إلى الخليج بنهضة تونس وصراع ليبيا وشرعية مصر وتشاركية إخوان الاردن.

نعلم أن حماس لم تذهب وحدها إلى القاهرة وفق القاعدة التي ارتضاها الجميع باللعب على المكشوف فالجميع وضع سلاحه خارج الغرفة والجميع سيتأبط سلاحه حال الخروج منها ووفق مفارقة أن الوفد الفلسطيني الموحد لن يتحدث عن هموم فلسطين موحدة. ولذا على الشعوب أن تختار صفا من اثنين لتدعمه في مرحلة التفاوض، أانظمة لا هم لها إلا شراكاتها عالميا واستمرارها محليا أم تنظيمات علنا لا نعرف من كنه خفايا خططها المستقبلية إلا شعار يدغدغ أحلامنا بإقامة الدولة الإسلامية.
وكوني سأنحاز إلى الإخوان المسلمين فأعلن أن الإخوان سيرتكبوا خطأ تاريخيا ان عاشوا تفاصيل تلك التفاهمات على المبدأ الذي ارتضوه دائما فرقنا وسد حتى حين. إذ أن مصدر قوتهم أن يفاوضوا ذلك الآخر ككتلة اسلامية عروبية واحدة تدعمها الشعوب ولتكن عندها مطالبهم شاملة تبدأ بإغلاق ملف إعدامات قادة الثورة في مصر ولا تنتهي بتريب البيت الليبي وصولا إلى مكتسبات غزة المرجوة بتحقيق مطالبها لتبقى فعلا جبهة الممانعة الوحيدة.

ولأن الحديث عن خيارات الاخوان إقليميا والتي قد تتلاشى في سبيل الخيار الأسمى خيار غزة أولا هو حديث متشعب يطول كان لا بد من أن ننوه أن الملف الأردني ملف لا يقل أهمية عن غزة لسبب بسيط مفادة أن كل الثغور الأخرى بما فيها غزة قد قطعت شوطا من مسيرها نحو العزة إلا نحن. ففي الاردن لا ينكر عاقل منطقي أن الإخوان المسلمين كانوا جزءا من منظومة الحكم ساهموا في رشده أحيانا كثيرة وكانوا مجرد ديكور لائق في أحيان أخرى ليس أبسطها مسرحية الانتخابات والتمثيل الصوري والذي لن نجد ما يدلل عليه فعلا إلا قرار الحركة الإسلامية بمقاطعة تلك المسرحية بعد أن استقام لديها أن دورها أضحى صوريا إعلاميا وازداد المشروع تأطيرا بالاستبسال في الحفاظ على هذا القرار بل وتطوره إلى مطلب إصلاح بنية النظام سعيا للوصول إلى حكم الشعب.

إن مطلبنا ببساطة أردنيا أن لا نرى رموز الإخوان المسلمين جزءا من منظومة الحكم الأردني مجددا حتى لو كانت وفق صفقة إقليمية نظنها لن تصل إلى مستوى ميناء غزة المستقل والذي هو مطلبنا الاقليمي . والسبب الجلي لهذا المطلب أن ما تعاهدنا عليه سوية بأن نستمر حتى إصلاح بنية النظام لم يتحقق بعد. وأن السعي وراء هذا الحلم هو أقصر الطرق لاستكمال الربيع العربي.

هذا كله ولا نملك إلا انتظار الجولة القادمة.

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012