11-01-2011 08:41 AM
كل الاردن -
الدكتور مخلد الفاعوري
لقد بدأت عملية ما سمي بالاستفتاء في جنوب السودان الشقيق وهي مع كل أسف عملية تقسيم وسلخ جزء عزيز من الوطن والأمة السودانية والتي عاشت أكثر من نصف قرن في وئام اجتماعي واقتصادي كبير. نعم إن ما يجري في السودان هو عملية فصل استعمارية تم التخطيط لها على مراحل متعددة وانخرط فيها الكثير من أبناء السودان عن وعي أو غير وعي حيث بدأت المؤامرة في آخر فصولها وهو الاستفتاء الذي باتت نتائجه معروفة ومحسومة ومؤكدة وهو الانفصال وهذا ما نرى ملامحه بوضوح جلي وبدأت مظاهر المطالبة بالانفصال لدى الجنوبيين واضحة لا لبس فيها وبدء الشارع الجنوبي مهيأ لذلك بعد أن عملت وسائل الدعاية المعادية لوحدة السودان عملها من التأليب وإثارة النعرات العرقية والطائفية والمذهبية وأوغرت صدور الجنوبيين ضد الشمال تارة بحجة أن الشمال يستأثر بالثروة وقيادة الدولة وتارة بان الشمال يدفع باتجاه أسلمه الجنوب وتارة أن الشمال يسرق مقدرات الجنوب وغيرها من الأسباب التي لا معنى لها سوى إنها تؤكد رغبة الجنوبيين بالانفصال وهذا ما خلصت إلية قناعاتهم بعد أن تشربت من وسائل الإعلام المعادية لوحدة السودان الكثير الكثير مما لا مجال لحصره أو ذكره.
والسؤال المطروح لمصلحة من تم فصل الجنوب السوداني؟! هل هو لمصلحة الجنوب السوداني؟! ومصلحة قبائله؟! وطوائفه؟! وأبناءه؟! أم لمصلحة دول الجوار؟! أم لمصلحة إسرائيل وأمريكا أولا وأخيرا؟!. وهي حتما كذلك لان إسرائيل ترى في الجنوب السوداني ضالتها الاقتصادية والسياسية والعسكرية حيث بدأت إسرائيل ومنذ زمن بعيد تفكر في الوصول إلى منابع النيل حيث الأرض الخصبة والإنسان شبة البدائي التي تستطيع أن تشكله كما تريد ووفق أجندتها الخبيثة في إضعاف السودان وتفكيكه لاحقا والاستيلاء على ذلك الكم الهائل من الثروات في باطن الأرض وفوقها حيث المساحة الهائلة للسودان في ظل الصراع العالمي على الغذاء والتي باتت ملامحه واضحة جلية وذلك في ارتفاع أسعار القمح والأرز والسكر وغيرة من المواد الغذائية الأخرى كالزيوت والحليب.
لقد كان السودان محط أنظار الطامعين منذ زمن بعيد وقد كانت المؤامرة تحاك ضده وضد شعبه ومنذ مطلع القرن الماضي وقد زادت أهمية السودان من حيث الموقع والتنوع وجود ثروات نفطية وبكميات تجارية بالإضافة إلى وجود كميات كبيرة من المعادن الدفينة كاليورانيوم وغيرها.
ولا ننسى ذلك النهر العظيم الذي يعد أطول نهر في العالم وهو يمثل شريان الحياة بالنسبة لدولة تعتبر العمق الاستراتيجي للعرب ورمز وحدتهم وقوتهم في مرحلة ما وهي مصر العربية وأهمية الوصول إلى منابع وروافد هذا النهر يعني التأثير على مصر ولجمها في كثير من القضايا وابتزازها لعقود طويلة.
إن مأساة فصل الجنوب السوداني ستترك جرحا في وجدان كل عربي حر وواعي وغيور على مصلحة الأمة متمنيا أن يتنبه العرب إلى فصول جديدة من المؤامرة.
أستاذ جامعي | جامعة فيلادلفيا * malfaouri@hotmail.com