أضف إلى المفضلة
السبت , 04 أيار/مايو 2024
السبت , 04 أيار/مايو 2024


الحلقة الثامنه من كتاب البطاينه :عملية اتخاذ القرار في الاردن

بقلم :
28-09-2014 12:27 AM

تنشر كل الاردن الحلقة الثامنه من كتاب السفير السابق فؤاد البطاينه ' السياسة الخارجية الاردنية وتطورها '

عملية اتخاذ القرار في الاردن


طريقة اتخاذ القرار:

بداية هناك أربعة أنواع أو نماذج من القرارات في الأردن تتبع أربعة أنواع من المسائل أو المواضيع ، ولكل منها ألية خاصة بها لاتخاذ القرار بشأنها . وعملية اتخاذ القرار في أي منها لا تتم وفق أي معيار لنظام سياسي غربي أو ديمقراطي بمعنى أنها عملية لا تخضع لمبدأ المشاركة الشعبية وتلمس الرأي العام Public Opinion بطريقة ما ، ولا تقوم على أساس دراسات وأبحاث تجريها مؤسسات متخصصة وتخرج بتصورات ونتائج وسيناريوهات كما أنها ليست قائمة على برامج سياسية لحكومات حزبية أو منتخبة ، فهي عملية غير ممأسسه ولا مسئولية جماعية ولا خيارا شعبيا public choice. وبالطبع فإن طبيعة وملامح واحتكارية ومحددات وأهداف السياسة الخارجية لا تسمح بغير ذلك . ولذلك فإن طريقة اتخاذ القرار في الأردن اتخذت أسلوبا خاصا يقوم على أريعة أنماط حسب نوع القرار أو موضوعه . ثلاثة منها لها مساس بالشأن الدولي وهي بالضرورة تخدم هدفي السياسة الخارجية أو لا تتناقض معهما ، والرابع يتعلق بالشأن الاداري الداخلي بشتى المجالات .

أنواع القرارات في الأردن وألية اتخاذها وتنفيذها:
إن أنواع أو نماذج القرارات في بلدنا يمكن حصرها بأربعة أبينها كالتالي مع الأمثلة ومع كيفية أو آلية اتخاذها , ومُتخِذها .

النوع الأول :
قرارات لها صبغة سياسبية أو سياسية اقتصادية أو عسكرية أو أمنية تتعلق أو تؤثر في هدفي السياسة الخارجية سلبياً أو ايجابياً أو تخدمها ، دون أن يترتب على تنفيذها اثار مباشرة غير مواتية على المواطن يلمسها ،أو يعلم بها على سبيل اليقين . وهي عادة لا تؤثر على أولوياته المعيشية أو الخاصة . ويكون هذا النوع من القرارات سريا أوغير معلن ، سواء كانت هذه القرارات تخص حليفا غربيا أو أسرائيل أو تخص قضايا الأردن أو المنطقه العربية . هذا النوع من القرارات يتخذها الملك منفردا ويأمر الجهة الأردنية المعنية بتنفيذ المطلوب من خلال توجيهات غير مباشره أو مباشرة بأسلوب لا يُمكِنُ الحكومة أو الجهة أو الشخص المنفذ من إدراك خلفيات وأهداف الموضوع ودون توضيح من الملك أو تسبيب . والجهة المنفذة هنا لا تناقش الأمر كأمر ملكي . والأمثله بذلك واسعة ومنها الاشتراك في عمليات أمنية دولية أو القاءات وتفاهمات مع جهات معاديه أو التنسيق معها بما هو غير مقبول أردنياوطنيا أو عربيا ، أو تسخير الأراضي الأردنية لمنفعة تخل بالسيادة أو منح قواعد عسكرية أو وضع بنود سرية في الاتفاقيات المعلنه أوعرقلة اكتشاف واستخراج مادة استراتيجية كمصادر الطاقة وللقارئ أن يتخيل عشرات الأمثله .
ويشار هنا إلى أن القرارات التي تستهدف أو تسيء إلى العلاقة مع دول الغرب وإسرائيل هي من اختصاص الملك وحده ونحن هنا لا نتحدث عنها لأنها لا تتخذ لكونها تؤثر سلبا على هدفي السياسة الخارجية . وبالطبع فإن الحكومة لا تملك اتخاذها ولا حتى التشاور مع الملك بشأنها . واذا ما أخذنا مثال تداعيات قتل القاضي الشهيد رائد زعيتر والمطالبه بطرد السفير الإسرائيلي وإلغاء معاهدة وادي عربه كمطالب يضر تنفيذها بهدفي السياسة الخارجية ، فان كل مطالب النواب والنخب لرئيس الحكومة باتخاذ قرار بهذا الشأن هو من قبيل المزايدة لأنهم يعلمون بأن هذا الأمر ليس من اختصاص الحكومة أو رئيسها بل من اختصاص الملك والملك لا يتخذها عادة . واذا كانوا يهدفون لمجرد اسقاط الحكومة أو احراجها بالضغط عليها لمطالبة الملك باتخاذ القرار بصورة غير مباشرة ، فهذا نفاق لأن الأولى بهم هم أن يطالبوا الملك مباشرة كونهم أحراراً يمثلون الشعب وغير ملتزمين بوظيفة حكومية ، لا أن يلقوا هذه المسئولية على الحكومة المرتبط وجودها ومصالحها الشخصية بالملك ويعرفون سلفا أنها لا تقدم على ذلك لأنه ليس من شأنها هذا الشأن السياسي الذي يتعلق بهدفي السياسة الخارجية أو غيره من الشئون السياسية ، ولا يسري لها قرار من هذا القبيل.

النوع الثاني :
قرارات تتصل بمتعلقات هدفي السياسة الخارجية وتكون غير سرية ومعروفه للمواطن ويترتب على تنفيذها أثار داخلية غير مواتية أو جدلية . وهذه يتخذها الملك من حيث المبدأ ويشرك فيها مجموعة مختارة من أركان الدولة لا لأخذ الإذن أو لمناقشة مثل تلك القرارات أو التشاور بشأن اتخاذها ، لضمان وتسهيل تنفيذها وللتغلب على صعوبات ابتلاع المواطنين لأثارها السيئة داخليا أو عربيا أو التغلب على تداعيات آثارها .
ومن الأمثله علىى هذا النوع من القرارات معاهدة وادي عربه ، أو الدخول في حلف أو تحالف سياسي أو عسكري وهي كثيره . ومن الأمثلة الحديثة استقبال اللاجئين السوريين بطلب أمريكي غربي وتحميل النتائج الاقتصادية والاجتماعية والأمنية للدولة وخزينتها أو للمواطنبن وليس للجهات التي طلبت ذلك من دولة فقيرة ، ولا للمجتمع الدولي كما هو مفترض . وهنا لاشك بأن الدول مطالبه بموجب القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي باستقبال اللاجئين لكن ذلك مرتبط بعاملين ، الأول هو سيادي تقدره الدوله المستضيفة طبقا لخصوصياتها وحساباتها ، والثاني وهو الأهم أن يتكفل المجتمع الدولي ممثلا بالأمم المتحدة والدول الغنية المعنية بالتكاليف للدولة المستضيفه غير القادره ، وهو ما لم يحدث لدينا لكن احتكار السياسة الخارجية وارتباطها بمحدداتها وأهدافها اقتضى ذلك .
وهنا يجب التذكير بأن إشراك الملك للآخرين في الدولة بتنفيذ القرارات لا يعني اشراكهم بنقاش طبيعتها . سيما وأن القرارات لا تخلو من جزئيات أخرى غير مواتية وغير منطقية أو غير مفهومه ومثال ذلك بعض نصوص معاهدة وادي عربه كالتي تنص على الرعاية الهاشمية للأماكن المقدسة في فلسطين بدلا من تركها للفلسطينيين أو الاحتفاظ بها كوديعة ، وكذلك تأجير اراضي الدولة لمدد تساوي التملك أو البيع.
وبهذا فقد اتخذ قرار غير موات أجنبيا غربيا لمرة واحدة من هذا النوع من القرارات وهي حين طرد كلوب ، وكان المعين الأقوى للملك بهذا الاجراء هو المرحوم فلاح المدادحة استناداً لكتاب أسد الاردن، أما اسرائيليا فلم يسبق أن اتخذ قرار باستثناء الحروب معها وكانت كلها دفاعية وكارثية بأستثناء معركة الكرامة التي وإن كانت دفاعية إلا أن نتائجها كانت إيجابية .

أما النوع الثالث من القرارات:
فتلك التي تتعلق بالقضايا الدولية المعزولة عن هدفي السياسة الخارجية والأمثلة عليها كثيرة . منها عقد الاتفاقيات الثنائية بين الأردن والدول الصديقة في مجالات التعاون الاقتصادي والثقافي وغيرها من الشئون الدولية ، وكذلك الإتفاقيات متعددة الأطراف ، والإنضمام إلى المعاهدات الدولية ، والاتفاقيات مع المؤسسات الدولية المالية النقدية والاقتصادية . فهذه قرارات ما لم يكن بشأنها اجتهاد ما يستدعي أخذ الإذن عليها من الملك أو وضع التحفظات على بعض البنود ، فإن الحكومة أو أذرعها ممثلة برئيس الوزراء هو الذي يتخذها بالتوصية من والتعاون مع أصحاب الإختصاص في الوزارات المختلفة . وكذلك القضايا التي تخضع لحملات تسويقية على الساحة الدولية ، وهذه الأخيرة إذا كان الاتصال بشأنها مع الملك مباشرة أو مع الحكومة فان الملك عادة هو الذي يوصي بطبيعة القرار . ومثال ذلك كأن تتصل جهة أمريكية أو بريطانية مع الملك للتصويت لصالح أو لضد قرار يخصها في الأمم المتحدة أو فروعها ومؤسساتها المتخصصة مثل قرار الحصار الأمريكي على كوبا أو االقرار الخاص بقضية فوكلاند وغيرها الكثير.

النوع الرابع : القرارات بالشأن الداخلي المحلي

هذه القرارات الداخلية ما لم تكن عسكرية أو أمنية أو لها تأثيرًا أو مساساً مباشر أو غير مباشر على السياسة الخارجية أو على هدفيها فهي في بلدنا مناطة عمليا برئيس الوزراء ونظريا بمجلس الوزراء ، ولا يتشاور الرئيس في هذه القرارات مع الملك إلا في حالة أن يكون القرار المراد اتخاذه يؤثر مباشرة على عموم المواطنين وعلى الاستقرار الداخلي كقرارات رفع الدعم عن السلع وتحرير الاسعار والتغول في فرض الضرائب وقرارات الخصخصة وكيفية جمع المال من الداخل . فهذه لا يتخذها الرئيس إلا بالتشاور مع الملك أو بطلب منه . ولا شك بأن الملك يوافق عليها أو يتخذها لخدمة جزئية ما في هدفي السياسة الخارجية ومستلزماتها ، المالية منها والسياسية . ولا استثناءات أخرى تحد من تفرد رئيس الوزراء بهذا النوع من القرارات إلا عندما يطلب الملك منه اتخاذ قرار ما أو تمنعه دائرة المخابرات من اتخاذ قرار ما بصيغة النصح . ومن حيث قرارات التعيينات فمع أن رئيس الوزراء هو الذي يتخذها مهما علت ولا يستشر الملك فيها عادة ، إلا أن الملك الذي يستطيع فرض اي تعيين يريده ، يحتفظ لنفسه أيضاً بحق دستوري بوقف تعيينات الرئيس أو الحكومة بعد اتخاذها من خلال شرط صدور الارادة الملكية ونادرا جدا ما يحدث ذلك لأن الارادة الملكية التي تصدر هي روتينيه ومعظمها يصدر آليا ولا توجد على جدول أعمال الملك .
ونظرا لعدم وجود المأسسه التي تحمي سلوك وقرارات الرئيس والوزراء والموظفين بشكل عام نراهم أحيانا يتهربون من المسئولية واتخاذ القرار بشأن أمر ما داخلي من صميم عملهم مخافة من وجود محذور أمني أو سياسي ، أو عندما يشكون بوجود مثل هذه المحاذير. ولذلك نراهم إما يتغاضون عن القيام بواجبهم بما لذلك من نتائج سلبيه على المواطنين ، أو يعومون اتخاذ القرار بالتجاهل أو المماطلة . والرئيس في هذا يترك الأمر لدائرة المخابرات أو يلجأ للتنسيق معها لاتخاذ القرار. والأخطر هنا هو في احجامهم عن مواجهة التحديات والازمات على خلفية هذا السبب الإفتراضي .
ومجلس الوزراء ممثلا برئيسه هو الذي يحدد لنفسه صلاحياته وآلية اتخاذ قراراته وكذلك عمل كل الوزارات والأجهزة وأخص هنا القرارات الإدارية بشأن أجهزة الدولة المدنية الممتدة من الهيكلة الإدارية المكلفه وغير المدروسه إلى افتراس المنصب العام وتهزئيه . ومع أن مجلس الوزراء يضع بعض الأنظمة لتحكم عمله وقراراته إلا أنها تبقى شكليه وديكوريه إلى حد بعيد ، وفي كثير من الحالات لتضفي الشرعية على القرار . والدستور الذي لم يحدد صلاحيات الرئيس ، تمادى ليمنحه الحق في تفصيلها لنفسه رغم أنه رئيسا غير منتخب ولا يمثل حزبا كُلّفَ لينفذ برنامجا وطنيا( )، فرئيس الوزراء يمثل ويمارس سلطة الحكومات في التصرف بشئون الدولة الداخلية وأجهزتها المدنية كوكيل للملك ويصدر قراراته بجرة قلم . فهو مطلق اليد والاراده في اصدار اي قرار إداري أو اقتصادي أو خدماتي أو تنظيمي أو انشائي بأثاره المالية باستثناء العسكرية والأمنية والمؤثرة على هدفي السياسة الخارجية، ويمتلك حق وضع ما يشاء من القوانين المؤقتة وتسخيرها لخدمة ما يشاء واستحداث القوانين المؤقتة والأنظمة والتعليمات واستحداث الدوائر والمؤسسات ، والأهم أنه يمتلك وسيلة إخلاء نفسه من المسئولية وتبرير قراراته وتقصيره باستخدام وتوجيه القضاء وأذرعه حين الحاجة ، كقضاء غير مستقل إداريا وماليا عن إرادة السلطة التنفيذية . ولا فرق في هذا بين قاض أو مدع عام وبين أي موظف أخر في الحكومه أو في أي وزارة . فرؤساء الوزرارات يمتلكون كل وسائل الفساد والافساد ليس بالتقنين فقط بل بصلاحيات رؤسائها المحميه وغير المقيدة وبغياب تأثير السلطة التشريعيه ، كما يمتلكون كل وسائل الإنصاف وإحقاق العدالة بين المواطنين لكنهم نادرا ما يفعلون ذلك ليصبح هذا الإحجام فسادا بحد ذاته .



التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012