أضف إلى المفضلة
الجمعة , 26 نيسان/أبريل 2024
الجمعة , 26 نيسان/أبريل 2024


تشافيز.. وبن علي.. قراءة ودلالات

17-01-2011 08:16 AM
كل الاردن -

حسان الرواد

لطالما ربح من اتعظ بالتاريخ وحكاياته المثيرة, ولطالما خسر ووقع على رأسه من فكر لحظة أنه حالة فريدة وحكاية صنم سعيدة, وأنه بمنأى عن الأخطار ما دامت أجهزته الأمنية تحيط به من كل مكان, بل وتنام بين المرء وزوجه, وتأتيهم في الأحلام, لطالما خسر وخاب من راهن على غير شعبه وفقرائهم, نعم خاب وخسر كل من سعى طيلة حكمه يلهث راكضا لإرضاء السيد الغربي الذي سرعان ما أدار ظهره له رافضا أن تطأ قدميه بلادا طالما كان خادما لسياساتها وأهدافها مبتعدا عن هموم وطنه ومواطنيه وأمته؛ هذه الخدمة التي لم تشفع له الإقامة ولو يوما واحدا, بل لحظة واحدة..., ليس وحده ابن علي, ولكن هو واحد منهم... فقبلهم كان شاه إيران الفارسي وجعفر النميري واليوم بن علي وغدا بالتأكيد بعد ثورة تونس سيكون آخرين, هي فرصة للمراجعة قبل أن لا ينفع التراجع والندم عليكم أن تفهموا شعوبكم الآن ما دام في الوقت متسع, عليكم العودة قبل فوات الأوان.

في هذا السياق, ومن عبرة التاريخ الحديث أسوق لكم قصتين لزعيمين: أحدهما كان مع شعبه وآهاته, والآخر كان مع أسياده الغربيين وتحقيق أهدافهم البعيدة عن مصالح بلده وشعبه, والويل لمن لا يعتبر..

أما الأول فهو (هوغو تشافيز) الرئيس الفنزويلي الحالي, الذي أحب شعبه وأحب الفقراء.. فأحبه كل شعبه فكان مثالا للوفاء وأي وفاء..!! تم انتخابه ليصبح رئيسا للبلاد للمرة الأولى عام 1998, فكان نصيرا للفقراء في فترة حكمه, ولم يخلف وعوده التي قطعها لشعبه, ومن هنا فقد تم إعادة انتخابه للمرة الثانية عام 2000 , وهو الذي حرص على أن تكون ثروات بلاده لشعبه كل شعبه وليست حكرا على فئة الرأسماليين واللبراليين الذين حاربهم هذا الزعيم بكل قوة, هذه السياسة التي اتبعها تشافيز من إصلاحات واسعة في البلاد وتوزيع عادل في الثروات, قد جعلت منه بطلا في عيون شعبه وخاصة من الطبقتين الوسطى والكادحة لِما كان لقراراته من أثر ايجابي وخير كثير لمسه هذا الشعب الوفي, في المقابل لم تُعجب تلك السياسات طبقة الرأسماليين  واللبراليين في البلاد مصاصي دماء الفقراء,  فكان ما وقع بتاريخ 11/4/2002 عندما خططت هذه الطبقة بالتعاون مع بعض كبار العسكريين وبدعم أمريكي رافض لهذا النظام خططوا لانقلاب دُبر في ليل.. نجح هذا الانقلاب وأطاح بهذا الرئيس, حيث كانت أمريكيا (أم الديمقراطية) أول المرحبين والمباركين برحيل من اختاره الشعب بالطريقة الأمريكية, وتم إقصاء الرئيس البطل وترحيله وهو بملابس نومه في مروحية عسكرية إلى قاعدة في أقصى البلاد للتحفظ عليه..هنا في معيار التكتيك والخطط والمنطق  فقد كان الانقلاب العسكري ناجحا, بل وأكثر من ذلك حيث أدى أحد مصاصي الدماء اليمين القانوني رئيسا جديدا للبلاد, وبالنسبة للانقلابين فقد انتهى كل شيء وبورك للرئيس الرأسمالي الجديد وطويت صفحة البطل تشافيز... لكن... وهنا الشاهد يا زعماء العرب والرسالة لكم أنتم وليست لشعوبكم التي تحب من القلب من يحبها حقا ويحرص على مصالحها.. نعم لقد حدث ما لم يكن في حساباتهم المنطقية والخططية فقد كان يوم الوفاء وأي وفاء بعد ذلك..! فقد زحفت جماهير الشعب الفنزويلي من كل صوب وحدب تسطّر أجمل ملحمة  في الوفاء لمن كان لهم محبا ومخلصا ووفيا, ملحمة فيها كل الدروس والعبر لكل الزعماء الذين يبيعون أوطانهم وشعوبهم بثمن بخس..جماهير الوفاء التي تجاوزت أعدادها المليون, وامتلأت بهم كل شوارع العاصمة كراكاس كلهم يهتفون بحنجرة واحدة وبلحن واحد هو لحن الوفاء تشافيز..تشافيز...ليس اخرج برّة برّة وإنما عودة عودة, لم تبيعنا يوما.. ولم تفرط فينا مرة, ونحن اليوم لا نبيعك أو نفرط بك..هنا كان لإرادة الشعب القرار الحاسم, فلا الجيش ولا الوزراء ولا أمريكيا أول المباركين استطاعوا أن يلغوا إرادة الجماهير الزاحفة, كلهم وقفوا مندهشين خائفين متراجعين نادمين على ما فعلوا فعاد الليث تشافيز إلى حكمه... ليس بقوة أمريكيا ولا بقوة جيشه أو أجهزته الأمنية الكثيرة ولا بقوة الدستور الذي انتخب من خلاله رئيسا وانقلبوا عليه...بل عاد بقوة شعبه الذي أحبه وأخلص له وأنتصر له عندما كان في سدة الحكم, فبادله الشعب الوفاء في محنته.

أما الآخر فهو ابن علي, حكم 23 سنة خدم فيها السيد الغربي بشكل عام والفرنسي بشكل خاص, شدد قبضته على الشعب التونسي, نفى الكثير من أبناء تونس, قمع الحريات, في عهده تفشى الفساد وباتت ثروات تونس في أيدي ثلة قليلة فاسدة نكلت بالتوانسة أي تنكيل, واستأثرت بالسلطة والمال, وراهنت على العسكر والقوى الأمنية الكثيرة التي أرهبت وأذلت أهل تونس, كما راهن على أسياده الغربيين الذين يتشدقون بالديمقراطية وحقوق الإنسان, واستقوى بدعمهم الهش على شعبه العربي المسلم,  الفقر.. البطالة.. غياب الكرامة.. التي دفعت البوعزيزي لحرق نفسه بعد القهر الذي ذاقه, وما أكثر البوعزيزي في بلادنا العربية!! هذا هو ابن علي وعلى شاكلته الكثير, لم تنفعه أجهزة الأمن الكثيرة التي نكلّت يوما بشعبه, لم ينفعه الجيش الذي انحاز لنفسه فوقف مع تونس وأهلها, لم ينفعه الغربيون وقد قضى كل حكمه محاولا إرضاؤهم من تنفيذ سياساتهم وقراراتهم ومصالحهم, لم ينفعه أحد عندما غضب شعبه وثار ضده, جميعهم تخلوا عنه حتى من كان قبل أيام يهتف بحياته ويتكسب ويسرق وينهب من وراء هتافاته الكاذبة بحبه والولاء له... هؤلاء هم الذين ظلّلوك يا شين..هؤلاء هم الذين حجبوا عنك شعبك فلم تفهمهم إلا بعد فوات الأوان..الآن فهمتكم..لا يا بن علي ليسوا هم من ظلّلوك وليسوا هم الذين منعوك من فهم شعبك...هو أنت وحدك من اختارهم ونصّبهم على شعبه ليذلوّه وينهبوا خيراته, وعندما رأوك سارقا وأنت القدوة سرقوا مثلك, أنسيت يا شين قصة عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما جاءته كنوز فارس ولم ينقص منها شيء, عندها قال له أحد الصحابة رضوان الله عليهم: لو رتعت يا عمر لرتعوا..لكنّ عمر لم يرتع..فلم يرتع من استأمنهم على شؤون المسلمين, عمر رضي الله عنه لم يكن من خيرة الصحابة فقط, بل اختار من هم في خيرته وأمانته وحرصه فأمّرهم شؤون الناس, ولم يكن يتهاون اتجاه من ينحرف عن طريقه المستقيم.

نعم  يا شين العابدين فقد خسرت الدنيا وخسرت الآخرة, ولن تتذكر من النعيم الذي عشته شيئا, بل إن محمد البوعزيزي رغم انتحاره إلا أن التاريخ لن يذكره إلا بكل فخر واعتزاز كبطل حرر شعبه ذات يوم من طاغية كان اسمه...زين العابدين.. وبات محمد رمزا للنضال والثورة على الظلم  والقهر, وبت أنت رمزا ومضربا للمثل السيئ.. فاعتبروا يا أولي الحكم والأبصار.

 

rawwad2010@yahoo.com

 

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
17-01-2011 01:51 PM

يقول المثل "العاقل من اتعظ بغيره والشقي من اتعط بنفسه" وانا اضيف "الاشقى من لم يتعظ لا بغيره ولا بنفسه"

2) تعليق بواسطة :
17-01-2011 03:31 PM

مقارنة رائعة

3) تعليق بواسطة :
17-01-2011 05:37 PM

الحاكم الفطن هو من يجعل شـــعبه رأس ماله وحياته

4) تعليق بواسطة :
17-01-2011 07:13 PM

اخي الكاتب العزيز
لقد نسيت دور ليلى طرابلسي وعائلتها وكيف سيطرت على الاستثمارات التي كانت تقتصر على العاصمه ونسيت انها كانت تحكم تونس وليس بن على الرجل الضعيف الذي ما ان غادرت ليلى طرابلسي حتى بداء بالانهيار ...ونسيت ان البطانه التي حول الرئيس لم تعطه صورة حقيقيه عن الوضع الاجتماعي الحقيقي والام الناس وهمومهم ...ان كهلا عمرة خمسه وسبعين عاما لن يكون بقوة زوجته التي سيطرة على تونس بالمال والاقارب ...هل تعلم انه كان لها جهازها الامني الخاص ....الا تذكر انها نصبت على سهى عرفات ب 2,5 مليون دولار ...شايف زوجات العجائز ماذا تفعل .

زين العابدين بن على ...اسمه الجديد ( زين الهاربين بن على )

الشأن التونسي وما حدث فيها درس ...يجب الاستفادة منه .....للمحافظه على القوة الفاعله بالوطن الا وهي قوة الشعب ( فقراءه والعاطلين عن العمل ) هم القوه الفعليه

5) تعليق بواسطة :
18-01-2011 02:56 AM

بلادٌ مـاتَ فتيتهـا لتحيـا وزالوا دونَ قومهمُ ليبقـوا

وحُررتِ الشعوبُ على قَناها فكيـف على قَنَاها تُسترَقُّ؟

وللأوطـانِ في دمِ كلِّ حُرٍّ يدٌ سلفت ودينٌ مستـحقُّ

ففي القتلى لأجيالٍ حيـاةٌ وفي الأسرى فِدىً لهُمُ وعتقُ

وللحريةِ الحمـراءِ بـابٌ بكل يدٍ مضرَّجـَةٍ يُـدقُّ

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012