أضف إلى المفضلة
الإثنين , 29 نيسان/أبريل 2024
الإثنين , 29 نيسان/أبريل 2024


جيش مترهل وأسلحة قديمة !!

16-10-2014 12:35 PM
كل الاردن -
في خطابه أمام الأكاديمية العسكرية التركية في اسطنبول، في آذار (مارس) 2012، قال الرئيس السابق عبد الله غول إن أسلحة الجيش التركي تعود إلى الستينات من القرن العشرين، وأن بنيته المترهلة تذكر بجيوش الحرب الباردة.


يعتبر الجيش التركي ثاني أكبر جيوش البلدان الأعضاء في حلف الأطلسي، لكن هذا الجيش، ومنذ تراجع الأحزاب الاتاتوركية أمام زحف الأحزاب الإسلامية، تحول إلى جيش مترهل لا يفتخر قادته إلا بعديده البالغ 510 آلاف، من ضمنهم 100 ألف من الجندرمة (القوات شبه العسكرية). إذ فقدت المؤسسة العسكرية حظوتها، التي نالتها خلال فترة حكم الأحزاب الحارسة للتعاليم الاتاتوركية، وفضلت الحل التوافقي مع حزب العدالة والتنمية على الانقلاب.

ويقال إن الرئيس التركي رجب طيب اردوغان عرف كيف يطمئن المؤسسة العسكرية، وجنرالاتها وضباطها، لأنه وعد بعدم المساس بالمؤسسة الاقتصادية التابعة للجيش التركي. ومعروف أن كبار الضباط في الجيش التركي يمتلكون أسهماً كبيرة (من مالهم الخاص) في الاقتصاد التركي، وترتفع حصتهم إلى 30% من استثمارات المؤسسة العسكرية، بحسب تقدير مجلة 'التقنية العسكرية' الألمانية.

واعتمدت السياسة العسكرية التركية اسلوب الانتاج الثنائي (للأغراض المدنية والعسكرية) في محاولتها للرقي بالجيش إلى مستوى جيوش بلدان الناتو المتقدمة، وسمحت على هذا الأساس منذ الثمانينات بمساهمة الشركات التركية الخاصة ورأس المال الخاص في هذه المشاريع.

وأصدرت وزارة الدفاع التركية مطلع الثمانينات قراراً يشجع الضباط، ذوي الرواتب العالية عادة، على الاستثمار في الإنتاج العسكري (الثنائي)، وسط وعود بعوائد وأرباح عالية. وسارت تركيا منذ ذلك الحين باتجاه عسكرة الاقتصاد الوطني إلى حين وصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة.

تطور الاقتصاد العسكري
تحول الجيش التركي حتى عام 1985الى أحد مدافن سلاح الناتو المجانية بفضل ارساليات السلاح الاميركية والألمانية التي كانت ترسل إلى تركيا بدلاً من اتلافها . لكن تركيا الطامحة إلى تصدير السلاح الى الشرق الاوسط والتخلص من تبعيتها العسكرية لحلفاء الناتو الاغنياء بدأت مسيرتها العسكرية منذ أكثر من ثلاثين سنة بتأسيس أول مشروع عسكري تركي اسمه ريمو-1.

وفي اطار هذا المشروع، بنت تركيا أول مصنع عسكري لانتاج الأجهزة الالكترونية والأدوات الاحتياطية في نهاية الستينات تحت اسم ASELSAN. إلا أن عصر نهضة التصنيع العسكري التركي بدأ فعلاً بعد عام 1985حينما قرر الناتو دعم طموحات تركيا، التي تقدمت بها إلى الحلف في ذلك العام بشكل مذكرة، تطالب الناتو بالعمل على تحويل الجيش التركي إلى جيش حديث أسوة ببقية أعضاء الناتو، وذلك في خطة من عشر سنوات تمتد حتى 1995.

وتأسست في ذلك العام مديرية دعم وتطوير الصناعة العسكرية التركية SAGEB ساغب، التي أخذت على عاتقها مهمة البحث عن المصادر التمويلية اللازمة. كما سنت الحكومة التركية في ذات العام القانون رقم 3238 الذي يسمح للشركات التركية الخاصة بولوج قطاع الانتاج العسكري. وبسرعة مذهلة بدأت مديرية ساغب بابتلاع الميزانية العامة. وبعد أن قفزت الميزانية العسكرية التركية فجأة إلى 743 مليون دولار سنة 1988 تجاوزت ميزانية 1991العسكرية الملياري دولار، وصارت تبتلع مبالغ المساعدات المدنية القادمة من الجماعة الاوروبية والولايات المتحدة، إضافة الى الضرائب المفروضة على المواطنين (وفقًا لما تذكره مجلة التكنيك العسكري Wehrtechnik العدد 5 لعام 1989). وهكذا فإن الاقتصاد التركي تمت عسكرته بالكامل منذ عام 1988 وصارت الميزانية العسكرية تبتلع 30 % من الميزانية العامة، أي ما يتجاوز 2 مليار دولار اميركي ويشكل 5- 10من اجمالي الناتج الاجتماعي التركي.

وإضافة إلى (ساغب)، أسست الحكومة التركية شركة اوياك OYAK كمؤسسة مساعدة للجيش في مجال التصنيع العسكري. وتحول الجيش بفضل هاتين المؤسستين العسكريتين وميزانيتهما الهائلة إلى سلطة حقيقية في تركيا. وحققت المؤسستان عام 1989 أرباحاً قدرها 6 ملايين مارك. ثم جرى تأسيس مؤسستين إضافيتين من قبل وزارة الدفاع، هما معهد دعم سلاح الجو ومعهد دعم سلاح البحرية التركية. اما الجهاز الاداري الذي ينظم عملية الانتاج العسكرية وينفذها فتأسس عام 1985 باسم السكرتارية المساعدة لصناعة الدفاع SSM، ويقودها وزير الدفاع مباشرة، ووضعت الحكومة تحت تصرفها مبلغ 10 مليارات دولار لتنفيذ المشاريع العسكرية حتى عام 1995. ومولت هذه الادارة مشروع انتاج طائرات ف-16بمبلغ 4 مليارات دولار. وهو مشروع مشترك مع الشركة الاميركية جنرال داينمك .

وسنت الحكومة التركية في عام 1918 القانون رقم 6224 الذي يسمح للشركات الاجنبية أيضاً بالمشاركة والاستثمار في صناعة السلاح التركي وبتسهيلات ضرائبية وجمركية مغرية. وتأسست اثر ذلك القانون العديد من الشركات الجديدة المشتركة التي تساهم مؤسسة ساغب وبناتها بحصة الأسد في رأس مالها. مثال ذلك شركة التصنيع العسكري MKEK التي تصنع الرشاشات بترخيص من شركتي راين فالRheinfall وكوخ Koch الألمانيتين.

جيش مترهل وقديم
حركت تركيا يوم 25 سبتمبر الماضي نحو 30 دبابة إلى الحدود مع سوريا اثر تقدم ميليشيات 'داعش' باتجاه كوباني القريبة. وكشف هذا الإجراء عودة الجيش التركي إلى عصر الحرب الباردة الذي تحدث عنه عبد الله غول قبل سنوات. إذ تناقلات وسائل الاعلام تحرك الدبابات من طراز م 60 باتجاه الحدود مع سوريا، ويعرف الجميع أن الناتو حول هذه الدبابات إلى خردة منذ انتهاء حرب تحرير الكويت عام 1991.

تشكل هذه الدبابات العتيقة الطراز ثلث ترسانة تركيا من الدبابات، وتشكل النسخة الأقدم م 48 الثلث الآخر، أما الثلث الأخير فتشكله دبابات ليوبارد الألمانية الحديثة التي اشترتها تركيا عام 2007.
وهذا ما قصده عبد الله غول بالضبط في حديثه أمام الأكاديمية العسكرية في اسطنبول في آذار (مارس) 2014 أيضاً. إذ أشار إلى أن كافة دول الناتو اعادت النظر ببنية جيوشها، وحدثت تسليح قواتها، إلا تركيا. وقال غول إن الجيش التركي أصبح عتيق الطراز رغم أن تركيا تقف على حدود أكثر منطقة نزاعات في العالم، وهي الشرق الأوسط. وأضاف أن تركيا تطورت على كافة الأصعدة عدا عن الصعيد العسكري.

شكل غول عام 2014 لجنة خاصة لدراسة سبل تطوير الجيش التركي، ثم قدم في آب (اغسطس) من نفس العالم، أي قبل تنحيه انتخابياً لصالح اردوغان، ورقة عمل من 220 صفحة، لم تنشر الدولة سوى 42 صفحة منها. وطالبت اللجنة بالتخلي عن نظام التجنيد الإلزامي، وتقليص عديد الجيش التركي، وتحويله إلى قوات منقولة سريعة الحركة، وتسليحه بأفضل الأسلحة.

صفقات جديدة
لا تقتصر خطة غول الطموحة لتطوير الجيش التركي على تحويل الجيش التركي إلى قوات مسلحة حديثة فحسب، بل وتحويل تركيا إلى منتج يصدر السلاح الحديث إلى بلدان المنطقة حتى عام 2023. وطالبت ورقة العمل بتحويل تركيا إلى منتج للسلاح تحتل مكاناً لائقاً في قائمة أكبر الدول العشر المصدرة للسلاح.
وهكذا وظفت تركيا عدة مليارات في العام الماضي من أجل تحديث طائرات ف16 التي تشكل غالبية ترسانتها الجوية القتالية. ثم خصصت 10 مليارات يورو لانتاج طائرة مقاتلة خاصة بها بالتعاون مع شركة 'ساب' السويدية، وذلك خلال 10 سنوات. ويفترض أن تحلِّق الطائرة الأولى من هذا الطراز في العام 2023. ووظف الجيش أيضاً مبلغ 2 مليار يورو لبناء مصانع خاصة بها لإنتاج 250 دبابة كورية جنوبية من طراز 'كي2 بانثر' في تركيا. ثم اتفقت حكومة اردوغان مع شركة اوغوستا ويستلاند الايطالية على إنتاج طائرات هيليكوبتر قتالية من طراز ت 129 في ايطاليا، على أن يجري لاحقاً انتاجها في تركيا.

ويشير معهد الأبحاث السلمية في ستوكهولم (سيبري)، إلى أن تعداد الجيش التركي يبلغ نحو نصف مليون فرد، منهم 100 ألف من الميليشيات شبه العسكرية المسماة بالجندرمة. ويمتلك الجيش التركي 2500 دبابة، و8000 مدرعة، و350 طائرة معظمها من طراز ف16. وجاء في تقرير(سيبري) السنوي لعام 2013، أن تركيا وظفت في تسليح جيشها 19,1 مليار دولار، وان ذلك يزيد بنسبة 13% عن عام 2004، وشكل هذا المبلغ نسبة 2,3% من اجمالي الانتاج الوطني التركي.

الحسم العسكري ضد داعش مستبعد
واضح من خطط تطوير الجيش التركي أنها خطط طموحة للمستقبل لا تتحدث عن حال وجاهزية الجيش التركي الحالية. ويعتقد العديد من المحللين السياسيين الألمان، والعديد من الخبراء العسكريين، أن الجيش التركي غير مؤهل حالياً لحسم المعركة مع داعش بمفرده، ودون دعم لوجستي وجوي واستخباري من الناتو، كما يشككون في قدرات الجيش التركي، في حال دخوله المعارك بمثابة قوة عسكرية أرضية، على حسم المعركة عسكرياً.

إذ عجز الجيش التركي، وهو في قمة تطوره في الثمانينات والتسعينات، عن حسم المعركة عسكرياً مع حزب العمال الكردستاني. والحقيقة أن الجيش التركي انتصر في بعض المعارك، وبسط سيطرته على بعض المناطق، ونجح في اعتقال الزعيم عبد الله اوجلان، إلا أنه لم يحسم المعركة عسكرياً، واضطر في النهاية إلى التفاوض مع من كان يصفهم بالارهابيين.

من ناحية أخرى، استورد الجيش التركي دبابات ليوبارد الجبلية من ألمانيا كي تعينه في قتال حزب العمال الكردستاني المتمترس في الجبال، إلا أنه فشل في مواجهة تكتيكات الحزب الكردي التي تعتمد أساليب حرب العصابات. ويضع هذا الفشل علامة استفهام على جاهزية وتسليح وقدرات الجيش التركي على حسم المعركة مع ميليشات أكثر تطوراً وافضل تسليحاً، مثل تنظيم داعش.

ثم أن هناك قناعة، في العالم العسكري اليوم، بأن طريقة التجنيد الإلزامي لن تخدم مصالح الدول الراغبة في التطور والتحول إلى قوة عسكرية عالمية تصدر السلاح. ويرى هؤلاء المحللون أن استخدام تركيا الجيش الإلزامي سبب أساسي في فشلها في القضاء على حزب العمال الكردستاني.

ملفات فساد
ويبدو أن قطاع الانتاج العسكري لا يخلو من الفساد الذي كاد يطيح بحكومة اردوغان قبل فترة قصيرة. وهذا شيء متوقع اذا عرفنا أن أكثر من 540 شركة تركية واجنبية تساهم في مشاريع انتاج الأسلحة لصالح الجيش، يضاف إليها عدد غير معروف من الرأسماليين العاملين في الجيش. دليل ذلك أن توظيفات الدولة في شراء الأسلحة، بحسب معهد(سيبري)، شكلت 2,3% من إجمالي الإنتاج الوطني، وهي أعلى نسبة من نوعها بين دول حلف الناتو، إلا أن الجيش التركي بقي متخلفاً عن الجيوش الأخرى بنحو 30 سنة.

فضلاً عن ذلك، ورغم تعهد ألمانيا بتدريب القوات العسكرية التركية، لا يبدو أن الجندي التركي مؤهل لاستخدام الأسلحة الجديدة الموجهة بالليزر، وأحدث التقنيات. بل أن الجندي الألماني، بحسب اعتراف وزير الدفاع الألماني السابق رودولف شاربنغ (في زمن المستشار جيرهارد شرودر)، متخلف في هذه الناحية عن الجندي الأميركي. هذا يعني أنه سيقع على القوات الاميركية، في حال تدخل تركيا عسكرياً، أن تدرب الجندي التركي كما تدرب جندي البيشمركة الكردي.

هل يمكن لجيش بهذه الحالة أن يحسم المعركة عسكرياً مع داعش؟ ينفي المحلل العسكري راينر هيرمان، من جريدة فرانكفورتر الجيماينة، ذلك قطعياً، لأن جاهزية الجندي التركي القتالية برأيه لا تزيد عن قدرات دبابة م60 التي أرسلت إلى الحدود السورية لمواجهة تقدم داعش.



إيلاف
التعليقات

1) تعليق بواسطة :
16-10-2014 01:27 PM

اردوغان وحكام الخليج سيان

2) تعليق بواسطة :
16-10-2014 02:31 PM

هاظ عندهم جندرما (درك )مثلنا .الجيش التركي هو من بقايا الجيش الانكشاري ولا فائده ترجى منه وخصوصا ان نسبه عاليه منهم اتاتوركين .يعني بالمجمل هو من حثالة الجيوش وهو اشبه بميليشيات لها قياده مركزيه .

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012