أضف إلى المفضلة
الأحد , 28 نيسان/أبريل 2024
الأحد , 28 نيسان/أبريل 2024


فؤاد البطاينه يكتب : نعم ، من نحن ثم من أنتم ؟

بقلم : فؤاد البطاينه
15-05-2015 08:04 PM

من يدخل الكثير من المنازل الأردنية يرى فيها التحديث ومنتجات العصر من تكنولوجيا وأجهزه ، وخزائن تحتضن المجلدات والكتب الثقافية والسياسية والادبية . ويرى الجدران مزينة باللوحات وبالشهادات العلمية من أرقى الجامعات ، ولجانبها يرى سورا مختارة من هدي القرآن الكريم . كما يرى التحديث في مأكولاتهم والبستهم وألسنتهم ، ويستمع لبعض الإعوجاج في لكناتهم او لبعض الاستقامة بالفصحى . وكلها رسالة بأنهم اوسع ثقافة وتحضرا في سلوكهم ومفاهيمهم من سابقيهم ومن غيرهم . وبأن ذوقهم راقي وتفكيرهم سامي والتحديث قائم .

ومن يقرأ كتابات الإعلاميين والصحفيين والكتاب ويستمع لأحاديث ومحاضرات النخب في المنتديات يشهد فيها الحكمة ترشح ، وتفيض معها معاني الانفتاح والحس بالآخر وبالمصلحة العامة ، وعواطف الوطنية وأحاسيس القومية وأفكار الديمقراطية .

وينضم اليهم المسئولون في تصريحات بالنظرة الشمولية للوطن ومواطنيه ، تردفها عبارات التجرد وحمرة خطوط المصلحة العامة ومحاربة الفساد والجهوية والمناطقية . أما في شوارع الدولة فيرى التنظيم والطرق ذات المسارب والجسور والانفاق والبنايات والحدائق والجنان ، حتى لو كان من فيها على سفر . ويخال الغشيم نفسه أمام بنية تحتية لدولة عظمى ، ويتعزز الغشم في سيل من المؤسسات المستقلة لتردف عمل الوزارات المثقل ، لزيادة الانتاجية وتنوعها . ما شاء الله .

الا أن المتتبع للواقع على الارض يرى عجز العلم والجامعات ومعهما معايشة تجارب الشعوب المتحضرة عن التأثير في نهج وطريقة التفكير فينا وفي سلوكنا. وأن عبارة مكانك قف ما زالت تلازمنا ، مواطنين ومسئولين . ويلحظ حربا على الأقوال والوعود وانكارا للمثل والقيم الوطنية والاجتماعية ، وخللا بين مادة المقدمة ونتيجتها ينسف علم المنطق ، بل يلحظ جرأة عند البعض تنسف علم الحياء والاخلاق بين ما يقولون ويكتبون ويصرحون في العلن ، وبين ما يقولونه ويمارسونه من نقيض يبرزه تقوقعهم في خلواتهم حول أدبيات مضافة العشيرة غير المستنيرة ، والقبلية الجاهلية النفعية والتعصب الجهوي وكل مخلفات الماضي وعناوين التخلف والرجعية التي تخلت عنها الشعوب المتطلعة للمستقبل . وليس من أثر في نفوسهم وعقولهم وممارساتهم لما يقال أو يكتب ، بل انعداما بالحس الوطني والمسئولية العامة وتفكك في النسيج الوطني على الأرض مشفوعا بدور لأياد رسمية خفية عطلت علم الجغرافيا في الاردن لتخلق خللا في النسيج الاجتماعي ولحمته , فطوعت الخارطة الجغرافية الطبيعية الى سكانية لتولد المناطقية الاجتماعية علامة تجارية نحتكرها . وأصبح الشمال في بلدنا وسطا ، والوسط جنوبا ،.والجنوب غائب ومعه شمال الشمال.

وإن المراقب عندما يستعرض عمل أجهزة الدولة دون استثناء يرى تلك الظواهر قد انتقلت اليها لتسودها وتحكم سلوك العمل العام حتى لا نجد أثرا للحس بالمسئولية العامة ولا بفكرة الدولة . وتترجمت العلاقة بين الشعب والحكومة إلى صراع وخصومة محلها شعور المواطن بأنها ليست منه ولا له , ابتدأت سياسية وحسمت بتحويلها لحرب افقارية وتجويعية مستمرة طالت كل أسباب الحياة والمعيشة حتى فقد المواطن الحس والإحساس بما يجري له ، وتبلد و عادت الحكومة لا تحس بوجوده . ولا بالوطن عندما يرهن مستقبله السياسي بمليارات المديونية بلا حسبة اقتصادية ، والحكومة في كل هذا تعرف بأن مرجعيتها ليست الشعب وبأن واجبها يقتصر على ارضاء من بيده أمرها. ليصبح الصراع عبثيا والموقف الشعبي من الحكومة مجرد نفاق وقصر ذيل . فالكل يعلم أن الحكومة مجرد منفذ لسياسات ، لتصبح مأجورة وأجرها الكبير يس على الله إطلاقا .

وبهذا يقول المنطق ، أن ليس من وطني ولا صادق ، ولا من أمين على مصالح الأمة من المسئولين من يتبجح بحرصه على الاردن وشعبه عندما يكون طرفا في جعل الدولة نهبا للناهبين ومطية لأعداء الأمة .

وأن ليس من اردني أو مواطن صادق أن يخفض رأسه ويسكت عندما يرى وزارات ومؤسسات ودوائر كبيرة تسوقها عصابات السراق وتوجهها الشللية العمياء أو العصبوية البغضاء وتصبح مفرخة للفساد وافتراس المنصب العام والمال العام والخلق العام . وأخرى يسودها لون جهوي أو مناطقي واحد في عملية تدمير للذات والدولة ، عندما يهمش الشعب بتصنيفات واطية تقصى الأكثرية حتى يضيق الوطن بأهله ، في مشهد معيب أخلاقيا ووطنيا ودستوريا ، وبالذات في بلد كالأردن في طبيعته السكانية الاجتماعية والاقتصادية
والمخاطر الخارجية التي تواجهه . ليتكرس الشعور بالغبن والتمييز
والاحباط لدى المواطنين ، وتنبت الكراهية والفرقة بينهم وبما يفقدهم الحس بالمواطنية والوطن ويهز انتماءهم للدولة ويخلق فيهم روح الثورة على المؤسسة وقوانينها وعلى مجمل النظام .

إن المسئول أو الحكومات التي تتغاضى عن أهمية الإنتباه الى هذا الإتجاه ، أو تنكر وجوده أو تناميه لكي لا تحاربه ، فإنما هي كمدركة لمفهوم المواطنة وفلسفة وجود الدولة ولواجباتها وولايتها ، تصبح نفسها وسيلة وجزءا أساسيا من مسلسل الهلاك في النهاية وستكون بالضرورة حكومات غير وطنية ولا منتمية، وتتحمل المسئولية ولا يعفيها من المساءلة منطق أو قانون ، ولا يحميها ما تعبد . وان كون هذه الظواهر موجودة ،واستمرارها يستلزم تغذيتها ، فإنه لا يمكن لها الا أن تكون مكشوفة للجميع وأنها في النهاية ليست لمصلحة الجميع . إنها ظواهر لا تقف عند الإجهاز على أمال وثقة المواطن أو على كل ما أنجز من شكليات ترسيخ الدولة ، بل ستتعداه الى تحقيق الهدف الذي توخاه المستعمرون الغربيون والصهاينة من اخراج الارض الاردنية من وعد بلفور . وهو أن لا يكون الأردن دولة للأردنيين ، بل دولة مرحلية لاستيعاب المكونين السياسي والسكاني للشعب الفلسطيني ومهجرا لكل مهجري العرب والعالم إسهاما أساسيا في تحقيق المشروع الصهيوني في فلسطين ، والغربي في المنطقه ،
إن الاستقرار الأمني والسياسي الذي نعيشه يبقى هشا ، بل وهما خادعا يخفي خلفه أبشع صور النتائج السياسية والاجتماعية والأمنية ، ما لم يكن قائما على أسسه ، ومتصلا بالمستقبل على قواعد علمية شفافة تقنع المواطن ، بعيدا عن الخطابة ومخاطبة العواطف التي أخذ زبائنها يتناقصون . والبداية لا تكون إلا من البيت .

فلا بد من استيعاب منطق التاريخ ، ومن قراءة صحيحة وأمينة لما جرى ويجرى في العالم الحر من سيرة وتطور ، وما يجري في بلدنا وجاراتها من منظور وطني وقومي ، والجنوح نحو احترام عقول وكرامات وحقوق الناس والوطن ، والرضوخ لمفهوم الشراكة في القرار والمسئولية . فالخوف على حاضر الوطن ومستقبله ، وحاضر ومستقبل أبنائه مسألة جدية قديمة حديثة ، وإذا القطاف قد حان وقته . فكلنا في هذا مسئولون . ولن يفلت حينها دجال يلبس ثوبنا ولا متاجر بالأوطان وقضايا الأمة . وفي الختام أقول للشعب الأردني وأنا لست مستهلكا للخبز ، ألا ترى من الخطأ والسذاجة أن تعترض وتثور فقط على رفع الدعم عن الخبز ، وكأن كل ما سبقه خط أخضر ومسكوت عنه ، وللحكومة أقول إمض مع الأضواء الخضر المعطاة لك ، فلا تبقي ولا تذري وضعي ضريبة على تنفس الهواء فهكذا مضبطه لها هذا الختم

التعليقات
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012