03-01-2015 12:25 PM
كل الاردن -
في ظل الحديث عن عاصفة شتوية باردة ستجتاح المملكة هذا الاسبوع وموسم زاخر بالأمطار، ثمة من سيستقبلها في العراء.
رائد الذي يجلس بالعراء مقابل شارع القصور وتحديدا منطقة (رغدان السياحي) في كهف مهجور وتحت غطاء عبارة عن 'حرام' يقيه البرد منذ ما يناهز العامين؛ لا يجد كلمات شرح فيها حاله سوى كلمة 'ظروف'.
أصابع رائد زرقاء ومع ذلك يدفئهم بحرارة 'ولاعة' يحملها مع علبة السجائر، وقدماه التي ترسبت عليهما طبقة كاملة تحمل لونا غامقا من آثار المشي بالشارع دون حذاء أغلب الوقت تقيه بشكل أو بآخر برودة الاطراف.
رائد يحدثنا عن نفسه ويقول أنه معتل صحيا بمرض (انفصام الشخصية) التي شخصها أكثر من طبيب بالمملكة يعرفهم بالاسم، إلى جانب أنه لا يحمل رقما وطنيا ولا يعلم سبيلا لنجاته سوى عدم الاقتراب من الناس منعا لأذيتهم كما يقول خصوصا وأنه طرد من العمل بسبب مرضه.
لا دواء لا غطاء لا بيت سوى جدران الكهف الذي لا يكاد يتسع له مع ظله؛ يعتبره رائد يقيه حرّ الصيف وبرد الشتاء بأغطية و'حرامات' يقدمها متبرعون له فتسنده قليلا من هواء البرد القارس وحرارة الشمس في صيف لأهب.
ويتحدث رائد الينا ويقول أنه درس الاقتصاد في الجامعة الأردنية لمدة ثلاث سنوات في العام 1985 آتيا من الضفة الغربية (فلسطين)؛ لا يدري كيف أصيب بالسنة الرابعة من الدراسة بمرض الانفصام فلم يكمل دراسته.
وبعد محاولات عدة وظروف اجتماعية قاسية حاول العمل بأكثر من مهنة وبسبب مرضه وعدم قبول أي صاحب عمل له تم فصله أكثر من مرة وهو الأمر ذاته بالنسبة للمنزل وإيجار البيت الذي منذ سنتين لم يكن لديه القدرة على دفع إيجاره فاضطر لأن يخلق ملجئا ذاتيا لنفيه في كهوف المدن.
عائلة رائد التي لا يعرف عنها شيئا يقول انه تعرض فيها لقسوة كبيرة جعلته يتركهم منذ شبابه؛ وهو ربما الأمر الذي جعله يصاب بمرض نفسي على حد قوله.
لا يعرف رائد ماذا يريد من الحياة سوى أنه يردد قائلا' أتحمل البرد والثلج واستطيع العيش في هذا المكان، آكل وأشرب من عطاء الناس والمارة الذين لا يتوانون عن تقديم ما يفيض عن حاجاتهم وطعامهم'.
حذاء وحيد يملكه رائد لا يعلم من أين له بمعونة حين سألته ويقول أنه لا يدري ولا يعرف كيف يحصل على أية معونة وهو لا يحمل رقما وطنيا.
تنقل رائد بين الزرقاء ومدينة عمّان و2015 هي السنة الثالثة له في العراء، ولا سبيل لديه سوى أن يقبل أي معونة تقدم له ليشتري أدويته وسجائره. مؤكدا أنه يستطيع العمل بأي وظيفة يقدر فيها صاحب العمل ظروفه النفسية.
رائد يقول أنه يريد مساندة حقيقية لا يعلم كيف تكون، ولا يدري من يعطف عليه وهو في حالته، مؤكدا لـ'الغد' انه على استعداد أن يكون هناك من يقدم له عونا خالصا يستوجب معرفة حالته الصحية والنفسية.