05-02-2011 08:49 AM
كل الاردن -
قيس مدانات
تسمي الحكومات الأردنية الواحدة تلو الأخرى نفسها بحكومة الملك في محاولة منها لزعم أنها تمثل الخطاب الملكي وإضفاء صفة القدسية على قراراتها، غير أن الواقع يفسد عليها زعمها لأن جلالة الملك على استعداد لأن يقيل الحكومة إن هي حادت عن الطريق ولم تنفذ توجيهاته، كما أن قرارات الحكومة وأفعالها لا تحمل صفة القدسية حتى وإن كان جلالة الملك وجهها لتنفيذ أمر ما، فأوامر الملك الشفوية أو الخطية لا تخلي الوزراء من مسؤوليتهم بحسب المادة 49 من الدستور، هذا أولا، ولأن التنفيذ ليس بالضرورة أن يكون متطابقا مع التوجيهات الملكية.
لاحظنا هذا مراراً على مر الحكومات السابقة في عهد الملك عبدالله الثاني، وكان توجه الحكومات ونهجها وسياساتها مغايراً لما حملته كتب التكليف لتلك الحكومات، ولو أن حكومة واحدة كانت على قدر المسؤولية بادارة شؤون البلاد، والتزمت بما جاء في كتاب التكليف السامي لاستمرت ولم يكن من داع لاقالتها بعد فترة قصيرة.
الظاهرة الثانية هي كثرة استعمال اسم الملك والتحصن خلفه عند مناقشة الوزراء بأمر ما أو انتقاد قرار معين، ويقولون إنها توجيهات "سيدنا" وهي لم تكن كذلك. حتى أن جلالة الملك نفسه أثار هذه النقطة وابدى استيائه منها أكثر من مرة، وقد كررها جلالته خلال لقائه بالنواب قبل أيام حيث قال: "لا أريد أن أسمع أحدا يقول في توجيهات من فوق."
لن ندخل هنا بضرب الأمثلة فهي أكثر من أن تحصى، ولن نستذكر الماضي بتفاصيله فالكل يعرفه جيداً، والكل يعرف أن كتب التكليف كانت تحمل في طياتها توجيهات للإصلاح السياسي واطلاق الحريات والتنمية وحماية أبناء الشعب من الغلاء وحفظ كرامة عيشهم ولكن الحكومات كانت تفعل العكس تماماً.
من يضمن أن هذه الحال ستتغير بقدوم حكومة أخرى؟ وهل أن الدكتور البخيت وحكومته سيلتزمون بكتاب التكليف تماماً؟ وهل أنهم قادرون على تنفيذ تطلعات الملك والشعب معاً؟
للأردنيين تجربة سيئة مع حكومة معروف البخيت السابقة، بل ومعه شخصيا كونه رئيس تلك الحكومة، ويرتبط اسم معروف البخيت بعدة أمور سلبية لدى الشعب الأردني أشهرها قضية الكازينو والانتخابات البلدية والنيابية، حتى أن النائب المخضرم ممدوح العبادي وصفه ببطل الكازينو. شهد الشارع الأردني انتقادات عدة لتعيين البخيت في هذه المرحلة، حيث أن المطلب الشعبي لم يكن إقالة الرفاعي وحكومته وحسب، بل كان المطالبة بتغيير النهج في اختيار الحكومات، وبالتأكيد اختيار شخص يحظى باجماع شعبي وتشكيل حكومة وطنية تعمل على تنفيذ ما يريده الأردنيون.
بالنظر لكتاب التكليف لحكومة الدكتور البخيت والظروف التي يمر بها الأردن حاليا، تتضح جسامة الموقف وحجم المطلوب من الحكومة المرتقبة. المسيرات والاعتصامات والأصوات المتزايدة تطالب بتغيير حقيقي ومحاسبة الأفعال السابقة، فالمطلوب إذاً من الرئيس المكلف تحقيق هذه المطالب وهو أمر ليس يسيراً على الإطلاق بالذات على شخص معروف البخيت. كما أن جلالة الملك الذي أمضى وقتا طويلاً في مشاوراته مع الأعيان والنواب والشخصيات الوطنية قبل إقالة حكومة الرفاعي يبدو أنه يملك معلومات عن أشخاص قاوموا التغيير "حماية لمصالحهم"، وأشخاص اتبعوا "سياسات الاسترضاء التي قدمت المصالح الخاصة على الصالح العام، فكلفت الوطن غالياً وحرمته العديد من فرص الإنجاز"، وهو بهذا يدعو إلى محاسبة هؤلاء الأشخاص على ما اقترفوه بحق الوطن والمواطن، وعلى استغلالهم للمنصب العام، وهي مهمة جسيمة نظراً لثقل المتورطين فيها. فهل يسمي الرئيس الجديد حكومته بحكومة الملك حسب الطريقة الأردنية؟