أضف إلى المفضلة
السبت , 27 نيسان/أبريل 2024
السبت , 27 نيسان/أبريل 2024


بدران: زيارة السادات للقدس والكنيست كانت يوما أسود وكسرت ظهر الأمة

13-02-2015 02:13 AM
كل الاردن -
يكشف رئيس الوزراء الأسبق مضر بدران، في حلقة اليوم، تفاصيل شيقة عن سلسلة من اللقاءات التاريخية، التي جرت في نهاية سبعينيات القرن الماضي، بين الراحل الملك الحسين والراحل الرئيس المصري الأسبق محمد أنور السادات، والرئيس السوري الراحل حافظ الأسد، والتي كان بدران شاهدا عليها. مستعرضا جهود الوساطة الأردنية لتقريب وجهات النظر بين القاهرة ودمشق.
ويؤكد بدران، في حلقة اليوم من سلسلة حلقات 'سياسي يتذكر' ، بأن السادات أخفى عن الملك الحسين وعن حافظ الأسد نيته القيام بالزيارة الشهيرة للقدس، لكن انفعال السادات في لقاءين منفصلين كشف نواياه مبكرا.
ويذكر بدران بأن الراحل الحسين خلال زيارته للقاهرة ولقائه بالسادات، وهو اللقاء الذي كان فيه الأخير متوترا جدا، نادى الحسين بدران وعبد الحميد شرف، إلى خارج الغرف في قصر عابدين، وجلسوا في الحديقة، وقال لهم: بأنه يشعر بأن انفعال السادات، وراءه أمر خطير، ومن المستحيل إلا أن يكون وراءه خطب جلل، وأنه يخطط ويدبر لأمر ما.
ويؤكد بدران بأنهم بعد مغادرتهم للقاهرة توجهوا فورا إلى دمشق، للقاء حافظ الأسد، عند الساعة 11 ليلا، وهناك تم أخذ موافقة الأسد على دعوته للسادات للقاء في دمشق.
ويصف بدران اللقاء، وفق ما نقل له سوريون، بأنه كان لقاء ساخنا، بين الأسد والسادات، وكان اللقاء بداية لقطع العلاقات المصرية السورية، قبل زيارة السادات للقدس وخطابه في الكنيست الإسرائيلي.
ويكشف بدران اليوم، لأول مرة، موقفا حادا جرى بينه وبين الراحل الحسين، على خلفية برقية أراد الحسين أن يرسلها للسادات، وجهود بدران في إحباط تلك الرسالة، التي كانت بضغط أميركي على الحسين.
وعن اتفاقية كامب ديفيد، أكد بدران بأن الحسين رفضها، وكان غاضبا مما قام به السادات، وأكد بأن السادات غرر به، وقال له بأنه، إذا لم يأخذ بكامب ديفيد، ما يريده، فلن يوقع على اتفاقية السلام مع اسرائيل.
وعن الضغوط الأميركية التي مورست على الأردن خلال مفاوضات كامب ديفيد، يؤكد بدران بأن الحسين كشف له رسالة وجهها الرئيس الأميركي جيمي كارتر، وجاء فيها: 'أن هناك خطورة عليك من ذهابك إلى كامب ديفيد، لكن أريدك أن تعلم، بأن الخطورة ستكون أكبر في حال عدم ذهابك'، لكن الحسين لم يضعف تجاه التهديدات الأميركية تلك.
وكان بدران قد تحدث في حلقة أمس عن جانب من تفاصيل لقائه الأول بنائب الرئيس العراقي وقتها صدام حسين خلال قمة بغداد، كما تحدث عن تحمل الحسين لبعض انفعالات بدران خلال عمله، كما كشف السبب الحقيقي وراء إحباط مشروع دولة الوحدة بين الأردن وسورية.
وفيما يلي نص الحلقة التاسعة عشرة:
* سبق لك أن كنت مع الراحل الحسين في زيارات للرئيس المصري انور السادات، وسعيتم من خلالها للتأثير عليه والوساطة لعدم خروج مصر عن الصف العربي، خصوصا بعد ما ألمح السادات لزيارته المرتقبة للقدس نهاية السبعينيات؟
- صحيح؛ قبل ذلك، ونحن في ذروة التنسيق المشترك مع السوريين، ذهبنا في احدى المرات في زيارة إلى القاهرة، حتى نحاول ترطيب الأجواء بين المصريين والسوريين.
وصلنا واجتمعنا مع السادات في قصر عابدين، كان باديا على السادات علامات الانفعال الشديد، ولم يكن طبيعيا على الإطلاق، وهاجم السوريين هجوما قاسيا، ولم يأت على ذكر الأسد، لكنه كان غاضبا جدا، من وزير الخارجية السوري، وقتها، عبد الحليم خدام.
تأخر وزير الخارجية المصري عن الاجتماع، ولما دخل اسماعيل فهمي، زاد انفعال السادات، واستمر في نقده القاسي للسوريين.
كان معنا عبد الحميد شرف، رحمه الله، وفي كل مرة يحاول ترطيب الأجواء، يقاطعه السادات، ويعود لنوبة الهجوم على سورية.
فعلا، من شدة انفعال السادات، كنت أشعر كيف أن الغطاء على الطاولة يهتز، عند قدمي، نتيجة اهتزاز قدمي السادات على الأرض.
وما إن توقف السادات قليلا عن الحديث، حتى باغته بالحديث، لكي يتوقف قليلا، فقلت له: أنت والأسد أبطال حرب تشرين، ولم يقولوا بأن الحسين بطلها، انتم الحلفاء في الحرب، ونحن لا نريد الحديث بينكما، وكل ما نستطيع فعله هو تقديم النصيحة.
وطلبت من السادات، أن نعقد اجتماعا بمصر، يرأسه السادات ويحضره الأسد، وندعم المصالحة، بحضور الراحل الحسين وخادم الحرمين الشريفين.
رفض السادات الأمر، فعاودت الاقتراح بأن ينعقد الاجتماع على مستوى وزراء الخارجية، فقال ليس في مصر، وقلت له نعقده في العقبة، فنحن بحاجة إلى تضامن عربي، فالأردن لا يمكنه الوقوف وحده على الجبهة الإسرائيلية، من غير تضامن عربي يدعم موقفنا.
لم يمانع السادات، ووجدتها فرصة لمحاولة الضغط عليه للقاء الأسد، فتابعت بالقول: لكن الأصح أن تواجها بعضكما كبطلين، فسكت السادات لبرهة، وقال إن دعاني فسأذهب لدمشق.

*وفعلا، هذا اللقاء، الذي جرى بين السوريين والمصريين، قبل أن يتفرد السادات بخطوة التفاوض المباشر مع إسرائيل، وهي الخطة التي رفضها السوريون؟
-بعد اللقاء مع السادات مباشرة، استعددنا بعد العشاء لمغادرة القاهرة، والتوجه لعمان، نادانا الراحل الحسين، أنا وشرف، خارج غرفنا في قصر عابدين، الى الحديقة، حتى لا يتم التنصت على ما سيقوله، وقال بأنه يشعر بأن انفعال السادات، وراءه أمر خطير، ومن المستحيل إلا أن يكون وراءه خطب جلل، بعد هذا الانفعال البادي عليه، وأنه يخطط ويدبر لأمر ما.
ركبنا الطائرة، واستأذنت الحسين أن نتوجه فورا إلى دمشق، بدل عمان، وقال بأن الوقت قد تأخر، فقلت له سننسق مع سفيرنا هناك.
فعلا، توجهنا إلى دمشق، والتقينا حافظ الأسد، وكانت الساعة 11 ليلا، وقلنا له ما حصل معنا في القاهرة، وأن السادات يقبل دعوة الأسد له إلى دمشق، فوافق، وفعلا قام بتوجيه دعوة له.
ثم سألت عبد الحليم خدام، عن سبب سخط السادات عليه، فقال: قد أبلغته بأن قرار حزب البعث من اسرائيل واضح، ولن يكون هناك سلام معها، وهو ما أغضب السادات من خدام.
أنا اتحدث إليك، وكانت التسريبات تشير إلى أن السادات يقترب من موعد صلاة العيد في المسجد الأقصى، بعد زيارته للقدس في تشرين الثاني (نوفمبر) من العام 1977.
فعلا حصل اللقاء، وقد كان لقاء ساخنا، بين الأسد والسادات، وكان اللقاء بداية لقطع العلاقات المصرية السورية، قبل زيارة السادات للقدس وخطابه في الكنيست الإسرائيلي.
ذهبت قبل ذلك العيد الأسود، بيوم إلى العقبة، واصطحبت أبنائي وزوجتي معي، في صباح ذلك اليوم، رأيت السادات على التلفزيون وقد فعلها، فضاقت الدنيا بوجهي، ولم استطع أن أغادر من أمام شاشة التلفاز.
طلبني الملك الحسين، الذي كان يقيم في العقبة أيضا في ذلك العيد، فذهبت إليه، وقال بأنه سيبعث ببرقية إلى السادات، فنظرت إليه باستغراب، وقلت ماذا تريد منها، فأجاب أنه يريد الإشادة بشجاعة السادات.
فقلت: وهل في الخيانة شجاعة؟، وأصر الحسين بأنه يريد أن يبعثها، فقلت له بأن القرار ليس له وحده، وأن هناك قيادة موحدة بينه وبين الأسد، وأنه بهذه الخطوة سيضر علاقاتنا مع السوريين، وهم شركاؤنا بالجبهة ضد اسرائيل.
وفعلا، فقد كانت الإذاعة السورية، بدأت بحربها الإعلامية على السادات ومصر، وبدأوا بوصفه بالخائن، فكيف لنا أن نكون على النقيض من ذلك، ونقول بأنه شجاع!.
مباشرة، قال لي الحسين أن أذهب إلى حافظ الأسد، وقال: لكن لا تأتي على موضوع البرقية بصيغة الاستئذان، فقلت له فهمت الرسالة، وسأنفذ الأمر.
مباشرة، توجهت بطائرة خاصة إلى دمشق، نزلت في عمان، وقابلت عدنان أبوعودة، وكان كل من عبد الحميد شرف والشريف زيد بن شاكر في لندن، في عطلة العيد، وسألته عن رأيه وإذ به في حالة انفعال من خطوة السادات، وقدم تحليلا موضوعيا للخطوة.
أبلغته بأني مغادر إلى دمشق، وفعلا اكملت طريقي، واستقبلني رئيس الوزراء السوري عبد الرحمن خليفان، وذهبنا للأسد، وبدأنا نتحدث عن الخطوة المصرية الأحادية، وعاتبته على ما تقوم به الإذاعة السورية، وطلبت منه أن تتوقف عن استحضار نموذج أحمد سعيد ما قبل حرب العام 1967، وأن على الحملات الإعلامية أن تحترم عقول شعبينا، وتتوقف عن وصلات الشتم والردح.
وهنا تحدث الأسد، بأنه لم يستمع لنصيحة وزير خارجيته عبد الحليم خدام، بالقيام باعتقال السادات خلال زيارته الأخيرة لسورية، منعا لقيامه من تلك الخطوة، وعرفت وقتها بأن السوريين، كانوا يخططون للأمر، لدى سماعهم عن تسريبات زيارة السادات للقدس والأقصى.
مباشرة سأل الأسد عن الملك الحسين، وقلت له بأنه مستاء جدا مما فعله السادات، ويريد أن يبعث ببرقية له.
قاطعني الأسد، وقال هذا سبب زيارتك، وأنت تريد أن تعرف مني موقفي من البرقية، وأنا سأقول لك بصراحة، إن بعثتم برقية للسادات، فسأعتبر بأن الأمر موقف منكم في دعمه، وبناء عليه نقطع العلاقات بيننا.
انتهى الاجتماع قرابة الساعة 11.30 ليلا، فقال لي الأسد: نام في دمشق، وغدا تغادر إلى عمان، فقلت: عليّ التوجه إلى العقبة، فتأكد من مهمتي بذكائه، وقال بأنه طيار ومن الصعب قيادة الطائرة، وهبوطها في العقبة، فحولها جبال صعبة.
وصلت الطائرة إلى عمان، وفعلا لم يستجب الطيار لطلبي الذهاب مباشرة إلى العقبة، لأن في الأمر خطورة كبيرة.
طلبت عدنان ابو عودة، وسألته عن مكانه، فقال بأنه مع حسن ابراهيم، يعملان على ترجمة برقية الملك الحسين للسادات، فأمرته بالتوقف، وأن لا يفعل بها شيئا، وإن سأله الحسين فعليه أن يقول رئيس الوزراء، هو من أوقف العمل بها أو إرسالها.
وسألت ابو عودة، هل في الأمر هذا مصلحة للمملكة والنظام، فقال: قطعا لا، فقلت إذا عليك التوقف عن العمل.
اتصلت بالراحل الحسين، وأبلغته بأني وصلت عمان، وأن الطيار لا يستطيع الوصول بالطائرة إلى العقبة ليلا، فقام واتصل بالمطار، وجاءوا بطائرة اسبانية، وطيار سمّاه الحسين، لنقلي ليلا إلى العقبة.
وصلت العقبة الساعة الواحدة فجرا، وقابلت الحسين، وأبلغته بموقف الأسد الحاسم من مسألة التعامل مع السادات، ولم يبلغني هو طبعا، بما كلف به ابو عودة، وأنا طبعا لم ابلغه بأني أوقفت العمل بالبرقية.
وقال لي الحسين، رحمه الله، إن الحرس الآن قد ذهبوا للنوم، وأعطاني مفتاح سيارته، وقال أوصل نفسك إلى الفندق، في اليوم التالي، اتصلت بعدنان ابو عودة وحسن ابراهيم، وطلبت منهما الحضور إلى العقبة، في مهمة مساندتي بإقناع الحسين بعدم إرسال البرقية، طلبت من القصور الملكية، أن يؤمنوا سيارة لاستقبال ابو عودة وابراهيم من مطار العقبة.
طبعا، كنت قد اتصلت قبلها بأبي عودة وسألته إن كان اتصل به الحسين ليتابع البرقية، فقال انه اتصل به، وأبلغه بأن العمل ما يزال متواصلا على ترجمتها.
اتصل معي الحسين، وقال: من أمر بقدوم ابو عودة وابراهيم؟ فقلت: أنا، فقال: لكن أنا لا اريدهما، فقلت: لكن أنا أريدهما، فهم وزراء معي.
وصلا العقبة، وقلت لهما عليكما مساعدتي في الأمر، وعلينا أن نقنع الحسين بعدم إرسال البرقية.
طلبنا لقاء الراحل الحسين، فسمح لنا بالحضور، بعد أن حاول كثيرا التهرب من اللقاء، طبعا قلت له ما كان مفاجئا، وسألته إن كنا نعمل تحت إمرة أميركا، لأن مقسم الاتصالات في كل مرة أطلب فيها الراحل الحسين، كانوا يقولون لي بأن توم بيكرنك على الخط مع الحسين.
دخلنا عليه، وإذ به يفتح عليّ جبهة من اللوم، ويقول: تعال اقعد محلي، وصير ملك.
رجوته أن لا يقول ذلك، وأنه من السهل علي أن أقدم استقالتي وأغادر لبيتي، وأقسمت له بأني لن استقيل، وأني لن أسمح بإرسال البرقية.
وقلت له: أجلس مكان جلالة الملك؟! لماذا؟! فنحن فقط نخدم بقاءك في مكانك.
نظرت إلى حسن ابراهيم، وإذ به واقف مكانه، على الباب متجمدا، من شدة الجدال، الذي دار بيني وبين الحسين، خلال تلك الدقائق، جلسنا مع الراحل الحسين، أنا وابو عودة وابراهيم، ونجح أبوعودة كثيرا في وصف مشاعر الناس، خلال صباح العيد الأسود، وكيف أن له أقرباء من نابلس، اتصلوا به مصدومين من السادات وما قام به.
طلبت من الحسين أن يتوقف عن العمل، وقد كانت الامبراطورة (الايرانية) فرح في ضيافة الملكة علياء، وضيافته في العقبة، وقلت له أن يأخذهما في جولة في البحر.
مضت تلك الأيام بصعوبة بالغة، عدنا إلى عمان، وعاد زيد بن شاكر وعبد الحميد شرف من لندن، وعاتبتهما على أنهما تركانا وحيدين في مواجهة الحسين، وقالوا: لقد أحسنت فعلا، وأنهما ما كانا ليلوما أحدا سواي إن ذهبت البرقية.
وقالا بانهما التقيا مسؤولين إنجليز، وكان موقفهم منسجما مع موقف الأردن ضد السادات، وأن غير ذلك، كان سيضر بمصالح الملك والمملكة.
بعدها بأيام كنا جالسين بهدوء، وكان الراحل الحسين معنا، فقال لي الحسين: شكرا على موقفك.

*ألم تستشرفوا اتفاق كامب ديفيد، خصوصا وأنك كنت مطلا جيدا على مواقف السادات في الغرف المغلقة؟ وما كان موقفك عند توقيعها؟ وما هو موقف الملك؟
-كنت أنا ضدها، والراحل الحسين رفضها، وكان غاضبا مما قام به السادات.
السادات غرر بالراحل الحسين، وقال له بأنه، إذا لم يأخذ بكامب ديفيد، ما يريده، فلن يوقع على اتفاقية السلام مع اسرائيل، بالنسبة لي، لم أكن مقتنعا بكلام السادات، وكنت متأكدا بأنه سيضعف أمام الضغوط الأميركية.
في احدى المرات، زارنا وزير الخارجية المصري محمد ابراهيم كامل، وكان على علاقة طيبة بابراهيم عز الدين، الذي كان سفيرنا في ألمانيا، وابراهيم سفير مصر هناك أيضا، ودعانا عبد الحميد شرف رحمه الله لمنزله، وكان شرف رئيسا للديوان، وأنا رئيس للحكومة، وامتدح عز الدين الوزير كامل، وقال بأنه رجل قومي عروبي، وبدأ وزير الخارجية المصري يسألنا عن الظرف العام، وامكانية التوصل لاتفاق سلام مع اسرائيل، اجبته بما أملك من قناعات، وأن اسرائيل لن تتنازل عن أي مكتسب، حصلت عليه بطريقة مخالفة للقانون الدولي.
وقال كامل بأنه أبلغ الرئيس السادات بذات الأمر، لكني أكدت له بأن المصريين سيتعرضون لضغوط أميركية، لتوقيع كامب ديفيد، فأكد لي بأنه سيستقيل عندها، وفعلا استقال وكتب في كتابه، بعد استقالته، بأن مضر بدران كان قد تنبأ بتوقيع مصر للاتفاقية.
لقد سعت الولايات المتحدة للضغط علينا أيضا، وقد قرأ لي الراحل الحسين رسالة وجهها له الرئيس الأميركي السابق جيمي كارتر بخط يده، وجاء فيها: 'أن هناك خطورة عليك من ذهابك إلى كامب ديفيد، لكن أريدك أن تعلم، بأن الخطورة ستكون أكبر في حال عدم ذهابك'.
وأبلغت الراحل الحسين بأن الجميع إلى صفه، والشعب لن يقبل الاستسلام، وليّ ذراع ملكه، وما دام الشعب إلى جانبك، يدعمك كصخرة، فلا تضعف.
وأبلغته بأن كل ما عليه فعله، إن زاد الضغط الدولي عليه، بأن يقيل رئيس حكومته الذي يرفض الاستسلام مع اسرائيل، وأن أي خطر سيتسبب به وجودي فقط عليه، أن يقول لي: روح.
فرفض الراحل الحسين، وقلت له دعنا نتحدث بالعلم، هذا العرش، أنت ورثته، وعليك أن تورّثه، ولا تضعف أمام كارتر، لأنه سيخسر في الانتخابات، وسيغادر هو، وستبقى أنت، فكل المؤشرات تؤكد أن لا ولاية جديدة له.
وفعلا، في احدى السنوات، توفي بابا الفاتيكان، ولم تمض سوى أشهر حتى توفي أيضا من جاء بعده، وكان الأمير رعد بن زيد، ممثلا للملك في الجنازة، والتقى هناك والدة جيمي كارتر، التي أبلغت سلامها للملك الحسين، وطالبته بأن يدعم ابنها في الانتخابات الرئاسية للولايات المتحدة، وأن يقبل الذهاب إلى كامب ديفيد.
أذكر في تلك الأيام، بأن السادات اتصل بالراحل الحسين، وأبلغه بأن المحادثات فشلت، وكان لهما موعد مع الملك المغربي الحسن الثاني في الرباط، وفعلا توجه الراحل الحسين في زيارة إلى اسبانيا، لزيارة الملك خوان كارلوس، وأعلن عن توقيع اتفاقية السلام المصرية الاسرائيلية، وكان الملك في طريقه إلى الرباط، قادما من اسبانيا، حاولت الاتصال مرارا مع الملك فلم أنجح، وبعثت ببرقية له في الطائرة، بأن عليه أن يلغي رحلته إلى المغرب، بسبب توقيع الاتفاقية، وان اجتماع الحسين بالسادات، مع ملك المغرب في الرباط، سيكون بمثابة مباركة أردنية للمصريين.
اتصلت مع سفيرنا في المغرب، وكان هاني طبارة، وأبلغته بأن يصعد للطائرة عند هبوطها إلى أرض المطار، قبل أن يسبقه أحد، وأن يبلغ الراحل الحسين برسالتي، بضرورة العودة فورا إلى عمان.
بعد وقت قصير، عاودت الاتصال بطبارة، وأبلغني بأن الراحل الحسين اعتذر عن اكمال الزيارة، وهو في السماء، وأن طائرته لم تحط في مطار الرباط، وأنه في طريق عودته لعمان.
بعدها، بعث لي الحسين برقية جاء فيها: 'لم أتمم زيارتي للرباط، لأني تفاجأت بتوقيع السادات على اتفاقية السلام في كامب ديفيد، واعقد مجلس الوزراء عند وصولي لعمان'.
كان الوزراء متوترين جدا، ويخشون من ذهابنا وراء مصر لتوقيع الاتفاقية، وكان بعضهم يفكر في الاستقالة.
لكن، بعد وصول الملك، ظهر كم كان غاضبا من فعلة السادات، بسبب خروجه عن الإجماع العربي، وانفراده بالسلام، بشكل أضعف الجبهة العربية وحقوق العرب.
لقد قالها لي (وزير الخارجية الاميركية الاسبق) جيمس بيكر، في مطلع التسعينيات من القرن الماضي، عندما اقترحت عليه أن يذهب العرب جميعا، في وفد واحد، لمفاوضات السلام مع اسرائيل، قال: 'قضيتك سهلة.. لكن قضية الفلسطينيين معقدة جدا'.
وأضاف: لكن لن يوقع أحد على اتفاق نهائي للسلام، حتى تصل كل القطارات لنفس المحطة، وبغير ذلك لن يكون هناك حل سلمي.
كنت فعلا، قد سألت عن جيمس بيكر، ووصفوه لي بأنه رجل جاد، في عمله، وصادق في تصريحاته، وبعد توقيع اتفاق اوسلو، وما شكله من صدمة شخصية لي، كنت استمع
لـ 'بي بي سي'، وإذ ببيكر بصوته يقول: 'لقد ارتكبوا خطأ كبيرا بالتوقيع المنفرد، ولن يكون هناك حل سلمي في المستقبل'.
لقد كسر السادات ظهر الأمة العربية.
التعليقات

1) تعليق بواسطة :
13-02-2015 01:28 PM

السيد المحرر اتمنى كتابة رقم الحلقة ولكم جزيل الشكرولموقعكم الكريم كل الاحترام.

2) تعليق بواسطة :
13-02-2015 11:21 PM

لو اطاع العرب السادات لكان حالهم افضل الان واخذو كل اراضيهم اثبتت الايام ان السادات بعيد نظر وكان على حق

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012