أزمة تفرد في نقابة المعلمين

الإثنين , 29 نيسان/أبريل 2024

أزمة تفرد في نقابة المعلمين

بقلم : ياسر المعادات
19-03-2015 09:42 AM
للدورة الثانية على التوالي يعطّل تعديل النظام الانتخابي لنقابة المعلمين و يتم الإبقاء على القانون السابق لإنشاء النقابة رغم كل الملاحظات و الاعتراضات عليه مما لا يبشر بحل توافقي ينهض بنقابة المعلمين الناشئة التي تتعرض لهجمة شرسة من الحكومة التي انقلبت على ملف النقابة كتبعية للعودة عن نهج الإصلاح (أو الإدّعاء به)!
عند أول نقاش يدور مع التيار المسيطر على الأكثرية التي بإمكانها تعديل القانون 'الإخوان المسلمون' يتم طرح قصة دور اللجنة الوطنية في صياغة قانون القوائم المغلقة و إقصاء القوائم النسبية،على الرغم من أن اللجنة الوطنية تشكل اليوم ماضي النضال من أجل النقابة و لا قوة معتبرة لها في النقابة تمكنها من الوصول إلى قيادة النقابة كما قادت النضال من أجل النقابة،ناهيك عن المقارنة التي يعقدها هؤلاء مع النقابات الأخرى التي تتبع النظام النسبي في الانتخاب و مع ذلك يحرز الإسلاميين فيها نصيب الأسد و هو الأمر الذي ينبغي أن يرتد حجة مباشرة على تعنت الإخوان في نقابة المعلمين و إصرارهم على نظام القوائم المغلقة و هم يقبلون بالنظام النسبي في النقابات الأخرى لا بل يعترفون بقدرتهم على الفوز بمقاعد وافرة في ظل النظام النسبي فلماذا التعنت إذن في نقابة المعلمين؟هل هي الرغبة في الهيمنة المطلقة و إقصاء الآخر؟!
من أكبر مساوئ نظام القوائم المغلقة هو حرمان قطاع واسع من الناخبين المعلمين من أي قيمة تذكر لصوتهم الذي قد يذهب هباء في حال لم تفز القائمة المغلقة التي رشحها،لا بل قد يفقد كل أهمية لصوته في حال لم يفز أحد ممن صوت لهم في المقاعد الفردية التي ترتبط بشكل كبير بالقوائم المغلقة و تنزل جنبا إلى جنب مع هذه القوائم لتشكل حصارا متينا قد لا يفلت منه إلا بضع مقاعد،هذا من ناحية فردية أما من الناحية الجماعية فإن الأمر يتسع بشكل أكبر إذ يتم إقصاء كفاءات هامة سواء كانت في داخل تيارات معينة أو كانت تطرح نفسها بصفة شخصية خصوصا في ظل عدم قدرة تيارات ذات أبعاد سياسية على طرح نفسها لمنافسة جماعة الإخوان في نقابة المعلمين،تشكل القوائم المغلقة بالنسبة إلى جماعة الإخوان المسلمين شرا مطلقا على صعيد الانتخابات البرلمانية دفعها أكثر من مرة إلى إعلان مقاطعتها لهذه الانتخابات لحجة غياب العدالة في هذه الانتخابات و توجيهها لفائدة خدمة استمرار الحكم الاستبدادي و إفراز النخب البرجوازية المعتادة أو تجديدها،و لكن الجماعة المعارضة للقوائم المغلقة وطنيا تتخذ موقفا براغماتيا انتهازيا في نقابة المعلمين يطعن مباشرة في عدليتها و صدق نواياها اتجاه لعب دور هام في إصلاح وطني حقيقي.
استمرار الإخوان في هذا التعنت يشكل أرضية صلبة لتدخل حكومي معلن أو خفي لتدمير النقابة ذاتيا أو سحب البساط من تحتها لتصبح مسمى فحسب دون قوة فعلية تساهم في حفظ حقوق منتسبيها و تؤدي دورا هاما في تغيير السياسات التربوية البالية في هذا الوطن،فالتصريحات الحكومية الغامزة من قناة اختطاف النقابة سياسيا و توجيهها لخدمة مصالح الجماعة يجب أن لا تمر من دون نظرة متأملة فاحصة مثلما يجب أن لا يمر تحشيد المجتمع في الإضراب الأخير على النقابة و التهديد المبطن بالتضييق على النقابة أو حتى حلها يجب أن لا يمر كل هذا مرور الكرام إن كانت المصلحة فعلا هي الحفاظ على النقابة و جعلها نقابة قوية تناسب حجم منتسبيها و قدرتهم على التغيير الإيجابي في المجتمع.