أضف إلى المفضلة
الجمعة , 26 نيسان/أبريل 2024
الجمعة , 26 نيسان/أبريل 2024


الطفلان العراقيان ووالدتهما.. يوم مرعب في البحر الميت

30-03-2015 07:44 PM
كل الاردن -
طفلان يصرخان في عرض البحر، تتقاذفهما الأمواج العاتية : وأم مفزوعة تصرخ وتستنجد، 'أولادي يغرقون .. يغرقون' .. يتجمهر الناس مشدوهين لهول الموقف، الأمواج تتكسر بعنف عند الشاطىء: لا أحد يجرؤ على المغامرة بينما مريم وشقيقها ماهر يواصلان الصراخ من أجل الحياة.
مشهد بدأ خلال دقائق قليلة، الجمعة الماضية، بعدها غاب الطفلان في عُرض البحر، ولم يعد يراهما أحد، لتمتد الحكاية بكل قسوتها لأكثر من نصف يوم، خيم الظلام خلاله، واشتدت الرياح المحملة بالغبار، لتكون قصة الطفلين العراقيين، اللذين عادت إليهما الحياة، .. والحكاية بتفاصليها ولحظاتها، التي تحبس الأنفاس بطلها رجل من الدفاع المدني الوكيل عمر البلاونة.
تروي العراقية سعاد نزال، والدة الطفلين، (مريم 13 عاما، ماهر 11 عاما)،.. لحظات قاسية عاشتها أم كادت أن تفقد طفليها في لحظات، وتقول: 'وضع لا يمكن وصفه، أسمع مريم وماهر يصرخان بفزع، ماما ماما، أنقذونا'.
'أمام شاطىء عمان السياحي، عند البحر الميت، طلب مني طفلي التقاط صورة لهما، حيث كانا يلعبان ويلهوان في مياه البحر الهادئة حينها، وفجأة انقلبت الأجواء، وشاهدتهم يبتعدان عني، .. هنا طلبت منهما أن يعودان، قلت لهم:(ارجعوا ماما)، ليأتي رد الطفلين الذي أرعبني : (ماما مو قادرين نرجع)'،.. 'بعاطفة الأم المفزوعة، بدأت أركض وأصرخ وأتوسل لأنقاذهما، وما هي لحظات إلا أن حضر شباب من الدفاع المدني بينهم المنقذ عمر، الذي قفز بالبحر وتوجه إليهما، بعد أن أخبرتهم صديقتي التي رافقتني في الرحلة، بابتعادهما في عرض البحر، ولم نعد نراهما البتة'.
ظنت الأم أن عودة وحيديها تستغرق دقائق، مرت الساعة الأولى والثانية والثالثة، لتصاب بحالة هستيرية من البكاء والصراخ والتسول، وهي تنتظر عند الشاطىء، بينما تسلل فقدان الأمل في عودتهما، لكنها كما تقول لوكالة الأنباء الأردنية،: ' شباب الدفاع الدني قالوا لي: عمر نشمي ولن يعود بدونهما'.
كانت هذه الكلمات تشد أزر الأم، لتتلقى اتصالا من المدير العام للدفاع المدني: بأن الجهود مسخرة لأنقاذ طفليك، .. بعدها أصطحبها كوادر الدفاع المدني إلى المكان المخصص لهم عند الشاطىء، الذي كان يومها مسرحا لعمليات إنقاذ للعديد من الأشخاص، الذين سحبتهم الأمواج هناك.
قبيل وصول المنقذ عمر كانت مريم تمسك بيد شقيقها، والتي روت تفاصيل ست عشرة ساعة لعملية إنقاذ انطوت على مخاطر كبيرة في عرض البحر، بكلمات والدموع تملء عينيهما، 'سمعت أصواتا كثيرة، صراخ ماهر بجانبي، وأمواج البحر، لكني لم أسمع صوت ماما'.

لم تستطع الطفلة إكمال حديثها، وكأنها تعيش المشهد ذاته مجددا، .. تصمت قليلا، تمسح دموعها، وتواصل الكلام، 'كنت أفكر بأمي، وبمحبتها لماهر، فهي متعلقة بنا كثيرا،.. أحسست أننا سنموت'، تشاطرها أمها البكاء، إلى جانبها ماهر صامتا، يضع يده على كتف أمه، يخرج عن صمته، ' ماما خلص أحنا عندك'.
كانت لحظات تحبس الأنفاس، روتها مريم عند مشاهدتها المنقذ عمر، وهو يتجه صوبها، دون أن تعلم من هو، ليبدأ الأمل يتجدد في نفسها بأن شخصا يقترب لربما هو من ينقذها وشقيقها.. وهنا بدأت اللحظات الأصعب.
'شعرت عمر أقرب إنسان إلي، ضمنا إلى صدره، وقال لنا: لا تخافوا حبايبي، ما رح أرجع بدونكم'، .. وبينما تتحدث إلينا في مقابلتها كان المنقذ عمر يسمع حديث الطفلة، الذي تتفطر له القلوب، قاطعها قائلا: هذا واجبي.' بدأت الأمواج ترتفع، بينما الظلام يخيم في المكان، الذي تعرض لمنخفض جوي خماسيني محملا بالغبار الكثيف، التي لفحت وجوههم، فيما كانت الأم تنتظر عند الشاطىء، وبدت عليها علامات الإنهيار.
يقول المنقذ عمر 'وضعتهم أمام صدري، وطلبت منهم الهدوء، والتنفس من الأنف، .. كنت خائفا أن يشربوا من مياه البحر شديدة الملوحة، وحاولت مرارا العودة بهما إلى الشاطىء السياحي، لكن الأمواج لم تكن طبيعية، ولم أتمكن من ذلك.. تخيل أن تسبح عكس الأمواج وبصحبتك طفلين'.
قررت حينها، كما يروي المنقذ عمر، 'أن ابقي على هدوء الطفلين، وأن لا أتركهما ينامان في البحر، وطلبت منهما أن يتحركا للمحافظة على حرارة جسمهما في مياه البحر، التي اشتدت برودتها،.. كل ذلك ونحن نعوم في عمق البحر،.. مضت ساعات قاسية، والملح بدأ يجف على وجه الطفلين، ولا أعلم إلى أين أتجه، إلى أن ارتطمت بحبل لأحد الفنادق في البحر، فأتجهت صوب الفندق، .. حينها تبين لي أننا في منطقة أريحا، كان ذلك عند ساعة الفجر الأولى، وقد استنفذت طاقتي، .. استقبلونا هناك، وأجروا الأسعافات الأولية لنا'.
'كان شعوري كبيرا لا أستطيع وصفه، كما حدثنا المنقذ عمر، حين وصلنا إلى الشاطىء.. هذه رسالتنا، وهذا أعظم شيء أقوم به في حياتي'.
وبينما كانت الأم عند الشاطى منتظرة، في لحظة ضعف إنساني جاءها الأتصال والمتحدث يقول ' ماما أنا مريم وماهر معي احنا بخير'، لتلخص الأم في حديثها كيف ارتدت إليها روحها بقولها 'لم اصدق أنهما على قيد الحياة، وعلمت بعدها أنني سقطت مخشية علي'.
بعد هذه اللحظات، أصطحبت الأم إلى جسر الملك حسين، متلهفة للقاء ولديها بعد أن خرجا من قبضة الموت في البحر الميت لتكتب لهم الحياة على شاطئه، ويلتم شمل الأم مع طفليها وسط دموع الفرح والتقدير للمنقذ عمر، الذي حظي بتكريم ملكي اليوم، وترفيع إلى رتبة وكيل من مديريته.
أما المنقذ عمر، الذي أرتدى على صدره وسام التضحية والفداء.. أكتفى بالقول 'هذا ما يمليه علي ضميري'، وغادر المكان لمهام إنسانية أخرى تعلمها في مدرسة الدفاع المدني.

(بترا)
التعليقات

1) تعليق بواسطة :
30-03-2015 07:53 PM

.
-- هذا هو الاردني النشمي بعفوية و الرمز الذي نرفع بمثله رؤوسنا .

.

2) تعليق بواسطة :
30-03-2015 07:56 PM

قصة بطولية رائعة ولكن الجانب الذي اخرجهم من الماء واسعفهم يستحق ولو كلمة ثناء

3) تعليق بواسطة :
30-03-2015 08:09 PM

امثال عمر توزن بالذهب جزاك الله كل خير..استفسار بسيط او اقتراح بسيط؟لماذا لا يتم تزويد الدفاع المدني بقارب او اثنين؟؟للحالات الطارئة.

4) تعليق بواسطة :
30-03-2015 09:24 PM

عنارت نفش ,معاذ الكساسبة , عمر البلاونة .... وسلسلة من النشامه التي لا تنتهي هذا ما عودتنا علية الاردن ولادة للنشامه الابطال تقف الكلامات عاجزةً عن التعبير امام ما فعلته ايها البطل

5) تعليق بواسطة :
30-03-2015 09:29 PM

المنقذ عمر بطل ويستحق التقدير ولكن اين القوارب السريعة او الهيلوكبتر للانقاذ في مثل هكذا حالات الا يستحق الاردني ان تكون بلده مثل العالم المتحضر

6) تعليق بواسطة :
30-03-2015 09:58 PM

سؤال بعد هالفرحة وهالاحتفال المفروض انك تخضع لفحص شامل انت والاطفال لانه مستحيل 9 ساعات اقل او اكثر في مياه البحر الميت ولا يكون هناك حروق بفعل الاملاح ونصيحتي ان تطلب الفحص باسرع ما يمكن وتطلب التقاعد وبمعلوليه ..راينا بعض الاصدقاء ممن مكثوا 12 ساعه في مياه البحر الميت وقد خرجوا بمعلوليه لانه جسدهم كان محترق بالكامل وجلدهم قد سلخ عن جسدهم ..

7) تعليق بواسطة :
30-03-2015 10:51 PM

يازم شكلك عندك معلوليه ما أنت شـايف بسـم الله ماشـاء عنه وعنهم يحفظـهم الله .. قولك كله تسـر وترفع معنويات النشـمي وكل النشـامى . بـلا تخبيص وهـبل ..

8) تعليق بواسطة :
30-03-2015 11:27 PM

اين وسائل الإنقاذ الأسرع والأمن والاوفر وقتا وجهدا ومالا والاقل معاناة؟؟؟؟

9) تعليق بواسطة :
30-03-2015 11:29 PM

اخي المحرر بقدر مافرحت لإنقاذ الأطفال ولبطولة هذا النشمي ، بقدر ما اشعر بالحزن والضيق على الوطن ،، ايعقل ياناس ١٦ ساعه في البحر لاقارب لا طياره او اي وسيله حضاريه لمعرفة مصير من في البحر هذا فشل ذريع يعني قد لايحصل في الصومال ام ان القصه عندي غير واضحه أرجو من الاخوه في الموقع تنويري ايش الوضع ولكم الشكر يعني قصه مع انه فيها بطوله بس لا أتجرأ انا شخصيا ان اتباها بها اما اجنبي او حتى اي شخص غير اردني باعتبار خلي الطابق مستور

10) تعليق بواسطة :
30-03-2015 11:38 PM

الله يديم عليك الصحة ويحميك من كل مكروه وما بدك المعلولية لأن الوطن بحاجة لوجود أمثالك والاحتياط والفحص اعتقد انة لم يغب عن اطباء الدفاع المدني

11) تعليق بواسطة :
30-03-2015 11:46 PM

الله يعطيك العافية رفعت راسنا وبالنسبة للاخوه المعلقين الذين يطالبون بطائرة انقاذ وزوارق بحرية الطائات موجودة والزوارق للبحرية الملكية لكن حالىة الطقس سيئه جدا ولو ان الطائرات حلقت فوقهم لربما ادت الى غرقهم بسبب الامواج الناجمة عن مراوح الطائرة وهذا حدث عندما حاولت الطائرات انقاذ تلاميذ الكلية العسكرية في البحر الميت وهي قصة معروفة اخيرا والله رفعت راسنا يا بطل وعاشت الاردن مصنعا للرجال تحت ظل الملك المفدى

12) تعليق بواسطة :
31-03-2015 06:30 AM

بارك الله فيك ايه البطل الصنديد انها تضحيه لا بعدها تضحيه وهذه نخوة الأردنيين وبطولتهم التي نعرفها والني لن تندثر باذنه تعالى

13) تعليق بواسطة :
31-03-2015 07:42 AM

ليلم العالم من هم الاردنيين ومن هم النشامى
نرجو من جميع المسؤولين ان يحذو حذو عمر النشمي

14) تعليق بواسطة :
31-03-2015 08:47 AM

1- الحمد لله على سلامة الطفلين والوكيل البطل عمر ايضا
2- لماذا لم يهب لانفاذ الطفلين سوى الوكيل عمر ؟ انقاذ طفلين اثنين يستحق مشاركة اكثر من فرد من ابطال الدفاع المدني بعملية الانقاذ !
3- لماذا غاب عن المشهد الانقاذ بواسطة المروحيات المجهزه برافعه ؟
4- اين قوارب الانقاذ ؟
5- لماذا يستغرق الانقاذ 16 ساعه ؟
6- ما الذي كان مرجح ان يحدث لولا ان العناية الالهيه يسرت للوكيل عمر حبل الفندق في منطقةاريحا ؟
الحمد لله من قبل ومن بعد . وتحية للوكيل البطل عمر .. ولكن هناك اسئله تحتاج لاجابات !

15) تعليق بواسطة :
31-03-2015 09:52 AM

رجل بكل معنى الكلمة ويستحق التكريم على عمله البطولي لكن كان يجب ترفيعه الى رتبة ملازم حتى يقترن الترفيع بالارادة الملكية من احيا نفس فكأنما احيا الناس جميعا فما بالكم بمن احيا نفسين كاد ان يهلك دونهما تحية اكبار لهذا الفارس الاردني الاصيل

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012