أضف إلى المفضلة
الأحد , 28 نيسان/أبريل 2024
شريط الاخبار
الجيش ينفذ 6 إنزالات جوية لمساعدات على شمال غزة - صور ارتفاع حصيلة العدوان على غزة إلى 34454 شهيدا و77575 إصابة السداسية العربية تؤكد استياءها من الفيتو الأميركي ضد فلسطين الخصاونة يلتقي عباس ويؤكد وقوف الأردن إلى جانب الفلسطينيين سماء الأردن على موعد مع شهب "إيتا الدلويات" الأحد المقبل وفد من حماس إلى القاهرة لإجراء محادثات وقف إطلاق النار الخصاونة يؤكد الرفض الأردني لأي محاولات للتهجير القسري للفلسطينيين الدفاع المدني يحذر من تشكل السيول والغبار الملكة: كل عام وأغلى رجوة بخير التعليم العالي: سنقبل 800 طالب فقط في الطب البشري العام المقبل عباس: أخشى أن تتجه (إسرائيل) إلى الضفة لترحيل أهلها نحو الأردن مندوبا عن الملك الخصاونة يشارك في افتتاح المنتدى الاقتصادي العالمي بالرياض الحاج توفيق نقيبا لتجار المواد الغذائية لدورة جديدة موجودات صندوق استثمار أموال الضمان تتجاوز الـ 15 مليار دينار استقرار اسعار الذهب بالسوق المحلي
بحث
الأحد , 28 نيسان/أبريل 2024


فؤاد البطاينه يكتب : العلاقة بين مدلولي الحضارة والثقافة

بقلم :
03-05-2015 06:06 PM


عمد الاعلاميون والساسة وكذا المفكرون الغربيون الى خلط يبدو متعمدا بين مفهومي الحضارة والثقافة . وقد ابتدأ ذلك مع الهجمة على العالم العربي والاسلامي في بداية التسعينيات من القرن الفائت وما زال الخلط قائما والهجمة مستعره . وإن كنت في هذا المقال أسلط الضوء على مجرد هذا الخلط وعلى التمايز والعلاقة بين المفهومين بعد أن سلطنت الضؤ على مفهوم الثقافة في مقال سابق، فإنما ذلك تمهيدا لتلمس الأسباب وراء هذا التعمد في في مقال لاحق . ولا خلاف هنا على أن الحضارة عملية إبداع يقع الإنسان منها في الجوهر , وأن منتجات هذا الإبداع يشكل مظهرا لذلك الإبداع . فالأوروبيون أنفسهم عندما يوضعون في مواجهة المفهومين نجدهم يحددون الحضارة بالإنجازات التقنية والمعرفة العلمية الموضوعية التي يمكن قياسها بالكم والنتائج الملموسة . في حين تشير الثقافة في نظرهم الى المعرفة ذات الأحكام التي توصف بالتقويمية كالديانات والإعتقادات والتقاليد والأخلاق ونمط التفكير والفلسفة والأدب والفنون .. ولا شك أن هناك نوعا من التداخل بين الثقافة والحضارة لكن ذلك لا يرقى الى التساوي بينهما أو الى كونهما مترادفين . ويبدو أن تطوير مفهوم الحضارة حديثا قد إنتقل بها من حالة الملموس الى حالة المحسوس ليزداد بذلك تداخلها مع مفهوم الثقافة .وربما من هذا القبيل قد تحدث علماء الإجتماع الفرنسيون عن مكونات الحضارة حين ذكروا بأن الثقافة تقع في قلب هذه المكونات , وأن عنصر الدين هو أهم العناصر المكونة للثقافة .
. ويستمر لكتاب الأوروبيون من أصحاب المقاصد في محاولات الخلط والإحلال بين مفهومي الثقافة والحضارة حتى نجدهم كلما ينفردون بتعريف أحد المفهومين بمعزل عن الآخر يشطحون كثيرا في ذلك . أما عندما يواجهون بالمفهومين معا فإنهم يضطرون لوضع فاصل بينهما . فهم إذ يعتبرون تارة الحضارة والثقافة معا كمفهومان يشيران الى حياة أمة من الناس وأن كليهما يشمل القيم والمعايير وطرائق التفكير ، نجدهم عندما يواجهون بمسألة التميز بينهما يعودون ويضعون هذه المرة حدودا فاصلة بين المفهومين ويعتبروا أن الحضارة تشتمل على التقنية وسائر العوامل المادية وهو ما أكده الكتاب الألمان . . إلا أن أحدا لم يصل الى ما وصل إليه الأمريكيون من خلط متعمد بين المفهومين الى حد المسخ عندما عمل صموئيل هننغنتون على إحلال فكرة الحضارة محل فكرة القومية والدولة كمرجعية وأساس لتقييم المجتمعات , كما إعتبر الثقافة والدين أساسا لمجريات الأحداث ومحركا للتاريخ .
أن إطلاق الكلمات والأوصاف على عمومياتها يعمل على خلق الإلتباس وتشجيع التعمد على الإستخدام الخاطئ . فالمبتكر يستغل تفكيره لفعل الحضارة بمعنى أن الجهد العقلي المبذول والموجه لأفعال تلك الإبتكارات هي الحضارة بنفسها من خلال منتجاتها أو مظاهرها والتي تشتمل على نتائج تلك الإبتكارات المادية وما يتمخض عنه من سلوك , وأن من يكتشف مخزونات الطبيعة وقوانينها والخارطه الجينية للانسان ويخترع الكتابة والحاسوب ويسخرها فإنه يصنع أو يهيئ للإنسان أسباب تطوره, والإنسان بهذا يصنع أو يوجد حضارة هي في الأصل ذات طبيعة مادية . لكن مقدار الكم والنوع من الروح والجوهر والقيم التي تأتي بها تلك الحضارة أو تكرسها أو تعكسها على الإنسان تشكل رابطا من روابط الحضارة بالثقافة وتأثير الحضارة في الثقافة من ناحية أخرى وليس أكثر من ذلك .وأما كيف تصاغ تلك الحضارة ويطور التعامل مع وسائلها ومنتجاتها ومظاهرها , اضافة لمسألة تقبلها ومدى تأثيرها في سلوكيات ومعتقدات وممارسات الأخرين وإنعكاساتها ، فذلك هو الذي قد يختلف من مجموعة بشرية لأخرى وحينها فإن طريقة الإستخدام والتعامل والتأثير لذلك المنتوج الحضاري ستشكل بمرور الزمن جزاء من خصوصيات تلك المجموعة البشرية وبالتالي من ثقافتها وبهذا يكون تأثير أخر من تأثيرات الحضارة في الثقافة .
وبالمقابل فإن كثرا من جزيئيات حضارة أي أمة هي في الأساس نتاج لجزئيات من ثقافتها . بمعنى أن ثقافة معينة لأمة معينة قد تحفزها الى اختراعات واكتشافات تصبح جزاء من الحضارة الإنسانية ومتاحة لخدمة الجميع .. ويحضرني هنا أن بناء الاهرامات وما تطلبته من فنون الهندسة والرياضيات والبناء وكيمياء التحنيط , كلها ما كانت لتكون أنذاك لولا المعتقدات المصرية التي كانت سائدة عند الفراعنة كجزء أساسي من ثقافتهم . وبهذا الصدد يؤكد مفكرون غربيون أمثال روجيه غارودي ويبابيز الكاتب الإسباني أن الثقافة العربية التي ترافقت مع الفتوحات العربية باتجاه الغرب كانت بمثابة الحملات الحضارية اذ عملت على خلق الشروط اللازمة لتجديد الحضارة , ومن هنا يكون تداخلا أخر بين الحضارة والثقافة وهذا التداخل يكون في جزيئيات بسيطة قياسا على سعة مفهوم الثقافة والتي كما أكده لفيلسوف أرنولد تويني في دراسة للتاريخ أنها أي الثقافة هي التي تحتوي الحضارة وأن الدين أوضح مظهر لها . على أنه وفي رأي البعض من النخبة الفكرية يمكن لبعض من جزيئيات الثقافة أن تنسلخ لتستحيل الى حضارة وذلك في حالة أن تم شيوع وقبول تلك الجزئية من قبل مختلف المجتمعات الأخرى في العالم .
والحضارة بهذا نتاج بشري تراكمي مشترك تمايزت الأمم في الإسهامات به سابقا بسبب التباعد وصعوبة الإتصال وغياب تكنولوجيا العولمة التي نشهدها اليوم وعاش الإنسان فيها حضارات بمسميات منفصلة وعهود منفصلة . فكانت حضارات سومر وفارس وبابل والهند والصين والإغريق والرومان والفرس والعربية الإسلامية وغيرها حضارات إحتكرتها واحتكرت اسمها أمم معينة . لكن اليوم قد اختلف الأمر ولم يعد معه لمقولات إحتكار الحضارات أن تستقيم من قبل أمة معينة ولم يعد هناك إمكانية لمنع الأخرين من الوصول الى الحضارة في أي بقعة على الأرض , , فالحضارة التي نسميها اليوم بالحضارة الغربية هي في الواقع ليست غربية صرفة لا في الأساس الذي قامت عليه واستندت ولا في تطورها . فنحن نستطيع القول هنا أن هناك حضارة واحدة أصبحت للإنسان على الأرض ولكنا لا نستطيع القول أن هناك ثقافة واحدة للإنسان .ولا يمكن للحضارة المشتركة هذه أن تولد صداما بشريا بل يمكن للثقافة غير المشتركة أن تولد ذلك

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
04-05-2015 12:43 PM

ومن هنا نستطيع القول مرة اخرى ان اخطر ما في العولمة ومشروع هنتنغتون هو اعتداء الحضارة السافر على الثقافة لاحداث الضرر اللذي لا يمكن اصلاحة لاحقا مقال رائع تشكر عليه

2) تعليق بواسطة :
04-05-2015 12:53 PM

تحية طيبة أخي العزيز أستاذ فؤاد وسلمت يداك على هذا المقال التنويري .
ثقافة جيل اليوم قطعا تختلف عن ثقافة جيل الأمس وإن كانت وسائل الإتصال المتاحة
سهلت على طالب الثقافة ومريدها الحصول على أي معلومة بكبسة زر من حاسوبه بعكس جيلنا الذي كان يجهد في البحث عن المعلومة من المكتبات العامة هذا إذا أتيح له ذلك أو شراء الكتاب بنقود ربما لايملكها.
والحضارة لاتختلف عن الثقافة برأيي فهما متلازمتان فبقدر توفر البيئة والإحتكاك والممارسة للفرد لأي مجال من المجالات وتعمقه فيه إذا كان جادا فحتما سيبدع.

3) تعليق بواسطة :
04-05-2015 01:05 PM

أتذكر أخي فؤاد بداياتي في مجال الخط العربي والرسم في نهايات الإبتدائية حين اكتشف موهبتي مدرس الفن ساعدني في صقلها واشتريت كتبا عديدة من مصروفي كطالب لأطور نفسي وحينها لم يوجد معاهد تعني بهذا المجال واعتمدت على نفسي في تطوير فني وها أنا الآن مدير لوكالة إعلان وواكبت تطور الخط العربي وعلاقته بالإعلان.ه
وأذكر صديق لي برع في الحاسوب وطور نفسه بالدراسة عن بعد وهو الآن مدير
الحاسوب في مستشفى ضخم في كندا بعد أن استلم عدة مناصب في هذا المجال في السعودية.
الحضارةوالثقافة متلازمتان ولك تحياتي

4) تعليق بواسطة :
04-05-2015 04:11 PM

بعد التحيه أنا لا اتذكر شيئا مما اشرت اليه وهو صحيح بالتأكيد .وربما لأني احتفلت بعيد مولدي الأربعين من يومين وكان ابو أحمد موجود

5) تعليق بواسطة :
04-05-2015 07:19 PM

أنا لم أفهم عن ماذا تتحدث ولا عن الذي نسيته ولم تعد تتذكره وعن أيهم أبو أحمد .
خامنئي يقول عن ولي عهد السعودية الجديد والبالغ من العمر 54 سنة حديث السن ..ماذا يقال عنك يابن الأربعين ..؟؟

6) تعليق بواسطة :
04-05-2015 08:35 PM

هذا مقال رائع وفقرته الأخيره تمثل خلاصه يجًب أن يتًم تبنيها بشكل كامل ونهائي فالحضاره البشريه منتج عالمي أسهم به جميع البشر,وحول الأيمان بذلك أو رفضه تدور المأساه العربيه.
يوم الجمعه الماضي صًب خطيب الجمعه غضبه على عيد العمال حيث أخذ الخطيب الموقف التقليدي الذي أخذه جميع الخطباء "كما اعتقد"في المقارنه التنافسيه مع القيًم الأسلاميه وتسفيه القيًم الأخرى وعدم أخذ الموقف الأيجابي في الموقفين,,,أن انتهاج الموقف العدائي من المنتج الحضاري الأنساني هو موقف نجده لدينا ومن اعلى درجات الثقافه ألى اقلها

7) تعليق بواسطة :
04-05-2015 08:37 PM

أن خطوره هذا الموقف العدائي" الذي يتم الضخ به ليل نهار" أنه حرًم الشعوب العربيه من اقتباس القيًم العظيمه في الحضاره البشريه ,فالموقف الجامد دينيا والتفسير "التآمري" للتاريخ هو السائد ,أن هذا هو ما يجعل الكثير من علماء السيسيولوجي يفسرون توقف المشاركه العربيه الحديثه في المنتج الحضاري العالمي بأنه ناتج عن التوقف عن ضاهره"الأقتراض الحضاري" اللازمه لتطور الحضارات ,ولا يمكن تصور وجود ديمقراطيات في اليابان وكوريا والهند وغيرها دون وجود "نخبه " مدركه لهذا الأقتراض وهي غير موجوده عربيا للأسف.

8) تعليق بواسطة :
05-05-2015 05:12 AM

الاستاذ طايل أن بالطبع أتذكر كل شيء ولكنك كبرتني وكبرت نفسك ونحن ما زلنا شباب فأنا أمازحك فقط أما ابو أحمد فهو الاستاذ خالد المجالي طول العمر لك وله أبو أيسر

9) تعليق بواسطة :
05-05-2015 11:29 AM

تحية طيبة أخي أبو أيسر وتحية للأخ أبو أحمد اطال الله عمريكما ومنحكما الصحة والعافية .
عذرا للهجتي الحادة في تعليقي رقم 5 لإستبعادي شخصك الكريم من ذهني تماما كونك دائما ما تذيل تعليقك بكلمة الكاتب .
شكرا على تواصلك.

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012