أضف إلى المفضلة
الأحد , 28 نيسان/أبريل 2024
الأحد , 28 نيسان/أبريل 2024


ادهم الغرايبة يكتب لـ"كل الاردن" : "دعم الحشيش و رفعه عن الخبز "!

بقلم : ادهم غرايبة
12-05-2015 03:09 PM
إذا كان الخبز خطا أحمرا فعلا و يثير الغضب العارم , فما هي الوان برد أطفالنا و عجائزنا في الشتاء جراء رفع أسعار المحروقات بشكل جنوني و غير منصف ؟ و ما هو لون بيع مقدرات الأردن الإقتصادية بشكل مشبوه طيلة الأعوام السابقة ؟ و ما لون اكوام الضرائب و الرسوم التي يفترض أنها ترتد على المواطنيين في التعليم و الصحة و المياه و الخدمات العامة ؟! و ما لون المديونية التي تتورم يوميا دون أن نعلم على ماذا تصرف ؟! و ما لون حكومات تتشكل و تنهى خدماتها - و تتصرف طيلة مدة عملها و كأنها حكومة تسيير أعمال منذ اليوم الاول - دون معرفة سبب ذلك ؟!.

و ما لون متورطين بتميع الحياة السياسية و يشكلون خطرا على امن الدولة, نهبوا جيوب الناس و يرتبون حملات دعائية لعودتهم لمناصب حساسة لا تليق بهم عبر مناسف يدعون لها و يتحملون هم ذاتهم مصاريفها و فوقها ' حبة مسك ' لمن تصدى لمهمة التلميع المدفوعة الثمن من ملايين سرقوها منا أصلا ؟!.

و ما لون حكومة تدعي عزمها على تطبيق القانون على الكل في حين أنها تطبقه على ' المحترم ' و تترك الازعر يتصرف بهمجية كيفما شاء ؟ و ما لون عدالة تطال نشطاء وطنيين و لا تلاحق مطلوبا يتمتع بالحياة في لندن و قد صدر بحقة حكما قضائيا بالحبس و إستعادة ' بعض ' الأموال التي نهبها , فيما لا يطلق سراح محكوم إنتهت مدة محكوميته الرسمية ؟!.

و ما لون أمن يتولى إعدام مواطنين في مراكز التحقيق و يعاقبهم بالشبهة فقط , دون أن يتحمل أحد من كبار قادة الامن المسؤولية فيعلن إستقالته من باب المسؤولية الاخلاقية ؟!.

ما لون وطن تحول الى مستودع سكاني و يتحول فيه المواطن الى مجرد زبون ؟!
ليرفعوا سعر الخبز كما يشاؤون . إذا تعلقت كرامتنا برغيف خبز فلا رد الله لقمة مغموسة بالذل . لست أُزين للحكومة سوء أعمالها حتما , بل أُحمل الاردنيين مسؤولية ما يصيبهم . طيلة أعوام مضت و نحن نصرخ بأن السكوت على طريقة و حيثيات عمل الحكومات سيوصلنا الى ما نحن عليه ما لم يكن اسوأ .

ظن الناس – للأسف - أن ثمن السكوت سيحقق لهم السلامة , فيما بات واضحا أنه حقق لهم الندامة . لو عبر الشعب الأردني عن' عتبه ' على طريقة إدارة بلده بشكل حضاري و سلمي لما وصلنا لما نحن عليه اليوم .

اللوم ليس على تخاذل الشعب نفسه فحسب , بل أيضا على لؤم الحكومات التي كانت تعي تمام انها تأتي أمرا ' إدا ' , و مع ذلك تتوغل في خطيئتها . معتبرة أن سكوت الشعب علامة رضى , مع انه عكس ذلك في ثقافات شعوب اخرى !.

أساس المشكلة لا تكمن في دعم الخبز بحسب إدعاءات الحكومة و موالستها . المبلغ الذي يصرف على الدعم المفترض لا يقارن بشيء بالنسبة لمليارات تنفق بغير حساب من قبل بعض قطاعات الدولة , و لا يقارن بالقيمة الحقيقة للقطاعات الاقتصادية الرابحة التي بيعت بغير وجه حق , و لا يقارن بما يمكن تحقيقه في حال أُتخذ قرار سيادي لمحاسبة بضع عشرات السارقين , و استعادة الاموال منهم ,و لا يقارن بما يمكن ان تجنيه الدولة في حال أتخذت قرارا وطنيا بتطوير الزراعة و دعم السياحية و الشروع بحملة وطنية لأستكشاف و استخراج خيرات البلد , و لا حتى بحملة إنتزاع الضرائب من كبار تجار البلد المتهربين من دفع الضريبة اذا خشًنت صوتها تجاههم !.

زوبعة رفع الدعم عن الخبز مفتعلة , و غاياتها تحويل أنظار الناس لقضايا معيشية هامشية و إنهاكهم بلقمة خبزهم فقط , فيما تُرتب أمور أخرى خطيرة تهدد مستقبل الاردن برمته . لا بل أن تراجع قطاعات الصحة و التعليم و الخدمات العامة بات خارج النقاش العام اليوم و كأننا نقول لا نريد منكم شيئا سوى أن تبقوا الخبز على حالة فقط و نسامحكم بكل الخراب , فتبدو الحكومة أنها حققت شيئا و استجابت للعامة إذا ما تراجعت عن قرارها !.

الرد الشعبي – عبر من بقي لديهم ضمير من الكتاب و السياسيين و الاحزاب و النقابات – لا يجب أن يطالب إقالة الحكومة الحاليو و محاسبتها فحسب و لا ان يكتفي بالدفاع عن رغيف الخبز للمواطنيين , بل أن ينتقل للهجوم على أي حكومه أو جهة لا تعمل على إستعادة مقدرات الشعب الاردني و تطويرها و تحميل هؤلاء وحدهم المآلات غير السعيدة التي نوشك عليها .

الذين يدافعون عن قرار الحكومة برفع الدعم عن الخبز بحجة أن الدعم سيوجه للأردنيين فقط يعرفون في قرارة أنفسهم ان الحكومة تلجأ الى اجراءات إدارية معقدة هدفها ثني الناس و إحباطهم عن المطالبة بهكذا دعم و قد رأينا التعقيد المتعمد بموضوع صرف الدعم بقضية المحروقات و الذل الممنهج للمراجعين , فضلا عن ان قيم الدعم مشكوك فيها و غير منصفة .

الدولة مسؤولة تجاه أبنائها وعليها توفير الرعاية الاجتماعية لهم , بما في ذلك دعم سلة معيشتهم و صحتهم و شيخوختهم و تعليمهم , سيما أنها تستدين بإسمهم , و تفرض رسوما و ضرائب عليهم بنية الإفادة من قيمتها لخدمتهم , فيما نشهد حقبة طارئة علينا يتم فيها تحويل الوطن الى شركة خدمات و المواطن الى زبون !
إرفعوا دعمكم عن الخبز بعد أن ظل زمنا طويلا قميص عثمان الذي رفعتم تحته أسعار كل السلع و الخدمات , بالناقص من خبز يعد لنا من قمح مليئ بالسوس و الفئران و الحشرات , و المنطق أن تدفعوا لنا تعويضات لأننا نقبل أن نأكله , نكسب صحتنا على الأقل !

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
17-05-2015 03:52 PM

صح100 بالميه

2) تعليق بواسطة :
17-05-2015 07:44 PM

شكراً أخي أدهم على المقال الدقيق الصريح والذي يعيد لي قيم أخي أدهم الوطني الأردني

3) تعليق بواسطة :
18-05-2015 08:30 AM

شكرا انك اسبغت عليه و اعدت له القيم الوطنيه ! كرم منك و الله !!!

4) تعليق بواسطة :
20-05-2015 09:23 AM

أخي وعزيزي أدهم الغرايبه ، وأنت من البلدة الطيبون أهلها ـ حواره ــ يوم إستقبلتمونا بها وبكرمكم ومحبتكم غمرتمونا ، لم نتكلم يومها لا عن خبزٍ ولا عن فطير ، فهذا كان ابن الورد ياتي به عنوة ــ من بيوتهم ــ ويلقمه بأفواهٍ وليتها كانت تشبع ، كلمة ,, عنوةً ,, تعجبني ، فليكن حديثك بمدلولها ولتسلم لقراءك ومحبيك ولك منهم التحية والسلام .

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012