أضف إلى المفضلة
الجمعة , 03 أيار/مايو 2024
الجمعة , 03 أيار/مايو 2024


صفقاتنا الرابحة المؤجلة!

بقلم : د.محمد ابو رمان
22-07-2015 12:43 AM
تمثّل خطوة استقبال الملك السعودي سلمان بن عبدالعزيز، لقائد حركة حماس خالد مشعل، خطوة جديدة مهمة من خطوات استعادة التوازن في السياسات الرسمية العربية.
إذ في مقابل الصفقة الأميركية-الإيرانية التاريخية، التي سيكون لها ما بعدها، فإنه إذا أرادت الدول العربية بالفعل العودة إلى مسار التاريخ والجلوس على الطاولة كـ'لاعب'، لا كـ'جزء' من الكعكة، فإنّ المطلوب اليوم القيام بصفقات فورية وسريعة موازية للصفقة الإيرانية-الأميركية، على الصعيدين الداخلي والخارجي.
على الصعيد الداخلي، من الضروري الخروج من نفق المقاربة الحالية للمعسكر المحافظ، والتي تقوم على ممانعة 'الربيع العربي' ومحاولة ترميم النظام السلطوي الفاسد، عبر دعم الثورة المضادة ورجالاتها المعروفين في مصر وليبيا، من جهة؛ وإعلان الحرب على الإسلام السياسي عموماً، من جهة أخرى، ورفض التفريق بين 'المعتدلين' و'المتطرفين'، بوضعهما معاً في خانة 'الحرب على الإرهاب'، وسدّ المسار الديمقراطي السلمي أمام الشعوب، وإعادة تعريف مصادر التهديد بجعل المصدر الأول هو المحور التركي-القطري-الإخواني.
مثل هذه المقاربة الخشبية، التي بدأت السعودية تخرج منها جزئياً، لم تعد منطقية (كما أنّها لم تكن في أيّ يوم منطقية) حتى في نظر أصحابها، ومن المفروض البحث عن صفقات داخلية في ليبيا وتونس ومصر، وعدم إرسال شيكات على بياض لرجالات الثورة المضادة الفاشلين. فما يحدث هو، بوضوح، إغراق لهذه المجتمعات في الفوضى والأزمات الداخلية والتفكك.
لا يمكن مواجهة الاستحقاقات الخارجية من دون إطفاء النيران الداخلية. وإذا كنا نأمل -معشر الإصلاحيين- بدولة مدنية ديمقراطية تقوم على المواطنة والقانون والعدالة والتعددية والحكم الرشيد، وتسود فيها روح التنوير والإصلاح الديني، فإنّ ما تسمح به اللحظة الراهنة هو الحفاظ على رأس المال قبل التفكير في الربح المطلوب. وذلك يقتضي الموافقة على حلول وسط من أجل حماية الدولة العربية من الانهيار وإعادة التوازن لها. لكنّ ذلك يتطلب تنازلات حقيقية من الجميع.
الصفقة، حتى لا يسارع بعض الرفاق إلى إساءة الفهم، ليست بين الأنظمة وقوى الإسلام السياسي السلمي، بل هي بين الجميع في الدول والمجتمعات العربية؛ تقوم على رد الاعتبار لقيم مهمة وأساسية في حياتنا انتُهكت في الأعوام الماضية، في مقدمتها السلم الأهلي والثقة المجتمعية والتعددية الثقافية والدينية والسياسية، واحترام المذاهب الإسلامية، وتحديداً الاعتراف بالاختلاف والتسامح بشأنه بين السُنّة والشيعة والطوائف الأخرى، ردّاً على نموذج الإقصاء والتكفير المتبادل المنتشر اليوم بين 'داعش' و'الحشد الشعبي' والقوى الخطيرة الصاعدة في المنطقة.
على الصعيد الخارجي، فإنّ الصفقة المفقودة هي مع إيران. فإذا كانت الإدارة الأميركية قد عقدت هذه الاتفاقية وتفاهمت معها، فلماذا نبقى نحن العرب مصرين على عدم الحوار، بالرغم من أنه اليوم ضرورة استراتيجية، بل وتأخر كثيراً عن وقته؟ ما الذي يمنع من حوار عميق متعدد الأبعاد للوصول إلى تفاهمات إقليمية، وإدماج إيران في المنطقة، مع حفظ مصالح الأطراف المختلفة، ومحاولة الاتفاق على مستقبل عادل لسورية والعراق ينصف الجميع؟!
إذا كان البعض يتوقع أنّ موازين القوى لصالح إيران اليوم، فهو مخطئ. مشكلتنا هي في أنّ العرب يفتقدون إلى المقاربة العقلانية الذكية، وإلى إدارة موازين القوى بصورة صحيحة. فتركيا اليوم طرف مهم في هذه الموازين، ويمكن أن تكون شريكاً فاعلاً في بناء المعادلة المطلوبة.
إذا لم ندرك صفقاتنا المتأخرة، فإننا سنخسر كل شيء في خضم هذه التحولات التاريخية الكبرى، وفي ظل تفكك العالم العربي والانهيارات الكبيرة التي تحدث في الداخل!
(الغد)

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
22-07-2015 12:22 PM

صرت تعود الى الذي قلناه منذ سنوات لا بد من التعاون عبر صفقة مع ايران --- جميل ان تعود مثل بور الجمال

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012