أضف إلى المفضلة
الأربعاء , 11 كانون الأول/ديسمبر 2024
الأربعاء , 11 كانون الأول/ديسمبر 2024


بلد المليون مفتي

بقلم : م. محمد يوسف الشديفات
14-11-2015 12:33 PM
ها نحن اليوم نقع فريسةً سهلة لسياسات الغلوّ والاعتداد بالرأي وإقصاء الآخر التي ستؤدي حتماً إلى اختفاء صوت الإعتدال والوسطية على غرار السياسات الإقتصادية الفاشلة التي سحقت الطبقة الوسطى في مجتمعنا، فحالما تقوم بفتح باب النقاش حول أي مسألة في أي مجلس أو موقع تواصل إجتماعي، سوف تجد عدداً لا بأس به من المتصدرين للحديث عن تلك المسألة ممن يفتون بعلمٍ وبغير علم، ولتكن مسألة شرعية تتعلق بلباس المرأة على سبيل المثال، سوف تجد نفسك وبدون مقدمات بين فريقين؛ أحدهما متحرر يرى أن وجود ضوابط للباس المرأة يعتبر تخلفاً ورجعيةً وكارثة إنسانية بحاجة إلى تدخل أممي، وفريق آخر متشدد سوف يرى مجرد النقاش في هذا الأمر زندقةً وكفراً، وبات صوت الإعتدال نشازاً يسيء إلى معتقدات كلا الفريقين.

التجرؤ على الفتوى بجميع أشكالها وفي جميع المجالات أضحى بيئة خصبة لنمو الفكر المتطرف، ومما لا شك فيه ان الفهم الخاطئ للتطرف قد أنتج مفهوماً معاصراً عمل على ربط التطرف بالإرهاب وصولاً إلى إلصاقهما بالدين الإسلامي والإسلام منهما براء، فالتطرف ليس بالضرورة أن يكون محصوراً بالمفهوم الديني للمصطلح، وإن الإبتعاد عن الوسطية في جميع مناحي الحياة وفي كلا الإتجاهين يعد تطرفاً.

مكافحة الفكر المتطرف يجب أن تكون تشاركية وعلى عدة مستويات، ويجب أن تأخذ الإجراءات المتبعة أشكالاً وقائية وعلاجية في آنٍ معاً، لا سيما إذا أردنا التحرك بجدية لمكافحة التطرف الديني، بحيث نقوم بإعداد دراسة حقيقية يتم نشرها حول دوافع التطرف الديني في مجتمعنا وتحديداً بين فئة الشباب المستهدفة دوماً لنشر مثل هذه الأفكار، ووضع إستراتيجية متكاملة تبدأ بإعادة الإعتبار والهيبة لشخص رجل الدين من خلال حصر إصدار الفتاوى على دائرة الافتاء العام وتغليظ العقوبة على المخالفين بمن فيهم من يقومون باستخدام شتى المنابر لنشر رسائل دينية بصيغة النصح والإرشاد دون التثبت من صحتها، وإعادة النظر بمعدلات القبول في تخصصات الشريعة الإسلامية في الجامعات الرسمية والخاصة، ولا يضيرنا لو قمنا بمنح خريجي هذه التخصصات مزيداً من الإمتيازات الوظيفية لتشجيع فئة كبيرة من الشباب على الإنخراط فيها، لأن نشر الأفكار المتطرفة أساسه اختفاء القدوة الحسنة وتراجع الوعي المجتمعي وعدم التخصص، مما أدى إلى ظهور مفتٍ في كل شارع إن لم يكن في كل بيت.

هنا نستذكر بعض التابعين رضوان الله عليهم حين قالوا: 'إن أحدكم ليفتي في المسألة لو وردت على عمر بن الخطاب رضي الله عنه لجمع لها أهل بدر'.

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
14-11-2015 10:50 PM

مقال موزون ويتكلم عن جذور المشكلة التي تعاني منها الأمة الاسلامية
كما ذكر جلالة الملك بأن الحرب على الاٍرهاب طويلة وعلاجها لن يكون فقط
البندقية ومعدات الحروب
حرب أيدولوجية لخلاص الشباب من فكر التعصب والتطرف وتشويه ديننا الحنيف دين المحبة والسلام .

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012