أضف إلى المفضلة
السبت , 04 أيار/مايو 2024
السبت , 04 أيار/مايو 2024


التقارير الطبية القضائية تحديات تتطلب حلول

بقلم : دكتور منصور المعايطه
12-07-2016 04:29 PM

قضية التقارير الطبية القضائية أصبحت مشكلة تورق العديد من الاطراف والجهات ذات العلاقة خصوصا اذا علمنا ان المشتكي أو المعتدى عليه قد يصبح في لحظات موضع اتهام، والمشتكى عليه أو المعتدي يتحول ايضا الى مشتكي، وتضيع الحقوق أمام هذا التنافس والتناقض بما يحتويه التقرير الطبي . وكثيرا هي القصص التي جعلت من صاحب الحق مظلوم والتي يصبح فيها المعتدي والمعتدى عليه مذنبين أمام القضاء الذي يعتمد شكوى مقابل شكوى وكل واحدة مدعمة بتقرير طبي.

أمام هذه الظاهرة والتي تتوسع وتتجذر في المجتمع الأردني حتى أنه لم يعد بمنأى عن سلبياتها وأضرارها أي مواطن مهما كان وضعه الاجتماعي والوظيفي ولا يحصن المواطنون أمام غول هذه التقارير الطبية التي عادة ما يتحصل عليها أشخاص مكررون بعضهم امتهن هذه المهنة بحصوله على تقارير طبية لغايات تحصيل حقوق متأخرة أو مقايضة حقوق آخرين لديه بإسقاط حقوقهم سواء مالية أو جزائية أمام القضاء،ويستخدم البعض مثل هذه التقارير بهدف ايذاء الاخرين والحصول على حقوق ليست لهم أو يهدف إلى الحصول على براءة مجانية من فعل ارتكبه طالب التقرير بعد تنازل الآخر عن حقوقه كاملة للتخلص من التهمة التي وجهت له نتيجة لذلك التقرير( المفتعل اصلا) .

والشواهد على ذلك واضحة لا تخطئها العين في المحاكم وفي المراكز الأمنية في القطعات الطبية جميعها الخاص والعام والمستشفيات . وأمام هذا التحدي الكبير سوف نتحدث في موضوع التقارير الطبية القضائية من خلال عدة نقاط لنضع مواطن الخلل لعل أصحاب العلاقة والاطراف ينشدون حلول ناجعة وحقيقية وموضوعية لهذه الظاهرة السلبية المؤلمة في مجتمع ينشد تحقيق العدالة وهي :

1- التقرير الطبي القضائي هو تقرير طبي ينظم من قبل الاطباء ويكون الهدف منها خدمة أهداف الجهات القضائية من خلال ما تقدمة من بيانات طبية وحقائق طبية المقرونة بالإجراءات التشخيصية المختلفة . والتقرير الطبي القضائي يتعلق بحالة طبية قضائية أو حادث قضائي . والحالة الطبية القضائية هي كل حالة نصت القوانين القضائية صراحة أو ضمنا على وجوب الاسعانة بالبينة الطبية بشانها أو احتاجت الجهات القضائية الى تلك الاستعانة بشانها .

والمقصود بالبينة الطبية هنا هو التقرير الطبي القضائي . وتتميز التقارير الطبية القضائية بمحتواها الذي يخدم أهداف القضاء والتقاضي، ولا يمكن أعتبار التقرير الطبي تقريرا طبيا قضائيا ما لم يخدم أهداف القضاء والتقاضي وحتى ان كان تنضيمة من قبل اختصاصي الطب الشرعي وحتى ان تمت كتابتة على نموذج تقرير طبي قضائي .

ويعتبر تقرير الطبي القضائي بمثابة 'البينة' أو 'الدليل ' الطبي في الحالات الطبية القضائية الذي يستند له القضاء في ادانة أو تبرئه المتهم أو تكيف الواقعة القضائية أو تقرير الحقوق أو التعويضات وغيرها الكثير .

2- يوجد نوعان من التقارير الطبية القضائية عادة هما تقرير طبي قضائي أولي وتقرير طبي قطعي ( نهائي ) وهذا النوع الاخير هو الذي ينظم غالبا من اختصاصي الطب الشرعي . اما التقرير الطب القضائي الاولي فهو التقرير الذي ينظم من قبل أى طبيب مراخص للعمل في المملكة وقام بمعاينة الشخص أو اسعافة أو علاجة . وهو يصدر من جميع المرافق الصحية في المملكة والتي تستقبل أو تتعامل مع أى حالة طبية قضائية .

فهو قد يصدر من اطباء المستشفيات الخاصة ومن اطباء المستشفيات الجامعية أو من اطباء المستشفيات الحكومية في وزارة الصحة أو اطباء الخدمات الطبية الملكية . وهو ذو أهمية قانونية حيث يعتبر أول رأى فني طبي يوضع في الحالة الطبية القضائية أو في الإصابة أو في حالة الشخص المصاب ، ويبنى عليه تبعات قانونية وقضائية مهمة قبل الوصول الى مرحلة التقرير الطبي النهائي أو القطعي . وهذا النوع من التقارير الطبية القضائية هو جوهر مشكلة التقارير الطبية القضائية التي تتمحور حولها ظاهرة التقارير الطبية القضائية الغير صحيحة او المبالغ فيها أو اى تسمية قد تحملها هذه التقارير وتبعاتها القانونية وتحدياتها الاجتماعية .

3- على الرغم من أن الدستور الطبي قد حدد في المادة (14) مواصفات وأسس وقواعد كتابة التقارير الطبية بصورة عامة .وفي المادة (10) بند رقم 6 أوضح الدستور الطبي في نقاية الاطباء بانه يحظر على الطبيب أعطاء اى مصدقة أو تقرير طبي دون ان يسبق ذلك فحص طبي . كما ان قانون العقوبات الاردني في المادة 266 أوضع العقوبة على من ينظم تقرير طبي من مقدمي المهن الطبية غير صحيح او مخالف للواقع حيث قال :

' من أقدم حال ممارسته وظيفة عامة أو خدمة عامة أو مهنة طبية أو صحية أو أية جهة أخرى على إعطاء مصدقة كاذبة معدة لكي تقدم إلى السلطات العامة أو من شأنها أن تجر لنفسه أو إلى غيره منفعة غير مشروعة أو تلحق الضرر بمصالح أحد الناس ، يعاقب بالحبس من شهر إلى سنة '.

وعلى الرغم من وجود تلك التشريعات الطبية والقضائية بقيت ظاهرة التقارير الطبية الغير صحيحة أو التي لا تعكس واقع الحالة الطبية القضائية أو حالة الشخص المصاب أو المدعي بالاصابة مشكلة تورق الجهات ذات العلاقة وتشعر بخطر تلك الظاهرة وفي مقدمتها تداعيات غياب العدالة والتي لا نخفي ان تراكماتها دون علاج قد يتحول الى خطر يهدد أمن الوطن الاجتماعي .مما استدعي وزارة العدل المبادرة الى تشكيل لجنة من بعض الجهات المختصة والتي أوصت اعتماد نموذج موحد للتقارير الطبية القضائية يحوي جميع العناصر الاساسية التي تفيد الجهات المختصة لعلها تساعد في حل تلك الظاهرة او السيطرة عليها.

4- وقد تنبهت الجمعية الى هذه الظاهرة الخطيرة ونظمت لقاءات وندوات علمية وقانونية حول التقارير الطبية القضائية وهذه الظاهرة واستضافت عددا من المختصين والخبراء والقانونيين للحديث عن هذه الظاهرة والاسباب والحلول .

5- اننا في جمعية اختصاصي الطب الشرعي الاردنية نجد ان التقارير الطبية الغير صحيحة اصبحت تشكل ظاهرة خطيرة في عملية التقاضي وتتطلب حلول حقيقية من أصحاب الاختصاص والجهات ذات العلاقة جميعها خاصة اذا علمنا أن احد الاسباب الرئسية في وجود هذه الظاهرة وتبعاتها وتداعياتها القانونية هو التقرير الطبي القضائي الاولي والتي غالبيتها تصدر من جميع المستشفيات واهمها مستشفيات القطاع الخاص.

ونعتقد مع احترامنا وتقديرنا لاجتهاد اللجنة المشكلة من وزارة العدل بان ايجاد نموذج موحد فقط للتقارير الطبية القضائية لا يفي بالحد من هذه الظاهرة على الرغم من اهمية ايجاده . ونرى انه من الضروري ان يكون هناك دور للاطباء الشرعيين في التقارير الطبية القضائية والتي تصدر من المؤسسات الطبية الخاصة و المستشفيات الخاصة من خلال جمعية اختصاصي الطب الشرعي او المركز الوطني للطب الشرعي في وزارة الصحة لايجاد الاليات التي تمكن الاطباء الشرعيين من القيام بدورهم ومساعدتهم في موضوع التقرير الطبي القضائي الاولي التي تصدر من القطاع الخاص ليحقق هذا التقرير الاهداف الطبية اولا التي من اجلها تم تنظيمة ويخدم اهداف القضاء في عملية التقاضي والتي من اجلها قدم هذا التقرير.

واخيرا نقول أنه لابد من تظافر جميع الجهود من جميع الجهات ذات العلاقة بالتقارير الطبية القضائية وخاصة الاولية منها للوصول الى الاهداف الحقيقية التي من اجلها طلب او نظم التقرير الطبي القضائي ليكون هو الاساس الصحيح في خدمة العدالة والتقاضي بين الناس في المجتمع .

رئيس جمعية الطب الشرعي الاردنية
دكتور منصور عمر المعايطة


التعليقات

1) تعليق بواسطة :
14-07-2016 11:19 AM

يعني والحل بدك تمنع اصحاب الاختصاص من ممارسة اختصاصهم ام بدك التقارير الطبية حسب الطلب والرغبة، الطبيب عندما يأتي اليه شخص مجروح او مـتأذي او متعرض لرضوض او لكمات بليغة، من واجب الطبيب وأمانته الانسانية والمهنية ان ينظم تقرير بواقع الحال، وليس من شأنه تحري صدق او كذب الشخص الماثل امامه، فهذا مسؤولية جهات اخرى؟!!!

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012