أضف إلى المفضلة
الإثنين , 29 نيسان/أبريل 2024
الإثنين , 29 نيسان/أبريل 2024


تقرير: تحديات خطيرة لروسيا في سوريا

23-08-2018 07:48 PM
كل الاردن -
قال موقع 'ستراتفور' الأمريكي، في تقرير تحليلي، إنه من أجل حصد ثمار استثمارها في سوريا وتحقيق الاستقرار قبل تصاعد الصراع بشكل أكبر، ستحاول روسيا تنفيذ خطة طموحة متعددة الجوانب ولكنها محفوفة بالمخاطر ولا يزال نجاحها غير مؤكد.
على رغم هذه الاستراتيجية قد جرى وضعها بعناية شديدة فإنها تنطوي على مخاطرة كبرى؛ حيث أن روسيا لم تدعم من قبل أي عملية عسكرية واسعة النطاق في منطقة واقعة تحت سيطرة المعارضة ويستهل 'ستراتفور' تقريره بالإشارة إلى أن الحرب الأهلية السورية قد دخلت مرحلة جديدة منذ استيلاء نظام الأسد على درعا والقنيطرة في جنوب غرب البلاد، ولأول مرة في تاريخ الصراع الذي اندلع منذ سبع سنوات، باتت كل الأراضي الحيوية في سوريا تحت سيطرة مباشرة لقوات موالية لنظام الأسد أو خاضعة للوجود الأجنبي؛ حيث تسيطر قوات سوريا الديمقراطية والقوات الأمريكية المتحالفة معها على الجزء الشمالي الشرقي من البلاد، في حين أن القوات التركية موجودة في شمال محافظتي حلب وإدلب التي تتمركز فيهما آخر قوات المعارضة.
خطة طموحة
ومن الناحية الفعلية، تسيطر حكومة الرئيس السوري بشار الأسد على معظم أنحاء سوريا بمساعدة حلفاء مثل إيران وروسيا وحزب الله، ولكن هؤلاء الشركاء لديهم تصورات مختلفة لمستقبل سوريا.
ويرى تحليل 'ستراتفور' أن موسكو، التي حققت بالفعل هدفها الأساسي في تعزيز مكانتها داخل سوريا وإنقاذ نظام الأسد، تتطلع إلى إنهاء الحرب وتحقيق الاستقرار بغية جني ثمار مشاركتها في الصراع، ولذلك وضعت روسيا خطة طموحة متعددة الجوانب ولكنها محفوفة بالمخاطر ولا يزال نجاحها غير مؤكد.
وترتكز الخطوة الأولى لخطة روسيا على تأمين تمويل إعادة إعمار سوريا للحفاظ على بقاء الأسد في السلطة بصورة سلمية على الأمد الطويل وضمان استقرار البلاد، فضلاً عن تعزيز النفوذ الروسي داخل سوريا وترسيخ شرعية نظام الأسد بما يكفي لتشجيع الغرب على رفع العقوبات المفروضة على دمشق.
مساهمة الغرب في إعادة الإعمار
ولكن الكلفة ليست رخيصة، بحسب 'ستراتفور'، إذ تشير التقديرات إلى أن كلفة إعادة الإعمار تصل إلى قرابة 400 مليار دولار، وليس بإمكان روسيا أن تتحملها بمفردها ولذلك تطلب المساعدة من الولايات المتحدة والصين والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.
وعلى الرغم من استعداد الصين للمساهمة في إعادة الإعمار فإن أنشطة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بعيدة كل البعد عن خطة إعادة الإعمار التي تتطلع إليها موسكو، حتى مع المساعدات الإنسانية التي تقدمها فرنسا إلى سوريا. وتحاول روسيا إغراء الاتحاد الأوروبي لدعم خطتها من خلال إثارة قضية عودة اللاجئين إلى سوريا بعد إعادة إعمارها، ولكن الاتحاد الأوروبي يشكك في نوايا روسيا ولا يزال يرفض العمل المباشر مع حكومة الأسد.
أما موقف الولايات المتحدة فهو أكثر صعوبة، بحسب تحليل 'ستراتفور'، وخاصة لأن واشنطن لن تتعامل فقط مع الحكومة السورية في ظل عدم وجود تحول سياسي، ولكنها أيضاً تبحث عن طرق لخفض إنفاقها في سوريا، وقد أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية بالفعل في السابع عشر من أغسطس (آب) الجاري إنهاء برنامج المساعدات المدنية السنوي لسوريا بقيمة 230 مليون دولار الذي كان مخصصاً لتحقيق الاستقرار في المناطق الواقعة تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، وبدلاً من ذلك ستطلب الولايات المتحدة من الحلفاء العرب تغطية هذه الأموال.
تجنب التصعيد بين إسرائيل وإيران
وبحسب خطة روسيا، يقضي ضمان استمرارية نظام الأسد البحث عن طرق لمنع تصعيد الصراع بين الدول المتورطة في سوريا، وبخاصة إيران وإسرائيل؛ إذ عمدت الأخيرة إلى تكثيف هجماتها ضد القوات الإيرانية في سوريا خلال العام الماضي في محاولة لمنع طهران من ترسيخ نفوذها داخل البلاد.
وإذا استمرت تلك الهجمات من دون ضوابط، فإن هذا النزاع المحتمل بين إيران وإسرائيل من شأنه أن يتسبب بحدوث أضرار بالغة لقدرات نظام الأسد، وربما تتورط روسيا أيضاً. ولتجنب المزيد من التصعيد أقنعت روسيا إيران بسحب وحداتها الثقيلة من جنوب غرب سوريا في الوقت الراهن، إلى جانب تكثيف اتصالاتها مع إسرائيل لتجنب وقوع صدامات غير مقصودة بين القوات الروسية والإسرائيلية.
بيد أن خطر اندلاع المواجهة بين إسرائيل وإيران لا يزال قائماً؛ إذ تستطيع إيران دوماً اتخاذ قرار بإرسال قواتها إلى المنطقة القريبة من مرتفعات الجولان، وطالما أن إيران لها وجود في سوريا، فعلى الأرجح أن إسرائيل ستواصل هجماتها ضدها.
وعلاوة على ذلك فإن روسيا، بحسب تحليل 'ستراتفور'، لا تتوافر لديها القدرة ولا حتى الرغبة في إخراج إيران من سوريا؛ لأن إيران متوغلة في سوريا ولديها نفوذ هائل على دمشق، ومن ناحية أخرى لا تزال موسكو بحاجة إلى القوات الإيرانية في سوريا لتنفيذ مهام مكافحة التمرد ضد الأسد التي من المتوقع أن تستمر لفترة طويلة مستقبلاً في المناطق النائية من البلد الذي مزقته الحرب.
إشكالية إدلب
يصف تحليل 'ستراتفور' إدلب بأنها القضية الأكثر إلحاحاً التي يتعين على موسكو التعامل معها، وربما تكون الأكثر صعوبة في خطتها؛ حيث يخضع معقل المعارضة في إدلب لاتفاق 'خفض التصعيد' الذي توصلت إليه روسيا وتركيا وإيران خلال محادثات السلام في كازاخستان العام الماضي.
وعلى الرغم من أن مطالبات الصفقة بوقف التصعيد كانت صورية، فإنها مهدت الطريق لتركيا لإرسال قوات لإنشاء اثنتي عشرة نقطة مراقبة على طول الحدود الإقليمية مع إدلب. ولكن بعد استعادة نظام الأسد سيطرته على جنوب غرب سوريا، فإن دمشق تتطلع إلى شن هجوم على إدلب لاستعادة المزيد من الأراضي، وبالفعل تحركت القوات الموالية لنظام الأسد شمالاً نحو المقاطعة خلال الأسابيع الماضية استعداداً لشن الهجوم، الأمر الذي يضع روسيا في مأزق.
ويوضح تحليل 'ستراتفور' أن موسكو من ناحية ترغب في إضعاف قوات المعارضة في إدلب (خاصة أولئك الذين يدبرون الهجمات على قاعدة حميميم الجوية في اللاذقية) للتأكد من أنهم لن يشكلوا تهديداً آخر لنظام الأسد في المستقبل. ولكن من ناحية أخرى يمكن أن يسفر ذلك عن دخول روسيا في صراع مباشر مع تركيا التي تعارض الانسحاب من إدلب خوفاً من فقدان المنطقة العازلة في سوريا وإطلاق موجة من اللاجئين على حدودها.
ولا تعتزم روسيا إثارة مواجهة مع أنقرة لأن نشوب أي نزاع بينهما قد يؤدى إلى قطع الروابط بينهما وإعادة تركيا إلى أحضان الولايات المتحدة، فضلاً عن تشجيع تركيا على مضاعفة دعمها للتمرد ضد نظام الأسد.
مهمة لا تزال صعبة
ويتوقع 'ستراتفور' أن تتبع روسيا نهجاً متجانساً لحل إشكالية إدلب في ضوء آخذ العوامل أعلاه في الحسبان، وذلك من خلال الضغط على تركيا لاتخاذ موقف أكثر صرامة مع الوحدات الجهادية بقوات المعارضة، بما في ذلك جماعات مثل هيئة تحرير الشام والحزب الإسلامي التركستاني في سوريا (فرع لجماعة اليوغور المتمردة التي تشكل مصدر قلق للصين أيضاً).
وفي الوقت نفسه، تقوم روسيا بإدارة توقعات دمشق من خلال التوضيح بأنها لن تدعم هجوماً عسكرياً كاملاً لاستعادة إدلب طالما أن القوات التركية لا تزال موجودة في المحافظة. وبدلاً من عملية كاملة، على الأرجح أن سلسلة من الهجمات المدعومة روسيا ستبدأ في الأسابيع القليلة المقبلة، إلى جانب حملة دعائية واسعة النطاق لإقناع جماعات المعارضة بالاستسلام.
ويختتم تحليل 'ستراتفور' بأنه على الرغم من هذه الاستراتيجية قد جرى وضعها بعناية شديدة فإنها تنطوي على مخاطرة كبرى؛ حيث أن روسيا لم تدعم من قبل أي عملية عسكرية واسعة النطاق في منطقة واقعة تحت سيطرة المعارضة بسوريا يوجد بها في الوقت ذاته قوات أجنبية. وينطوي قرار روسيا للقيام بذلك في إدلب (في حال حدوثه) على مخاطرة التسبب في خسائر بصفوف تركيا أو اندلاع دعوات بالانتقام والتصعيد. وحتى مع استعادة نظام الأسد لقبضته على السلطة إلى حد كبير، فإن روسيا، على الأرجح، ستجد تنفيذ بقية استراتيجيتها في سوريا مهمة لا تزال صعبة.
التعليقات

1) تعليق بواسطة :
23-08-2018 07:55 PM

نعتذر

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012