عمر كلاب

 
مواكب الزعماء والرؤساء عادة ما تسير منفردة، في شوارع خالية من الحياة الا في مرات يصطف فيها الناس عنوة للتصفيق والترحيب القسريين، بل ان بعض الدول الشقيقة تقفل شوارع لمرور محافظ او وزير.

في بلدنا، يتحدث الناس كثيرا عن رؤية الملك وهو منفرد في سيارته او بحراسة قليلة وما زلنا نستذكر نحن العاملين في صحيفة اخر خبر العامل الوافد الذي دخل يصرخ بلكنته المصرية “جلالة الملك.. اشترى منّي الجريدة على الاشارة الضوئية ودفع عشرين دينارا ثمنا لها” ومحاولات زميلنا العزيز باسم سكجها شراء العشرين دينارا منه الى ان دفع ثمنها خمسين دينارا ووضعها في اطار داخل مكتبه كان ذلك الحدث مع الراحل الحسين رحمه الله.

موكب الملك عبدالله يتوقف في طريق المطار اثناء عودته من زيارة رسمية الى بريطانيا, لانقاذ مواطن بعد انقلاب مركبته وتنشغل الطواقم الطبية المرافقة بنقل المصاب الى مدينة الحسين والاطمئنان على صحة الرجل المصاب، مع ان السياق وفق النموذج العربي الا تكون هناك اي سيارة في طريق الموكب بل تصبح الشوارع خالية في الاتجاهين الا من العسس والحرس.

القصة ليست استثنائية من الهاشميين وعليهم، ولكنها فرصة لقراءة طبائع الحكم الاردني السمحة والمشغولة بهمّ الناس واحوالهم وليست طبائع استبداد ارهقت البلاد والعباد كما نرى جوارنا وجواره في الاقليم المتوسط وفي حدود جامعة الدول العربية.

سياق ومسيرة الحكم الهاشمي، يفتحان الافق واسعا نحو مجتمع مدني آمن وسليم، مجتمع يعرف طريقه لا مجتمع يتهجّى مساره، فالسلوك البشري المبني على الرفق والاحساس بالناس، لا يمكن ان يكون على جانبه الاخر معاديا لتطلعاتهم وامالهم في الاصلاح والرفاه ومحاربة الفساد والافساد وبناء مجتمع عصري قائم على تعظيم قيم المواطنة في إطار الهوية الوطنية الجامعة التي تقوم على التعدد والمساواة والعدالة وتكافؤ الفرص وسيادة القانون.

فالإصلاح بحاجة إلى وعي وشراكة، فالديمقراطية والإصلاح لا يعرفان تعصبا أو تجزئة أو شغبا أو عنفا، خاصة في الأردن الذي بدأت فيه مسيرة الاصلاح قبل مرحلة الربيع العربي، وقد لا تكون جرعة الإصلاح كافية الى الان، وهذا طبيعي، لأن الإصلاح يتسم بالتدرج.

مفردات الاصلاح والصلاح اردنيا محروسة بسماحة وطيب هاشميين وبإرادة شعب، آماله وتطلعاته مشروعة وحقيقية ومبنية على شعار النماء الوطني ورسم مستقبل مشرق لوطن يستحق شعبه كل الحياة الهانئة والطيبة، ويستحق كل ادوات العيش الكريم، عبر طريق الحوار والبناء السليم بالتدرج للوصول الى ما نصبو اليه جميعا.

موكب الملك يتوقف على طرق المملكة كلها وليس على طريق المطار فقط، فهو موكب محروس بمحبة شعب وارادة واعية في السير نحو تحقيق التطلعات وبناء الاردن النموذج، الذي سيبقى شوكة في حلوق وعيون حسّاده.

omarkallab@yahoo.com