أضف إلى المفضلة
الثلاثاء , 07 أيار/مايو 2024
الثلاثاء , 07 أيار/مايو 2024


رسمنة العشيرة

بقلم : مطلب العبادي
30-01-2019 06:06 AM

تمتاز الدولة الاردنبية في كل مفاصلها بوجود مسؤولين فيها على قدر عال من الثقافة وامتلاك الدرجات الاكاديمية والعلمية ، ومن كل جغرافيتها وفئاتها منذ نشأة الدولة ، فمنهم المدني والفلاح والبدوي ، وصار لهم طابع خاص من التعامل المشترك وفي ادارة دفة الدولة ، وقد أبدع الكثيرون منهم حيث كان همهم الوطن عامة .
ولا شك بأن تدخل الدولة وولوج الفساد في مفاصلها ، أساء لهؤلاء الاداريين ، فعمت المحسوبية وتنفيع الاقارب ، وتنفيع المصالح ، الامر الذي أوصل الدولة إلى وضع الرجل المناسب في المكان غير المناسب ، وساد تفصيل الوظائف وتفصيل المؤسسات والهيئات المتعددة .
في هذه الاثناء برز بوضوح أبناء العشائر الاكاديميون الذين أحسوا بالغبن والظلم ، وبحكم الانفة التي تربوا عليها لم يلجأوا للتنظيمات الديمقراطية السائدة التي شابها أيضا عيوب عديدة ، لم ينخرطوا بها بالشكل المطلوب الذي يعطي نتيجة للوصول الى الهدف المنشود وهو المنصب ابتداء وخدمة الوطن أحيانا.
لم يتوقف هؤلاء عن المطالبة بمناصب لهم وانضم اليهم أصحاب المناصب السابقة والذين غادروا أماكنهم لأي سبب من الاسباب ويرغبون في العودة لحضن الدولة وممارسة الامر والنهي حتى داخل المجتمعات وقيادة العشائر من خلال ما قدموا من خدمات ، حيث يتم تقديمهم كوجوه حتى في المناسبات الاجتماعية
وخطبة العرائس .
واجه هؤلاء الاكاديميون صعوبة في الوصول لمفاصل ومناصب الدولة التي يرغبون ، إما لزيادة أبناء العشائر الهائل، أو لازدحام هذه المفاصل بكل أبناء الوطن من شتى الاصول والمنابت .
بقى أمام أحبتنا أبناء العشائر المتعلمين العشيرة (ما غيرها) ،فأرسلوا الدعوات واختاروا العيون والتوجهات والفئات ، وعقدوا الاجتماعات المتعددة ،ونصبوا المآدب الفاخرة ، وشكلوا اللجان والمنسقين .
وهنا لا استغرب ما قاموا به فبمثل ثقافتهم يحتم عليهم هذا التنظيم والتنسيق ، لكنهم نسوا أنهم يتعاملون مع عامة عشائرية، تتعامل في تنظيم نفسها وادارة شؤونها بشكل تلقائي ، فعندما يلتقون (أبناء العشائر) يجلسون بشكل منظم دون ترتيب مسبق وحتى عند دخولهم وخروجهم وخطبة عرائسهم ينسابون دخولا وخروجا دون حرج.
لذلك لم ينتبه احبتنا المثقفون وأصحاب الدرجات العليا أن ما يقومون به لا يتناسب مع السائد من أعراف العشائر الاردنية ،وهنا أتذكر أحدهم الذي زارني في منزلي وطلب دفتر عائلتي وتوقيعي كاعتراف مني بقيادته للعشيرة الكبيرة ، لكي يسجل نفسه شيخا ووجيها في الديوان الملكي ، فقلت له لقد اعترف آباؤنا وأجدادنا بشيوخهم بدون تواقيع ووثائق رسمية وقد فرضت أفعالهم وخصالهم وجودهم وتم الاعتراف بهم شفويا وما تطلبه لا يتناسب مع الواقع والعرف العشائري السائد واعتذرت له .
إن التنظيم بمسمى عام للوطن وبهدف عام حتى وإن لم يتوفر بعد يجب العمل على خلقه وايجاده كسلوك عام ولا بديل لذلك في الولوج للعالم الجديد والنهضة الحديثة من دون رسمنة العشيرة .
أحبتنا الاكاديميين والمتعلمين حماكم الله ورعاكم وهداكم الى طريق الصواب .
مطلب العباي
29 / 1 / 2019

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012