أضف إلى المفضلة
الخميس , 02 أيار/مايو 2024
الخميس , 02 أيار/مايو 2024


نظرية النافذة المكسورة

بقلم : د . زهير الطاهات
10-06-2019 06:13 AM

أجرى فيليب زمباردو تجربةً في عام 1969 أصبحت فيما بعد واحدةً من أشهر التجارب في دراسات علم الجريمة بشكلٍ خاص وفي العلوم الاجتماعية على نحوٍ عام. فقد قام العالم بترك سيارتين بأبوابٍ مفتوحةٍ ولوحات أرقام مفقودة في منطقتين مختلفتين، إحداها في حيٍ فقير والأخرى كانت في حيٍ غني.

بدأ المارة في الحي الفقير بسرقة وتخريب السيارة في بضع دقائق وتم تدميرها بالكامل في غضون ثلاثة أيام. تطلب الأمر وقتا أطول للمارة في المنطقة الغنية لبدء تدمير السيارة مما أرغم زمباردو على التدخل بكسر إحدى نوافذ السيارة، فبدأ الناس بكسر المزيد من النوافذ وسرقة السيارة واستغرق الأمر وقتًا مشابهًا للحي الفقير لتحويل السيارة بالكامل إلى خردة في بضعة أيام.
تابع العلماء هذه الدراسة عن طريق إجراء دراسات مماثلةٍ على مبانٍ وممتلكات أخرى في مناطق مختلفة واستحدثوا نظرية أطلق عليها *'نظرية النافذة المكسورة'* والتي تم اقتباسها في العديد من دراسات وكتب علم الاجتماع. *تتلخص النظرية بأن إهمال معالجة أي مشكلة في بيئةٍ ما -بغض النظر عن صغر حجمها- سيؤثر على مواقف الناس وتصرفاتهم تجاه تلك البيئة بشكلٍ سلبي مما يؤدي إلى مشاكل أكثر وأكبر.* والعكس صحيح أيضاً، فمعالجة المشاكل الصغيرة في وقت سريع سيؤدي الى بيئةٍ أفضل وسلوكٍ أحسن ..

مما يثير الاهتمام في هذه الدراسات أن الأشخاص الذين قاموا بالتخريب المتعمد للسيارات والمباني *لم يكونوا مجرمين، وكان معظمهم من عامة الناس والمواطنين الملتزمين بالقانون.* ومع ذلك فإن النافذة المكسورة أرسلت رسالةً خفيةً توحي بأنه *'لا أحد يهتم وعلى الأرجح لا توجد عواقب لإتلاف ما تم كسره أصلاً'*
بالإمكان تطبيق هذه النظرية على العديد من مجالات الحياة الأخرى. فمثلا ؛

*إذا ترك أحدهم بعض القمامة في حديقة عامة،* ولم تتم إزالة تلك القمامة في وقت معقول، ولم تطبق أي عقوبات على من رماها، فإن ذلك سيؤدي قيام أشخاص آخرين بنفس الفعل في الحديقة ذاتها وفي غيرها وستتحول الحدائق إلى مكبات قمامة ينفر الزوار منها كما هو الحال اليوم في بعض المنتزهات العامة.

وإذا سمح معلمٌ لأحد الطلاب بالغش في امتحان مادة ما، فسيكون الغش مقبولاً في امتحانات أخرى ومن طلاب أخرين في جميع مستويات التعليم.

*وإن لم تصلح تسريبًا صغيراً للزيت في السيارة فسيؤدي ذلك إلى تعطل المحرك بالكامل.،*

و هكذافإن تجاهل المشاكل الصغيرة اليوم سيؤدي إلى مشاكل أكبر بكثير في المستقبل.
في الواقع، العديد من القضايا الصحية والبيئية والاجتماعية التي نواجها في يومنا هذا، كانت نتاج تراكمات لأفعال وسلوكيات وظروف خاطئة صغيرة تم تجاهلها وعدم معالجتها في الماضي.

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
11-06-2019 08:49 AM

نقدّر القيمه الادبيه والمناصحه الاجتماعيه/السياسيه التي انطوى عليها المقال.

الرسالة التي حملتها نظرية النافذه المكسوره هي معالجة الخلل دونما ابطاء ، تؤكد ما جاء بمقوله قيلت قبل 14 قرن من الزمان مفادها : داو جرحك لا يتسع ! . رحم الله الفاروق عمر .

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012