22-01-2012 08:41 AM
كل الاردن -
الدكتور حسين عمر توقه
المصري: يجب أن يكون مجلس الأعيان منتخبا في الفترة المقبلة
وفي تصريح لوكالة بترا حول مبادرة عقد جلسة خاصة لمجلس الأعيان في مبنى مجلس الأمة القديم " إن هذه المبادرة تأتي لإبراز أهمية ورمزية هذا المعلم الوطني الذي شهد محطات تاريخية مهمة في مسيرة الدولة وأرخ لولادة الدولة الأردنية كدولة حديثة يحكمها دستور جامع متطور"
وأوضح المصري أن موضوع الكوتات كان يجب وضعه في قانون الإنتخاب كونه يمنح الفرصة لشرائح مهمة وواسعة تمثل النسيج الوطني
واعتبر المصري أنه إذا بقي مفهوم المواطنة ضبابيا فلن نتمكن من حماية الأوضاع المختلفة في الأردن
1: لقد أمضى دولة السيد طاهر المصري ما يزيد على 47 عاما متنقلا بين وظائف الدولة وبين النيابة والأعيان وبين تقلده منصب السفير الى وزير ورئاسة الوزارة واليوم ومن خلال منصبه رئيسا لمجلس الأعيان فإنني فعلا كأي مواطن أتساءل عن النقاط الهامة التي أثارها دولة السيد طاهر المصري في لقاء حواري نظمه حزب الإتحاد الوطني . لا سيما فيما يتعلق بمطالبته أن يكون مجلس الأعيان منتخبا في الفترة المقبلة.
ولكي لا يتهمني أي من القراء بأنني أتعمد انتقاد أو مهاجمة دولته فأود أن أوضح هنا أنه تربطني صداقة شخصية بدولته منذ عشرات السنين حين وجهتُ رسالة الى معاليه تحت عنوان " بين القسوة والعذاب " أهاجم فيها وزير الخارجية طاهر المصري في ذلك الوقت بسبب إحالة السفير محمد علي خورما رحمه الله الى التقاعد وهو قيد العلاج بعد أن تعرض الى محاولة اغتيال جبانة وهو يشغل منصب سفير المملكة الأردنية الهاشمية في الهند حيث تم تفريغ 13 طلقة في أنحاء مختلفة من جسده . وإنني أرفق صورة عن هذه الرسالة . حيث أعلمني بكل صدق وأمانة بأن من طلب إحالة السيد محمد علي خورما الى التقاعد وهو قيد المعالجة هو دولة رئيس الوزراء في ذلك الوقت ولا أريد ذكر الأسباب حفاظا على الثقة وأمانة الجلسة .
واليوم وبعد هذه الخدمة الطويلة في أعلى مستويات الدولة وفي قمة الهرم الوظيفي والتشريعي فإنني أتفاجأ كغيري من المهتمين بالوطن وبقضاياه المصيرية كيف يطالب رئيس مجلس الأعيان أن يكون مجلس الأعيان مجلساً منتخبا وهو يعلم تمام العلم ويدرك كل الإدراك أن مجلس الأعيان هو مجلس الملك وهو حسب الدستور يتم تعيينه من قبل الملك . لماذا يادولة الرئيس لم تعرب عن رأيك هذا حين كنت عضوا في اللجنة الملكية لتعديل الدستور ولماذا لم تتطرق الى هذا الموضوع حين كنت رئيس لجنة الحوار الوطني المكلفة بإصدار توصيات لقانون انتخابي جديد .
كنت أتمنى عليك أن تناقش على الأقل المادة 64 والمادة 79 والمطالبة بإلغاء أحد الشروط الضبابية فيمن تنطبق عليهم عضوية مجلس الأعيان والتي تنص حرفياً " ومن ماثل هؤلاء من الشخصيات الحائزين على ثقة الشعب واعتماده بأعمالهم وخدماتهم للأمة والوطن " لقد تسلل الى مجلس الأعيان من خلال هذا الشرط أناس لم يسمع بهم مواطن ولم يقدموا للوطن أي خدمات أو أي إنجازات .
كنت أتمنى على دولة رئيس مجلس الأعيان أن يتطرق الى المادة 65 والمطالبة بعدم جواز تعيين أي عين لأكثر من دورتين نيابيتين بدل أن يكون منصب العين متوارثا وحصراً في مجموعة من الناس يكاد لا يخلو أي مجلس منهم وينطبق عليهم المثل القائل لقد أكل عليهم الدهر وشرب ولا تستطيع التفريق بينهم وبين أثاث المجلس.
في معظم الدول العربية حين نالت استقلالها في بدايات القرن الماضي . لجأت هذه الدول الى الإستعانة بالخبراء القانونيين من الدول المستعمرة وأخذت الكثير من النصوص الدستورية في البلدان الأوروبية واقتبستها مع بعض التحريف لتشكل المتن في النص الدستوري ومن بين هذه الدساتير الدستور البريطاني وعلى رأسها المواد الخاصة بمجلس اللوردات.
إن قولك يا دولة رئيس مجلس الأعيان " يجب أن يكون مجلس الأعيان منتخبا في الفترة المقبلة " يتضمن في معناه الضمني ضرورة تعديل الدستور أولا ويدخل ضمن هذا التصريح دعوة ضمنية الى الحد من صلاحيات الملك وإلغاء بعض منها.
وهذا يقودنا الى رأي آخر يدعو الى حل مجلس الأعيان وإلغائه كلياً وهذا الرأي لا يرى أصلا ضرورة الى وجود مجلس الأعيان إطلاقاً كما أن هناك آراء كثيرة بعضها يشكك بقانونية مجلس الأمة الحالي والبعض الآخر يرى بضرورة تخفيض عدد مجلس النواب لأنهم يشكلون عبئا ماليا كبيراً على الدولة وحصر العدد بستين نائب مقسمين على المحافظات تبعاً للكثافة السكانية لكل محافظة ومن ضمنهم نواب من النساء بعدد المحافظات بمعدل سيدة عن كل محافظة . كما أن هناك تياراً قويا يدعو الى إلغاء كل الكوتات الخاصة بالدين والعرق حيث أن كل المواطنين سواسية في الحقوق والواجبات .
كثيرة هي الآراء وكثيرة هي الإقتراحات وكانت الأمال معقودة على لجنة الحوار الوطني فما هو مصير توصياتكم لقد شاهدنا ردود الفعل بشأن هذه التوصيات ولمسنا ردود الفعل أيضا على توصياتكم بشأن الإنتخابات البلدية واليوم وبعد أن قرأت تصريحكم لوكالة بترا " بأن الدولة الأردنية دولة حديثة يحكمها دستور جامع متطور" فإذا كان الدستور الأردني دستور جامع متطور اليوم فلماذا طالبت بتعديله بالأمس .
2- " واعتبر المصري أنه إذا بقي مفهوم المواطنة ضبابيا فلن نتمكن من حماية الأوضاع المختلفة في الأردن "
لا شك يا دولة الرئيس أن هذا التصريح هو تصريح خطير جداً وينطوي على إشارات أقلها المساس بسيادة الدولة فما هي هذه الدولة التي تأسست منذ تسعين عاما ولازالت المواطنة فيها مغلفة بالضبابية . وإن هذه الإشارة خطيرة لأنها تتجاوز حدود الأردن لا سيما في ظل التصريحات الأخيرة حول مفهوم فلسطينيي الشتات . كنتُ أتمنى عليك يا دولة الرئيس أن تتحفنا بتعريفك الشخصي ومن خلال رئاستك لمجلس الأعيان حول تعريف المواطنة وأن تبعد عنه الضبابية أولا لأنك مواطن أردني وثانيا لأنك سفير ووزير ورئيس وزراء ونائب سابق ورئيس مجلس أعيان حالي فإذا كان مفهوم المواطنة ضبابيا وغير واضح بالنسبة اليك ولا سيما ونحن في فصل الشتاء فأنا لا ألوم المواطن العادي الذي يعود عادة الى الدستور والى قانون الجنسية في تفسير المواطنة .
وهل المواطنة بحاجة الى مفهوم وهل اقتصرت المواطنة على جواز السفر أو بطاقة الأحوال المدنية أو الرقم الوطني أم أنها أعمق بكثير وأنها حياة وأنتماء وولاء .
كثيرون مزقوا جوازات السفر الأردنية وداسوها بأقدامهم وعادوا وزراء كثيرون تاجروا بمقومات الوطن تجار شنطة حلبوا الوطن سرقوا الملايين وظلموا أنفسهم قبل أن يظلموا من وثق بهم. كثيرون استشهدوا من أجل الوطن وكثيرون سهرت عيونهم وقدموا سنوات حياتهم في الدفاع عن الوطن نراهم اليوم يطالبون بتحسين رواتبهم التقاعدية لأنهم لا يملكون لقمة العيش . هؤلاء حتما يعرفون من هو المواطن لأنهم يعرفون الوطن وليسو تجار أوطان.
إن المواطنة في الأردن لا تلفها الضبابية يا دولة الرئيس ولكن المخططات المجرمة من خلال مشاريع التوطين ومن خلال إجهاض مبدأ حق العودة ومن خلال تفريغ الضفة الغربية وقطاع غزة هذه المخططات هي التي تحاول تغليف المواطنة الأردنية بالضبابية.
فلنكن صادقين مع أنفسنا يا دولة الرئيس هل منحُ ما يقارب مليوني فلسطيني الجنسية الأردنية من حملة البطاقة الخضراء يصب في مصلحة القضية الفلسطينية وهل منح آلاف الفلسطينيين الجنسية الأردنية لأسباب انسانية هو تفعيل للمادة رقم 8 من معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية أم هل هو تفريغ للأرض الفلسطينية هل هو إجهاض للحقوق الفلسطينية أم هل هو تكريس لتحويل الأردن الى وطن بديل وهو ما رفضه الفلسطينيون قبل الأردنيين .
هل تجنيس الفلسطينيين في سوريا ولبنان يصب في مصلحة القضية الفلسطينية أم هل رضخ الرئيس الفلسطيني محمود عباس وتنازل بشكل أو بآخر عن حق العودة المقدس
بين القسوة والعذاب
معالي السيد طاهر المصري المحترم
وزير الخارجية
القسوة حين يجلس الإنسان بينه وبين نفسه في ظلمة الليل يفكر بالسنوات الطويلة التي قضاها نظيفاً عفيفاً في خدمة بلده. فبعد أن يضع أطفاله في فراشهم ويطفىء النور. يفكر بالقسوة التي لا ترحم بعد أن أفنى زهرة شبابه وأعطى كل ما يمكن أن يعطي خلال سنوات العمر مثالاً من الأخلاق والإلتزام والإيمان والإخلاص.
هل هناك أكثر من عمره ومن حياته . وهل هناك أكثر من دمائه وهو يسطر لبلده قمة العطاء وروعة الإخلاص.
إن القسوة في قصة السفير محمد علي خورما تتمثل في العودة الى الماضي الى خريف عام 1983 حين استقرت طلقات الإرهاب المجنونة في جسده الطاهر. في جسد الأردن الوطن وهو في طريقه من السفارة الأردنية الى بيته
عندها اهتزت كل نيو دلهي واهتزت عمان فالطلقات المشؤومة (13 طلقة) اخترقت الجسد ولكنها لم تخترق الروح . وبقي محمد خورما حيا رغم براثن الموت . إن قمة القسوة أن يحرم هذا الرجل من نعمة الخدمة للوطن وهو في قمة العطاء . أما العذاب فهو كيف يمكن لإنسان بمثل هذا السجل الناصع والخالد من التضحية والوفاء أن يقرأ من على صفحات الجرائد إسمه وقد تمت إحالته على التقاعد وهو في المستشفى قيد العلاج.
أين حق هذا الإنسان على وطنه وهل عجزت حكومة زيد الرفاعي بكل رحابة صدرها أن تضم ابنها البار وأن تصبر عليه حتى يشفى من جراحه الجسدية بدل أن تتخلى عنه وتضيف اليه جراحا نفسية لا ترحم.
إن العذاب الذي أتحدث عنه كيف يمكن لأبنائنا أن يرتفعوا فوق المأساة وكيف يمكنهم أن يخلصوا وأن يضحوا وهم يرون في محمد علي خورما مثالا للنكران والجحود. لقد كان الإستشهاد في سبيل الأردن رحمة أما الإستمرار في الحياة فقسوة وعذاب.
إنني أسأل أصحاب الضمائر لماذا نعاقب أبناءنا على إخلاصهم بدل الحفاظ على كرامتهم وحقوقهم التي تكفلها أبسط قواعد النظام والأعراف والتقاليد والدستور والدين والقوانين التي كان الأردن مدرسة لها يحتذي بها الآخرون
إن إحالة محمد علي خورما على التقاعد لن تنتقص من كرامته في شيء ولن تحد من إخلاصه لوطنه ومليكه . فهو سيبقى على عهد الآباء المواطن المخلص الشريف . لم يزين صدره وسام ولم توضع على هامته الأكاليل . يكفيه أنه كغيره من المخلصين الشرفاء قد زين بدمائه جبين الأردن ولعمري من أجل هؤلاء الشرفاء تذكر الأوطان
drht1@hotmail.com