أضف إلى المفضلة
السبت , 04 أيار/مايو 2024
السبت , 04 أيار/مايو 2024


الحكومات ... ( العلم .. المعـلمون ) ... إلى أين ؟!
01-02-2012 08:16 AM
كل الاردن -

alt
عبد الحــكيم محمد شفيق طبنجة
لا يختلف اثنان على أهمية العلم في بناء الحياة والحضارة و المجتمعات التي تنهض بذلك و كونه ركيزة في التطور و التقدم العلمي في شتى مناحي الحياة على مستوى الفرد و الأسرة وصولا إلى الدولة كنظام شامل كامل مسئول أولا و آخرا على رفع المستوى في كل شيء و للصالح العام ...
غير أن ما نشهده من حراكٍ للمعلمين في الآونة الأخيرة و التي تقوده إلى التأزيم عناد الحكومة و قضمها لبعض حقوقهم ضاربة بمشاعرهم عرض الحائط لهو و صمة عار في جبينها إلى أن تصحح المسار التي بدأته منذ ما يقارب العام  ...
لكن ...
إن من نكد الدنيا في هذا الزمن الذي نعيش, أن يخرج ( معلمٌ ) مطالبا بحقه ؟! و الأنكى من ذلك أن يتآمر عليه بعض صانعي قراره و مسئولوه ... لا بل إن هناك من يتربص بهم الدوائر ساعيا بجد و اجتهاد لتشويه صورة المعلم مستغلا بعض الهنَّات و السفاسف من الأمور يجعلها منارات و مثارات جدال غير آسف على الضمير الذي قتله في نفسه ...  حتى  وصل الحال إلى السعي الدؤوب لإفشال مشروعٍ ما قرَّت به أعين المعلمين بعدُ , ألا وهو نقابة سترى النور قريبا بإذن الله تعالى ... و ما إن أصبحت النقابة واقع لا محيد عنه  حتى أخذوا يحيكون لها كل داهيةٍ مدلهمةٍ حتى يفرغوها من محتواها فتصبح خاوية على عروشها... كأن المعلمين  احتزُّوا النقابة من  قلوبهم ؟
لكن ...
يبقى أن المعلمون جزء رئيس من منظومة متكاملة تسمى (العلم) .
تلكم المنظومة المغيبة ( قصدا أو لا ) عن واقع مرير  و عن مطالب الإصلاحيين جهلا أو غفلة منهم ؟!
أقول إن  سبب إهمال العلم في المجتمعات العربية عموما  يرجع إلى عدة أمور أهمها تربع الماديات على رأس هرم الأولويات مسقطةً غير آسفةٍ أهمية (القيم) في الحياة و الذي يرجع بدوره إلى الوضع الاقتصادي الذي يعيشه المواطن العربي عموما و الأردني خصوصا .
و من الأسباب كذلك (السياسات الخاطئة من جانب و المعدومة من جانب آخر) من الحكومات و التي بيدها توجيه المجتمعات و الشعوب إلى ...
لم يعد للصدق و التعليم  و و و ...  قيمة عند الناس إلا بما يخدم مصالحهم ... لم يعد للوظيفة معنى إلا بما تدر من مالٍ و بذلك تتحدد المكانة الاجتماعية لصاحبها و لا أَدَلُ على ذلك من الاستنكاف الكبير عن الالتحاق بوظيفة التعليم لمن ينتظر (الوظيفة الحكومية) حتى وصلت ببعض السنوات نسبة الاستنكاف إلى 60% ...
و ما سبق يستدعي من الحكومات صانعة القرار أن تتخذ إجراءات سريعة مدروسة مبرمجة (مجذرة لا ترميمية) لإعادة البنية الفكرية للمجتمع و إزالة العقوق بين الشعوب و القيم لأنها هي المسئولة أولا و آخرا عن ذلك ... ثم رفع شأن العلم والتعليم  في المدارس و الجامعات و معاهد الدراسات المنسية لتقوم بواجبها المكمل لغيره لرفد مؤسسات البحث العلمي بالكفاءات القادرة على حمل المسئولية إلى أن تصل  لبرامج علمية كبيرة تتناسب و التقدم الذي تطمح إليه الدولة .
و من الجدير بالذكر في هذا المقام أن المخصصات المالية للبحث العلمي في الدول المتقدمة _ و التي أصبحت منارات علم يؤمها و يقتدي بها كل من يسير في دروب العلم _ قد بلغت 2% _ 8%  _12% إلى أن يصل في بعض الدول إلى 18% من ميزانية تلك الدول أو من الناتج القومي لها كما في أمريكا و اليابان و بريطانيا و ألمانيا حتى المغتصبة إسرائيل  و غيرهم من الدول الصناعية و ... بينما و صلت المخصصات المالية في الدول العربية قبل عدة أعوام أقل 1/2 %.
  أقل من نصف بالمئة وصلت نسبة المخصصات المالية للبحث العلمي في الوطن العربي ?! و قد أعلنت المغرب قبل عدة أسابيع أن مخصصات البحث العلمي 300 مليون دولار ... و قد كانت هناك بوادر خير في دولة الكويت و ننتظر المزيد منها ...
و عَودا على بدء .
إن إصلاح التعليم بأركانه من  تطوير مناهج و تأهيل المعلمين و إصلاح البيئة التعليمية و غيرها  ... لهو أسُ الواجبات لجميع الحكومات التي تبغي إصلاحا و تقدما .
إن الاهتمام بالمعلم و إصلاح وضعه الاقتصادي و تأهيله التربوي  و جعله ركيزة في النهوض و التقدم المؤسسي   لهو عين الصواب حتى يتسنى له التفرغ الذهني من أعباء كثيرة تثقله  باستهلاك وقته في جلب قوته مُبعَدا قسرا عن وظيفةٍ هو يرغبها إن هُيئت له و هُيأ لها و سعت حكومته إلى تطويره و تنمية مهاراته الأكاديمية و العلمية ليبذل جهده في بناء عقل طالبه و إيقاظ مهاراته و إيجادها و تنميتها.
 للتاريخ ...
أذكركم بأن النازية و الفاشية و الشيوعية و غيرها من الحركات و التيارات الهدامة فضلا عن البناءة و التي غزت العالم في القرن العشرين عندما و صلت لسدة الحكم شرعت في نشر مبادئها ابتداءً في المدارس  ...
اليابان عندما استسلمت في الحرب العالمية الثانية لأمريكا رفضت أقول رفضت أن تسلم وزارة التربية والتعليم لها .
أخيرا ...
إنها لوصمة عار في جبين المجتمع أن يخرج معلم للمطالبة بحقوقه ... أن يخرج المعلم للمحافظة على حقوقه لهو انعكاس للتردي الثقافي الذي نعيش ... و أنه لمن العيب أن يدافع المعلم عن حقه في الوقت الذي يجب أن يدافع عنه الجميع  ...
لن يخرج المعلمون لينتصروا لكرامتهم فالكرامة لا توهب
لكن يحدث ذلك عندما يصبح المعلمون ... و لا بواكي لهم
                                                                                           


 

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012