19-03-2012 08:53 AM
كل الاردن -
حسن بلال التل
هذا المقال سيكون حافلاً بالاعتذارات؛ فأولا: أعتذر من كل من سمع مني دفاعاً مستميتاً عن شركة الملكية الأردنية بعد إعلان تصنيف مطار الملكة علياء واحداً من أسوأ 10 مطارات في العالم، وحتى بعد مطار سيريلانكا، وثانياً: أعتذر أصالة عن نفسي ونيابة عمن يسمح لي من الزملاء والأصدقاء ممن تعودنا الدفاع المستميت عن (أي وكل) مؤسسة وطنية مهما بلغت أخطاؤها وخطاياها، لا طمعاً في غنم أو خوفا من غرم، بل لأننا كنا نظن أن الأجدى هو منحهم فرصة لإصلاح الذات، لكن يبدو ان هذا لا يجر إلا خطايا أكبر.
الآن لنبدأ، قضيت سحابة الأسبوع الماضي في القاهرة، وفي يوم المغادرة وصلت مطار القاهرة قبل موعد الرحلة بساعتين، وكان كاونتر الملكية مغلقاً. توجهت إلى الفتاة الجالسة خلفه وسألتها عن موعد فتحه فأجابت بلهجة مصرية: (5 دقايق بالزبط)، عدت إلى حيث أجلس وبعد 5 دقائق عدت إليها، وبعد 10 دقائق أخرى فُتح الكاونتر، وكان إلى جانبي رجل عجوز ذو ملامح آسيوية أظنه يابانيا، وكوننا أول الواصلين فقد طلبنا مقاعد الصف الأول.. في تقديري العجوز طلبه لأن كبر سنه يجعل من الصعب عليه الدخول والخروج من مقعد عادي، وكذلك الحال بالنسبة لي لكن بسبب (كرشي ومساحتي).. لكن الفتاة اعتذرت بدعوى أن المقاعد محجوزة لأطفال وأعطتنا مقاعد قصيّة.. ما علينا.
قضيت الوقت متجولا في المطار حيث لاحظت أن الرحلة التالية لرحلتنا إلى عمان وكانت في حوالي30:8 قد ألغيت، أما رحلتنا وكان موعدها 45:7 فقد بقيت في موعدها. في الساعة الـ 7 فتحت البوابة، وقد دخل البعض مباشرة إلى السجن القابع بين أرض المطار وباب الخروج، أما عن نفسي فقد انتظرت حتى 20:7 ثم دخلت وكانت اللوحة الإلكترونية تشير إلى أن الرحلة في موعدها.
داخل زنزانة الانتظار الزجاجية الرطبة طال جلوسنا دون أي طلة من أي من موظفي الملكية، وفي 30:7 أي قبل موعد الإقلاع بـ 15 دقيقة شرّف شاب وفتاة وجلسا وسط نظرات استغراب المسافرين لأنهما لم يبدءا الإجراءات، وفي الـ 45:7 أي في موعد الإقلاع رأينا طاقم الطائرة يخرج من مبنى المطار نحو الطائرة، وبعد ربع ساعة أخرى بدأت الإجراءات، وحتى هذه اللحظة لم يتكرم أحد على أكثر من 100 مسافر سجين بأي اعتذار أو توضيح عن السجن والتأخير، وعندما سألت الطاقم الأرضي عن سبب التأخير لم أتلق إجابة، وكذلك الحال عندما سألت عن مدير المحطة.
على متن الطائرة كانت أول مفاجأة أن لا مقاعد الصف الأول ولا الصفوف الأربعة التي تليها فيها أطفال -وهنا أتقدم باعتذار جديد للعجوز الياباني-، وبعد إغلاق الأبواب بربع ساعة وفي تمام 30:8 تحركت الطائرة (قبل موعد وصولها الأصلي إلى عمان بـ 15 دقيقة) وحتى حينه لا اعتذار ولا توضيح، بل وعلى متن الطائرة وبإنجليزية فصيحة سألت المضيفة الأجنبية عن سبب التأخير فلم تجب بدعوى عدم فهم اللغة!! ثم سألت مضيفة أخرى (أجنبية أيضاً) فقالت بتعجب: نحن لم نتأخر!
طبعا ولأن الطيار قد تأخر عن موعد الإقلاع حوالي 50 دقيقة أو أكثر فقد (شفّط) على الطريق، مختصرا مدة الرحلة من ساعة ونصف الى 45 دقيقة قضيناها في حالة من الخض المستمر، وهنا أعتذر بالنيابة عن الملكية الأردنية مرة أخرى من كل الركاب وخاصة الأطفال الرضع الذي أجبروا على استفراغ كل ما في أجوافهم.
في تقديري أن سبب التأخير هذا أن (س أو ص) من ذوي الأوزان والتأثيرات الثقيلة كان على الرحلة التالية -التي ألغيت- ولأن إلغاء رحلته لم يناسب جدول مواعيده فقد رأت الملكية أن تأخير كل ركاب الرحلة السابقة لأجل سواد عينيه -دون إخطار او اعتذار- هو الحل الأمثل، ولعل استمرار توافد الركاب حتى ما بعد الثامنة أكبر دليل على ذلك.
حطت الطائرة وجاء الباص الخاص بنقل الركاب إلى باب المطار، وبعد التحميل وصلنا باب الدخول الى المطار لنجده مغلقا!، وخلال الانتظار كثرت التعليقات وأكثرها سخرية تعليق من شاب عراقي قال: (الظاهر أنو الاردن مسكّر اليوم!!)، نزلنا وتوجهنا الى ختم الجوازات، وكأي مواطن يجيد القراءة ويحترم الأنظمة فقد وقفت في الصف الخاص بالأردنيين، لأفاجأ أن المسألة (سارحة والرب راعيها)، فأمامي وقف شاب عراقي، والى جانبي في خط الدبلوماسيين وقف عامل مصري وعلى هذا فقس، ومع ذلك لم يتفضل أي من الموظفين المسؤولين بتصويب الوضع، وهنا أعتذر من نفسي ومن كل من احترم النظام معي.
بالمحصلة؛ خلال عام ونيف من عمر الإدارة الجديدة لشركة الملكية الأردنية خسرت الشركة حسب المعلن أكثر من 60 مليون دينار، واضطرت للإقتراض من البنوك لتسديد التزامات ببساطة رواتب موظفيها، وأصبح مطار الملكة علياء واحدا من أسوأ 10 مطارات على مستوى العالم، وأصبحت كأردني أشعر بالضيق من ربط اسم الأردن بهذه الشركة، وأشعر بحزن وضيق أكبر من ربط اسم الملكة الشهيدة علياء بهذا المطار.. بالمحصلة الله يرحم أيامك يا سامر المجالي.
hsntall@yahoo.com