أضف إلى المفضلة
الإثنين , 29 نيسان/أبريل 2024
شريط الاخبار
الضريبة: الثلاثاء اخر موعد لتقديم إقرارات دخل 2023 استقرار الذهب لليوم السادس على التوالي في السوق المحلي انخفاض النفط والذهب عالميا الجرائم الإلكترونية تحذر من سرقة الصفحات الصحة العالمية: 31 ألف أردني مصابون بمرض الزهايمر الثقافة ترشح ملف "الزيتون المعمّر- المهراس" لقائمة التراث العالمي تدهور شاحنة في منطقة الحرانة .. والأمن يحذر استمرار الأجواء غير المستقرة في اغلب المناطق اليوم وسط هطول مطري بمختلف المناطق وفيات الاثنين 29-4-2024 السعودية.. مطار الملك خالد الدولي يصدر بيانا بشأن حادث طائرة على مدرجه لأول مرة منذ 2011 .. وزير الخارجية البحريني يزور دمشق خبير عسكري : الهندسة العكسية إستراتيجية المقاومة لاستخدام ذخيرة الاحتلال ضباط وجنود من لواء المظليين الإسرائيلي يرفضون أوامر الاستعداد لعملية رفح مسؤولون إسرائيليون:نعتقد أن الجنائية الدولية تجهز مذكرات اعتقال بحق نتنياهو وقادة إسرائيل مصرع 3 جنود صهاينة واصابة آخرين بكمين في غزة
بحث
الإثنين , 29 نيسان/أبريل 2024


بالعدل وحده تسود الأمم
19-03-2012 09:22 AM
كل الاردن -

alt

 سميح علوان الطويفح

كيف باتت الذئب تحرس الغنم في عهد عمر بن عبد العزيز؟ وكيف باتت الغنم تأمن على نفسها من الأسود في عهده الميمون؟ وكيف استغنى الناس جميعا, حتى بات الفقير يأبى الصدقة؟ وكيف لم يعد أحد مديونا للآخر؟ وكيف لم يعد هناك أعزبا دون زواج في ذلك العهد؟ وكيف بات كل الناس يملكون بيوتا يسكنونها؟ الاجابة على كل تلك التساؤلات هو تطبيق العدل في الأرض .

ان العدل الذي ساد في عهد عمر بن عبد العزيز رحمه الله لم تشهده الأمة الاسلامية منذ رحل هذا الامام العادل الى هذه اللحظة, فبعدله رضي الله عنه, جعل الذئاب تحرس الغنم, وباتت الغنم تأمن على نفسها من الأسود, وقضى على الفقر, حتى أنه بات يعطي الصدقة للفقراء والمساكين فيأبونها لعدم حاجتهم اليها, وأسقط عن المديونين ديونهم, وفكّ ازمة المساكن, وقضى على العزوبية برمتها.

انّ معجزة التاريخ بأن يسيطر خليفة على زمام أمور بلاد من مشرقها الى مغربها ومن شمالها الى جنوبها في فترة يسيرة لم تتجاوز الثلاثين شهرا هي حقا معجزة حققها الله تبارك وتعالى على يد عبده عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه , ولأنه عبدا صالحا عبد الله حق عبادته, وخشيه حق خشيته, فقد أيده بنصره سبحانه وتعالى القائل في سورة الحج: "ولينصرنّ الله من ينصره, انّ الله لقويّ عزيز* الذين ان مكنّاهم في الأرض, اقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور" ، وأنّ قانون الله تبارك وتعالى وسنته أزلية لا تتبدل ولا تتغير أبدا, بأنّه سبحانه وتعالى ينصر من ينصره, وان ينصركم الله فلا غالب لكم".

نعم تلك هي شروط النصر التي لن تتغير ولن تتبدل لأنها تحمل عمود الدين وسنامه ورأس الأمر كله في الحياة منذ بدء الخليقة الى أن يشاء الله تعالى, فالتأييد والتمكين لعباد الله تعالى في الأرض نابعا منها, وقلّ من عباد الله الشكور, وقلّ من من يقوم بها خاصة بعدما أصاب الأمة الوهن, وهو: حب الدنيا وكراهية الموت... هو حب الدنيا ونسيان الآخرة... هو العيش للدنيا ونسيان عيش الآخرة.

وفي هذا يقول عليه الصلاة والسلام: لتأمرنّ بالمعروف ولتنهونّ عن المنكر أو ليسلطنّ الله عليكم عدوّكم فلا يهابكم ولتدعونّ فلا يستجاب لكم . نعم يا سيدي يا رسول الله! صلى الله وسلم وبارك عليك, ما تنبأت به قبل 14 قرنا نعيشه الآن, وها نحن وصلنا الى ما كنت تخشاه علينا, وما ذلك الا لأننا لم نذعن لتحذير المولى عزوجل القائل: "ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم " .

إنّ الفتن التي عاشها الاسلام بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم والتي بدأت تحديدا بعد وفاة الفاروق عمر رضي الله عنه, قد امتدت وتوسعت رقعتها الى عهد عبد الملك بن مروان وتوجت بظهور الحجاج بن يوسف الثقفي الذي عهد اليه عبد الملك بن مروان أمير البلاد يومها, زمام أمور العراق, وعندما منحه كافة الصلاحيات, فقد امتلأت الأرض في عهده ظلما وجورا, فأراق دماء مسلمة بريئة لا يعلم عددها الا الله, ولعل مقولته المشهورة: "اني رأيت رؤوسا قد أينعت وحان قطافها" باتت قانونا يتحمّل الحجاج وزرها الى يوم القيامة, من منطلق قوله صلى الله عليه وسلم: من سنّ سنّة سيئة في الاسلام فعليه وزرها ووزر من عمل بها الى يوم القيامة لا ينقص من أوزارهم شيئا.

لقد بلغ الفساد أوجه في عهد عبد الملك بن مروان, وما ذاك الا لكي يحافظ على كرسيّه وملكه وحكمه, لذا وجدناه يستعين بسفاح كالحجاج الذي عيّنه واليا على العراق, ومع منحه اياه كافة الصلاحيات تعمّ الفتن في أرجاء البلاد, والله لا يحب الفساد, ولو انّ عبد الملك اتخذ سنة الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم, ما احتاج لسفاح كالحجاج كي يحافظ له على كرسيه وملكه وحكمه, ودليل ذلك ما قام به ابن أخيه عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه , والذي حين انتهج العدل عنوانا لدولته أيدّه الله بنصره ونصره على من عاداه. نعم! ومن يتق الله فهو حسبه ويرزقه من حيث لا يحتسب .

ان الأمن والطمأنينة والسلام والعدل والرخاء الذي انتشر في عهد عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه لم يتكرر أبدا على مر العصور والدهور مذ فارقنا الى هذه الساعة, حتى أنّ الرعاة في ذلك الزمان الميمون قد استغربوا من ظاهرة سير الغنم والخراف جنبا الى جنب مع الأسود والثعالب دون أن تخشى على نفسها من الافتراس, ولكنهم عندما علموا بما نشره عمر رضي الله عنه من عدل وأمان واطمئنان, آمنوا بالله ربا وبالاسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا.

ذلك أنّ العدل أساس كل شيء في الدنيا, وسيكون أساس كل شيء في الآخرة, فالله ليس بظلام للعبيد, وكل انسان سيأخذ حقه دون أن يبخس منه شيئا: قال تعالى : "وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً". [الكهف:49]

فأما السعداء فهم الذين أنبأنا المولى عزوجل بصفاتهم في سورة الحاقة:
" فأما من أوتي كتابه بيمينه, فيقول هاؤم اقرؤوا كتابية * اني ظننت أني ملاق حسابيه* فهو في عيشة راضية * في جنة عالية * قطوفها دانية* كلوا واشربوا هنيئا لكم بما أسلفتم في الأيام الخالية"

وأما أالأشقياء فهم أيضا الذين أنبأنا المولى عزوجل بصفاتهم في سورة الحاقة:
"وأما من أوتي كتابه بشماله , فيقول يا ليتني لم أوت كتابيه* ولا أدري ما حسابيه* يا ليتها كانت القاضية* ما أغنى عني ماليه* هلك عني سلطانيه* خذوه فغلوه* ثم الجحيم صلوه* ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه* انه كان لا يؤمن بالله العظيم* ولا يحض على طعام المسكين* فليس له اليوم هاهنا من حميم* ولا طعام الا من غسلين * لا يأكله الا الخاطئين " .

نعم يا رب, انه كذلك وأنت القائل في محكم تنزيلك: وما ظلمناهم ولكنهم كانوا أنفسهم يظلمون , وهذا هو قمة العدل من العادل الحكيم الذي علمه عزوجل سبق حكمه, ومن أحسن من الله قولا وحكما وعدلا ورحمة وحلما؟ لا...لا...لا.. أحد يارب ونحن نشهد ونستودعك هذه الشهادة الى يوم آت لا محالة يوم سيكون باذن لله تعالى مقداره 50.000 سنة , يمرّ هذا اليوم على سبعة أصناف بشرية كصلاة أحدنا في الدنيا لما يتلقوه من الكرم الالهي, وهؤلاء سعداء الحظ من ورد ذكرهم في الحديث الشريف الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سبعة في ظل الله يوم لا ظل الا ظله: امام عادل, وشاب نشأ في عبادة الله, ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه, ورجل قلبه معلق بالمسجد اذا خرج منه حتى يرجع اليه, ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه, ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: اني أخاف الله رب العالمين, ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه".

ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: "خمسة غضب الله عليهم انشاء أمضى غضبه عليهم في الدنيا والا أمر بهم في الآخرة الى النار: أمير قوم يأخذ حقه من رعيته ولا ينصفهم في نفسه ولا يدفع الظلم عنهم, وزعيم قوم يطيعونه ولا يساوي بين القوي والضعيف ويتكلم بالهوى, ورجل لا يأمر اهله بطاعة الله ولا يعلمهم أمر دينهم, ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه العمل ولم يؤته أجرته, ورجل ظلم امرأة في صداقها (مهرها)".

نعم بالعدل وحده تنهض المجتمعات نحو المجد والعزة والسؤدد والكرامة, لأنّ العدل اذا طبّق في مجتمع فلن نجد مظلوما ولا فقيرا ولا مسكينا ولا متسولا ولا أعزبا ولا مديونا, وكل هذا فعله عمر في عهده الميمون والقصير.

كيف كان ذلك؟ أمر بجمع اموال الزكاة فما كان من الرجل في عهده الا ويأتي بالمال الكثير ويقول: اجعلوا هذا المال حيث ترون في الفقراء, فما كان الغني يبرح مكانه حتى يكون عمر رضي الله عنه قد وزع الأموال على مستحقيها.

اقرؤوا معي واعتبروا الرسالة التي كتبها أحد ولاة عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه بعدما وليّ أمر الخلافة:

انّ الناس بعدما سمعوا بولايتك, سارعوا الى آداء الزكاة, وقد اجتمع من ذلك المال الكثير, ولم احبّ ان اتصرف به حتى تكتب لي رأيك, وتخبرني ما أنا به فاعل (انظروا هنا كيف باتت الرعية تخاف الله, فالغصن لا يستقيم الا اذا استقام العود, وما دام العود عادلا, فحتما سينعدل الغصن) فاجابه عمر ضي الله عنه: لعمري! ما وجدوني واياك على ظن, وما حسبك اياها الى اليوم, فأخرجها حين يصلك كتابي هذا على مستحقيها.

لقد كانت الصدقات توزع مباشرة على مسحقيها حتى لا يبقى مسكينا في ديار الاسلام يستجدي الصدقة.

وليس هذا فحسب ما فعله أمير الؤمنين عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه في رعيته, بل وفك أزمة المواصلات, وأمر مناد أن ينادي في المسلمين: من لا يملك دابة توصله الى عمله وتعيده الى بيته فليأت الى بيت مال المسلمين ويأخذ حاجته من المال لامتلاك دابة تعينه في حياته.

بالعدل وحده تسود الأمم , وبالعدل وحده يسود البلاد الأمن والأمان والطمأنينة, لقد وصل العدل في عهده رضي الله عنه الى أن بات الواحد من رعيته ينام آمنا مطمئنا على بيته وأسرته دون الحاجة لأن يتفقد باب بيته ان كان مغلقا أم مفتوحا, ولم يتفقده والعيون الساهرة تسهر على راحته؟ ولم ينفقده والعدل يسيطر على كل منافذ الدولة؟ فأيّ رجل أنت يا عمر؟


 smeehalwan63@yahoo.com

المصدر/ الامام العادل عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه- الجزء الثالث
http://www.quran.snble.com/articles.php?cat=64&id=827

 

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012