22-03-2012 09:37 AM
كل الاردن -
د.سامح أبوشنب
إن الاردن اليوم يقف على اعتاب مرحلةٍ مفصلية جديدة لايمكن تجاوزها إلا من خلال فهمنا ووعيينا واستيعابنا بأن الديمقراطية لاتكتمل الا بالتعددية السياسية , والتعددية السياسية هي الضمان الوحيد لتجنب كل انواع الدكتاتورية والتسلط سواء كان تسلطاً من قبل الشخص الواحد أو من قبل الحزب الواحد. فالواقع التاريخي الذي نمت فيه المؤسسات الديمقراطية يخبرنا أن هذة المؤسسات ما كان لها أن تحقق اهدافها الا مع وجود أحزاب سياسية لها برامج ومناهج واهداف وسلوكيات اخلاقية واضحة وأليات لتنفيذها, ذلك أن الاحزاب المنظمة التي تتبنى اهدافاً وبرامج وطنية واضحةً نابعةً من هموم ومعانات الموطنين , تخضع النوعين من الرقابة , رقابة من داخل الحزب يهدف الى السعي الدؤوب لتحقيق ارداة الشعب, ورقابة خارجية , من قبل الجماهير والتى تحكم على مدى ملائمة برامج واهداف الحزب , ومصداقية تطبيفها بنقلها الى حيز الوجود لاحبراً على ورق أو شعارات براقة .
لقد ولى عصر التسلط والاسغلال منذ قرنيين(1990) ومنذ انهيار جدار برليين وانهيار الكتلة الشيوعية ولكنها وصلتنا في الوطن العربي متأخرةً , وجاء عصر الحرية الكرامة والعدالة والاصلاح وتكافؤ الفرص التي تطالب بها الشعوب العربية اليوم , ومطبقة في الدول المتحضرة منذ قرون, واصبح الحكم الاستبدادي التسلطي معزولاً ومحاصراً ومداناً داخلياً وخارجياً, وتم اعتماد التعددية السياسية الحزبية كأساس للنهج الديمقراطي .
ونحن في الاردن جزء من هذا العالم وفي ظل انتشار الاتصالات الحديثة من فيس بوك وتويتر اصبح العالم كله قرية صغيرة, وانتشر الوعي الديمقراطي عند ابناء الشعوب العربية والتي تعتبر من الشعوب الفتية جل سكانها من الشباب, ولديها طوابير من اصحاب الشهادات العلمية ولا تتوافر لديهم فرص العمل, مما فرض على انطمة الحكم التحول السلمي أن شاءت إلى الديمقراطية أو الزوال.
والوضع قي الاردن يتطلب ايجاد أحزاب اردنية لديها معرفة وفهم للمشاكل الرئيسية التي يعاني منها الموطن ,وقادرة على تقديم رؤية وبرامج وخطط وأطر منهجية واقعية وذات آليات عمل قابلة للتطبيق والقياس . بهدف المساهمة الفاعلة لتجاوز الاوضاع الاقتصادية والسياسة والاجتماعية والصحية والتربوي المتردية التي اصبح يعاني منها المواطن الاردني المغلوب على امره, وتجاوز حالة البلبلة والاضرابات والاعتصامات , والتخبط الحكومي في ايجاد الحلول المناسبة لمثل هذه المشكلات التي تعيشها البلاد هذة الايام. كما أن على الاحزاب الاردنية أن تجسد استيعابا للواقع الاردني في حقائقه الايجابية والسلبية وفي مخلفاته المادية والعقلية وفي كل المتناقضات المجتمعية الرئيسة منها والثانوية وايجاد الحلول الديمقراطية التوافقية المناسبة لكل هذة المتناقضات.
فالظروف التي نعيش, لايمكن لها أن تسمح بإعادة عقارب الساعة الى الوراء بفرض احكام عرفية , وتجاهل الدفع باتجاه الديمقراطية والاصلاح والعدالة ومحاربة الفساد والمفسدين اينما كانوا ومن أي عشيرة أو طبقة كانوا, وتطبيق القانون ومحاسبة كلٍ على ما اقترفت يداه وتجراء على االاموال العامة بغير حق .
الاردن اليوم بحاجة الى أحزاب ذات توجهات اصلاحية حقيقية , هدفها الحفاظ على النظام الديمقراطي, والالتزام بالحوار نهجاً ديمقراطياً لحل كافة المشاكل التي تواجة البلاد في مثل هذة الظروف العصيبة, والتي ستكون الضمانة للوحدة الوطنية والمحافظة على المصالح الوطنية العليا.
sameh_abushanab@yahoo.com