أضف إلى المفضلة
الجمعة , 03 أيار/مايو 2024
الجمعة , 03 أيار/مايو 2024


وطننا العربي إلى أين ؟
24-03-2012 08:28 AM
كل الاردن -

alt

طايل البشابشه

بعد انهيار الدولة العثمانية في بدايات القرن العشرين آلت جل أرضنا العربية من المحيط إلى الخليج إرثا لدول الاستعمار الأوروبي , فبريطانيا وفرنسا الدولتان الامبرياليتان الأبرز في العالم حينذاك , كانتا صاحبتا الحصة الأكبر من الغنيمة باستثناء ليبيا التي كانت من نصيب ايطاليا الفاشية , وفلسطين التي أهديت للصهاينة لتغدوا وطنا لهم .
في كل أمصارنا العربية عانى شعبنا العربي , الإذلال والقمع والتشريد والقتل , في ملاحم بطولية سطرها في كفاحه ضد ذلك المستعمر البغيض , وكانت قوافل الشهداء وتلك التضحيات الجمة ثمنا للحرية والاستقلال , للتخلص من نير ذلك الاحتلال .
لم يترك الاستعمار اللئيم بلادنا العربية كما ورثها , بل أمعن فيها فتكا وتجزئة ليقسمها إلى دول وأشباه دول , واضعا خرائط وحدودا جديدة بين أبناء الشعب الواحد , ليغدوا بعدها وطننا العربي , ممالك وجمهوريات وإمارات ومشايخ , نصب عليها حكام كرسوا القطرية وشرعوها دول مستقلة ذات سيادة , كما يسمونها بانضمامها إلى الأمم المتحدة , ليصبح الوطن الواحد اثنان وعشرون علما , تجتمع جلها على سواري تنتصب أمام مبنى يسمى مجازا ( جامعة الدول العربية ) التي انتسبت إليها دول هذه الرايات .
هذه الجامعة التي ولدت عرجاء بميثاقها , فأصبحت مشروع فرقة بدل الوحدة , لم يصدر عنها يوما مشروعا وحدويا جادا , يوحد هذه الأمة ويترجم إلى واقع .
فعلى الصعيد السياسي أيام الحرب الباردة , انقسم العرب عربين عرب أمريكا وعرب السوفييت , وبعد انهيار الاتحاد السوفييتي تأمرك باقي العرب إلا القلة الذين كانوا يغازلون أمريكا بالخفاء من تحت الطاولة .
أما القرارات التي كانت تصدرها هذه الجامعة المسخ , والتي لا تساوي ثمن الحبر الذي كتبت به , فهي مجرد مشاريع كانت تطرح لتخدير الأمة , فعلى الصعيد العسكري كانت اتفاقية الدفاع العربي المشترك .... فأين هي الآن ؟؟؟
وعن الاقتصاد عصب الحياة فلقد سمعنا عن السوق العربية المشتركة ولا ندري أين أصبحت .
أما اجتماعيا فكنا ننتظر أن تتحقق أمانينا بحرية التنقل والعمل , فأين نحن الآن من تلك الأماني ؟؟؟
كل هذا الفشل على جميع الأصعدة التي ذكرنا , ألا يكفينا كمواطنين عرب أن نكفر بهذه الجامعة , بل زدنا كفرا وقهرا منها بعد أن أصبحت مطية ومشرعا للقوى الإستعمارية لضرب الأشقاء , فلقد رأينا ذلك في تدمير عراق العباسيين , وليبيا عمر المختار أما سوريا الأمويين فيبدوا أنها ستلاقي نفس المصير .
واليوم ونحن نرى وطننا العربي في ضل هذه الرايات المتناحرة , بتاريخه الذي نفخر غدا مطمعا ومطية لدول الشرق والغرب , بل حتى الدول الإقليمية التي لا تخفي مطامعها بنا , والتي كانت فرائس سهلة لذات المستعمر غدت اليوم اسودا ترنوا للمشاركة بالغنيمة .
فتركيا تحاول أن تستعيد مجدها العثماني على حسابنا .... وإيران فارس تتعملق وتنتفض , بعد أن مرغ الشهيد صدام حسين انفها بالتراب , نراها اليوم تمد اذرعها وهي ترتدي قفاز الطائفية , نحو جوارها من أقطارنا العربية , بثورات شيعية لتلحقها تحت هيمنة الولي الفقيه , فلقد رأينا تأثيرها ونفوذها , عند اقتراح خادم الحرمين الشريفين انضمام الأردن والمغرب لمنظومة التعاون الخليجي , عندما رفضت أشباه الدول في المجلس هذا الانضمام إيحاءا وخوفا ورعبا من إيران .
ومن يهن يسهل الهوان عليه .... ما لجرح بميت إيلام
نعم لقد استمرأ حكامنا الذل والهوان , وهانت عليهم كرامتهم وكرامة شعوبهم , واستسلموا ببلاهة لقدرهم تاركين التيار يتقاذفهم يمنة ويسرة , بانتظار موجة عارمة تقذف بهم أسفل التيار . لما لا ...؟ لأن لا وزن لهم في هذا العالم الذي لا يحترم إلا القوي .
رأينا بحسرة كيف احتوت دول الاتحاد الأوروبي , الدول التي انسلخت عن الكتلة الشرقية بفقرها وتخلفها بعد تأهيلها بدخول الاتحاد .... ورأينا أيضا كيف وقفت مع اليونان في أزمتها المالية التي كادت أن تفلسها .
أفلا يعتبر حكامنا مما تفعله هذه الدول وهي القوية أصلا لتزداد قوة ؟؟؟ أما آن لهذه الأمة أن تفيق من هذا الكابوس ؟؟؟
لكن رحمة الله أتت بعد هذه الحقبة المذلة لامتنا العربية , على يدي شباب من أبناء هذه الأمة , صنعوا لنا ربيعا عربيا , أزهر بعد قحط وسنين عجاف ليطيح برؤوس أربعة من الطغاة , الذين جثموا على صدور شعبنا في تلك الأقطار , عسى أن يكونوا عبرة للآخرين.
آملين أن يتحول ربيعنا الزاهر إلى ثمر يعم خيره كل وطننا العربي , لينعم به هذا الجيل والأجيال القادمة , بعد أن مات كمدا وقهرا جل الأجيال التي عاشت حياتها ظلما وحسرة وألماً , بعد أن عايشوا الهزائم التي تذوقوا مرارتها في فلسطين والعراق ... والشعور المخزي بالدونية لذلك المواطن العربي , من ذاك الجيل البائس , قياسا للشعوب المتقدمة الأخرى .
كيف لا وهو لا يأكل مما يزرع , ولا يلبس مما يصنع , ولا نلومه إذا ما فقد عقله وثقته بنفسه , عندما يرى المسافة الهائلة التي تفصله عما سبقوه من الأمم الأخرى , في كل مجالات العلم والمعرفة , ووسائل القوة والأمان الاجتماعي التي بلغتها تلك الشعوب .
فيا جيل الأمل يا شباب المستقبل , يا أبناء هذا الربيع العربي , الذي أزهر على أياديكم انتم أمل الأمة ورجائها , فانشروا عبير عطر ربيعكم هذا بحكمة وروية ووعي , لان الطامعين وقوى الاستعمار التي خسرت حلفائها من الحرس القديم , يتعاونون معا لوضع العصي في العربة , ليوقفوا اندفاعها نحو الحرية والمستقبل المشرق لهذه الأمة .

                                                                                                                                         
taielalbasha@yahoo.com

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
24-03-2012 01:41 PM

ابن العم الرائع الاستاذ طايل.
وان وضعوا العصي الكرتونية بالدواليب سنكمل المسيرة بإقدام وان كانت على الأقدام.
لك التقدير والاحترام.

2) تعليق بواسطة :
24-03-2012 04:43 PM

الاخ طايل
ان الطريق الوحيد لتحرير الامه وخلاصها من الاستعمارو العملاءعتيم الاعلامي عليها من قبل الغرب وادواتة في المنطقة بكافة اشكاله وفي كل ارجاء الوطن العربي هو المقاومة والمقاومة فقط،
وانطلاقاً من هذه القناعه لابد من دعم كل المقاومين الشرفاء المجاهدين وأخص بالذكر المقاومة الفلسطينيه والمقاومة العراقيه اليتيمه التي لا يوجد على مر التاريخ اي حركة مقاومة انجزت مثل انجازاتها فهي تلقن الاحتلال الامريكي الصهيوني الفارسي كل يوم الف درس وتمرغ أنف كل من يتأمر على الأمة في الوحل. ويتم التعتيم الاعلامي من الغرب وادواتة في المنطقة على انجازاتها
وكذلك استمرار الحراك في كافة ارجاء الوطن العربي للتخلص من الذين افسدوا كافة مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتاعية ........وبدون الارتباط في اجندة سياسية مع الخارج اواتفاهمات كما حصل مع (الاخوان المسلمين والاسلام السياسي) وكل مايهمهم الوصول للسلطة مع الحفاظ على مصالح اعداء الامة( أمن اسرائيل والنفط)لكن حركة التاريخ علمتنا ان النصر للشعوب

3) تعليق بواسطة :
25-03-2012 07:54 AM

إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر
لا شك أن إرادة الشعوب الحره ستنتصر في النهاية ولن تقبل الا بالحرية والكرامة وطنا لها ...
أبدعت في السرد التاريخي لتسلسل النكسات والخيبات التي حلت بوطننا العربي ، بوركت أستاذ طايل على ما تتحفنا به من مقالات رائعه بداية كل اسبوع وأنت خير مثال للمواطن العربي الحر الابي ...
حمى الله بلادنا وجنبها كل الفتن ما ظهر منها وما بطن ...

4) تعليق بواسطة :
25-03-2012 08:26 AM

الاخ ابو تميم..انت الاروع يابن العم وشهادة فنان استاذ بطول قامتكم وسام اضعه على صدري ويعطيني القوة والدافع لأن استمر على نفس الدرب لأكون جديرا بهذه الشهادة التي اعتز بها ...شكرا من القلب اباتميم.

5) تعليق بواسطة :
25-03-2012 08:41 AM

الأخ أبو عدي...يشرفني ان تكون من اوائل القراء الذين يتابعون البوح الذي يخرج عنوة من خلال سطوري في هذا الزمن الرديء زز..زمن المسلسلات التركية (وارب ايدول) ولا
ادري هل الاسم صحيح ام لا فأنا في هذه المواضيع ضعيف بل سمني متخلف.
شكرا لك يابن العم ..المعلق الفاهم المتميز على هذا الصعيد وغيره من بحور الثقافة التي تبرع في العوم بها.

6) تعليق بواسطة :
25-03-2012 09:53 AM

استاذي العزيز / طايل بشابشه
لا أملك سوى موافقتك على كل ما ذكرت وأنت تصف وتصور واقعنا السخيف منذ قرن من الزمان مضى وأفنى أجيالا كانت تحب وتتوق الى غدٍ أفضل لهذه الأمة الواحدة ....
ولكن أقدار الله تعالى ساقت هذا الجيل الجديد من شباب هذه الأمة الواحدة الى وضع القدم على بداية الطريق الصحيح .... لقد وصلت القناعة عند كل صاحب عقل وتفكير سليم أن التفرد في زمن التكتلات العالمية لم يعد يجدي نفعاً... وأن الاستبداد وحكم الفرد المطلق في زمن الديمقراطية لم يعد يجدي نفعا كذلك ... إذا نحن بحاجة لأسس سليمة نرتكز عليها في بنائنا القادم لأجيال ستأتي بعدنا لأن الزمن لا يقف عند جيل واحد حتى لو صنع المعجزات...وأظن أننا الآن في طور التأسيس وليس في طور قطف الثمار - كما يتصور البعض - فحركة تحرر الأمم ليست شيئاً سهلا ولا يسيرا... بل هي مسيرة متراكمة يبني فيها اللاحق على السابق ...
ولنخرج من هذا الواقع الّئيم لا بدّ لنا من الخروج من بين مطرقة الاستعمار وسندان أعوانه من رموز الاستبداد .... وشكراً

7) تعليق بواسطة :
25-03-2012 02:58 PM

د.رامي عياصرة..تحية واحتراما.
يشرفني يادكتور ان تعلق على ما اكتب ويسعدني ايضا ان تضم صوتك لصوتي وتوافقني
على ما يقلق ويكدر مواطننا العربي وابن جلدتنا الاردني بشكل خاص .
يسعدني ان تكون اهتمامات شبابنا الاردني بقضايا امتهم وهمومها في هذه الظروف الصعبة التي تمر بها الامة وسط الكثير من الميديا القذرة المتاحة لشباب الجيل المستهدف
لابعادهم عن كل ما هو مفيد ومؤثر في حياتهم وامتهم.
لك الشكر الجزيل واكثر الله من امثالك.

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012