الدكتور حسين عمر توقه
باحث في الدراسات الإستراتيجية والأمن القومي

قبل أشهر قلائل تم تشريف السيد ماهر أبو طير بدعوته للإنضمام الى قائمة الصحفيين الأردنيين لتغطية أخبار زيارة جلالة الملك الرسمية إلى واشنطن. ولقد فوجئتُ وأنا أقرأ بعض التفاصيل لا سيما الخاصة منها والمتعلقة بجلالة الملك والملكة .  وفوجئت أكثر وهو ينصب نفسه مستشاراً وناصحا ليس لجلالة الملك ولجلالة الملكة فحسب بل وللإدارة الأمريكية ورئيسها أوباما. وددتُ في تلك اللحظة أن أكتب بعض الملاحظات ً ولكن يبدو أن أحد الصحفيين قد سبقني بالرد على ما جاء في تقارير السيد ماهر أبوطير وربما كان هذا الرد يتسم بالقسوة ويتخلله بعض المسائل الشخصية لعدد من الأشخاص وعلى رأسهم معالي السيد أمجد العضايلة لا سيما في معايير انتقائية الأخوة الصحفيين.
واليوم وبعد أن قرأتُ مقال السيد ماهر أبو طير  بعنوان " الخطر في مشاركة الملك بقمة بغداد " والمنشور في جريدة الدستور بتاريخ 22/3/2012 وفي العديد من المواقع الإلكترونية رأيتُ أن من واجبي أن أتناول بعض النقاط التي وردت في هذا التقرير الصحفي لا سيما تلك النقاط التي تتعلق بامور الأمن القومي  ليس فيما يخص الأردن أوالعراق وإنما يخص كل القادة العرب في كل الدول العربية
 
1: "منطقة هبوط الطائرات في مطار بغداد  قد لا تكون آمنة لأن التنظيمات تريد استغلال القمة العربية لإرسال رسائل خطيرة . تفجيرات وصواريخ والأمن العراقي  المفترض أن يحمي القمة هو ذاته مخترق من جانب أطراف كثيرة"
إن هذا التصريح خطير جداً ويمس هيبة دولة شقيقة هي العراق فكيف يمكن لكاتب في عمان أن يقرر  أن منطقة هبوط الطائرات في مطار بغداد قد لا تكون آمنة . وإنني أتساءل هل قام السيد ماهر أبو طير بإجراء مسح أمني شامل إلى منطقة هبوط الطائرات في مطار بغداد وهل قام بزيارة مطار بغداد أو اطلع  شخصياً على الإجراءات الأمنية التي تم إتخاذها من قبل السلطات العراقية .
ثم ما هي التنظيمات  التي تريد استغلال القمة العربية لإرسال رسائل خطيرة  تفجيرات وصواريخ هل لديك معرفة بهذه التنظيمات حتى تقرر أن لديها صواريخ وأنها سوف تستخدم التفجيرات فما هو نوع هذه الصواريخ وما هو نوع هذه التفجيرات.
يبدو أن معلوماتك قد فاقت وتفوقت على كل أجهزة الأمن العراقية الإستخبارية وفاقت معلومات الأمن القومي العراقي ومعلومات المخابرات العراقية والإستخبارات العسكرية العراقية وكل الأجهزة الأمنية العراقية . كما أن تأكيدك بأن الأمن العراقي مخترق  من جانب أطراف كثيرة يحملك مسؤولية كبيرة وخطيرة في ذات الوقت  وتحتم عليك أدبيا على الأقل أن تذكر  هذه الأطراف وأن تذكر الأطراف التي تم اختراقها في الأمن العراقي.

2: " الأمن العراقي  أيضا موزع  في الولاءات السياسية والمذهبية  والفصائلية والدولية  ونحن نعلم أن تنظيمات كثيرة أرسلت عناصرها غير المكشوفة وجندتها  ضمن أجهزة الجيش والأمن والمخابرات  لمهمات لاحقة لا ينفع معها التحسب أو المراهنة"
من جديد ما هي مصادر المعلومات لديك حتى تقرر وتؤكد أن هناك تنظيمات كثيرة قد  أرسلت فعلا عناصر غير مكشوفة فإذا كانت هذه العناصر غير مكشوفة  في الجيش  والأمن والمخابرات لمهمات لاحقة فكيف تمكنت أنت من كشفها وقررت أن لديها مهمات لاحقة  ألم يكن لها مهمات سابقة نفذتها أو مهمات آنية تنفذها ومن هي هذه التنظيمات التي أشرت إليها .
وهل الجيش والأمن والمخابرات العراقية بهذه السذاجة .  كنت أتمنى على الكاتب أن يذكر بعض أوجه التعاون الإستخباري بين إيران والعراق أو بين العراق والدول العربية أو بين العراق ووكالة المخابرات الأمريكية و المخابرات البريطانية .
وإذا كانت لدى الكاتب ماهر أبو طير  مثل هذه المعلومات القيمة أن يقوم بتسليمها إلى الأجهزة الأمنية المختصة في الأردن لتقوم بدورها من خلال القنوات السياسية بنقلها الى الجانب العراقي  لتجنيبه أي كارثة لا سمح الله إبان عقد مؤتمر القمة العربية المقبلة في بغداد.

3: " بهذا المعنى فإن حياة رأس الدولة مهددة إذا ذهب إلى قمة بغداد  ولن تنفعنا  رسائل التطمين من جانب العراقيين لأنه يثبت عكسها على أرض الواقع ولذلك فإن هناك خطرا كبيرا على الملك إذا شارك بالقمة "
يبدو أيها الكاتب المحترم أن شخصا ما قد أبلغك سلفا أن جلالة الملك لن يشارك في قمة العراق وطلب منك الكتابة لتبرير عدم المشاركة هذه من ناحية أمنية . وعليه فأنت تنفذ أومر محددة وتبحث عن أسباب ومبررات لعدم المشاركة . ولا أظن أن المبررات الأمنية هي ضمن تخصصك الصحفي.  
ولو أجرينا بحثا علميا دقيقا لمؤتمرات القمة العربية لا سيما القمم الطارئة منها ولو أجرينا بحثا علميا نزيها دقيقا لمحاولات الإغتيال التي نفذت أو تم التخطيط لتنفيذها لأدركنا أن هذه القمم لا سيما التي عقدت في ظروف حالكة لم تقف حائلا في مشاركة القادة العرب في هذه القمم .
وكم من مرة لبس الملك الحسين رحمه الله بذلة الفوتيك الأردنية ولبس شعار الجيش العربي  على جبهته السمراء المليئة بالكرامة والشجاعة والإيمان بقضاء الله . وكان أول الحاضرين للقمم العربية دونما استثناء .

4: " وضع الأردن  حساس للغاية فالدول العربية  تتصارع على ضمه لمحاورها . والكل يمسك به من يده التي تؤلمه أي وضعه الإقتصادي . والكل يقايض تارة على مشاركة الملك بالقمة وتارة على غيابه "
حرام عليك أن تصور الأردن وكأنه لا يملك قراره السيادي المستقل في المشاركة أو عدمها . وحرام عليك أن تصور علاقة الأردن مع أشقائه القادة العرب من خلال وضعه الإقتصادي وللإجابة على سؤالك هل نجحت تلك الدول التي تمسك بيد الأردن التي تؤلمه في منع جلالة الملك عن المشاركة في قمة بغداد وهل مشاركتنا في هذه القمة مربوط بضغط اقتصادي علينا  وما هي هذه المقايضة التي تتحدث عنها وشروطها ومن هي الأطراف المشاركة بها والمستفيدة من غياب الملك عن هذه القمة.

5: " كل هذا  يجب أن لا يدخل بحساباتنا هذه المرة لأن الكلفة  أكبر بكثير  من المنفعة وعلى هذا  فليشارك الأردن بوفد عادي وليرسل سفيره الموجود في بغداد أو أي طرف  آخر يذهب بوسائل  أكثر أمنا بدلا من هبوط الطائرة في مرمى الصواريخ والأسلحة"
هل المشاركة في القمم العربية هي عملية حسابات خسارة أو ربح أو كما سميتها منفعة . وهل أنت من يقيم مستوى المشاركة في القمة. وهل تظن أن جلالة الملك يرضى على نفسه أن يرسل سفير الأردن الموجود في بغداد أو حتى رئيس الوزراء الى حيث لا يذهب هو. وكأن حياة السفير الأردني غير ذات قيمة 
إن تصريحك بأن إرسال السفير بوسائل أكثر أمنا بدلا من هبوط الطائرة في مرمى الصواريخ والأسلحة هو إقرار خطير  من جانبك ويجب نفيه فوراً لأنه إقرار ساذج بوجود محاولة إغتيال أو محاولة قصف طائرة الملك بواسطة الصواريخ  وهو قرار إفتراضي غير قائم وغير مستند إلى واقع ويحتاج إلى براهين غير قابلة للنقض وهو ما لاتملكه أنت

drht1@hotmail.com