أضف إلى المفضلة
السبت , 04 أيار/مايو 2024
السبت , 04 أيار/مايو 2024


الطفيلة مقدمة الغضب الشعبي
25-03-2012 08:51 AM
كل الاردن -


alt 

علي السنيد

    لم تكن الطفيلة المهمشة  تاريخيا، والتي هي تجسيد لصورة الألم الأردني إلا الشاهد الحي على مشهد خذلان النظام الأردني للمؤسسين الأوائل ممن قدموا شروط البقاء للنظام إبان تأسيسه في بدايات القرن الماضي في سياق ترتيبات سايكس بيكو، وقد مكنوه من عوامل البقاء، والمنعة، وبنوا الوطن الأردني بتضحياتهم الجسام، وبشهدائهم، فكوفئوا بالتنكر لدورهم الوطني الكبير، وتم تضييع حقوقهم الثابتة على ترابهم الوطني حتى تحولوا إلى جهات مفقرة في وطنهم يصارعون من اجل لقمة الخبز، وتحولت معركتهم  إلى دائرة توفير متطلبات العيش الأساسية، والتي أصبحت قاسية، وقد ألت مناطقهم إلى منكوبة، تستجدي فرص الحياة الكريمة، وجرى إفشال القطاع الزراعي وضربه، ووضعتها الحكومات في مؤخرة قائمة الاهتمامات الرسمية، وصولا إلى تجريدها من عوامل الممانعة للتغيير الذي يطال الهوية في نهاية المطاف ، وحتى يكون إنسانها الذي بالكاد يجد لقمة الخبز اضعف من أن يواجه واقعا سياسيا سيصار إلى فرضه على الأردن، وهو استحقاق يلحق بوظيفة النظام الأردني وفق الترتيبات التي أجراها مع النظام الدولي آنذاك، ووفرت له دعم موازناته إلى اليوم، واستحقاق مر لثقة الأردنيين المجانية بالنظام، والتي أسفرت عن الإخلال بالتوازنات التي تحكم كيانهم السياسي. وهذا ما يظهر عيانا اليوم، فعندما تجري إعادة صياغة الحياة السياسية في الأردن، يكون الأردنيون الفقراء الذين مدارسهم اقل حظا، وتوزع في قراهم كراتين المساعدات على شاشات التلفزيون ليس بوارد التدخل في الوضع السياسي الذي يخص مستقبلهم، ومستقبل أجيالهم القادمة، بقدر البحث عن إمكانية العيش الكريم بحدوده الدنيا، وبذلك صرفوا  نظرهم عن المخاطر الحقيقية التي تتهدد هويتهم الوطنية بعد أن نجحت الخطوة الأولى في تغيير سمات النسيج الاجتماعي الأردني ، والتي كانت  تأتي في سياق ووفق ترتيبات مخطط صهيوني ينفذ بأيد عربية، وقد سعى لإفراغ فلسطين من أهلها، والقضاء على الهوية الفلسطينية للأبد باستبدالها بهوية أردنية بديلة، وهو ما جرى لملايين المهجرين الفلسطينيين على الأرض الأردنية ، وكأنه قدر الأردنيين والفلسطينيين معا ، واليوم يقوم النظام بوضع الترتيبات القانونية التي تضمن انتقال الحكم وفق قاعدة الأغلبية والأقلية ، وبذلك يتم القضاء على الحقوق التاريخية للفلسطينيين بالعودة إلى ديارهم الأصلية.
وهذا التلاعب بالنسيج الاجتماعي الأردني، وإعطائه بعدا إنسانيا، وقوميا من قبل النظام جاء لإخفاء حقيقة المخطط الذي استهدف الفلسطينيين بإضاعة وطنهم لصالح الصهيونية، ودفع ثمن ذلك الأردنيون ممن تحولوا إلى أقلية في وطنهم ، وهو لا يزيد عن تنفيذ للتفاهمات الخاصة التي ابرمها النظام الملكي مع القوى الغربية نظير السماح بقيامه في الأردن.
والطفيلة المجسدة للقاعدة القيمية للأردني الذي هو ضحية أخلاقه بامتياز، لم تكن تمثل حالة سكون، ورضا في الماضي ، وإنما غلبت عليها طيبتها لسنوات طويلة، وقد أفاقت على مصيبة تجريد الأردنيين من مؤسساتهم العامة، وأراضيهم ، وواجهاتهم العشائرية، ومحاولات المس برموزهم التاريخية ، ومنها ذكريات مبنى القيادة العامة وصولا إلى كسر إرادتهم الوطنية، وشعورهم الوطني بالفقر، والعوز، حتى يقع الإحلال، والإبدال بطريقة سهلة، ودون مقاومة تذكر.
وكانت الطفيلة الممثلة للأردنيين حد التماهي،  والتي كظمت غيضها عقودا تنذر بالانفجار ،  وقد تسامت على الجاهلين سياسيا ممن ظنوا واهمين أن الحقوق تموت بالتقادم، وان الضحك على الشعوب قد يسفر عنه استقرار، أو بقاء، وهو الذي يضع الأنظمة على شفير الدمار، والاندثار، ذلك أن الظلم مؤذن بالخراب، ومرتعه وخيم.
الطفيلة التي هي صنو ذيبان تطلق  شرارة التغيير الجوهري بلا هوادة، وتقود الحراك الوطني بسقفه الأعلى، وتحمل عبء هدم المحرمات السياسية في حياتنا، وهي تشق عصا الطاعة، وتسير المظاهرات ليلا، وهتافات أبنائها أسقطت كل الخطوط الحمراء وهي مقدمة الغضب الشعبي بامتياز، وباتت تتدفق رياحا عاتية  قد تتبعها العاصفة..
وها هي الطفيلة الحرة تشكل مؤشرا واضحا على صعود وتنامي حالة النهوض الوطني،  وستمثل بحراكها النوعي دعوة مفتوحة ليوم الغضب الذي يعيد تصحيح المسار الأردني، وقد جرى التلاعب بتوازناته  لنحو قرن من الزمان.


 ali.sned@yahoo.com

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
26-03-2012 06:02 AM

احسنت احسنت احسنت اية الرجل لقد اصبت كبد الحقيقة ارجو منك المزيد حتى تتم التوعية

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012